الأهداف
يتمثل الهدف الرئيسي للإدارة الانتخابية ونشاطها الظاهر للعيان في تنظيم وتفعيل المرافق والوسائل التي توفر فرصة لجميع الأشخاص المؤهلين للمشاركة في اختيار ممثليهم في مؤسسات الحكم، وذلك من خلال الاقتراع.
وبما أن عمليات الاقتراع تشكل عموماً نشاطاً جغرافياً موزعاً ومنتشراُ، يجب تنظيمه وتنفيذه عادةً ضمن أطر زمنية ضيقة جداً، من خلال توفير خدمات اقتراع ناجعة الكلفة لجميع الناخبين المؤهلين مع المحافظة على مستويات عالية من النزاهة، والأمن والكفاءة المهنية، فهي أي عمليات الاقتراع تشكل تحدياً كبيراً تواجهه إدارة الانتخابات.
القضايا الأساسية
إذا كانت عمليات الاقتراع تهدف إلى تعزيز ثقة الجمهور في نزاهة الإدارة الانتخابية وكفاءتها المهنية، وإلى رفع مستويات قبول نتائج الانتخابات، فهنالك في أية بيئة انتخابية قضايا أساسية تتطلب العمل على إيجاد حلول فعالة لها، ومن أهمها:
ما هي الاعتبارات الإدارية التي توفر، إلى جانب الأطر القانونية، الأسس التي تستند إليها إدارة الانتخابات في تخطيطها لعمليات الاقتراع؟ ولكونها تشكل تركيبة معقدة للغاية من العمليات، تتطلب عمليات الاقتراع تخطيطاً دقيقاً واختباراً مسبقاً للحلول والمعالجات المقترحة قبل تنفيذها على أرض الواقع.
ما هي الأساليب الملائمة لتوفير المعلومات التي من شأنها الوصول إلى مختلف فئات الناخبين وتحفيزهم على المشاركة في الاقتراع. فكلما ارتفعت نسب المشاركة الحقيقية كلما ازداد الإحساس بشرعية الانتخابات.
تلعب برامج إعلام الناخبين دوراً أساسياً في التشجيع على المشاركة، وذلك من خلال توفير معلومات ميسرة للجميع حول مكان وزمان وكيفية الاقتراع. وقد نواجه حاجة لابتكار أساليب خاصة لإعلام وتثقيف بعض الفئات، كالأقليات الثقافية أو اللغوية، أو الشباب والناخبين الجدد، أوالمسنين، أو من يقطنون المناطق النائية التي يصعب عليها الاطلاع على وسائل المعلومات ومصادرها الاعتيادية.
ما هي أنسب التحضيرات الانتخابية؟ وما هي التسهيلات والوسائل الخاصة بالاقتراع والتي تمنح كافة الناخبين المؤهلين فرصة حقيقية في ممارسة حقهم الانتخابي بنجاعة ودون كلفة زائدة، بما في ذلك التصويت في مراكز الاقتراع ، والترتيبات الخاصة لتنفيذ الاقتراع بطرق أخرى، كالتصويت عبر البريد، أو اقتراع الغائبين، أو الاقتراع المبكر (قبل يوم الانتخابات)، أو الاقتراع في مواقع محددة، أو في المناطق النائية، أو في مؤسسات بعينها؟
ما هي الوسيلة الفعالة لتحديد مقرات مواقع الاقتراع، والتأكد من أنها مصممه لتعزيز خدمة الناخبين، من خلال تنفيذ استراتيجيات فعالة وناجعة تتعلق باللوجستيات؟
يعتبر تعزيز إمكانية الوصول والمشاركة وإتاحة الاقتراع، وكذلك كفاءة عمليات الاقتراع، من خلال تحديد المواقع المناسبة لمحطات الاقتراع والقدرات المطلوبة فيها، عنصراً رئيسياً في تنفيذ انتخابات ناجحة.
ما هي الأنواع والتصاميم والكميات المناسبة من المواد والمعدات الانتخابية المطلوبة؟ فالاقتراع ينطوي على عملية هائلة لنقل المعلومات، والتي تتطلب توفير حلول فعالة تتعلق بالمواد والمعدات لضمان نقل المعلومات بدقة، وفي الوقت المناسب وبطرق يسهل فهمها والتعامل معها.
يمكن للتعقيدات الزائدة في المواد أو للاعتماد المفرط على الوسائل التكنولوجية في غير موقعه أن ينعكس بشكل سلبي ملحوظ على فعالية ونجاعة نقل المعلومات ومعالجتها.
ما هي السبل للتحقق من أن محطات الاقتراع يديرها عدد كافٍ من الموظفين المدربين تدريباً جيداً. إذ تشكل الانتخابات الوطنية عادةً إحدى أكبر عمليات التوظف والتدريب التي يتم تنفيذها في بلد ما (راجع تعيين وتدريب موظفي محطة الاقتراع).
تشكل التكاليف المتعلقة بالموارد البشرية عادةً جزءً هاماً من تكاليف الانتخابات، بالإضافة لكونها إحدى الجزئيات التي يمكن تحقيق توفير أكبر في تكاليفها من خلال اعتماد إجراءات أكثر فاعلية ونجاعة. كما وأن تدريب الموظفين عادةً ما لا يحظى بالاهتمام المطلوب، على الرغم من كونه عنصراً حيوياً للتحقق من تنفيذ إجراءات الاقتراع بنجاعة ودقة.
ما هي الوسائل الناجعة والفعالة لضمان أعلى مستويات النزاهة الممكنة في عمليات الاقتراع، فيما يتعلق بإنتاج مواد الانتخابات والتعاطي معها، وفي إجراءات الاقتراع وفي توفير مستويات أمن مقبولة وملائمة لكافة جوانب العملية الانتخابية.
تعتبر التدابير الخاصة بمنع حدوث محاولات التزوير في الانتخابات، وبتمكين كافة المشاركين في العملية الانتخابية، بمن فيهم الناخبين، والموظفين، والناشطين السياسيين والمرشحين من المشاركة فيها دون خوف من الترهيب أو الأذى، تعتبر مفصلية لتحقيق النزاهة في الانتخابات.
كيف يمكننا تطبيق ممارسات عمل وإجراءات تتعلق بمواعيد وساعات الاقتراع توفر أعلى مستويات الخدمة الممكنة لكافة الناخبين عند حضورهم إلى محطات الاقتراع لممارسة حقهم الانتخابي، وذلك بأنجع الطرق الممكنة؟ فالأنظمة الانتخابية المختلفة تتطلب اعتماد إجراءات مختلفة وفعاليات خاصة بكل منها في محطة الاقتراع. إلا أنه يمكننا القول بأنه توجد عناصر أساسية تتعلق بتوفير الخدمة للناخبين تتجاوز الفروقات القائمة بين مختلف النظم الانتخابية:
· الحفاظ على النظام وسلاسة العملية أثناء تهافت الناخبين على محطة الاقتراع.
· التحقق الدقيق من أهلية الناخبين للاقتراع في المحطة.
· توفير مواد الاقتراع وضبطها بدقة.
· مساعدة الناخبين الذين يحتاجون إلى مزيد من المعلومات أو المساعدة في الاقتراع.
· الحفاظ على سرية الاقتراع.
· معالجة الشكاوي والاعتراضات المقدمة من قبل الناخبين، وممثلي الأحزاب والمرشحين.
ما هو دور وكلاء الأحزاب والمرشحين، ومهام مراقبي الانتخابات المستقلين في مراقبة سيرورة عمليات الاقتراع من أجل توفير تقييم خارجي لعدالة عمليات الاقتراع ونزاهتها؟ فمع تزايد استخدام المراقبة المستقلة كوسيلة لتقييم العمليات الانتخابية، يجب تنظيم نشاطات الرقابة على أساس سليم.
ما هي أفضل السبل للتحقق من تحسين وتطوير إدارة عمليات الاقتراع بشكل مستمر، من خلال تقييم دقيق وتقييم لعمليات الاقتراع وأطرها وسياساتها وممارساتها؟
أما الهدف من هذا الموضوع فهو تقديم بعض التوجيهات فيما يتعلق بالاعتبارات والبدائل الخاصة بهذه القضايا وما يتفرع عنها.
توفير الخدمات
يشبه تنفيذ عمليات الاقتراع إدارة عملية إنتاجية ضخمة ومعقدة. حيث أنها تتطلب خلط مجموعة كبيرة ومتباينة من الإسهامات من قبل مصادر وجهات مختلفة، للحصول على منتج عالي الجودة في موعد محدد وغير قابل للتغيير.
فعادةً ما يخضع مسؤولو الانتخابات إلى كثير من الضغوطات للتحقق من إنتاجهم أو تنفيذهم للقيم الأساسية لعمليات الاقتراع في الموعد المحدد لهم، ألا وهي قيم توفير خدمات ناجعة وغير مكلفة لكافة الناخبين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم الديمقراطية في التصويت بحرية وعدالة، وهو ما يشكل الاعتبار الأهم في العملية الانتخابية.
حلول ملائمة للبيئة أو السياق
تتبع كل من الأطر القانونية والإجراءات الإدارية والممارسات التنفيذية لعمليات الاقتراع خصوصيات البيئة أو السياق الذي تتم في ظله، والناجم عن مجموعة الخصائص الثقافية والمادية والإدارية ومقدرات البنية التحتية.
فالممارسات أو الحلول الفعالة والناجعة لعمليات الاقتراع في بيئة ما قد لا تكون مناسبةً لبيئات أخرى مختلفة.
فيما يلي بعض الأمثلة لتوضيح ما تقدم:
· قد تكون النظم المستندة إلى التكنولوجيا المتقدمة فعالة ومجدية في بيئة متطورة (وهو ما قد يطلبه جمهور الناخبين كذلك)، في الوقت الذي قد لا توفر فيه تلك النظم حلولاً ناجعة في الحالات التي لا يتوفر فيها دعم أو قبول محلي كافي، أو حيث لا تتوفر البنى التحتية الكفيلة بتشغيلها؛
· قد توفر مواد الاقتراع الرخيصة والتي تستخدم لمرة واحدة حلاً مجدياً في البيئة الجافة، والتي لا تتعرض لمخاطر أمنية عالية، إلا أنها لا تلائم الحالات التي تتمتع بطقس رطب أو تتعرض فيها الانتخابات لمخاطر أمنية حقيقية.
· قد يكون من الملائم اللجوء لقوى الأمن لتوفير الخدمات الأمنية في الحالات التي تتعرض فيها الانتخابات لمخاطر حقيقية عالية وحيث يثق جمهور الناخبين بحياد قوى الأمن من الناحية السياسية وبمهنيتها. إلا أنها لا تلائم الحالات التي لا تتعرض فيها عمليات الاقتراع لمخاطر أمنية كبيرة، أو في المجتمعات التي تتمتع فيها قوى الأمن بتاريخ من الولاء السياسي أو الحزبي.
وعليه يركز هذا الموضوع الخاص بعمليات الاقتراع على البدائل المتاحة، وعلى العوامل التي تحتاج إلى دراسة متأنية لتحديد أفضل الحلول وأكثرها نجاعة وأقلها كلفة لكل بيئة بعينها، لذلك يحاول هذا الموضوع تحديد الممارسات الجيدة الكفيلة بتحقيق النزاهة في عمليات الاقتراع والحفاظ عليها في أي بيئة كانت.