الاعلام والانتخابات
يعد الإعلام أحد العناصر الأساسية للديمقراطية، ويستحيل إتمام الانتخابات الديمقراطية دون إعلام. لا ترتبط الانتخابات الحرة والنزيهة بحرية التصويت ومعرفة كيفية الإدلاء بالصوت فحسب، ولكنها ترتبط أيضًا بعملية تشاركية حيث يشارك الناخبون في نقاش وتتوافر لديهم معلومات كافية حول الأحزاب والسياسات والمرشحين والعملية الانتخابية ذاتها حتى تكون اختياراتهم واعية ومبنية على معلومات. بالإضافة إلى ذلك، يقوم الإعلام بدور الرقيب على الانتخابات الديمقراطية، حاميًا شفافية العملية الانتخابية. وفي الواقع، تنطوي عبارة الانتخابات الديمقراطية دون حرية إعلام أو مع كبت حرية الإعلام على تناقض في المصطلحات.
في عام 2005، أصدر المؤتمر الدولي السنوي لليوم العالمي لحرية الصحافة إعلانًا يؤكد على أن "الإعلام المستقل والتعددي أمرٌ أساسي لضمان الشفافية والمساءلة والمشاركة كعناصر أساسية للحكم الرشيد والتنمية القائمة على حقوق الإنسان". بالإضافة إلى ذلك، يحث الإعلان الدول الأعضاء على "احترام وظيفة الإعلام الإخباري كعامل أساسي في الحكم الرشيد، وأمرٌ حيوي لزيادة كلٍ من الشفافية والمساءلة في عمليات صنع القرار وإيصال مبادئ الحكم الرشيد إلى المجتمع".[1]
ولكي يقوم الإعلام بدوره، لابد أن يحافظ على مستوى عالٍ من المهنية، والدقة والحياد في تغطيته. يمكن أن تساعد الأطر التنظيمية على ضمان معايير عالية. يجب أن تضمن القوانين واللوائح الحريات اللازمة للديمقراطية، وتشمل حرية المعلومات والتعبير، بالإضافة إلى حرية المشاركة. وفي الوقت ذاته، تساعد النصوص التي تلزم الإعلام الحكومي الممول من المال العام بتوفير تغطية عادلة وإفراد مساحة مناسبة لأحزاب المعارضة على ضمان السلوك القويم للإعلام أثناء الانتخابات.
وكان مصطلح الإعلام في السابق يفهم على أنه يشير إلى الصحافة المطبوعة بالإضافة إلى الإذاعة والتليفزيون. ولكن في السنوات الأخيرة، اتسع نطاق التعريف، ليشمل وسائل إعلام جديدة تتضمن الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. وتكتسب صحافة الأفراد تأثيرًا متزايدًا، خاصة في البلدان التي يخضع فيها الإعلام التقليدي للرقابة أو التنظيم.
يشكل حق الناخبين في الحصول على المعلومات الكاملة والدقيقة، وحقهم في المشاركة في المناقشات والحوار حول القضايا السياسية ومع الساسة، أحد أهم أركان التغطية الإعلامية للانتخابات. ومن الخصائص المتأصلة في هذه المهمة، حق الأحزاب والمرشحين في استخدام الإعلام كمنصة للتفاعل مع الجمهور. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج هيئة إدارة الانتخابات لإيصال المعلومات إلى الناخبين - وإلى العديد من المجموعات الأخرى مثل الأحزاب السياسية والمرشحين. ولوسائل الإعلام ذاتها الحق في تغطية العملية الانتخابية بأسرها بحريّة ومراقبتها عن كثب. وتمثل هذه المراقبة في حد ذاتها حماية حيوية ضد التدخل أو الفساد في إدارة العملية الانتخابية أو تنفيذها.
لذا، فإن علاقة هيئات إدارة الانتخابات بالإعلام متعددة الأوجه، وتشمل:
المثال الموجز التالي من السنغال في 2012 يجسد أدوار الإعلام في الانتخابات. فقد أثبتت هذه الانتخابات صحة عمل النظام الديمقراطي في السنغال ولكنها أكدت أيضًا الدور الهام الذي يمكن أن يلعبه الإعلام في انتظام وشفافية لجان الاقتراع وجدارتها بالثقة. فقد ذهب الصحفيون إلى لجان الاقتراع لبث تقارير حية وعقد مقابلات مع المراقبين وأعضاء لجان الاقتراع والجمهور للتحقق من سير الأمور على ما يرام. كما قاموا بتغطية المخالفات والتزوير والتهديد بالعنف حتى يحثوا السلطات على الاستجابة. وقد ألقي القبض على جماعات من مثيري الشغب الذين كانوا يخططون لتعطيل التصويت أثناء الجولة الأولى بعد ورود تقارير عنهم في وسائل الإعلام. وعلى مدار اليوم بأكمله، كان الأشخاص والزعماء السياسيون يتصلون بمحطات الإذاعة والتليفزيون للإبلاغ عن أية جرائم، حتى يتمكن الصحفيون من مراجعة الحقائق والتغطية. وكان أكبر دور لعبه الإعلام في العملية الانتخابية بعد انتهاء التصويت. ففي المساء، قدمت محطات الإذاعة والتليفزيون والصحافة الإلكترونية النتائج المباشرة التي تم إعلانها في لجان الاقتراع. وقد ساعد ذلك على منع التزوير والتأكيد بسرعة على الحاجة لجولة ثانية. [2]
يستكشف موضوع الإعلام والانتخابات العديد من الأبعاد والحقائق الكامنة المتعلقة بالإعلام في السياق الانتخابي. وقد جرت كتابته بهدف الوصول إلى جمهور عريض: مفوضي وموظفي هيئة إدارة الانتخابات والجهات المانحة والمرشحين والحكومات والطلبة والناخبين ومنتسبي الإعلام.
ويشمل الموضوع مقدمة تتناول الأدوار الأساسية للإعلام في سياق الانتخابات، إضافة إلى مناقشة حول اعتبارات حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي. كما يتضمن تاريخًا موجزًا للإعلام والانتخابات ونظرة فاحصة للمشهد العام للإعلام اليوم على المستوى الدولي، بما فيه ملكية الإعلام.
ويقدم الفصل المعنون الإطار القانوني للإعلام والانتخابات مناقشة بالأدلة للنماذج المختلفة للإطار التنظيمي للإعلام في الانتخابات، من مفوضية مستقلة للانتخابات إلى هيئة متخصصة في تنظيم الإعلام، مثل لجنة للبث أو مجلس تطوعي للإعلام أو كيان لشكاوى الصحافة. ويتناول هذا الفصل القواعد المختلفة التي تنطبق على كلٍ من الإعلام العام والخاص.
كما تشمل مجالات الموضوعات فصلاً يتناول العلاقة بين هيئة إدارة الانتخابات والإعلام، وهو يتناول النظر إلى الطرق التي يمكن أن تستخدمها هيئات إدارة الانتخابات لوضع استراتيجياتها الخاصة لتتمكن من إيصال رسائلها من خلال الإعلام. ويناقش ذلك الفصل مدى أهمية وضع خرائط للإعلام، وإجراء الأبحاث الخاصة بالجمهور، وتطوير الرسائل وأثرها على تنفيذ هذه المهمة ويشرح استراتيجية علاقات الإعلام بالنسبة للدورة الانتخابية.
كما يستكشف مجال الموضوعات الأساليب الأساسية لمراقبة الإعلام أثناء الحملة الانتخابية، مبينًا كلاً من المنهجية الكمية والنوعية مع النظر في الكيفية التي استخدمت بها مراقبة الإعلام بواسطة جهات مختلفة مثل هيئات إدارة الانتخابات أو بعثات المراقبين.
ويستكشف "تطوير الإعلام" المهنية في الإعلام، والتدريب على الانتخابات، بالإضافة إلى الدعم العام والمناصرة اللازمين لكي يتطور الإعلام ويصبح مشاركًا فعالاً في العمليات الديمقراطية.
وأخيرًا، هناك ثلاث عشرة دراسة حالة جرى تقديمها لتعطي أمثلة على الطريقة التي قامت بها بلدان معينة بتجربة
وإدارة الإعلام والانتخابات.
[2] "الإعلام يلعب دورًا رئيسيًا في انتخابات السنغال"، المركز الدولي للصحفيين، 7 مايو/أيار2012 ، http://www.icfj.org/news/media-play-key-role-senegals-election