جمهورية الكونغو
الديمقراطية: تحديد كيفية ترسيم الدوائر في مجتمع ما بعد الصراع
إن جمهورية
الكونغو الديمقراطية مجتمع مقسم عرقياً/قبلياً وخرجت مؤخراً من حالة الحرب (على الرغم
من إستمرار القتال بشكل متقطع). ويشكل تنظيم وإجراء الإنتخابات في جمهورية الكونغو
الديمقراطية، والتي سيتم النظر إليها من قبل جميع الدول الكبرى المعنية في إنتخابات
حرة وعادلة، أحد التحديات التقنية واللوجستية الكبرى للأمم المتحدة [1]. ويكمن أحد المشاكل
التي تواجه الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية في إتخاذ القرار حول ترسيم
الدوائر للإنتخابات التابعة لأعضاء البرلمان، وكيف؟
خلفية
نذ عام
1997، تم تقسيم جمهورية الكونغو الديمقراطية على أثر الصراع العرقي والحرب. كما
وأدت الأعمال العدائية إلى التعجيل في تدفق عدد كبير من اللاجئين نتيجة القتال في
رواندا وبوروندي وتسببت في إسقاط الديكتاتور السابق موبوتو سيسي سيكو من قبل زعيم
المتمردين لوران كابيلا في شهر أيار من عام 1997. بعد ذلك أصبح هناك تحدياً لنظام
لوران كابيلا من قبل رواندا وأوغاندا المدعومة من المتمردين في شهر آب من عام
1998. قامت قوات من زمبابوي وأنغولا وناميبيا وتشاد والسودان بالتدخل لدعم نظام
كابيلا. من ثم وقعت على إتفاق وقف إطلاق النار في شهر تموز عام 1999 كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وزمبابوي
وأنغولا وأوغندا وناميبيا ورواندا وجماعات المتمردين الكونغوليين، ولكن إستمر القتال
بشكل متقطع.
وفي شهر
كانون الثاني من عام 2001 اغتيل لوران كابيلا وجاء جوزيف كابيلا خلفاً لوالده،
والذي بدوره أجبر قوات الإحتلال الرواندية على الإنسحاب من الكونغو الشرقية في
تشرين الأول عام 2002. بعد مرور شهرين تم التوقيع على إتفاقية ( الإتفاق العلمي
والشامل في كانون الأول للعام 2002) من قبل جميع الأطراف المحاربة المتبقية لإنهاء القتال وتشكيل
حكومة إنتقالية. وإنسحبت القوات الأوغندية رسمياً من جمهورية الكونغو
الديمقراطية في شهر أيار عام 2003. على الرغم من ذلك، إستمر العنف المحلي (تحديداً في
منطقة البحيرات العظمى).
المجتمع المنقسم
جرى دعم المجموعات العرقية المقاتلة
(توتسي وهوتو ولندو وهيما ومجموعات عرقية أخرى) في الجزء الشرقي من الدولة من قبل القوات
العسكرية التابعة لدول الجوار، والتي بدأت في تأجيج النزاع الحالي. وعلى الرغم من أن
الإنقسامات ضمن جمهورية الكونغو الديمقراطية ليست مبنية فقط على العرقية، فالعدد الهائل
من المجموعات العرقية [2] – والمنافسة
بينهم للحصول على الموارد المحدودة – أدى وبكل تأكيد إلى صدامات على الوقود داخل المجتمع.
قلة
الموارد على
الرغم من الإمكانات الواسعة للموارد الطبيعية والثروة المعدنية، إلا أن جمهورية
الكونغو الديمقراطية تعتبر أحد الدول الفقيرة، مع نصيب دخل الفرد قرابة 90 دولاراً
أمريكياً في العام 2002. وهذا نتيجة سنوات طويلة من سوء الإدارة والفساد والحرب.
إضافةً إلى ذلك، نسبة الأمية في الدولة عالية والخبرات الفنية محدودة للبناء عليها.
(حسب تقديرات عام 2003، 41.7% من التعداد السكاني لم يلجأ إلى التعليم بتاتاً وفقط
42.2% خضع للتعليم الإبتدائي).
قلة
البنية التحتية السليمة جمهورية
الكونغو الديمقراطية دولة كبيرة جداً (2,345,410 كيلومتراً مربعاً أي 905,063 ميلاً
مربعاً) مع تقريباً بنية تحتية قليلة جداً. والشوارع القائمة (وهي بأعداد قليلة نسبياً) تضررت كثيراً والكثير
منها يجب أن تخضع لفحص الألغام الأرضية. ومع أن بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو
الديمقراطية (مونوك) لديها مهابط الطائرات وجميعها تعمل جيداً، إلا أنه بإستطاعة الطائرات
الوصول إلى عدد محدود من المناطق في جمهورية الكونغو الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك،
نظام الإتصالات غير كافي – على الرغم من وجود محطات تلفزيونية وإذاعات تبث من أراضي
جمهورية الكونغو الديمقراطية. لذا قد يشكل عقد إنتخابات في ظروف مثل هذه الظروف تحدياً
كبيراً.
عدم وجود إطار عمل قانوني لا يوجد قانون إنتخابات حالياً. ولم يعتمد البرلمان الإنتقالي
القوانين لتلك القضايا مثل اللامركزية والجنسية – والقضايا المثيرة للجدل بشكل واضح
والتي يجب أخذ القرار بخصوصها قبل إجراء الإنتخابات. ويجب أن يتوصل البرلمان الإنتقالي
الذي تقوم الدول الموقعة على إتفاق شهر كانون الأول عام 2002 بتعيينه إلى إتفاق حول هذه القضايا
وإصدار القوانين والدستور الجديد قبل بدء الإنتخابات والمضي قدماً إلى ما بعد مرحلة
التخطيط التكوينية.
معوقات
الوقت جرى وضع الدستور الإنتقالي الذي تمّ تبنيه في 2
نيسان عام 2003 لفترة زمنية محدودة فقط ، وينتهي خلال 24 شهراً (مع إحتمال التمديد
لستة أشهر مرتين) بعد تنصيب الحكومة الإنتقالية، والتي أجريت في 30 حزيران عام
2003. لذلك يجب عقد الإنتخابات في شهر تموز 2005 (أو حزيران 2006 كآخر موعد، إذا ما تم إستخدام التمديد لستة
اشهر مرتين). فهذه فترة زمنية قصيرة لتنظيم مجموعة من الإنتخابات (بالإضافة إلى الإستفتاء
والإنتخابات العامة والإنتخابات المحلية)، حتى في الظروف المثلى – والتي بالتأكيد غير
موجودة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
إختيار نظام الإنتخابات لجمهورية الكونغو
الديمقراطية
تكتسب الديمقراطيات الإنتقالية الصاعدة
الجديد أهمية خاصة، وبالأخص تلك التي تنقسم فيها المجتمعات حسب العرق أو الإقليم أو
أي أحزاب أخرى، والمؤسسات السياسية – وبالتحديد نظام الإنتخابات. فتكون المؤسسات السياسية
في مجتمعات كتلك القناة الأبرز للإتصالات بين الجماعات العدائية؛ وإذا قامت هذه المؤسسات
يإستثناء الجماعات الخاصة من "القائمة" عندهاً لا يمكن تسوية الإختلافات
ما بين هذه الجماعات عبر المفاوضات ومراعاة الظروف المشتركة. وربما يؤدي ذلك إلى إستئناف
الحرب الأهلية وإلى إنهيار نظام الفتية.
تشير الخبرات المتقارنة بأن معظم متطلبات
الإنتخابات الضرورية للإنتقال الديمقراطي، وبالتحديد في دولة منقسمة بعد النزاع مثل
جمهورية الكونغو الديمقراطية، هي نظام إنتخابي يزيد الشمولية ويكون منصفاً بوضوح مع
جميع الأحزاب. يمكن تحقيق هذا الهدف بأفضل وسيلة من خلال نظام إنتخابي بتمثيل نسبي،
وعادة بالتزامن مع شكل من أشكال إتفاق تقاسم السلطة ضمن الحكومة.
علماً بأنه من الواضح أن شكل من أشكال
التمثيل النسبي يصب في مصلحة جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا انه يوجد نظامين واضحين
للإنتخابات. وهنالك إيجابيات وسلبيات لهذين النظامين والذين يجب أخذهما بعين الإعتبار
عند إختيار اي نظام يجب تبنيه في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
قائمة التمثيل النسبي هناك سابقة تاريخية لإستخدام قائمة التمثيل النسبي في جمهورية
الكونغو الديمقراطية: إستخدمت الإنتخابات التشريعية التي عقدت مباشرة بعد الإستقلال
هذا النظام (كان هذا النظام الذي منحه الإستعمار البلجيكي لجمهورية الكونغو الديمقراطية).
إضافة إلى ذلك، تكون قائمة التمثيل النسبي الإختيار المشترك للديمقراطيات الإنتقالية
الصاعدة الجديدة حتى يكون هناك ثروة من الخبرة لرسم التخطيط وعقد الإنتخابات.
إيجابية اخرى مقدمة من قائمة التمثيل
النسبي هي أنه لا يوجد حاجة لترسيم حدود إنتخابية جديدة، وعلى الرغم من ذلك يجب إتخاذ
قرار حول أي حدود إدارية قائمة سيتم إستخدامها – مقاطعة أو دائرة أو إقليم – لقائمة
التمثيل النسبي للإقليم (على إفتراض أنه لم يتم تبني قائمة وطنية للتمثيل النسبي).
السلبية الرئيسية لإستخدام قائمة التمثيل
النسبي هي تعدد الأحزاب السياسية – إذا كان هذا لا يزال يشكل سمة من سمات ساحة جمهورية
الكونغو الديمقراطية، فيمكن للإقتراع ان يستغرق وقتاً طويلاً (خاصة إذا ما تم تبني
قائمة حزب مفتوحة، بدلاُ من قائمة مغلقة). ويجب ان تتحد الأحزاب السياسية (معظمها في
جمهورية الكونغو الديمقراطية على أساس عرقي-إقليمي ولا وجود للأسس الإيديولوجية) أو
تشكل تحالف أو الإختفاء عن الساحة لإدارة قائمة التمثيل النسبي عند الإقتراع [3].
سلبية اخرى مرفقة بقائمة التمثيل النسبي
هي ان المناطق الجغرافية التي من ضمنها يتم إنتخاب الممثلين عادة ما تكون كبيرة نسبياً؛
لذلك يكون الإرتباط ما بين الناخبين وممثليهم ليس إرتباط قوي كما لو كانوا ضمن نظام
يقدم عضواً واحداً أو دوائر إنتخابية صغيرة ذات عدة أعضاء. وافترض العديد من الرؤساء
الكونغوليين الذين تمّ مقابلتهم بأنه يتم إختيار الممثلين على مستوى الإقليم [4] (وهذا كان الأسلوب المتبع خلال الـ 25 سنة الماضية على الأقل) ورأوا بأن إرفاق
الممثلين بأقاليم معينة كان ذات فائدة لأنه أضفى تواصل ما بين الناخبين والحكومة.
نسبة الأعضاء المختلطة الإيجابية الكبرى التي يقدمها نظام نسبة الأعضاء المختلطة
هي الإرتباط الجغرافي الذي ينشأ ما بين الممثل وناخبه. وقد تمّ طرح هذا الشأن عدة
مرات من قبل الكونغوليين الذين تم مقابلتهم. سوف يسهل الإتصال الواضح ما بين الممثل
ودائرة الإنتخاب تبادل المعلومات بينهما، ويعطي قوة للناخبين الكونغوليين أيضاً. ومع
مرور الوقت، يستطيع الناخبيين الكونغوليين إدراك قدرتهم على تحميل ممثلهم المسؤولية
( وإرجاع أعضاء البرلمان التابعين لهم إلى المكتب إذا ما كان أدائهم جيد نيابة عن الناخبين
والتصويت لإخراجهم من المجلس التشريعي إذا قام اعضاء البرلمان بخذلهم).
سلبية واحدة لها بالغ الأهمية لهذا النظام
هي الحاجة لترسيم حدود عدد كبير من الدوائر. ويمكن القيام بذلك إما من خلال تبني وحدات
إدارية أصغر من المقاطعات أو الدوائر [5]، أو بترسيم حدود الدوائر الإنتخابية
الفريدة. وإذا تمّ إستخدام وحدات إدارية صغيرة مثل الأقاليم، تكون بيانات التعداد السكاني
المرتبطة مع هذه الوحدات أكثر إشكالية من البيانات المتواجدة على مستوى المقاطعات والدوائر.
(يتم مناقشة مشكلة إعتماد البيانات بشكل أوسع واعم في الأسفل "إنشاء قاعدة البيانات".
سلبية اخرى أحياناً تكون مرتبطة بنظام
نسبة الأعضاء المختلطة هي التعقيد في الإقتراع (يتطلب نظام نسبة الأعضاء المختلطة أحياناً
الإدلاء بصوتين، واحد لكثل الدائرة والآخر للحزب السياسي). وفي الواقع، وعلى الرغم
من أنه يمكن تصميم الإقتراع ليتمكن الناخب من إدلاء صوت واحدـ فهذا الصوت الواحد يستخدم
أيضاً لإنتخاب ممثل دائرة وتعيين الحزب المفضل [6]. (إستخدام خيار الصوت الواحد يحدد عدد
الأحزاب السياسية إلى مستوى يمكن إدارته، على الأقل على المدى البعيد.)
خيارات ترسيم الحدود
بغض النظر عن النظام الإنتخابي الذي
تم تبنيه، يجب التوصل إلى بعض القرارات حول ترسيم الحدود الإنتخابية. على الرغم من
إختلاف حجم المنطقة الجغرافية المشمولة من قبل الدائرة الإنتخابية إعتماداً على نوع
النظام الإنتخابي (على سبيل المثال، يمكن لقائمة التمثيل النسبي تبني حدود مقاطعة وإعتبارها
كالدائرة الإنتخابية، بينما نظام نسبة الأعضاء المختلطة يمكن أن يتطلب إلى دوائر اصغر)،
فبعض الترسيم بالتأكيد يكون ضرورياً [7]. ويمكن لهذا الترسيم أن يكون ببساطة
تبني حدود إدارية قائمة (حدود مقاطعة أو دائرة أو إقليم، على سبيل المثال) كالدوائر
الإنتخابية ومن ثم توزيع المقاعد البرلمانية على هذه الدوائر على أساس التعداد السكاني؛
أو يمكن ان تكون معقدة مثل ترسيم حدود دوائر إنتخابية جديدة بالأخص لغايات الإنتخاب.
تختلف أهمية عملية الترسيم (والقواعد
التي تربطها) إعتماداً على نوع النظام الإنتخابي. ونظراً لأنه يمكن لنظم التعددية والأغلبية
إنشاء نتائج إنتخابات غير متكافئة، تكون الهيكلية والقواعد التي يتم إنشاءها لهذه العملية
بغاية الأهمية. وإن يكن بدرجة أقل من الأهمية في سياق نظام التمثيل النسبي، لكنه من
الضروري أن يقوم القانون بتحديد العملية التي من خلالها سوف يتم إجراء ترسيم حدود الدائرة
الإنتخابية.
هناك ثلاثة طرق بديلة قائمة لترسيم الحدود
الإنتخابية في جمهورية الكونغو الديمقراطية هي:
- إستخدام حدود إدارية قائمة (على سبيل
المثال، حدود مقاطعة أو دائرة أو إقليم) لغايات الإنتخابات.
- يمكن تصور ترسيم الحدود الإدارية الجديدة
(وفي الواقع يمكن إقتراحها كجزء من رزمة اللامركزية التي يتم مناقشتها من قبل الحكومة
الإنتقالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية) ويمكن إستخدامها لغايات الإنتخابات.
- يمكن ترسيم الدوائر الإنتخابية الفريدة
(منفصلة عن الهيكلية الإدارية).
الوحدات الإدارية الحالية المستخدمة
كدوائر إنتخابية في جمهورية الكونغو الديمقراطية
تنقسم جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى
عدة طبقات من الوحدات الإدارية، معظمها موجودة قبل الإستقلال عام
1960. أكبر هذه الوحدات
هي المقاطعات، والأصغر منها على التوالي الدوائر، ومن ثم الأقاليم؛ الأصغر حجماً في
هذه الوحدات الإدارية (والتي يتم جمع البيانات من اجلها) هي الجماعات. وبناءًا على
التقسيم الإداري لمديرية وزارة الداخلية، الأعداد الحالية للوحدات الإدارية لكل طبقة
كالآتي ]8[:
المقاطعات
(بالإضافة إلى كينشاسا) 11 دائرة 27 مدينة (أي ± 98 مجتمع محلي، ±
1,249 دائرة وكينشاسا) 29 إقليماً 145 مجتمعاً محلي (موزعة على
476 قطاعاً و 261 شيوخ قبائل) 737 جماعات (موزعة على أكثر من ± 60,000 قرية) 5409
إضافة
إلى ذلك، تمّ تحديد 6 مجموعات في المناطق الحضرية لديها أكثر من 100,000نسمة ولا
يوجد لديها "حالة مدينة". فيصب توزيعهم على مقاطعات كاتانغا (كاليمي وكامينا
وكيبوش)، نورد-كيفو (كاينا وكانيا بايونغا في مجموعة واحدة)، أوريانتيل (بونيا)
وسود كيفو (أوفيرا).
هذه الوحدات الإدارية مترابطة وتستخدم
ليس فقط لغايات الإدارة الحكومية ولكن أيضاً لإجراء تعداد علمي وإداري ولتحديد التوقعات
الديمغرافية. ويتم توظيفهم ايضاً لإجراء عمليات مختلفة على المستويات الوطنية، والمقاطعات،
والإقليمية والمحلية مثل حملات التطعيم الطبية.
الخرائط التي
تحدد حدود تلك الوحدات الإدارية دائماً متوفرة، ولكنها قديمة لأن مراكز التعداد السكاني
قد نقلت موقعها. (أما الحدود الإدارية ذاتها لم تتغير، أو على الأقل ليس مؤخراً ولكن
بسبب تحرك التعداد السكاني بشكل هائل نتيجةً للحرب، يمكن للحدود الإدارية إختراق منتصف
مراكز التعداد السكاني الجديدة).
توقعات التعداد السكاني لهذه الوحدات
الإدارية موجودة، على الرغم من أنه لا يمكن الإعتماد على هذه التوقعات. (يتم مناقشة
هذه القضية بشكل أعم في هذا الجزء من الدراسة بعنوان "إنشاء قاعدة البيانات".)
هنالك عدة إيجابيات للمشاركة في إختيار
طبقة الوحدات الإدارية (على سبيل المثال، المقاطعات أو الدوائر أو الأقاليم) لإستخدامها
كدوائر إنتخابية:
- إستخدام حدود قائمة ينفي الحاجة لترسيم
مجموعة من الحدود الإنتخابية الجديدة (والتي
تكون بدورها مهمة مكلفة وتستغرق وقت طويل).
- هنالك توقعات لبيانات التعداد السكاني
مرتبطة مع تلك الوحدات الإدارية القائمة (وإن تكن أقل من فعالة)، مما يسهل مهمة توزيع
المقاعد على الدوائر اكثر سهولة، ومن الممكن أكثر دقة، من ان تكون الحالة خلاف ذلك.
- لقد جرت العادة إستخدام هذه الوحدات
الإدارية لغايات التمثيل في جمهورية الكونغو الديمقراطية (وإفترض الكثير من الرؤساء
الكونغوليين الذين تمّت مقابلتهم بأنه يمكن إعادة إستخدام هذه الوحدات مرة أخرى في
الإنتخابات القادمة).
من ناحية اخرى، هناك عدة سلبيات مرتبطة
مع إستخدام الحدود الإدارية القائمة:
- لم تصمم الوحدات الإدارية لتشمل المجتمعات
ذات المصلحة، وأحياناً في الواقع تقطع حدود الطوائف وتقسّم الجماعات المتجانسة الذين
يجب توحيدهم ضمن دائرة إنتخابية واحدة.
- تم المطالبة ببعض التغييرات التي طرأت
على الحدود الإدارية مع مرور الوقت (بالتحديد على المستوى الإقليمي) من قبل الرغبة
على تقسيم جماعات عرقية معينة [9].
- من الواضح أن توقعات التعداد السكاني الغير قائمة لتلك الوحدات الإدارية
غير فعالة، لا سيما في فترة الحرب والأحداث الأخرى الغير متوقعة (مثل مرض الإيدز).
إذا تم التوصل إلى القرار بإستخدام الوحدات
الإدارية الحالية لغايات الإنتخابات، إذاً السؤال الذي يطرح نفسه هو أي مجموعة من الوحدات
سيتم توظيفها لغايات الإنتخابات: المقاطعات أم الدوائر أم الأقاليم أم وحدة أخرى أصغر؟
وبالطبع، جزء كبير من هذا القرار يعتمد على نوع النظام الإنتخابي الذي تمّ تبنيه. على
سبيل المثال، إذا تمّ إختيار قائمة التمثيل النسبي، يبقى إختيار الوحدات الإدارية محصوراً
في المقاطعات أو الدوائر أو من المحتمل الأقاليم حيث يجب ان تكون الدوائر الإنتخابية
كبيرة للسماح بتوزيع عدة مقاعد على كل دائرة إنتخابية. من ناحية اخرى، إذا تمّ تبني
نظام نسبة الأعضاء المختلطة، ربما ستكون الدوائر الإنتخابية أكبر وحدة ممكنة يمكن توظيفها.
جرى اعداد سلسلة من عمليات المحاكاة
لغايات توضيحية فقط (بإستخدام بيانات التعداد عام 1984 وعدم توظيف أي توقعات او تعديلات على
هذه البيانات) لتحديد توزيع المقاعد على كل دائرة إنتخابية بموجب ثلاثة سيناريوهات:
إستخدام المقاطعات كدوائر إنتخابية، وإستخدام الدوائر كدوائر إنتخابية، وإستخدام الأقاليم
كدوائر إنتخابية. يحتوي الملحق على نتائج مفصلة لعملية المحاكاة هذه.
فيما لو
تم إستخدام المقاطعات كدوائر إنتخابية (هذا يمكن ان يحدث فقط عند إستخدام قائمة
التمثيل النسبي أو جزء من التمثيل النسبي لنظام نسبة الأعضاء المختلطة)، يتراوح
مدى عدد المقاعد الموزعة على المقاطعات يكون من 11 (مقاطعة مابيمة) إلى 58 (مقاطعة
أوريانتيل) بإستخدام بيانات التعداد للعام 1984 وإفتراض 400 مقعداً برلمانياً.
وإذا تطابقت حدود الدوائر الإنتخابية
مع حدود الدوائر الإدارية، ولم يتم دمج اي دائرة بالأخرى، سيكون مدى المقاعد الموزعة
قليلاً ويصل إلى 0 أو 1 (دائرة باندودو في مقاطعة باندودو) إلى 26 أو 27
(دائرة كويلو في مقاطعة باندودو).
وإذا تم إستخدام الأقاليم كدوائر إنتخابية،
يجب دمج الكثير من الأقاليم من أجل أن يتم منحها التمثيل. وإن كان هذا صحيح، من المفترض تعيين نصف الممثلين على دوائر
إنتخابية (كما تكون الحالة في حال إستخدام نظام نسبة الأعضاء المختلطة) أو يتم
تعيين جميع الممثلين على الدوائر
الإنتخابية (كما تكون الحالة في حال إستخدام نظام الاغلبية التعددية). ومن ناحية أخرى،
تشكل بعض الأقاليم دوائر متعددة الأعضاء كبيرة جداً، بتعيين حوالي 8 أعضاء برلمان لدائرة واحدة.
تبين عملية المحاكاة الواردة في الملحق
عدد من النقاط الهامة هي:
- الخيار حول إستخدام أي مجموعة من الوحدات
الإدارية كدائرة إنتخابية له تداعيات كبيرة على نظام الإنتخابات (كما من المرجح أن
تكون نتائج الإنتخابات نسبية )، لتمثيل المجتمعات (اي مجتمعات سيتم تعيين عدد أكبر
من الممثلين لها واي عدد أقل من بالممثلين، واي مجتمعات يجب دمجها مع مجتمعات أخرى لغايات التمثيل؛ وكم عدد المجتمعات
التي سيتم تقسيمها من قبل حدود الدوائر الإنتخابية)، وللناخبين (إلى أي مدى سيكون الإقتراع
معقداً بإعطاء عدد المرشحين المتنافسين وعدد المقاعد التي سيتم ملؤها).
- من المرجح إدخال "ترسيم الحدود"
على الأقل لدرجة إتخاذ القرار حول اي وحدات إدارية يجب دمجها لغايات الدوائر الإنتخابية
– على الأقل لو تم إختيار الأقاليم (ومن المحتمل الدوائر) كدوائر إنتخابية. وإذا تمّ
إختيار مستوى أقل من الإقليم، إذاً بكل تأكيد يجب ان يحدث "ترسيم"
للحدود.
- إختيار معادلة لتوزيع المقاعد على الدوائر
الإنتخابية عملية هامة – يمكن لدائرة إنتخابية الحصول على مقاعد أكثر أو أقل إعتماداً
على أية معادلة تم إستخدامها (مثل، مقارنة المثال البسيط حول تعيين المقاعد عندما يتم
تعيين المقاعد لاكثر من 51% من أصل 74122 ناخباً، أو عندما يتم تعيين مقعداً
لكل ناخب من الـ 74211 ناخباً) [10].
- بيانات التعداد السكاني الذي عليه يتم
بناء توزيع المقاعد بغاية الأهمية. من الواضح أنه كلما كانت البيانات موثوق بها كلما
أصبح الخلاف اقل وكلما كان افضل. وتكون العملية أكثر دقة ، ويتم التعامل معها على أنها
أكثر شرعية، وذلك إذا لم تكن بيانات التعداد السكاني الذي يتم بناء توزيع المقاعد عليه
هي المسألة الأساسية.
إستخدام الوحدات الإدارية الجديدة كدوائر
إنتخابية
يجب إنشاء وحدات إدارية جديدة في حال
وجود اللامركزية للحكومة في كيانات إدارية غير تلك القائمة. وإذا ما تمّ إستخدام هذه
الوحدات الإدارية الجديدة كدوائر إنتخابية، يجب أن تسود المعايير التابعة للتمثيل الفعّال
للناخبين خلال عملية ترسيم الدوائر الإدارية.
بالطبع، إذا لم يتم الأخذ بعين الإعتبار
تلك المعايير عند ترسيم الوحدات الإدارية الجديدة، لا يزال من المحتمل إستخدام الوحدات
الإدارية الجديدة كدائرة إنتخابية. وعلى الرغم من ذلك، ستنطبق السلبيات على الوحدات
الإدارية الجديدة وأيضاً على الوحدات الإدارية الحالية (إنظرالقائمة أعلاه)، مع المشكلة
الإضافية المتمثلة في وجود بيانات للتعداد السكاني أقل موثوقية من تلك الوحدات الجغرافية
الجديدة، وأقل وقت للإعداد للإنتخابات.
من ناحية أخرى، إذا تم تصميم الوحدات
الإدارية الجديدة طبقاً لمعايير المساواة في التعداد السكاني ومصالح المجتمعات،
يكون تبني هذه الوحدات كدائرة إنتخابية منطقياً. ويتطلب هذا النهج جمع بيانات ديمغرافية
وسوسيولوجية جديدة، ولكن على الرغم من ذلك – تعتبر هذه العملية مكلفة وتستغرق وقتاً
طويلاً. (يتم مناقشة هذه القضية بشكل أعم في الفقرة أسفل بعنوان "إنشاء تعداد
جديد").
ترسيم حدود مجموعة من الدوائر الإنتخابية
الفريدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية
يشكل ترسيم حدود الدوائر في جمهورية
الكونغو الديمقراطية وبالتحديد تلك التي تكون لغايات إنتخاب ممثلين للبرلمان إجراءًا
هائلاً ( سواء من حيث الوقت أوالمصادر المطلوبة). وتتضمن العملية عدة خطوات منها (1)
إنشاء قاعدة بيانات مؤلفة كحد أدنى من الخرائط وبيانات التعداد السكاني؛ (2)
تشكيلة الدوائر بتوزيع
المقاعد البرلمانية على الأقاليم الفرعية للدولة وإنشاء دوائر إنتخابية فريدة ضمن تلك
الأقاليم الفرعية؛ (3) تقييم خطة إعادة تقسيم الدوائر المقترحة وتبني الخطة النهائية
لإعادة تقسيم الدوائر.
تتطلب إنشاء قاعدة بيانات لترسيم الدوائر
جمع أنواع مختلفة من المعلومات. الجزئين الضروريين من المعلومات هما بيانات التعداد
السكاني والخرائط. وتوفر بيانات التعداد السكاني، والتي ربما تكون على شكل بيانات اعداد
الإحصائيات أو بيانات تسجيل الناخبين ، الطريقة الوحيدة لإنشاء الدوائر التي يتساوى
نسبياً فيها التعداد السكاني. وتكمن الحاجة للخرائط في التأكد من أنه تم تعيين وحدات
التعداد السكاني الجغرافية المتجانسة على الدوائر وأن حدود هذه الدوائر لا تقسّم المجتمعات
ذات المصالح من دون وجود حاجة لذلك.
تتضمن المصادر المحتملة لبيانات ترسيم
الحدود في جمهورية الكونغو الديمقراطية ما يلي:
- إستخدام توقعات الإحصائيات القائمة
(المبنية على أساس تعداد عام 1984) والمعلومات الخرائطية.
- تحديث وتوطيد توقعات الإحصائيات ومعلومات
الخرائط بإستخدام الخبرات المحلية والدعم التقني.
- إجراء تعداد جديد (أو تعداد "محدود").
- إستخدام المعلومات التي تمّ الحصول عليها
من عملية تسجيل الناخب من أجل تحديث البيانات الموجودة حالياً.
إستخدام بيانات كل من التعداد السكاني والخرائط الموجدودة حالياً الكثير من البيانات المطلوبة لغايات ترسيم الحدود في جمهورية
الكونغو الديمقراطية غير محدثة، وبسبب التغييرات الكبيرة التي قامت بها جمهورية الكونغو
الديمقراطية في خضون العشرة سنوات الماضية، لا يمكن الإعتماد عليها.
تمّ
إجراء آخر إحصائية علمية للتعداد السكاني في جمهورية الكونغو الديمقراطية في العام
1984، بينما كانت أحدث إحصائية إدارية في العام 1996. ومنذ ذلك الحين قامت مؤسسة
الإحصائيات الوطنية بإنشاء توقعات ديمغرافية والتي تقدر عدد الناخبين في عمر 16
عاماً فأكبر بـ ± 25,600,000 . تتوزع هذه البيانات على الناخبين ، حسب
المقاطعة كالآتي:
باندوندو
2,915,00 باس كونغو 1,555,000 الإكويتور 2,807,000 كاتانغا 3,429,000 كاساي
اوسيدنتول 1,876,000 كاساي أورينتول 2,160,000 مانيما 762,000 نورد كيفو 1,982,000
أورينتال 3,447,000 سود كيفو 1,784,000 مدينة كينشاسا 2,902,000لمجموع
25,619,000
وعلى الرغم من أن توقعات التعداد السكاني
هذه تقدر بأنه يمكن الإعتماد عليها هامشياً على المستوى الوطني أو على مستوى المقاطعات،
فلا يوجد إمكانية كبيرة للإعتماد عليها على المستوى الإداري الأدنى (الدوائر، الأقاليم،
المجموعات، إلخ). وتسبب توقعات التعداد السكاني في جمهورية الكونغو الديمقراطية مشكلة
في جزء كبير منه وذلك بسبب الصراع الأهلي الطويل الأمد وتشريد السكان ومعدلات الوفيات
التي تفوق ما قد تحدثه الحرب [11].
تعاني البيانات الخرائطية المتوفرة حالياً
لجمهورية الكونغو الديمقراطية من نفس المشكلة: معظمها قديمة وغير محدثة بسبب التغييرات
الهائلة في التعداد السكاني، تحديداً في الخمس سنوات الأخيرة. وعلى الرغم من ان فهرس
التغطية الجغرافية للأقاليم في جمهورية الكونغو الديمقراطية متوفرة للمختصين في مركز
المعلومات الجغرافية التابع لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية متنوعة،
إلا بعض هذه المعلومات لم يتم تحديثها منذ
عشرين عاماً.
تحديث وترسيخ التوقعات الإحصائية والبيانات
الخرائطية تمتلك بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو
الديمقراطية مرجعية نظم المعلومات الجغرافية، والتي تستند إلى المعلومات التي تمّ جمعها
وإدخالها، ويمكنها تحديد العناصر الديمغرافية والجغرافية، وإنشاء أعدادها بدقة وتوزيعها
بالتساوي. تقوم هذه النظم بتحديد الحدود الإدارية لأصغر كيان إقليمي؛ وتقوم أيضاً بجعله
من الممكن تحديد الهيدروغرافية (أماكن تواجد المياه)، وسكك الحديد، وشبكة الطرق، إلخ.
وتجعل هذه مجموعة البيانات المبنية من الممكن على الأقل ولو بشكلٍ نظري، إستخدام نظم
المعلومات الجغرافية لترسيم حدود الإنتخابات. ولكن، البيانات الديمغرافية والسوسيولوجية
اللازمة لإستخدام هذا النظام لغايات إعادة تقسيم الدوائر مفقودة.
الصعوبة الرئيسية التي تواجه خبراء بعثة
الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية عند الوصول للحد الأقصى لعملية نظام
مرجعية المعلومات الجغرافية تقع في البيانات الديمغرافية والسوسيولوجية المفقودة أو
الناقصة أو التي يجب تقييم ما إذا يمكن الإعتماد عليها أم لا. ويسمح التعاون بين الخبراء
في جمهورية الكونغو الديمقراطية على حصول مختصي قاعدة البيانات على المعلومات المطلوبة،
والتأكد منها ومن ثم إدخالها.
عقد إحصائية جديدة يكمن الخيار الثالث المتوفر للحصول على البيانات
لترسيم الحدود في إجراء إحصائية علمية للتعداد
السكاني. لكن، تكون العملية الإحصائية هذه باهظة الثمن بعض الشيء وتستغرق وقتا من سنتين
إلى ثلاث سنوات لإنهائها كحد أدنى. وبالطبع، تكون المعلومات التي تمّ الحصول عليها
هامة للسعي إلى ما بعد ترسيم حدود الإنتخابات.
ويجب إنشاء هيكلية تنظيمية وعملية ضخمة
لإنجاز هذه المهمة – فلا تملك مؤسسة الإحصائيات الوطنية القدرة للقيام بعملية الإحصائيات الأساسية في هذه الأثناء. على
سبيل المثال، خلال الإحصائيات التي تمّ إجراؤها عام 1984، تمت الإستفادة من
إحصاء 28,185 منطقة أخذ و2,924 منطقة
سيطرة منتشرة عبر جميع الإقليم في حال حدوث إحصائية جديدة، فيجب فحص وتعديل
إحصائيات مناطق الأخذ ومناطق
السيطرة هذه فيما يتعلق بكل من الإقليم الجغرافي الذي تم شموله وعدد المتجاوبين المتوقع
ضمنها. ويتطلب التحرك الهائل للتعداد السكاني في السنوات الأخيرة، سواء صوب المدن أو
اي مكان آخر، تدخل مسبق.
إستخدام بيانات تسجيل الناخب الخيار الرابع المتاح هو إستخدام المعلومات التي
تم الحصول عليها خلال عملية تسجيل الناخب (على إفتراض أنه تم عقد إجراء تسجيل الناخب)
لترسيم حدود الدوائر الإنتخابية. ويمكن إستخدام عملية تسجيل الناخب المصممة للوصول
إلى كل منزل في الدولة ليس فقط لإحصاء عدد الأفراد ولكن يمكن ان يوفر الموقع الجغرافي
لكل ناخب محتمل في الدولة – معلومات غير قيمة في عملية ترسيم الحدود.
أما العائق الكبير عند إستخدام بيانات
تسجيل الناخب فهو أن الكثير من البيانات الديمغرافية والسوسيولوجية تكون مفقودة من
قاعدة بيانات تسجيل الناخب. ومشكلة أخرى هي أن تجميع هذه البيانات تكتمل في مرحلة متأخرة
على حسب رزنامة الإنتخابات، لذا يشكل القيام بترسيم الحدود على أساس هذه البيانات تحدياً
كبير. حتى لو كان ترسيم الحدود سوف يتم قبل الإنتهاء من عملية التسجيل، ومع ذلك يمكن
إستخدام الأصوات من تسجيل الناخبين لتعديل توزيع المقاعد إن لزم الأمر.
تشكيل الدوائر الإنتخابية بعدما يتم تجهيز قاعدة البيانات، تكون الخطوة التالية في
عملية الترسيم تشكيل الدوائر الإنتخابية. تتكون هذه العملية بالعادة من مرحلة أو مرحلتين:
توزيع، أو تخصيص، المقاعد البرلمانية على الكيانات الإقليمية مثل المقاطعات (تسمى هذه
العملية ايضاً بـ"إعادة التوزيع" في العديد من الدول)؛ وترسيم حدود الدوائر
الإنتخابية ضمن هذه الدول.
وعادة تكون مرحلة التخصيص لعملية الترسيم
ميكانيكية نسبياً [12]، بتعيين عدد المقاعد على كل إقليم فرعي وبالعادة يعتمد ذلك
التعداد السكاني النسبي لتلك الإقليم الفرعي. وفي الدول التي لا تقوم بترسيم الدوائر
ذات العضو الواحد او الدوائر الصغيرة المتعددة الأعضاء، يمكن للتخصيص أن تكون الخطوة
الوحيدة لمساواة التعداد السكاني عبر الدوائر الإنتخابية.
وفي الدول التي تقوم بترسيم الدوائر
الصغيرة، الخطوة الثانية في العملية هي إنشاء دوائر إنتخابية جديدة ضمن الأقاليم الفرعية
نفسها. (في الدول التي لا تقوم بتوزيع المقاعد إقليمياً، تكون هذه المرحلة الوحيدة
في عملية الترسيم). وفي هذه الخطوة يقوم القائمون على الترسيم بإنشاء خطة إعادة تقسيم
الدوائر بتعيين الوحدات الجغرافية مثل المدن والبلدات والقرى (أو بنايات مدنية) على
الدوائر. وتنتهي خطة إعادة تقسيم الدوائر عندما يتم تعيين جميع الوحدات الجغرافية ضمن
الإقليم على الدائرة وجميع الدوائر ضمن الخطة تتقابل مع المعايير المحددة مسبقاً لإعادة
تقسيم الدائرة.
تقييم خطة إعادة تقسيم الدائرة عند إنتهاء سلطات الحدود وبنجاح من خطة إعادة تقسيم الدوائر
بتعيين جميع الوحدات الجغرافية في الإقليم على الدوائر الإنتخابية ، يجب إنشاء معلومات
مختصرة للخطة. وتستخدم هذه المعلومات لتقييم الخطة. ويجب أن يتضمن الوصف الموجز لخطة
إعادة تقسيم الدائرة معلومات مثل وصف للخطة بتدوين العناصر الجغرافية لكل دائرة، والخارطة
(الخرائط) التابعة للخطة والتي تشير إلى حدود الدوائر، وتقرير يلخص المعلومات الإحصائية
الأكثر إعتماداً لكل دائرة ضمن هذه الخطة.
ويجب أن يسمح المعلومات مختصرة لكل من
سلطة الحدود ، والأحزاب السياسية ، والمشرعين والمسؤولين الحكوميون ، والمواطنين ،
وأصحاب شأن آخرين على تقييم خطة إعادة تقسيم الدائرة حسب المعايير التي تمّ إنشاؤها.
ويمكن عقد جلسات إستماع للحصول على ملاحظات أصحاب الشأن. فعلى سبيل المثال، لو قامت
معايير إعادة تقسيم الدائرة التي تم تبنيها بتحديد أن الدوائر ستكون متساوية قدر الإمكان
بالتعداد السكاني، فيجب على المعلومات أن تكون متوفرة حول التعداد السكاني لكل دائرة
ودرجة إنحراف التعداد السكاني عن الكوتا الإنتخابية. ويسمح إنشاء الخرائط الأحزاب المهتمة
على تحديد ما إذا تم إتخاذ المجتمعات ذات المصلحة بعين الإعتبار عند إصدار حدود الدوائر.
وبعد تقييم الخطة المقترحة لإعادة تقسيم
الدوائر، إضافة إلى الحصول على الملاحظات حول هذه الخطة، يجب أن تسعى السلطة المسؤولة
عن الترسيم لأخذ بعين الإعتبار هذه الملاحظات، وتعديل خطة إعادة تقسيم الدوائر بالتناسب
معها. وتكون المرحلة الأخيرة من العملية تبني خطة إعادة تقسيم الدوائر الجديدة؛ يجب
الوصف بوضوح تام الأحكام حول كيفية إنجاز الخطة في القانون الإنتخابي. ففي الواقع،
يجب كتابة العملية كلها (من يجب أن يقوم بترسيم الدوائر، وما هي المعايير التي يجب
إتباعها، إلخ.) بوضوح قدر الإمكان مسبقاُ في قانون الإنتخابات من أجل إرشاد السلطات
المسؤولة عن هذه العملية.
المشكلة في ترسيم مجموعة من الدوائر
الفريدة يشكل ترسيم الدوائر في جمهورية الكونغو الديمقراطية
وبالأخص لغايات إنتخاب الممثلين بالبرلمان مهمة هائلة فيما يتعلق الوقت المستغرق والموارد
الطلوبة. في الواقع، ومن غير المحتمل أن تكون مجدية من الناحية التقنية، بقلة البيانات
وعوائق الوقت الحالية، لترسيم مجموعة دوائر فريدة للإنتخابات البرلمانية للعام 2005. إضافة إلى ذلك، يمكن لترسيم حدود الدوائر
الإنتخابية الفريدة – بالأخص الدوائر ذات العضو الواحد – أن تثبت وبجدارة كونها كابوس
سياسي فلذلك لا ينصح بإتباعه في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
خاتمة
تم فقط مناقشة نظام الإنتخابات بالتمثيل
النسبي بأنه الخيار الممكن للإنتخابات الإنتقالية القادمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وهذا لأن ذلك شرطاً أساسياً لتوطيد الديمقراطية في دول عميقة الإنقسام وبعد صراع، مثل
جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تدرج الكثير من المجموعات الهامة قدر الإمكان، بالتناسب
قدر الإمكان، في البرلمان. ويمكن أن يؤدي نظام الفائز يأخذ كل شيء والذي يمثل أحد الأحزاب
السياسية إلى سلبية للآخرين ويقود إلى خلاف أكثر.
بغض النظر
عن أي شكل من أشكال التمثيل النسبي الذي تم تبنيه – نظام قائمة التمثيل النسبي الإقليمي
أو نظام نسبة الأعضاء المختلطة – ربما يتطلب ترسيم لبعض الدوائر. وبالنظر إلى الحالة
الحالية لبيانات التعداد السكاني في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يكون من الحكمة الحصول
على وتحديث توقعات الإحصائيات والخرائط التابعة للوحدات الإدارية القائمة (على الأقل
على المستوى الإقليمي) وإستخدام احد هذه المجموعات التابعة للوحدات الإدارية كدوائر
للإنتخابات البرلمانية عام 2005.