HTML clipboard
مناطق الاقتراع هي وحدات إدارية تستخدم لأغراض تنظيم وتنفيذ الانتخابات فقط. وهي
عبارة عن مساحات جغرافية محددة ومتجاورة أو متتالية حيث يتم تخصيص كافة الناخبين
المقيمين ضمنها لمركز أو محطة اقتراع واحدة. وتعرف هذه المناطق بتسميات مختلفة حول
العالم، ففي بلدان الكومنويلث مثلاً تعرف بمنطقة الاقتراع، أو مركز الاقتراع، كما
ويطلق عليها تسميات أخرى مثل محطة الاقتراع، قلم الاقتراع، إلخ.
مناطق الاقتراع ضرورية جداً لتنفيذ الانتخابات من الناحية العملية والفنية. حيث
يجب تقسيم منطقة جغرافية ما إلى أجزاء أو مناطق اقتراع يمكن للناخبين فيها الانتقال
والتوجه إلى مقر الاقتراع للإدلاء بأصواتهم بأكبر قدر ممكن من السهولة واليسر. كما
وأن توزيع الناخبين على مراكز أو مناطق الاقتراع يمكن الإدارة الانتخابية من متابعة
من يقومون بممارسة حقهم في الاقتراع والتحقق من أعدادهم، وهو ما يحول دون إمكانية
قيام أي من الناخبين بالإدلاء بأكثر من صوت واحد في الانتخابات.
بغض النظر عن النظام الانتخابي القائم، تقوم معظم البلدان بتحديد وتوزيع مناطق
الاقتراع فيها بغرض إدارة العملية الانتخابية. ولكونها تستخدم لأغراض إدارة العملية
الانتخابية فقط، فهي عادةً ما تمتلك تأثيراً أقل على نتائج الانتخابات من تأثير
الدوائر الانتخابية، حيث يحدد النظام الانتخابي مدى تأثير عملية ترسيم تلك الدوائر
على نتائج الانتخابات. وعليه فإن مناطق الاقتراع تستخدم فقط لغرض تنظيم عملية
التصويت، وليس لترجمة الأصوات إلى مقاعد منتخبة في الهيئة التشريعية أو البرلمان.
ولكونها تستخدم لأغراض إدارة العملية الانتخابية فقط، فهي عادةً ما تكون أقل
إثارة للخلافات، مما يحدو بالكثيرين إلى تركها للإدارة الانتخابية لتنفيذها حسبما
ترتأيه. إلا أن قوانين الانتخابات ولوائحها قد تحدد بعض المعايير المتعلقة بكيفية
تحديد مناطق الاقتراع.
سلطة تحديد مناطق الاقتراع
عادة ما يقوم موظفو الانتخابات المحليون بهذه العملية، إلا أن إدارة الانتخابات
المركزية قد تقوم بذلك أيضاً. فعلى سبيل المثال، تضطلع لجنة الانتخابات في غانا
بمسؤولية ترسيم كافة الحدود السياسية، بما فيها الدوائر الانتخابية ومناطق
الاقتراع.
تستخدم بعض البلدان مناطق الاقتراع نفسها لتنظيم كافة الانتخابات فيها. أما
بعضها الآخر فيعتمد مناطق اقتراع مختلفة لكل عملية انتخابية. ففي الولايات المتحدة
الأمريكية على سبيل المثال، يقوم موظفو الانتخابات على مستوى الكانتون بتحديد مناطق
الاقتراع ضمن مناطقهم لكافة الانتخابات، بما فيها الانتخابات الفدرالية، والولائية
والمحلية. أما في كندا فتقوم وكالة فيدرالية، وهي الإدارة الوطنية للانتخابات،
بتحديد مناطق الاقتراع الخاصة بالانتخابات الفدرالية، بينما تقوم إدارة الانتخابات
على مستوى المحافظات بتحديد مناطق الاقتراع لانتخابات المحافظة والانتخابات
المحلية.
معايير تحديد مناطق الاقتراع
عادةً ما تأخذ الإدارة الانتخابية بالمعايير التالية عند قيامها بتحديد مناطق
الاقتراع، حتى في حال عدم تطرق القانون لأي منها:
- حجم السكان
- الحدود الإدارية وحدود الدوائر الانتخابية القائمة
- اعتبارات تتعلق براحة وسهولة وصول الناخبين إلى مراكز الاقتراع
على الرغم من اختلاف مناطق الاقتراع عن بعضها البعض من حيث عدد السكان، إلا أن
هناك حد أدنى وحد أقصى لعدد الناخبين الذين يمكن توفير الخدمات الانتخابية لهم
واستيعابهم في موقع اقتراع واحد. حيث قد لا يجوز إقامة مركز اقتراع لعدد قليل جداً
من الناخبين. في المقابل، فإن تخصيص موقع اقتراع واحد لعدد هائل من الناخبين يؤدي
إلى تشكيل طوابير طويلة من الناخبين المحبطين والمنتظرين لدورهم في ممارسة حقهم
بالاقتراع. أما العدد المثالي في حديه الأدنى والأعلى فيختلف استناداً إلى الظروف
المحلية لكل حالة والموارد والوسائل التكنولوجية المتوفرة.
يجب أن تؤخذ الحدود الإدارية وحدود الدوائر الانتخابية بعين الاعتبار لدى تحديد
مناطق الاقتراع، حيث أن تلك الحدود هي التي تحدد من يحق لهم الاقتراع لمرشحين
معينين أو مناصب محددة في أية انتخابات. وفيما تقاطعت حدود مناطق الاقتراع مع
الحدود الإدارية وحدود الدوائر الانتخابية وتجاوزتها، فإن ذلك سيزيد إدارة العملية
الانتخابية تعقيداً، حيث تختلف أوراق الاقتراع ومضمونها من موقع لآخر أو من دائرة
انتخابية لأخرى. أما العمل على توفير وتوزيع أوراق اقتراع مختلفة ضمن موقع اقتراع (محطة
اقتراع) واحد فهو أمر معقد ومكلف.
ومن العناصر الهامة التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تحديد مناطق الاقتراع ما
يتعلق بسهولة ويسر ولوج الناخبين لموقع الاقتراع. لذا يجب تحديد منطقة الاقتراع حول
موقع مركزي يقام فيه مركز الاقتراع، يسهل على كافة الناخبين الوصول إليه ودخوله.
ومن العناصر التي يجب الأخذ بها في هذا الخصوص الوقت الذي يستغرقه الناخب للوصول
إلى موقع الاقتراع وتوافر وسائل النقل العام. فعلى سبيل المثال تحدد بعض البلدان
المسافة القصوى التي يمكن أن يطلب من الناخبين اجتيازها للوصول إلى مركز الاقتراع
للإدلاء بأصواتهم.
الحاجة لإعادة تحديد مناطق الاقتراع دورياً
قد تبرز الحاجة لإعادة تحديد مناطق الاقتراع نظراً للتغيرات الحاصلة في أعداد
السكان أو في الحدود الإدارية وحدود الدوائر الانتخابية. فقد نحتاج إلى إعادة تحديد
منطقة الاقتراع في حال ازداد عدد سكان تلك المنطقة بشكل كبير يجعل من الصعب
استيعابهم في موقع اقتراع واحد، أو في حال تناقص عدد السكان مما يجعل الإبقاء على
موقع الاقتراع مكلفاً للغاية مقابل العدد الضئيل من الناخبين التابعين له. كما
وأننا قد نحتاج إلى إعادة تحديد مناطق الاقتراع بعد الانتهاء من عملية إعادة ترسيم
للدوائر الانتخابية، لمواءمتها مع حدود الدوائر الجديدة، إذ أن عدم القيام بذلك قد
يؤدي إلى امتداد منطقة اقتراع ما داخل حدود أكثر من دائرة انتخابية واحدة، الأمر
الذي يجعل إدارة الانتخابات فيها أمراً صعباً ومعقداً.
تقوم الكثير من البلدان بإعادة تحديد مناطق الاقتراع فيها بشكل اعتيادي، عقب كل
عملية إعادة لترسيم الدوائر الانتخابية أو لتسجيل الناخبين مثلاً. بينما تقوم بلدان
أخرى بهذه العملية بشكل غير منتظم، وعند الحاجة، كأن تعيد تحديد مناطق الاقتراع بعد
ملاحظة زيادة كبيرة أو نقصان حاد في عدد السكان المقيمين ضمن موقع ما.
المهام المتعلقة بعملية تحديد مناطق الاقتراع
أهم المعلومات أو المعطيات الضرورية لتحديد مناطق الاقتراع هي:
- بيانات السكان
- الخرائط المحلية التفصيلية
عادةً ما تتمثل البيانات السكانية المستخدمة لتحديد مناطق الاقتراع ببيانات سجل
الناخبين. حيث تحتاج العملية إلى تعداد دقيق وموثوق للناخبين المؤهلين ضمن منطقة
جغرافية ما، بالإضافة إلى بيانات تتعلق بعنوان إقامة كل ناخب. بالإضافة إلى ذلك،
تحتاج العملية إلى خرائط دقيقة، تفصيلية ومعدلة، حيث يجب أن تحدد تلك الخرائط،
وبوضوح، كافة المعطيات المحلية بالإضافة إلى الإشارة إلى الحدود الإدارية وحدود
الدوائر الانتخابية القائمة.
تتمثل الخطوة الأولى في عملية تحديد مناطق الاقتراع في الحصول على الخرائط
وتحديد الحدود الإدارية وحدود الدوائر الانتخابية عليها. بعد ذلك يجب الحصول على
قائمة بالناخبين المسجلين في كل تجمع سكاني، تشتمل على عناوين الإقامة إذا أمكن.
بعدها يتم عد الناخبين المقيمين في كل تجمع أو موقع أو حي، ويتم توثيق ذلك على
الخارطة. بعد الانتهاء من ذلك يمكن لموظفي الانتخابات البدء بتحديد حدود مناطق
الاقتراع أو تعديلها، وإعادة التحقق من مجموع الناخبين بعد الانتهاء من تحديد كل
منطقة اقتراع. وتتطلب عملية تحديد مناطق اقتراع جديدة إلى بعض التجربة والخبرة
ليتمكن المعنيون من تحديد موقع حدود تلك المنطقة بهدف الالتزام بالمعايير الهامة
مثل حجم السكان والمسافة من وإلى موقع الاقتراع. وتشابه هذه العملية عملية ترسيم
الدوائر الانتخابية، عدا عن أنها تتعلق عادةً بمناطق جغرافية أصغر.
خاتمة
مناطق الاقتراع ضرورية لتنظيم وتنفيذ الانتخابات بمهنية وفاعلية. وعلى الرغم من
كونها قلما تثير الكثير من الخلافات، إلا أنها مسألة على درجة من الأهمية فيما
يتعلق بإدارة الانتخابات.