في
الديمقراطيات الناشئة، يعتبر تمويل ميزانية انتخابية من جانب المجتمع الدولي، كليا
أو جزئيا، عنصرا هاما للمساعدة في نشر الديمقراطية. ويختلف حجم الدعم من تمويل
كامل من الناحية العملية لإجراء انتخابات في ظروف ما بعد الصراع إلى مزيد من الدعم
المحدود لمرحلة معينة من سير العملية الانتخابية، في مجالات تسجيل الناخبين
والتربية المدنية، وتوفير بعض المواد، مثل بطاقات الاقتراع والحبر الذي لا يمحى.
وفيما يلي أمثلة توضيحية من عدد من الدول.
في أفغانستان،
كما حدث في كوسوفو منذ عام 2000 ، تم تمويل الانتخابات في عام 2004 بصورة كاملة من
قبل الجهات المانحة الأجنبية، مع تكلفة إجمالية للناخب الواحد المسجل بلغت أكثر من
20 دولار. وكان هناك خصوصية إضافية للإدارة المالية للانتخابات. ورغم أن الهيئة الإدارية
للانتخابات كانت تتحمل المسؤولية إلا أنها لم تكن تملك سلطة كاملة على الشؤون
المالية، التي تقع على عاتق سلطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومشروع تسجيل
الناخبين والانتخابات التابع لها. ووفقا لتقدير متحفظ من قبل الوحدة المسؤولة عن
ميزانية الانتخابات، تم إنفاق أكثر من 190 مليون دولار للحصول على 8128940 بطاقة،
مما أدى إلى تكلفة قدرها 23 دولار للصوت. ولا يشمل هذا الرقم كل التكاليف المتصلة
بالعمليات الأمنية التي قام بها 18،000
جندي من القوات الأمريكية و8،000 جندي من
القوة المساعدة الأمنية الدولية. وارتبطت التكاليف الأخرى غير المدرجة بأنشطة
التربية المدنية الواسعة، وتقديم المساعدة اللوجستية من قبل المنظمات الدولية غير
الحكومية، وتم تمويلها من قبل الدول المانحة بصورة فردية؛ وقد بلغ المبلغ الإجمالي
لهذه المساعدة إلى ما يزيد على 30 مليون دولار. وقد تم تمويل أكثر من 2000 مراقب
محلي للانتخابات بشكل منفصل من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية. وتم تمويل فرق
الدعم الخاصة بالانتخابات من الاتحاد الأوروبي (2 مليون دولار)، ومنظمة الأمن والتعاون
في أوروبا، بصورة منفصلة.
وبلغت
التكلفة الإجمالية المقدرة لعملية الاقتراع المباشر داخل البلاد ب 55 مليون دولار.
إضافة إلى ذلك، أنفقت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ما يقرب من 21
مليون دولار، وتم تقديم تكاليف أمنية أخرى كدعم لوزارة الداخلية بمقدار 10 مليون
دولار. وقد تم صرف المبالغ الأخيرة في
المقام الأول والأخير على المرتبات والمركبات الجديدة المزودة بوسائل الاتصال،
وغيرها من المعدات (باستثناء الأسلحة والذخائر) اللازمة للشرطة الوطنية من أجل أداء
واجباتها. ولم يدرج في هذه المجاميع عقد
بمبلغ 23 مليون دولار لشركة "استراتيجيات المخاطر العالمية" من أجل
إرسال 96 موظفا دوليا لإجراء التنسيق الأمني، وتنفيذ التخطيط اللوجستي للإدارة
الانتخابية في الميدان. وأصبحت شركة
استراتيجيات المخاطر العالمية في الواقع هي الهيئة الميدانية لإدارة الانتخابات
إلى حد كبير.
وكان هناك
أيضا مسألة تمويل عمليات التصويت الخارجية للمواطنين الأفغان الذين يعيشون في أماكن
أخرى، ولا سيّما مجموعات اللاجئين في إيران وباكستان المجاورتين. وكانت الحاجة إلى
الموارد كبيرة من أجل إجراء عملية التسجيل وإدارة الانتخابات في أقل من 80 يوما في
هذين البلدين لأكثر من مليون ناخب محتمل. وقد أجريت عملية التسجيل في باكستان بصورة
شخصية قبل يوم الانتخابات (وهذا لم يكن ممكنا في إيران). وفي يوم الانتخابات،
وعرضت كل من باكستان وإيران التصويت الشخصي في عدد محدود من مراكز الاقتراع، وبصورة
خاصة في المواقع ذات الأعداد الكبيرة من السكان اللاجئين الأفغان. ووصلت التكلفة،
باستثناء الموارد التي أنفقت من قبل الدول المضيفة (الترتيبات الأمنية على وجه
الخصوص) إلى ما يقرب من 30 مليون دولار. وكانت
نتيجة هذه العملية مشاركة 818189 ناخب بالتصويت.
وليس من
المستغرب أن تكون الترتيبات الخاصة بانتخابات عام 2004 في أفغانستان معقدة جدا،
وأثبتت أنها مكلفة للغاية. فلقد واجهت السلطة الانتخابية المكلفة بتنظيم
الانتخابات الرئاسية لعام 2004، جمهورا من الناخبين لم يشهد محاولة لإجراء
انتخابات ديمقراطية خلال أربعة عقود. وبدلا من ذلك، شهدت البلاد أكثر من 25 عاما
من العنف الذي هيمن على المشهد السياسي، وقام بتشكيله في البلاد. ولذلك كان ثمة
حاجة إلى مبلغ كبير من المال لإعادة البنية التحتية للسلطات الانتخابات، فضلا عن
الحاجة إلى برامج التربية المدنية وتوعية وإعلام الناخبين، لشرح العملية الانتخابية
الديمقراطية وفهمها. وشارك في الإدارة الانتخابية مجموعة كبيرة من الأجانب من أجل تعليم
الأفغان كيفية إجراء الانتخابات عن طريق التدريب في الموقع، مما أثر على تكلفة
الانتخابات. كما لعبت المخاوف الأمنية أيضا دورا هاما. إن إعداد وتنظيم الانتخابات
يكون أكثر تكلفة في مرحلة ما بعد الصراع ، وكذلك الأمر بالنسبة للبنية التحتية
المادية في البلاد التي تم تدميرها، وقطاعات كبيرة من السكان الذين تم ترحيلهم داخليا
أو أصبحوا جزأ من الشتات. كما أن القرار الذي اتخذ في وقت متأخر للسماح للاجئين
الأفغان المؤهلين في باكستان وإيران للمشاركة في الانتخابات قد زاد من التكاليف.
وفي هايتي،
من المرجح أن يتم تمويل ثلاث مناسبات انتخابية في تشرين الثاني عام 2005 بشكل كامل
تقريبا دوليا. كما هو الحال في أفغانستان والعراق. وتوضح ميزانية الانتخابات في
هايتي عملية الإعداد لانتخابات استثنائية في مجتمعات ما بعد الصراع. هناك أولا التكلفة
الإجمالية بالنسبة لكل ناخب والتي ستكون في حدود 10.5 دولار تقريبا لكل ناخب مسجل، ولا يشمل ذلك تمويل
الأحزاب السياسية وبعثات المراقبين الدوليين والمحليين. وتكلف عملية تسجيل
الناخبين وحدها نحو 2.10 دولار لكل ناخب مسجل. وبالنسبة لحالات ما بعد الصراع، فإن
البنية التحتية وتكاليف المعدات التقنية (النقل، أجور المكاتب، والاتصالات
والمرافق والحواسيب) تتطلب ما يقرب من 2.30 دولار لكل ناخب مسجل. وتجدر الإشارة
إلى أن التكلفة الانتخابية لكل ناخب مسجل في عام 2005 ستكون أعلى مما كانت عليه
قبل عشر سنوات في عام 1995، عندما بلغت 4 دولارات (لوبيز بينتور، 2000، ص 74).
وتبلغ مجموع
الاحتياجات من الموارد للفترة الواقعة ما بين تشرين أول 2004 وكانون أول 2005 مبلغا
مقداره 48893180 دولار، والتي يتوقع أن تغطي الموظفين والتكاليف التشغيلية
للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسة. وستقوم الحكومة الهايتية بتمويل تكلفة
موظفي الانتخابات في 82 مقرا، والمساهمة أيضا بملغ 2.9 مليون دولار في ميزانية
الانتخابات الاستثنائية، التي التزم بها المانحون الدوليون الرئيسون الثلاثة (كندا
والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة) بمبلغ 41 مليون دولار. وقد تم ربط الموارد
المالية الدولية ببنود تشغيلية لها علاقة بأهداف
لها نتائج كمية من خلال إطار قائم على النتائج وضعته اللجنة الانتخابية. وسوف يخصص
قسم من المبلغ الذي التزم به المانحون وهو 41 مليون دولار، ويدار من قبل برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي، لتسجيل الناخبين (مقداره 9 ملايين دولار) بإدارة منظمة
الدول الأمريكية. وتعهد المجتمع الدولي بتمويل إضافي لخدمات الأمن والتربية
المدنية وبرامج مراقبة الانتخابات، بما في ذلك أنشطة الأحزاب السياسية. وتعهدت الدول
والمنظمات الإقليمية التالية أن تنظر في فرص تقديم المساعدة التقنية قبل انتخابات
عام 2005 في هايتي، وهذه الدول هي: البرازيل والتشيلي وكولومبيا وفرنسا واليابان
والمكسيك واسبانيا وفنزويلا، والجماعة الكاريبية، ومنظمة الدول الناطقة باللغة الفرنسية
(المنظمة الدولية للفرانكوفونية). كما تستعد بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار
في هايتي، لإنشاء إدارة لصندوق مالي يهدف إلى تعبئة موارد إضافية من أجل
الانتخابات حسبما يتطلب الأمر. وإن المساهمة الكبيرة من جانب المجتمع الدولي هي
الأمل الوحيد للحفاظ على العملية الانتخابية برمتها، ذلك أن المساهمة الوطنية تصل
إلى أقل من 10 في المئة من مجموع الميزانية.
وقد انخفضت المساعدة
المالية الدولية لكمبوديا باستمرار في كل الانتخابات منذ عام 1993. وبلغت المساعدة
الدولية لتمويل الانتخابات في عام 1998 نحو 80 في المئة من الكلفة الإجمالية
للانتخابات، ولكن هذه النسبة انخفضت إلى نحو 60 في المئة في انتخابات عام 2002
البلدية، وإلى أقل من 50 في المئة في انتخابات عام 2003 الوطنية. وبلغت التكلفة
التقديرية للناخب المسجل 45،50 دولار في عام 1993 ، ولكنها انخفضت بشدة إلى 4.40
دولار في عام 1998، واستمرت في الانخفاض إلى 2.30 دولار في عام 2002 و 1.70 دولار
في عام 2003.
ولقد تم
تمويل الميزانية في الانتخابات الوطنية لعام 2003 بمقدار 24344723000 ريال (5.68
مليون دولار) من إدارة صندوق الانتخابات في وزارة الخزانة الوطنية وبمقدار 24931681000
ريال من المجتمع الدولي. وقدمت سبعة مليارات ريال إلى لجنة الانتخابات الوطنية من
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقدمت ستة مليارات ريال من قبل دولة مانحة واحدة إلى
لجنة الانتخابات الوطنية من خلال وزارة المالية، وقدم مبلغ 536 مليون ريال فقط من
المانحين مباشرة إلى لجنة الانتخابات الوطنية. وقد استعملت أموال الجهات المانحة،
في معظمها، لتكاليف في الميزانية لا علاقة لها بالرواتب أو حالات الطوارئ. وقام برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي بتوقيع اتفاقيات التمويل مع 12 دولة مانحة، لتنسيق التمويل
المخصص لتغطية جميع مراحل العملية المختلفة، بالاتفاق مع كل بلد. واستخدمت أموال الحكومة
الكمبودية على وجه الحصر تقريبا لدفع الرواتب. وقامت لجنة الانتخابات الوطنية باعتماد
أكثر من 1000 شخص من المراقبين الدوليين، من بينهم بعثتان من بعثات المراقبة التي
تجريها مؤسسة آسيا (305 مراقب) والاتحاد الأوروبي (120 مراقبا). وكانت التكلفة
التقريبية 1.5 مليون دولار لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات و240000 دولار
لجهود مراقبة مؤسسة آسيا. وتقدم هذه التكاليف دليلا على أن التمويل الدولي لأنشطة
المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات، يأتي في بعض الأحيان بمبالغ ضخمة نسبيا. فقد
بلغ التمويل الخارجي في انتخابات عام 2003 في كمبوديا، ما يقرب مجموع الميزانية
الانتخابية برمتها للجنة الوطنية للانتخابات.
وفي
غواتيمالا، تم تمويل ميزانية الانتخابات بسخاء من المساعدات الدولية بمبلغ يصل إلى 9 ملايين دولار (وهذا لا يشمل
بعثات المراقبة الدولية). وقدمت المساعدة أساسا من كندا واليابان والنرويج والسويد
وسويسرا والولايات المتحدة. وتدفق مبلغ 3.5 مليون دولار من مبلغ ال 9 ملايين
دولار، من خلال منظمة الدول الأمريكية لتقديم المساعدة التقنية في إعداد قوائم الناخبين،
وقدم المبلغ الباقي 5.5 مليون دولار مباشرة إلى وكالة الانتخابات الوطنية. وكان
توزيع هذه المساعدات حسب البنود بصورة تقريبية على النحو التالي: تسجيل الناخبين
2.5 مليون دولار، وتوعية وإعلام الناخبين 2.5 مليون دولار، وشراء المعدات 2 مليون
دولار، وتدريب العاملين في مراكز الاقتراع 2 مليون دولار. وقدمت مساعدات خارجية إلى
حد أقل لمنظمات المجتمع المدني التي تراقب الانتخابات. وبلغت جميع النفقات الانتخابية
نحو 23 مليون دولار، أي ما يعادل 4.6 دولار لكل ناخب مسجل في سجل الناخبين. وكان
هناك أيضا عدد كبير من بعثات المراقبين
الدوليين، بما في ذلك مجموعة كبيرة من منظمة الدول الأمريكية والاتحاد الأوروبي،
مع متوسط تكلفة بلغ حوالي 1 مليون دولار لكل منهما.