فيما يلي بعض الاعتبارات النهائية
بشأن الجدوى الاقتصادية في الانتخابات:
1. في الظروف المحددة للديمقراطيات الناشئة، قد يكون من
المتوقع انخفاض كبير في التكلفة عندما يتحقق السلام وتنجح المصالحة بصورة جيدة. وستؤدي
جميع الخطوات من أجل الاستثمار في تحقيق السلم والأمن والمصالحة الوطنية- بنزع
السلاح والتسريح والاندماج في الحياة المدنية، والمصالحة بين الأعراق وتطوير
البنية الأساسية،- إلى انخفاض في تكاليف سلامة الانتخابات. وهناك تكاليف انتخابية أخرى
تظل ثابتة أو حتى قد تزيد (مثل الموظفين والتكنولوجيا)، ولكن سيتم انخفاض كبير في تكاليف
السلامة مع التقدم الديمقراطي. وإضافة إلى ذلك، فإن النقل والاتصالات والبنى
التحتية ذات أهمية قصوى في تحديد تكاليف السلامة كما هو الحال بالنسبة للأمن
القومي، وكذلك فأن بناء الدولة هو عامل هام في الجدوى الاقتصادية الانتخابية الأساسية. ولا شك يشكون
في أن الديمقراطية هي أقل كلفة بكثير من الصراع الأهلي، وإذا استقرت الديمقراطية وتواصلت
إدارة الدولة بالتطور بصورة جيدة، يفترض انخفاض تكاليف الانتخابات بصورة تدريجية. ولا
توجد أسباب تدفع إلى الاعتقاد بأن عمليات ضخمة مثل تسجيل الناخبين والتصويت لا
تخضع لنفس التحديات والتوقعات التي تواجهها مشاريع أخرى من قبل إدارات الدولة
الحديثة (مثل جباية الضرائب، والخدمات التعليمية والخدمات البريدية والاتصالات).
2. تشير البحوث السابقة والحالية إلى أن فترة الممارسة
الانتخابية هي في حد ذاتها آلية لخفض التكاليف، وربما كانت أهمها مرحلة ترسيخ
الديمقراطية. وإن نظرة طويلة الأمد هي صعبة بطبيعتها عند تقييم تكاليف الانتخابات
في الديمقراطيات الجديدة، وتدعم نتائج البحوث دعما قويا القول بأن الجهود الرامية
إلى بناء القدرات في الإدارات الانتخابية، ربما تكون فعالة من حيث التكلفة على
المدى الطويل. وتدعم هذه النتائج أيضا إقامة وتعزيز إدارة انتخابية دائمة كمورد لممارسة
القدرات الإدارية- في كل من النظم السياسية والإدارية- وهي ممارسة فعالة من حيث
التكلفة. وكانت كمبوديا من بين الدول التي أظهرت انخفاضا كبيرا في الميزانية
الانتخابية، فقد كانت الانتخابات الأولى خلال عملية حفظ السلام في عام 1993 بتكلفة
حوالي 46 دولارا لكل ناخب مسجل، وانخفضت التكاليف لكل ناخب في وقت لاحق إلى 5
دولارات في عام 1998 و 2 دولار في عام 2003.
3. تميل التكاليف الانتخابية في الديمقراطيات الراسخة إلى
الزيادة بسبب نفقات الموظفين، والاستثمار في مجال التكنولوجيا المتقدمة والصيانة،
وبذل جهود خاصة لتوفير فرصة الاقتراع لبعض السكان (مثل المسنين والمواطنين في
الخارج). وإن التصويت عبر البريد داخل البلاد وخارجها يزداد وهو مكلف نوعا ما.
4. وفيما يتعلق بتكلفة قوائم الناخبين، فإن الدرس الرئيس
المفيد من البحوث السابقة (ولا يزال)، هو أن السجلات الدائمة تعمل على تعزيز
الشفافية والفعالية من حيث التكلفة، وخاصة عندما يتم تحديثها دوريا بإدخال التصويبات
والإضافات والحذف دون إلزام الناخبين للتسجيل مرة أخرى. وقد تم تنفيذ الإصلاحات
الأخيرة في هذا الاتجاه في عدد من الديمقراطيات الجديدة، والديمقراطيات الراسخة
بما في ذلك بوتسوانا وكمبوديا وكندا وشيلي. وربما كان أهم معيار لخفض التكاليف يتمثل
في التسجيل المستمر للناخبين. ونظرا للتكاليف الضخمة التي ينطوي عليها القيام بعمليات
تسجيل الناخبين لأول مرة، فإن السجلات الدائمة التي يمكن تحديثها بشكل دوري، سوف
تثبت الفعالية من حيث التكلفة على المدى البعيد (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،
2000، ص 126، 128).
5. وفيما يتعلق باستخدام بطاقات الناخبين، فإن الدرس المفيد
هو أن السماح للمواطنين بالتصويت من خلال مجموعة متنوعة من وثائق التعريف، مثل
رخصة القيادة أو جواز سفر، بدلا من طلب بطاقة الناخب، يعد من الممارسات الجيدة. فاستخدام
بطاقة الناخب في حد ذاته لا يضيف شيئا إلى الديمقراطية، علاوة على ذلك، إن ارتفاع
تكلفة إنتاجها، إضافة إلى المهام التي ينطوي عليه توزيعها، قد يكون عامل ردع للناخبين
الذين يريدون الإدلاء بأصواتهم، وغير ذلك من التأخير أو عرقلة العملية الانتخابية.
كما أن استخدام البطاقات الانتخابية لا يمنع تكرار التصويت، والذي يمكن أن يتم بوسائل
أخرى تتراوح بين الحبر الذي لا يمحى إلى الأنظمة المحوسبة (برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي، 2000، ص126).
6. تشير بنود المصاريف التي يحدث فيها أكبر قدر من التخفيضات
أحيانا، إلى تخفيض عدد الموظفين (كندا)، وتوعية الناخبين (استراليا)، أو تسجيل
الناخبين بعد إقامة سجل دائم (كمبوديا، كندا). في المقابل، في دول أخرى مثل
اسبانيا، لا يمكن ملاحظة أي تخفيض كبير في التكاليف من انتخابات إلى أخرى. رغم
ملاحظة عدد من تدابير خفض التكاليف في المدى الطويل. وقد اكتسبت السلطات الاسبانية
الانتخابية خبرة خلال السنوات ال20 الماضية من خلال عدد من التدابير الفعالة من
حيث التكلفة.
7. يجب أن لا نعتبر الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة في
حد ذاته تدبيرا فعالا من حيث التكلفة، إلا إذا تعلق الأمر بمنتجات وعمليات تؤدي
إلى خفض التكاليف على المدى الطويل في العملية الانتخابية. وهذا هو الحال مع قوائم
الناخبين الدائمة مقابل التسجيل المؤقت قبل كل انتخابات. وفي الواقع، يمكن للسلطات
الانتخابية أن تتوقع بشكل معقول بعض التخفيض في التكاليف من خلال إدخال التكنولوجيا
الجديدة.
8. إن تمويل الأحزاب السياسية ونفقات الحملة الانتخابية تقع
إلى حد كبير في منطقة رمادية فيما يتعلق بالتكاليف الانتخابية. ويمكن توقع بعض
الفعالية من حيث التكلفة في هذه المجالات عن طريق ملء الفراغ القانوني السائد في
بلدان كثيرة جدا (بشأن قضايا مثل حدود الإنفاق، والالتزام بالإفصاح والكشف، فرض العقوبات
وتعزيز قوة السلطات العامة). وقد تتلقى الأحزاب السياسية دعما ماليا من المساعدات العامة
والدولية، والتي يسهل نسبيا تعقبها وأخذها بالاعتبار، إلا أنها قد تحصل أيضا على
أموال من أعضائها والجهات المانحة الخاصة وعائدات الاستثمار والقروض المصرفية،
والتي قد يكون من الصعب حسابها أو حتى تقديرها. وبناء على ذلك، فإن إصدار الأحكام
القانونية على الأرجح هو خطوة أولى نحو تحقيق الشفافية، وتخفض تكاليف نفقات الحملة
الانتخابية. وقد بذلت جهود حديثة في البحث في هذا المجال عن طريق برنامج الأمم
المتحدة الإنمائي، والمعهد الدولي للديمقراطية والانتخابات، والمعهد الانتخابي
الفيدرالي في المكسيك والمؤسسة الدولية لنظم الانتخابات.
9. يتم إعداد الميزانية الانتخابية في معظم الديمقراطيات
الراسخة وفي عدد متزايد من الديمقراطيات جديدة، من قبل السلطة الانتخابية، وتتم معالجتها
من خلال وزارة المالية للموافقة عليها في البرلمان. ولا تملك الوزارة سلطة، على
الأقل رسميا، للحد من أو تعديل الميزانية الانتخابية التي أعدتها السلطات
الانتخابية. ومع ذلك، يجوز للحكومة والمجلس التشريعي أن يمارس الضغط المستمر على
السلطات الانتخابية، جنبا إلى جنب مع غيرها من الهيئات الممولة من القطاع العام،
من أجل إعادة النظر باستمرار في أدائها التشغيلي واحتواء التكاليف. في الواقع، أن القلق
المستمر على الميزانية من قبل الحكومات والهيئات التشريعية، ينبغي النظر إليه في
حد ذاته كوسيلة لخفض التكاليف، وكأداة فعالة لإدارة جيدة، لأنها تشجع على التخطيط
الاستراتيجي والتشغيلي من قبل السلطة الانتخابية.