تتمثل إحدى النتائج الرئيسة
بشأن التكلفة الإجمالية الانتخابات، في نوع البيئة الديمقراطية وأهميتها (مثل
الديمقراطية المستقرة أو الانتقالية أو التي تتم في مرحلة ما بعد الصراع) ونوع
ومقدار النفقات الانتخابية. وإن نتائج البحوث السابقة تم التحقق منها في الدراسة
الحالية، ويمكن وصفها بناء على الفئتين المذكورتين أدناه:
التجربة السابقة لانتخابات متعددة الأحزاب
هناك عامل هام جدا في تفسير الفروق
الموجودة في التكلفة الانتخابية، وهو مقدار الخبرة السابقة في انتخابات متعددة
الأحزاب. وتوجد فروق كبيرة في التكاليف بين الانتخابات الروتينية في الديمقراطيات
المستقرة، والانتخابات في الديمقراطيات الانتقالية، والانتخابات خلال عمليات خاصة
لحفظ السلام. وتكون الانتخابات دائما في الدول التي تملك خبرة أطول في الانتخابات الديمقراطية
المتعددة الأحزاب، أقل تكلفة مما هي عليه في الدول التي تجري فيها هذه الانتخابات للمرة
الأولى. ويسود هذا الاتجاه في مختلف المناطق، ومختلف مستويات التنمية الاقتصادية، وحتى
عند توقف العملية الانتخابية نتيجة انقلابات عسكرية. وتميل تكاليف الانتخابات إلى
أن تكون بصورة أقل، بما يقرب من 1 إلى 3 دولارات للناخب في الدول التي لها تجربة
انتخابية طويلة: الولايات المتحدة ومعظم بلدان أوروبا الغربية؛ وتبلغ التكلفة في
التشيلي (1.2 دولار)، وكوستاريكا (1.8 دولار)، والبرازيل في أمريكا اللاتينية (2،3
دولار)؛ وبنين (1.6 دولار)، وبوتسوانا (2.7 دولار)، وغانا (0.7 دولار)، والسنغال
في أفريقيا (1.2 دولار)، والهند (1 دولار) وباكستان في آسيا (0.5 دولار)،
واستراليا (3.2 دولار).
وتميل التكاليف في معظم الدول التي
لديها تعددية حزبية وخبرة انتخابية أقل، إلى أن تكون أعلى من ذلك، حتى إذا أخذ في
الاعتبار أن الانتخابات تحدث في إطار عمليات حفظ السلام، حيث تكون التكلفة أعلى لكل
ناخب: في المكسيك (5.9 دولار) ، والسلفادور (4،1 دولار) وباراغواي في أمريكا
اللاتينية (3.7 دولار) ؛ وليسوتو (دولار 6.9)، وليبيريا (6،1دولار) وأوغندا (3.7 دولار)
في أفريقيا، وروسيا (7.5 دولار) في أوروبا الشرقية. وهكذا، فأن مدة الممارسة
الانتخابية في حد ذاتها تعتبر آلية لخفض التكاليف، وربما أكثر أهمية خلال مرحلة
ترسيخ الديمقراطية. ولما كانت رؤية طويلة الأمد صعبة بطبيعتها عند تقييم تكاليف
الانتخابات في الديمقراطيات الجديدة، فإن النتائج الواردة أعلاه، تمثل دعامة قوية للقول
بأن الجهود الرامية إلى بناء القدرات في الإدارات الانتخابية ربما تكون فعالة من
حيث التكلفة على المدى الطويل. وتدعم هذه النتائج أيضا، أن فكرة إقامة إدارة
انتخابية دائمة وتعزيزها يمثل مخزنا لتنمية القدرات الإدارية فيما يتعلق بممارسة
الانتخابات -في كل من النظم السياسية الإدارية – ممارسة فعالة من حيث التكلفة.
وكما يمكن توقعه، إن الانتخابات التي تجري
في إطار أوسع لعمليات حفظ السلام وأطولها أمدا هي التي تكو أكثر تكلفة للجميع. وهي
في نيكاراغوا في عام 1990 (11.8 دولار لكل ناخب)، وأنغولا في عام 1992 (22 دولار)،
وكمبوديا في عام 1993 (45،5 دولار) ، وموزامبيق في عام 1994 (10.2 دولار) الأراضي الفلسطينية في عام 1996 (9 دولار)،
والبوسنة والهرسك بموجب اتفاقات دايتون (8 دولار). وتمثل هذه
جميعها حالات واضحة. هذا لا يعني أنه لا يمكن إتباع مناهج فعالة من حيث التكلفة في
العمليات الخاصة، لكنها ستعمل على نطاق أضيق بكثير مما تكون عليه في سياسة انتخابية
انتقالية بسيطة، أو في انتخابات دورية روتينية. وفي حالة كمبوديا، التي قامت فيها الجهات
المانحة بدعم الانتخابات في كل من الدورتين، فإنه من الصعب إثبات أن الانتخابات في
عام 1993 المرتفعة التكاليف ( 45 دولار لكل ناخب) أفضل تنظيما أو أكثر إيجابية من
الناحية السياسية مما كان عليه الحال في عام 1998، والتي كانت التكاليف فيها أقرب
إلى مستوى التكاليف في الدول التي تتمتع بسياسة ديمقراطية (5 دولار). إلى حد ما،
وهي أقل بشكل كبير. وفي كل من نيكاراغوا والسلفادور تبين أيضا أن الانتخابات في
المرة الثانية بعد عمليات حفظ السلام، يمكن أن تدار بثمن أقل بشكل ملحوظ: انخفضت
التكاليف من 11.8 دولار في عام 1990 إلى 7.5 دولار في عام 1996 في نيكاراغوا ، ومن
4،1 دولار في عام 1994 إلى 3،1 دولار في عام 1997 في السلفادور. وبالتالي ينبغي
النظر إلى الانتخابات التي تجري كجزء من عملية صنع السلام خاصة بشكل منفصل، لكل من
أغراض التحليل والسياسة الإستراتيجية. (لوبيز بنتور،2000، 76-77).
ووفقا للأبحاث التي أجريت من قبل مشروع
تكلفة التسجيل والانتخاب، فإن تكاليف الانتخابات في أفغانستان بلغت أكثر من 20 دولار
للناخب (2004) ، و5 دولار في غواتيمالا (2004)، و2 دولار في كمبوديا (2003)، و4 دولار
في اسبانيا (2004) ، و2 دولار في السويد (2004 ). وإن التكلفة المتوقعة لكل ناخب في
انتخابات عام 2005 في هايتي هي 11 دولار. وإن التكاليف في غواتيمالا وكمبوديا هي
مماثلة لتلك الموجودة في اسبانيا والسويد على التوالي، ولكن ينبغي النظر في أوجه
التشابه هذه في ضوء حقيقة أن البلدين السابقين هما من بين أفقر الدول في العالم من
حيث نصيب الفرد من الدخل، في حين أن الدولتين الأخيرتين تعد من بين أغنى الدول.
وهكذا فإن الانتخابات في كمبوديا وغواتيمالا يمكن اعتبارها أكثر تكلفة إلى حد كبير.
وإن النتيجة الطبيعية لذلك أن يتم
تخفيض تكاليف سلامة الانتخابات من خلال بذل الجهود والاستثمارات لتحسين السلام
والأمن وإعادة البناء الوطني، مثل نزع السلاح والتسريح والاندماج في الحياة
المدنية، والمصالحة بين المجموعات العرقية، وتطوير البنية التحتية. وهناك تكاليف
انتخابية أخرى تظل ثابتة أو قد تزيد (الوظائف الجديدة والتكنولوجيا المتقدمة مثلا)،
ولكن تكاليف سلامة الانتخابات ستنخفض بالتأكيد مع تطور الديمقراطية. وضمن نطاق
التكاليف الأساسية فإن التقدم في بناء
أجهزة الدولة يحتمل أن يؤدي إلى خفض تكاليف انتخابية معينة أو مشتركة في إطار
الميزانية العادية والأجهزة العامة الأخرى، والتي تختلف عن الإدارة الانتخابية
(السجلات المدنية والخدمات البريدية والشرطة مثلا). لأن الأمن القومي والنقل
والاتصالات والبنى التحتية ذات أهمية قصوى في تحديد تكاليف النزاهة، وكذلك بناء
الدولة فيما يتعلق بالتكاليف الانتخابية الأساسية.
تعزيز الديمقراطية
إن التكاليف الأساسية بصورة عامة، لا سيما في مجالات شؤون الموظفين
والتكنولوجيا المتقدمة، تميل إلى الزيادة وليس النقصان بصورة خاصة، وفقا لدرجة
توطيد الديمقراطية. وأحد الأسباب الرئيسة لهذا في الديمقراطيات الناشئة هو مجرد
إضفاء الطابع المؤسساتي على إدارة انتخابية دائمة ومهنية، والتي تكون في معظم الدول
منظمة بيروقراطية في شكل لجنة انتخابية مستقلة عن السلطة التنفيذية. ويعود السبب
الثاني لتعقيدات الأنظمة السياسية والحزبية في الدول ذات الطابع الفدرالي وذات الولايات
والأقاليم ، وتقوم جميعها بإجراء أنواع مختلفة من الانتخابات في ظل برامج منفصلة،
ولديها مطالب كثيرة ترتبط بحصول الناخبين على معلومات (استخدام لغات مختلفة مثلا)،
وعندما تكون الانتخابات بحاجة إلى مساعدة خاصة للناخبين (أي التصويت الخارجي،
والتصويت بالوكالة). والسبب الثالث هو تزايد استخدام التكنولوجيات الجديدة، والتي
قد تشمل حوسبة الأعمال المكتبية، وإنشاء قوائم الناخبين المحوسبة الدائمة وتحديثها،
والبث الإلكتروني السريع للنتائج في مساء يوم الانتخابات، وإدخال التصويت الالكتروني.
وكل هذه الأنشطة باهظة التكاليف.
وإن ظروف الديمقراطيات الناشئة، بمجرد
تحقيق السلام والمصالحة بصورة جيدة، يمكن توقع انخفاض بصورة هائلة، وإن لم يكن في جميع الظروف
(إكوادور، وكوسوفو ونيكاراغوا مثلا). وتمثل حالة كمبوديا نموذجا في الاتجاه نحو خفض
التكاليف، وحقيقة أنه بعد نقطة معينة، لا يمكن توقع مزيد من التخفيض. ويمكن تفسير الانخفاض الكبير في التكاليف التي
حققتها لجنة الانتخابات الوطنية 1998-2003 إلى سلسلة من العوامل التي ليست كلها
ذات طابع تقني. فلقد أرادت حكومة كمبوديا على مستوى السياسة العامة ورغبة في الاعتماد
على النفس، أن لا تعتمد بشكل كبير على المساعدة الدولية للانتخابات المقبلة. ، فإن
الجزء الأكبر من التكاليف الانتخابية في نهاية المطاف يأتي من خزائن الحكومة. وهذا
في حد ذاته، يشكل حافزا قويا للحد من التكاليف، وانخفضت المساعدة الانتخابية إلى
حد كبير، من ما يقرب من 19 مليون دولار في عام 1998 إلى 10 مليون دولار في عام
2002 إلى 6 ملايين دولار في عام 2003.
كان إصلاح الإطار القانوني في كمبوديا الذي جري
عام 2002 يهدف إلى تحسين تكاليف الآلية الانتخابية وخفضها. حيث تم إدخال تسجيل
الناخبين الدائم، وكلفت الإدارة المحلية بتسجيل الناخبين. إضافة إلى ذلك، تم
التخلي عن الإجراءات الباهظة الثمن والاستعاضة عنها ببدائل أرخص. تمت الاستعاضة
مثلا عن إصدار بطاقة هوية جديدة للناخب (مع صورة) في كل عملية انتخاب باستخدام
وثائق تعريف أخرى، مثل بطاقة الهوية الوطنية الجديدة. واضطرت لجنة الانتخابات
الوطنية لترشيد ممارساتها الداخلية والحد من عدد من الإدارات. وقال رئيس اللجنة
الوطنية للانتخابات، انه يعتقد أن تكاليف الانتخابات في كمبوديا يجب أن لا تختلف
على نطاق واسع في الانتخابات المقبلة، وقال إذا كان هناك أي شيء آخر من الزيادة في
الميزانية الانتخابية في المستقبل فقد يشمل نفقات رئيسة من أجل إبدال السيارات
القديمة، والحواسيب والمواد الانتخابية الأخرى، وضرورة توفير الخدمات لعدد متزايد من الناخبين.
ولقد
وجد في غواتيمالا، من خلال تقييم وضع الميزانية الانتخابية والتمويل وإدارة
التكاليف في السنوات الأخيرة، أن التكاليف قد زادت باستمرار في الانتخابات العامة،
وتقريبا في كل مجال. أولا، قد ميزانية الانتخابات في عام 2003 أكثر من ضعفي
الانتخابات السابقة بما في ذلك المساعدات الخارجية، ولكنها لا تزال قريبة من المتوسط
بالنسبة للدول في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. وفي الوقت الذي جرت فيه هذه الانتخابات
في غواتيملا، لوحظ وجود نمط مماثل شوهد في السابق في الانتخابات التي جرت في
نيكاراغوا في عام 2001 والإكوادور عام 2002. في جميع الحالات الثلاث كانت هذه هي
الانتخابات الثالثة التي جرت بعد انتهاء الصراعات الاجتماعية الحادة، وكانت كل انتخابات
أكثر تكلفة وأكثر رداءة في التنظيم من الانتخابات الوطنية السابقة. ونظرا إلى أن الجزء
الأكبر من ميزانية غواتيمالا الانتخابية قد تم تمويله من خلال المساعدات الخارجية،
ينبغي أن تؤخذ هذه النتيجة بمثابة تحذير للمجتمع الدولي ليراقب عن كثب الإنفاق على
الانتخابات.
ثانيا: كانت معظم البنود الأكثر تكلفة
في غواتيمالا هي الرواتب والأجور اليومية التي كانت تمنح للموظفين المعينين مؤقتا
والعاملين في مراكز الاقتراع، رغم أن هذه التكلفة ظلت ثابتة نسبيا على مدى السنوات
الخمس الماضية بقيمة 125 كيتزالس (15 دولار) لكل مسئول عن محطة اقتراع – وهو مبلغ
كان العديد من العاملين في مراكز الاقتراع يعتبرونه مناسبا. وأعقب هذه النفقات
مباشرة تكلفة تحديث قائمة الناخبين، وإن كان ينبغي الإشارة إلى أن استكمال قوائم
الناخبين وإعادة ترتيب مراكز الاقتراع وفقا لذلك كانت مغطاة بشكل أساسي عن طريق
المعونة الخارجية. الزيادات في التكاليف في الميزانية الانتخابية الرسمية الوطنية شملت
أساسا نفقات أكبر لتوعية وإعلام الناخبين، وزيادة في عدد مراكز
الاقتراع إلى 8885 مركز. وكانت نفقات توعية وإعلام الناخبين على مدى فترة خمس سنوات تمثل
أكبر نمو حقيقي في التكاليف، ونجم معظمها نتيجة محاولة للوصول إلى سكان المناطق
الريفية والسكان الأصليين في لغاتهم (نصف عدد سكان غواتيمالا من أصل المايا ولا
يتحدثون اللغة الإسبانية). ولم يسجل في هذا المجال أي بند انخفاضا في التكاليف.
التالي: تاريخ ميزانية الانتخابات في التسعينيات
تم آخر تعديل في8 أيلول 2006 في تمام الساعة 11:18