-
ينتج عنه استثناء الأحزاب الصغيرة والحد من إمكانية حصولها على تمثيل برلماني عادل، إذ أنه يفترض على الحزب الذي يحصل على 10 بالمئة من الأصوات على سبيل المثال أن يحصل على نسبة مماثلة تقريباً من مقاعد البرلمان. ففي الانتخابات الفيدرالية للعام 1993 في كندا حصل حزب الماحفظين التقدميين على 16 بالمئة من أصوات الناخبين إلا أنه لم يفوز إلا بنسبة 0.7 بالمئة من المقاعد؛ وفي الانتخابت العامة للعام 1998 في ليسوتو حصل حزب باسوتو الوطني على 24 بالمئة من الأصوات في حين فاز بواحد بالمئة فقط من المقاعد. وهذا النموذج يتكرر مراراً في ظل نظام الفائز الأول.
-
يحرم نظام الفائز الأول الأقليات من الحصول على تمثيل عادل. إذ تعتاد الأحزاب السياسية على تسمية المرشح الأكثر قبولاً وشعبيةً في كل دائرة انتخابية، وذلك لكسب ود غالبية الناخبين. وعليه، فمن غير المعتاد أن يحصل مرشح أسود، على سبيل المثال، على دعم وترشيح من قبل حزب كبير في دائرة انتخابية تقطنها غالبية من البيض في بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك الكثير من التجارب التي تثبت بأن فرص الأقليات العرقية بالحصول على تمثيل برلماني لها أقل بكثير في ظل استخدام نظام الفائز الأول. وبالمحصلة، فإذا ما انتهج الناخبون ممارسات انتخابية تتطابق مع الانقسامات الاجتماعية القائمة، فإن إقصاء المنتمين إلى الأقليات من التمثيل يمكن أن يؤدي إلى زعزعة أركان النظام السياسي برمته.
-
يؤدي هذا النظام إلى إضعاف التمثيل البرلماني العادل للمرأة. فمقولة اللجوء إلى "المرشح الأكثر شعبية" تؤثر بشكل مباشر وسلبي في فرص النساء في الانتخاب، وذلك لكونهن أقل حضاً بالحصول على دعم الأحزاب السياسية، والتي يسيطر الرجال فيها على مراكز القرار، لترشيحهن. وأظهرت التجارب حول العالم بأن المرأة تتمتع بفرص أقل كثيراً في الانتخاب في ظل نظم التعددية/الأغلبية منها في ظل النظم النسبية.
-
يتيح نظام الفائز الأول الفرصة لنشوء الأحزاب المستندة إلى قواعد قبلية، أو عرقية أو مناطقية، والتي تؤسس حملاتها وبرامجها السياسية استناداً إلى مفاهيم وأطروحات جذابة للغالبية في منطقتها أو دائرتها إلا أنها قد تكون معادية للآخرين وتقوم على استثنائهم. ولقد شكل ذلك معضلة دائمة في بعض الدول الأفريقية، كملاوي أو كينيا، حيث تتمركز مجموعات قبلية كبيرة في مناطق جغرافية محصورة. مما يؤدي إلى انقسام البلد إلى مناطق حزبية حيث يتمتع كل حزب بموقع القوة في كل منها، الأمر الذي لا يحفز الأحزاب على الاهتمام بأية مسائل خارج نطاق مناطق نفوذهم ومجموعات مؤيديهم.
-
يمكن لنظام الفائز الأول أن يزيد من حدة الإقطاعية الحزبية، حيث يمكن حزباً واحداً أن يفوز بمفرده بكافة المقاعد التمثيلية في دائرة أو محافظة ما. فلو كان لحزب ما تأييد قوي في جزء معيين من البلد فذلك سيؤدي إلى فوزه بأعلى عدد من الأصوات، الأمر الذي يترتب عليه فوزه بمعظم، إن لم يكن كافة المقاعد المخصصة لذلك الجزء. وذلك يؤدي إلى إقصاء الأقليات في تلك المنطقة وحرمانها من التمثيل، بالإضافة إلى تعميق الإحساس بأن المعركة السياسية محكومة بمن يكون المواطن وأين يقيم وليس بما يؤمن به. وهذا ما تمت إثارته مراراً لمحاربة هذا النظام في كندا على سبيل المثال.
-
يسفر هذا النظام عن ضياع أعداد كبيرة من الأصوات التي تهدر ولا تؤدي إلى انتخاب أي من المرشحين. وهذا ما يمكن أن يكون خطراً للغاية لو ترافق مع ما ورد أعلاه فيما يتعلق بالإقطاعية الحزبية، حيث يؤدي إلى يأس المؤيدين للأحزاب الصغيرة وأحزاب الأقلية من انتخاب ممثلين لهم في مناطقهم. وقد تزداد خطورته في تلك الحالات حيث تؤدي الاختلالات السياسية إلى تعزيز موقع الحركات المتطرفة وفسح المجال أمامها لتحريك جموع كبيرة من المؤيدين ضد النظام السياسي القائم.
-
يؤدي هذا النظام، في بعض الأحيان، إلى انقسام الأصوات بين الأحزاب الكبيرة المتنافسة أو المرشحين الأكثر شعبية، مما ينتج عنه فوز الأحزاب أو المرشحين الأقل شعبيةً وتمثيلاً. وتوفر الدراسة الخاصة حول بابوا غينيا الجديدة الواردة في هذا الدليل مثالاً حياً لذلك.
-
قد يبدو نظام الفائز الأول عديم الاستجابة للمتغيرات االطارئة على الرأي العام. إذ أن تمركز المؤيدين لحزب سياسي ما في منطقة جغرافية محددة يمكنه من الاستمرار في السيطرة على الحكم حتى في ظل تراجع أدائه الانتخابي من حيث عدد الأصوات الكلي على المستوى الوطني العام. ففي بعض البلدان التي تعتمد هذا النظام الانتخابي، قد لا يعني التراجع في حصة حزب ما من 60 بالمئة إلى 40 بالمئة من مجمل أصوات الناخبين على المستوى الوطني سوى انخفاضاً في حصته من مقاعد البرلمان من 80 بالمئة إلى 60 بالمئة، الأمر الذي لا يترك أثراً يذكر على موقعه المسيطر على الحكم بشكل عام. وفيما عدا الحالات التي تشتد فيها المنافسة على أعداد كافية من المقاعد، فقد يكون نظام الفائز الأول عديم التأثر بتأرجح نسبة الدعم على المستوى العام.
-
أخيراً، يتأثر نظام الفائز الأول، بشكل كبير، بمسألة ترسيم الدوائر الانتخابية. فللتقسيمات الانتخابية تبعاتها السياسية، إذ لا توجد حلول فنية لتوفير حل أمثل بمعزل عن الاعتبارات السياسية وغيرها. وقد تتطلب عملية ترسيم الدوائر الانتخابية إلى الكثير من الوقت والموارد للخروج بنتائج مرضية وشرعية. وقد تواجه العملية الكثير من الضغوطات ومحاولات التلاعب والتقسيم القائم على أساس تفضيل جهات معينة على حساب جهات أخرى. وهذا ما اتضح جلياً في انتخابات العام 1993 في كينيا، حيث أدى الاختلال الكبير في أحجام الدوائر الانتخابي إلى تمكين الحزب الحاكم (حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الكيني) من الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان رغم حصوله على 30 بالمئة فقط من مجمل أصوات الناخبين (في هذا المثال، ضمت أكبر دائرة انتخابية عدداً من الناخبين يفوق عددهم في أصغر دائرة بما يقارب 23 ضعفاً).