غالباً ما يفرض على الأحزاب السياسية والمرشحين تقديم تقاريرهم المتعلقة بمصادر وتفاصيل دخلهم و/أو مصروفاتهم إلى الإدارة الانتخابية أو إلى سلطة أخرى مختصة، أو إخضاع حساباتهم للتدقيق من قبل السلطات الانتخابية. وفي تلك الحالة عادةً ما يتم الإفصاح والإعلان عن تلك الحسابات للجمهور بعد الانتهاء من تدقيقها. وهناك حاجة لوجود توازن في الضوابط الخاصة بعملية الإفصاح والتقارير بين رغبة الآخرين في الإطلاع (الشفافية) ورغبة كل من المانحين والمستفيدين من المنح بالحفاظ على خصوصيتهم (الخصوصية). وتتعاظم الحاجة إلى الحفاظ على تلك الخصوصية في البلدان التي قد يتعرض فيها مانحو أو ممولو أحزاب معينة للملاحقة. وفي المجتمعات التي تتسم بتدني مستويات الثقة بالأحزاب السياسية، عادةً ما نجد مطالبات أكبر بالشفافية المالية.
ويمكن لعملية التقرير والإفصاح أن تخدم عدة أهداف، تتراوح من مساعدة السلطات الانتخابية على التحقق من عدم وجود أي تمويل من مصادر غير قانونية، إلى كونها وسيلة لتمكين الناخبين على تحديد خيارهم حول أي من الأحزاب أو المرشحين يستحقون منحهم أصواتهم. أما الخط الفاصل الرئيسي في الضوابط المتعلقة بذلك فيتمثل فيما إذا كانت المعلومات المالية متاحة للجمهور أم لا.
وفي الحالات التي يتم فيها الإعلان عن المعلومات المالية للجمهور، عادةً ما يبرر ذلك من خلال حق الناخبين في معرفة مصادر تمويل الأحزاب السياسية والمرشحين، لتمكينهم من اتخاذ قرارهم وخيارهم على أساس من المعرفة يوم الانتخابات. وعندما تتاح تلك المعلومات للجمهور فيمكنها:
-
الإسهام في فضح الفساد
فلو استلم حزب أو مرشح ما مبالغ كبيرة من المال من أي فرد أو شركة، وبعد ذلك بادر إلى اتخاذ قرارات أو وافق على قرارات من شأنها أن تفيد مصالح ذلك الشخص أو الشركة بشكل مباشر، يوفر ذلك فرصة أفضل لوسائل الإعلام والمواطنين للتساؤل حول حيثيات ذلك القرار.
-
تستخدم كبديل أو وسيلة مكملة لضوابط الحضر والسقف المحدد للمصروفات
قد يكون تطبيق القوانين التي تحضر بعض مصادر التمويل أو بعض المصروقات، والقوانين التي تحدد سقفاً للمصروفات التي يمكن للحزب أو المرشح القيام بها أو المبالغ التي يمكنهم جمعها، قد يكون أمراً صعباً، ومكلفاً أو حتى مستحيلاً. وعمليات الإفصاح يمكهنا أن تشكل وسائل بديلة أو مكملة لتلك القوانين. حيث أن الإفصاح للجمهور عن مصادر الدخل والمصروفات يمكن الناخبين من تحديد ما هو مقبول بالنسبة لهم بوضوح، وذلك من خلال عدم التصويت للأحزاب والمرشحين الذين حصلوا على الأموال من مصادر مشبوهة.
هناك أربعة مبادئ عامة يجب أن تتوفر في الضوابط المتعلقة بمسألة الإفصاح عن مالية الأحزاب والمرشحين، حيث يجب أن تتسم التقارير والمعلومات المتاحة أو المعلنة للجمهور بما يلي (1):
-
أن تكون دقيقة، وهو ما يعني تمتع السلطات المختصة بالقدرة والوسائل التي تمكنها من تدقيق التقارير المالية، للتحقق من أنها تعطي صورة دقيقة لمالية الحملة الانتخابية للأحزاب والمرشحين.
-
أن تقدم في الوقت المناسب، حيث أن المعلومات المعلنة بوقت متأخر بعد الانتخابات لا يمكنها أن تؤثر في خيارات الناخبين في الانتخابات، ولا يمكنها أن توفر أرضية ملائمة لفرض العقوبات.
-
أن تحتوي على كافة التفاصيل المطلوبة، ولكن دون إثقال كاهل من يقرأها بكم هائل من التفاصيل غير المجدية. فطالما أن التقارير تستهدف الجمهور يجب إعدادها وتقديمها بطريقة وبما يشمل كم محدد من التفاصيل التي تمكن غير المهنيين من فهمها.
-
أن تتاح للجمهور كافةً، دون أن يقتصر ذلك على عرضها في مكاتب حكومية محددة في العاصمة خلال ساعات الدوام الرسمي، بل يجب نشرها على أوسع نطاق ممكن بحيث يتمكن أكبر عدد ممكن من المواطنين من الإطلاع عليها. وبحسب الوسائل المتوفرة في كل بلد، فقد يعني ذلك نشر تلك التقارير في الصحف الرئيسية أو على صفحة الإنترنت الخاصة بالسلطة المختصة (كالإدارة الانتخابية مثلاً)، أو نشر ملخصات على لوحات الاستعلام العامة.
(1) ناسماشر كارل-هينز (2003)، "مراقبة وتنفيذ ضوابط المالية السياسية"، المنشور ضمن دليل "تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية"، لرجينالد أوستن ومايا تيرنستروم (2003)، والصادر عن المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، ستوكهولم، صفحة 144.