من بين الممارسات الجيدة لأي نظام حزبي هي محاولة تشجيع المواطنين لتقديم
أنفسهم كمرشحين في الانتخابات لشغل المناصب العامة. ومن أجل التأكد من أن
المواطنين ممن لديهم النية الجادة لمحاولة السعي للحصول على منصب في البرلمان من
خلال الإنتخابات، تتطلب بعض الديمقراطيات إيداعات مالية للحصول على حق الوصول إلى صناديق
الإقتراع.
ولا يستهدف هذا الإجراء إستبعاد المرشحين غير المسؤولين وغير الجادين عن
الإقتراع فحسب ، بل إنه يعمل أيضاً على تخفيف عدد المرشحين الراغبين في التقدم
للترشيح في الإنتخابات. كما أن الناخبين في حاجة ماسة لتقليص وتحديد عدد المرشحين
للإختيار من بينهم من يرغبون في ترشيحه.
ويستطيع المرء أن يميز بين دفع رسوم وبين إيداع مالي يعاد إلى
المرشح بعد إنتهاء الإنتخابات إذا حصل المرشح على عدد محدد من الأصوات .
ويجري تطبيق نظام الإيداعات المالية بطرق مختلفة حسب مختلف الأنظمة
الإنتخابية (كاتز- Katz، 1997، ص 255).
وتكون الإيداعات المالية عادة عالية في الأنظمة الإنتخابية بطريقة
الأغلبية/الأكثرية الموجهة نحو المرشح، أكثر من انظمة التمثيل النسبي الموجهة نحو
الإنتخابات الحزبية. كما يميل النظام الإنتخابي بطريقة الأغلبية/ الأكثرية إلى
تشجيع الحزبين الرئيسيين المتنافسين في الإنتخاب، وبالتالي فإن هذا النظام يعمل
على تثبيط وعدم ترشيح أطراف ثالثة من بقية الأحزاب والمرشحين المستقلين. ولهذا يـقال أن من الأسهل للمرشحين غير الجادين أن يحصلوا
على أصوات ومقعد في البرلمان من خلال الأنظمة الانتخابية بطريقة الأكثرية/الأغلبية.
ولا يزال من غير الواضح فيما إذا كانت هناك أية علاقة ترابطية بين الودائع
المالية للمرشحين وعدد المرشحين المدرجين بالفعل في جداول الإقتراعات. وقد يفترض
الشخص لأول وهلة أنه كلما إرتفعت قيمة الوديعة المالية المطلوبة، كلما قل عدد
المرشحين المتقدمين للترشح. ولا تتأثر جميع الأحزاب بالودائع المالية مثل بعضها
البعض. ويقال أيضاً أن الأحزاب الصغيرة التي تطرح مرشحين في عدد قليل من الدوائر
الإنتخابية حيث يكون للمرشح حظاً أوفر بالفوز في السباق، فإن تأثير قيود الودائع
المالية عليها سيكون أقل من وقعها على غيرها.
ويدل المثال الحاصل في المملكة المتحدة، حيث جرى رفع قيمة الوديعة المالية
اللازمة في عام 1985 في حين جرى تخفيض عدد الأصوات المؤهـلة لإسترداد الوديعة، على
أن إجراء رفع قيمة الودائع المالية وتخفيض النصاب المؤهل لإسترداد الودائع يعتبر
مسألة هامشية للأحزاب الرئيسية، ولكنه قد يكون بالغ الأثر على المرشحين المستقلين
(كاتز- 1997: ص 260). ورغم أنه يبدو من
الصعوبة بمكان الفصل بين أثر النصاب المؤهل للترشح وبين قيمة الوديعة المالية
العالية، فإن "ريتشارد كاتز"
يفسر البيانات كما يلي: كلما ارتفعت قيمة الوديعة المالية اللازمة، كلما قل عدد
المرشحين من الأحزاب الصغرى والمستقلين ، وكلما ارتفعت متطلبات النصاب المؤهل
للتسجيل للترشح في الانتخابات، كلما ازدادت تكاليف المنافسة بالنسبة للأحزاب
الصغرى والمتوسطة التي تقدم مرشحيها للإقتراع مهما كانت قيمة الوديعة المالية
المطلوبة مرتفعة. (نفس المصدر).
وبالنسبة للتأثيرات الأخرى للودائع، مثل الإعتبارات المجتمعية- بمعنى ، أن
من في يديه الثروة الكبيرة في الوسط
الإجتماعي، فإن إحتمالات تقدمه للترشح تكون
كبيرة- في حين لم يتم التطرق الى إعتبارات نوع الجنس في هذا الشأن بالتفصيل بعد.
ولكن يستطيع المرء ان يستشف بأنه كلما كان المرشح أغنى، كلما قل تخوفه من شرط الودائع
المالية العالية. ولكن المرشحين الفقراء الجادين لترشيح أنفسهم قد لا يرغبون في
التنافس في الإنتخاب لأنهم لا يقدرون على تحمل إمكانية خسارة الرسوم التي
سيدفعونها. (مالي-Maley -
2000)
وقد تؤدي قيمة الودائع المرتفعة
أيضاً إلى تدني نسبة تمثيل النساء في البرلمان نظراً لأن المرأة عادة ما تواجه
نقصاً في الأموال أكثر من الرجل في سائر الأنظمة السياسية في شتى أنحاء العالم.
ولكن لا توجد ترابط فعلي بهذا الشأن.
ولتحاشي تأثير مثل هذا العامل الرادع والمثبط على أولئك المرشحين، ولتثبيط
المرشحين الأغنياء العبثيين، فإنه يمكن تقديم حزمة بديلة من المتطلبات ، مثل اشتراط عدد من
التسميات لمرشح واحد (نفس المصدر). ومع ذلك، فقد ينطوي هذا الإجراء
على تمييز وتحيز خاصة إذا كان عدد المرشحين عالياً بصورة كبيرة، ولا يمكن
الفوز بذلك إلا من قبل الأحزاب والمرشحين المؤهلين تأهيلاً جيداً.
ومن
خلال النظر (إلى المؤشر الجانبي في الجهة اليمنى من الجدول) بعنوان"لائحة
المتطلبات للحصول على حق الوصول إلى صناديق الإقتراع "المأخوذ بتصرف من
مصدر"كاتز Katz -1997" وجرى تزويد اللائحة وتكملتها ببيانات أخرى، فإنك ستجد معلومات مجمعة
عن قيم الودائع المالية اللازمة للحصول
على حق الوصول لصناديق الإقتراع والإنتخاب في عدد من البلدان. ويؤثر معدل التضخم
في أي بلد في مدى أهمية وأثر قيمة الودائع المفروضة.