يستند تخصيص الأموال
العامة مباشرة على أساس الصيغة التي يتم بموجبها اتخاذ القرار بشأن مدى ما يمكن أن
يحصل عليه كل حزب أو مرشح . وهناك ثلاثة مبادئ رئيسية يمكن الإسترشاد بها في عملية التخصيص وهي : المساواة
، والتناسب ومدى الحاجة. ولعل الخيار الأكثر شيوعاً هو استخدام صيغة تجمع بين عناصر هذه المبادئ الثلاثة سوياً. ويمكن
لجميع الأحزاب أو المرشحين الممثلين في البرلمان على سبيل المثال الحصول على مبالغ
صغيرة ، أو مكافئة ، أو زائدة عن نسبة الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات
الأخيرة ، كما يمكن إعطاء جزء ثالث فقط للأحزاب التي تخوض غمار الانتخابات للمرة الأولى. والطريقة
الوحيدة لتقسيم توزيع المبالغ تتمثل في استخدام
صيغ مختلفة بناء على المجال المفروض فيه (أو
المسموح به) إستخدام الأموال العامة.
ويمكن تخصيص أموال
عامة على أساس المساواة على النحو التالي :
• إعطاء مبالغ متساوية لجميع الأحزاب و / أو المرشحين المتسابقين في الانتخابات. وقد تكون طريقة التخصيص هذه
مكلفة للغاية، كما أنها قد تنطوي على خطر تشجيع الأحزاب السياسية التي لا تخوض
في اللعبة الإنتخابية بهدف الفوز فيها أو محاولة التأثير على السياسة ، بل من أجل
الحصول على نصيب لها من الأموال العامة.
• توزيع مبالغ متساوية على جميع الأحزاب السياسية التي حصلت على عدد محدد من
المقاعد/ الولايات النيابية في الانتخابات الأخيرة.
ومن شأن طريقة حصر توزيع الأموال العامة على قدم المساواة للأحزاب السياسية التي لها تمثيل معين في الهيئة المعنية بالانتخابات، أن تعمل على الحد من مخاطر تخصيص أموال
عامة للأحزاب التي لم تعتبر بديلاً إنتخابياً
جاداً، ولكنها تنطوي على خطر تثبيط
الأحزاب السياسية والمرشحين المستجدين على الساحة السياسية . ويتفاقم هذا الخطر من
خلال حقيقة أن جميع النظم الانتخابية تعمل على الحد من عدد الأحزاب التي تحصل على
مقاعد نيابية وبالتالي فإنها تميز ضد الأحزاب الصغيرة. ويعمل هذا التمييز على
تأدية وظيفة في إيجاد هيئة قادرة على اتخاذ القرارات ، ولكن ذلك قد يؤدي عن غير قصد إلى إحداث أثر بعيد المدى في
حالة استخدام عدد محدد من المقاعد كصيغة لتخصيص التمويل العام. وحيث أن هذا التوزيع يقوم أساس الاحزاب السياسية ، فإنه شائع في البلدان ذات النظم الانتخابية المبنية على
أساس الأحزاب السياسية بدلاً من المرشحين.
• إعطاء كمية متساوية لجميع الأحزاب السياسية والمرشحين الممثلين في الهيئة
التشريعية الوطنية
إذا أعطيت الأموال إلى جميع الأحزاب السياسية والمرشحين الممثلين في الهيئة
المعنية بالانتخابات ، فإن ذلك يعمل على تثبيط الأحزاب
الصغيرة والجديدة ولكنه سيؤدي إلى شمول مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة.
• إعطاء مبالغ متساوية لجميع الأحزاب والمرشحين ممن حصلوا على عدد معين
من الأصوات في الانتخابات الأخيرة
إن توسيع المجموعة المستهدفة بصورة أكثر يعني أن الأحزاب والمرشحين الحاصلين
على مقدار معين من التأييد الشعبي في الانتخابات الأخيرة سيحصلون على أموال من
الخزينة العامة حتى لو لم يحصلوا على حد التصويت الأدنى الذي يؤهلهم لتمثيلهم في
المجلس التشريعي. وعادة ما يتم تعيين مقياس
المدخل المؤهل بين 1 و 2 في المئة من الأصوات على المستوى الوطني. ومن الأقل شيوعاً
في هذا الشأن أن يتم تعيين مدخل التأهيل بشكل
عدد حقيقي من الأصوات.
التخصيص النسبي: يشير ذلك إلى أنظمة حيث تحصل فيها
الأحزاب أو المرشحون على مزيد من الأموال اعتماداً على عدد المرشحين
المتقدمين للترشيح ، والأصوات التي يتم الحصول عليها، الخ. ومن بين المعايير
المستخدمة في التخصيص النسبي ما يلي:
• إعطاء الأموال بصورة متناسبة مع عدد
المرشحين المتقدمين للمنافسة في السباق الانتخابي
غالباً ما يتم تخصيص الأموال اعتماداً على عدد المرشحين المطروحين من قبل حزب سياسي في البلدان ذات النظم
الانتخابية القائمة على أساس الأحزاب السياسية بدلاً من المرشحين.
• إعطاء الأموال بصورة تناسبية مع "مدى التمثيل النيابي" لقائمة المرشحين المتقدمين
للمنافسة في السباق الإنتخابي
يتم أحياناً إستخدام
الأمول العامة بهدف زيادة مشاركة الفئات الممثلة تمثيلاً ناقصاً عن طريق تشجيع
الأحزاب السياسية للدفع إلى الميدان بالمزيد من الرجال والنساء ، وتقديم مرشحين من
خلفيات متنوعة.
• منح الأموال بصورة تناسبية مع أرصدة التبرعات التي يتم جمعها، أي بمعنى (مطابقة المـِـنـَـح)
إن أحد الانتقادات الموجهة في كثير من الأحيان ضد التمويل العام المباشر للأحزاب
والمرشحين يتمثل في أن الأحزاب والمرشحين سيصبحون مستقلين بشكل متزايد عن أعضائهم
ومؤيديهم. وينطوي هذا الاستقلال على خطر ميلهم إلى عدم الاستماع إلى أعضائهم ومؤيديهم
بشأن مسائل اختيار القيادة واتخاذ القرارات السياسة. ومن أجل التصدي لهذا المأخذ ،
فقد تم استحداث نظم "المنح المطابقة"
والتي بموجبها تستطيع الأحزاب السياسية والمرشحون الحصول على أموال عامة
بشكل متناسب مع التبرعات التي كانوا قادرين على جمعها من الأعضاء والمؤيدين في
حملاتهم الإنتخابية. وقد تكون هذه الطريقة في غير صالح الأحزاب الجديدة أوالصغيرة الغير قادرة على إطلاق حملات جمع تبرعات ناجحة.
• منح أموال عامة بصورة متطابقة مع عدد المقاعد/ عدد مرات الولاية النيابية التي
يتم الحصول عليها
كما ذكرنا أعلاه ، فإن جميع النظم الانتخابية تميل إلى التمييز ضد الأحزاب الصغيرة
من أجل إنشاء هيئة تشريعية ملائمة لاتخاذ القرارات. وقد ينطوي هذا التحيز على
مضامين بعيدة المدى، ويدلل على أنه في غير صالح الكثير من الأطراف إذا جرى تخصيص أموال عامة بناء على عدد المقاعد التي يتم
الحصول عليها. ولكن ثمة ميزة إيجابية في
هذا الأمر، وتتمثل في أن الأطراف التي لديها تمثيل نيابي حقيقي قد أثبتت بالفعل أن لديها مستوى عال من الدعم
الشعبي العام لها.
• إعطاء أموال عامة حسب نسبة الأصوات التي يتم الحصول عليها
إن إعطاء الأموال بنسبة الأصوات المدلى بها في صناديق الإقتراع لصالح حزب أو مرشح ما
خلال الانتخابات الأخيرة هو النظام الذي
لا يزال في غير صالح الأحزاب الجديدة والصغيرة ، ولكن بدرجة أقل من التخصيص على
أساس عدد المقاعد التي يتم الحصول عليها.
• إعطاء الأموال بما يتناسب مع عضوية الحزب أو دلائل مستويات الدعم الأخرى
إن فكرة تخصيص الأموال العامة بناء على عدد المقاعد أو الأصوات التي يتم الحصول
عليها في الإنتخابات تنطلق من مفهوم أن
الحزب السياسي ينبغي أن يثبت حصوله على التأييد الشعبي قبل حصوله على الأموال العامة. وثمة طرق أخرى للتأكد
من مدى حيازة الحزب على الدعم الشعبي له، ومن بينها بناء صيغة تخصيص الأموال على
أساس سجلات العضوية في الحزب. وهذا من شأنه أن يعطي الأحزاب الجديدة التي تتمتع بمستوى دعم شعبي كبير فرصاً أفضل للتمكن من الوصول إلى أهلية الحصول على الأموال العامة. ومع
ذلك، فإن مستويات العضوية لا
تعتبر بصورة تلقائية ، دلالة واضحة على مدى الدعم الذي سيحصل عليه الحزب في الانتخابات العامة ،
كما أن سجلات العضوية قد تكون صعبة، وتستغرق من السلطات الانتخابية وقتا مطولاً للتحقق
من صحتها ودقتها.
وأخيراً ، فإن الأحزاب السياسية ذات الاحتياجات الخاصة قد تتمكن من الحصول
على أموال من الخزينة العامة بهدف تسوية
أرضية ميدان المنافسة في الإنتخابات. وفيما يلي بعض أنواع التخصيص على أساس
الاحتياجات الخاصة :
• الأرصدة المقدمة لأحزاب سياسية جديدة : يتعين أن تكون الأنظمة الحزبية مفتوحة
لدخول أحزاب سياسية جديدة ، وكثيراً ما ينظر إلى التمويل العام على أنه بمثابة حفاظ
على الوضع الراهن ، حيث أن الأحزاب السياسية العريقة تظل في السلطة طويلاً بفضل تخصيص الأموال العامة لها.
ويمكن التصدى لهذا الوضع عن طريق تقديم منح خاصة للأحزاب السياسية المستجدة على
الساحة النيابية.
• الأموال الممنوحة لأحزاب سياسية صغيرة: إن معايير تخصيص الأموال العامة بناء علىعلى
أساس عدد المقاعد أو الأصوات التي يتم الحصول عليها في الانتخابات الأخيرة هو إجراء
في غير مصلحة الأحزاب السياسية
الصغيرة. وفي بعض الأحيان، فإنه يتم وضع أرصدة خاصة جانباً للأحزاب السياسية
الصغيرة إذا ما ما كان ينظر إلى أن وجود أحزاب صغيرة بجانب الأحزاب الكبيرة القائمة
هو من باب الصالح العام. وفي حالات أخرى ،
فإنه يمكن استخدام طريقة التوزيع النسبي بحيث تعمل لصالح الأحزاب الصغيرة، مثلا عن طريق السماح لترجمة النسبة الأولى من
الأصوات إلى أموال أكثر من النسب التالية.
• الأموال التي تعطى لأحزاب ومرشحي الأقليات: يمكن
تقديم الأموال العامة لتشجيع مشاركة الفئات الممثلة تمثيلاً ناقصاً. كما أن الأحزاب
أو قوائم المرشحين التي تدفع على لوائحها الانتخابية بمرشحين من الأقليات القومية يمكنها
أيضاً الحصول على أموال خاصة أو إعفائها من الأيفاء بمعايير عتبة التأهيل المشار
إليها أعلاه.