تعمل الأحزاب السياسية على تشكيل تحالف من خلال إصدار بيان علني مفاده أنها
تعتزم تشكيل حكومة مع بعضها البعض إذا حصلت على أصوات كافية في الإنتخابات
القادمة. ومع ذلك، فإنه في كثير من الأحيان، فإن الأحزاب السياسية تتنافس في
الإنتخابات بصورة مستقلة كلياً، ولا تتاح للناخبين أية فرصة لقبول أو رفض
المناقشات بعد الإنتخابات المؤدية لتشكيل تحالف
حاكم.
ومن خلال تنسيق ستراتيجياتها وحتى في بعض الأحيان مواءمة برامجها السياسية،
فإن الأحزاب تحاول تحسين فرصها للفوز بأكبر عدد من المقاعد قدر الإمكان في المجلس
التشريعي. وفي بعض الأحيان، قد يعمل حزباً سياسياً ما على إعطاء مناصريه توصيات
تكتيكية للتصويت لحزب محتمل للمشاركة في التحالف، من أجل ضمان أن جميع الأحزاب
السياسية المنضوية تحت لواء التحالف السابق للإنتخابات ستحصل على أصوات كافية
لتمثيلها في البرلمان. ويحصل ذلك بصفة خاصة في الأنظمة الإنتخابية التي يستطيع فيها الناخبون الإدلاء بصوتين في إقتراع
واحد وتتاح لهم إمكانية تقسيم اصواتهم ويجوز لهم دعم حزبين مختلفين ببطاقة إقتراع
واحدة. وإذا حصل مثلاً إن عمل أنصار حزب ما
على الإدلاء بأحد أصواتهم لصالح مشارك محتمل في التحالف، فإن ذلك سيساعد كلا
الحزبين للحصول على تمثيل في البرلمان.
وتعتبر التحالفات قبل
الإنتخابات ظاهرة عامة في الديمقراطيات الحرة. وفي أوروبا الغربية فقط ، فإن حوالي
200 تحالف قبل الإنتخابات قد جرى تشكيلها في الفترة ما بين عام 1946 و 2002.
وتتفاوت أشكال التحالفات قبل الإنتخابات من حزب لآخر، ومن بلد إلى بلد، وتتراوح ما
بين مجرد وعد فضفاض لتولي الحكم بصورة
مشتركة وبين بيانات مشتركة وتوصيات إنتخابية.
ويستطيع المرء أن يصنف الإتفاقيات قبل
الإنتخابات بين الأحزاب السياسية من خلال مدى وضوح الإلتزام بالحكم سوياً.
ووفقاً لآراء "كارول وكوكس- Carroll & Cox" ، فإن أضعف شكل من أشكال التحالفات هو القائم
على أساس إعلان صريح بالعمل سوياً، في حين أن النوع الثاني هو إعلان
الأحزاب ببرنامج واحد، والنوع الثالث قد تعمل فيه الأحزاب على وضع قوائم
دوائر إنتخابية مشتركة أو قائمة وطنية
مشتركة، في حين أن أقوى شكل قد تعمل فيه التحالفات لمناقشة الإنسحابات
المشتركة، بمعنى، مرشح واحد من حزب واحد في دائرة واحدة، ومرشح من الحزب الآخر
في دائرة أخرى بحيث لا يتنافس الحزبان ضد
بعضهما البعض في أية دائرة . وبالإضافة لهذه الأنماط، فإن المؤلفين يؤكدون أنه قد تنشأ
أشكال تعاون إنتخابي أقل تماسكاً بين الأحزاب، بمعنى أنها قد تدفع بعدد محدود من
المرشحين المشتركين للسباق في الإنتخابات،
أو تعمل على تشجيع الناخبين للتصويت لحليف ما (نفس المصدر).
التأثير على الطبيعة
التمثيلية للحكومة
إذا حاز حزب ما على
أغلبية أسهم الأصوات وشكل الحكومة بمفرده، فإن الناخبين سيطالبون الحكومة أن تكون
مسؤولة أمامهم. وعندها يصبح للناخبين تأثير
مباشر على سياسات الحكومة. ومن جهة
أخرى، فإنه إذا سعت الأحزاب لتشكيل تآلف مشترك من أجل الحصول على أغلبية المقاعد،
فإن ميول الناخبين لن تنعكس بالضرورة في حكومة التآلف الأخير.
ويقال أن التحالفات قبل الإنتخابات تعتبر مفيدة في تلك الحالات،
لأنها تمكن الناخبين من تحديد بدائل حكومة
محتملة حتى قبل الإدلاء بالإصوات في الإقتراعات. وقد يعمل الناخبون على تقديم دعم
مباشر لإحدى التحالفات وبالتالي فإنهم يمدون الحكومة الجديدة بالمزيد من الشرعية.
شروط تشكيل الإئتلافات
قبل الإنتخابات
على الرغم من أن شروط وأوضاع تشكيل تحالفات قبل
الإنتخابات لم يتم البحث فيها بصورة منتظمة، فإن المرء قد يجد فرضيتين رئيسيتين
بشأن العوامل التي تؤثر في تشكيل التحالف.
وتبين الفرضية
المسماة بإنعدام النسبية أن الإئتلافات قبل الإنتخابات من المرجح أن تنشأ في أنظمة
إنتخابية غير تناسبية إذا كان هناك العديد أو إثنين من الأحزاب على الأقل .
والإستنتاج الرئيسي هو أن النظام الإنتخابي قد يكون له أثر كبير في تشكيل التحالفات
والإئتلافات بالفترة قبل الإنتخابات.
وتعمل أنظمة الأكثرية/ الأغلبية على إفادة
الأحزاب الكبرى. وإذا كان هناك أكثر من حزبين متنافسين في النظام الحزبي، فإن
الأحزاب الرئيسية قد تميل كي تسعى إلى تآلفات قبل الإنتخابات من أجل توسيع فرصها في
تحقيق أغلبية في المجلس التشريعي، وبالتالي فإنهم سيكونون جزءاً من الحكومة. وفي
هذه الأنواع من الأنظمة الحكومية، فإن الأحزاب قد تتشارك في أصواتها أو حتى قد تعمل بصورة منتظمة على تحويل أصواتها داخل تآلفاتها
الإنتخابية.
وهناك
طريقة أخرى لتوضيح كيفية تشكل الترتيبات قبل الإنتخابات تتمثل فيما يسمى " نظرية
أداة التأشير" . ويتم تفسير تشكيل تحالفات حزبية قبل الإنتخابات بأنها
عبارة عن إشارة أو عرض واضح لجمهور الناخبين بأن الحزب قادر على تولي
مقاليد الأمور في البلاد من خلال تحالف مستقر. وقد يكون ذلك سارياً في الحالات
التي تستطيع فيها أحزاب المعارضة بصورة خاصة تشكيل تحالفات إنتخابية ضد حكومة
الحزب الواحد الحاكم. وإذا حكم البلاد حزب رئيسي لفترة طويلة من الوقت، فإن أحزاب
المعارضة قد ترغب في التحرك وتتقارب من بعضها البعض (بمعنى أيديولوجي)، وتشكل
إئتلافات من أجل محاولة إستبدال الحكومة.