إن الميزة الخاصة بنموذج المحاكم الانتخابية في أمريكا اللاتينية هو إنشاء محاكم انتخابية متخصصة (محاكم ، هيئات محلفين ، هيئات خاصة، أو مجالس) لتولي مسؤولية حل الخلافات بشأن نتائج الانتخابات. وتكون طبيعة هذه المحاكم قضائية أو تنفيذية ، وأنها قد تعمل بوصفها محاكم عليا أو بمنزلة أدنى منها. ويمكن اعتبارها بوصفها مساهمة كبرى من أمريكا اللاتينية في ميدان العلوم السياسية والقانون الانتخابي ، باعتبار ذلك وضعاً هاماً من العمليات الديموقراطية التي حدثت مؤخرا في تلك المنطقة، كما يؤكد ذلك على سيادة القانون وتسوية النزاعات من خلال الهيئات القانونية.
كما أن صلاحيات الاختصاص في حل النزاعات الانتخابية الممنوحة لهذه المحاكم الانتخابية المتخصصة في أمريكا اللاتينية (المحاكم، وهيئات المحلفين ، أو المجالس) ، والتي في بعض الحالات تكون مستقلة مع صلاحيات مماثلة لتلك المخولة للسلطة القضائية، قد عملت على الوفاء بضرورة وأهمية حماية وصون الطابع القضائي لتأهيل الانتخابات . وبهذه الطريقة ، فإنه يجري اتخاذ القرارات وفقا للمبادئ الدستورية والقانونية ، ودون تعريض لأي من القضاة أو المحكمة العليا لانتقادات متكررة بدعوى استجابتها لمصالح سياسية أو حزبية. وقد تم استخلاص هذا الاختصاص من المجالس السياسية التي لم يكن أعضاؤها محايدين، مما جعل مصالحهم السياسية تؤثر في قراراتهم.
وخلال القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن التالي ، كانت النظم الانتخابية لتسوية المنازعات في أمريكا اللاتينية مـُسيـَّسة. وفي المقابل ، وخلال السبعين سنة الأخيرة، فإننا كنا نلاحظ في تلك المنطقة بصورة تدريجية نشوء محاكم انتخابية متخصصة (محاكم وهيئات محلفين ، أومجالس وإدارات) مسؤولة عن حل النزاعات الانتخابية ، وفي بعض الحالات ، كانت حتى مسؤولة عن تنظيم الانتخابات. وهذه السلطات الانتخابية والطابع التنفيذي أو القضائي (بعضها مستقل والبعض الآخر منها جزء من سلطة تنفيذية أو سلطة قضائية). والمثالان السابقان من هذا الطراز، وهما المحكمة الانتخابية في أوراغواي ، التي أنشئت للمرة الأولى حسب قانون عام 1924 ، والمحكمة المؤهلة للانتخابات في تشيلي المـُـدْرَجة في الدستور منذ عام 1925.
وقد جاء الإنشاء التدريجي لهذه المحاكم الانتخابية المتخصصة (المحاكم وهيئات المحلفين ، المجالس ، أو الإدارات) في تلك المنطقة في أعقاب النظام المُـسَـيـَّس لحل النزاع. وقد جرى إنشاؤها أولا – بصورة عامة مع الأخذ بعين الإعتبار أن لكل بلد تاريخه الخاص به - من خلال وسائل هيئة انتخابية إدارية ينص عليها القانون ، وذات طابع مؤقت. وكان ذلك الجهاز يتكون من قبل ممثلي الأحزاب السياسية والسلطة التنفيذية. وكانت الخطوة التالية تنطوي على تخويل تلك الأجهزة وضعاً دستورياً ومنحها الحماية والحصانة لضمان استقلاليتها وحيادها (الأحزاب السياسية هي الأقل في الحاضر والمواطنون على النقيض يقدمون المزيد من المشاركة في تشكيلها ؛ وبات يـُـطلب أيضا وجود أغلبية مؤهلة في الهيئة التي تعين أعضاءها في النهاية). وفي معظم الأوقات ، فإن مثل هذا التحول يعني أيضا أن تلك النماذج من السلطة الانتخابية تصبح دائمة ومتخصصة وتهدف الى حل النزاعات (مع الاحتفاظ بالصلاحيات الإدارية أو إنشاء سلطات انتخابية موازية ، وبعضها في السلطة القضائية).