يـُـعـَـد النظام الانتخابي عنصراً أساسياً في أي إطار قانوني ، وذلك لأن مثل
هذا النظام يحدد التكامل بين المناصب
العامة المنتخبة والعلاقة بين الأحزاب السياسية في أي دولة ، أو ولاية ، أو مجموعة
من البلدان.
وبصورة عامة ، فإنه يمكن تعريف النظام الانتخابي بأنه تنظيم انتخاب الموظفين العامين. وفي تعريف أكثر دقة ، فإنه يمكن اعتبار
النظام الانتخابي بأنه تنظيم العلاقة بين عملية الإنتخاب والمسؤولين المنتخبين. وعليه
فإن النظام الانتخابي هو بالتالي ، عبارة عن الطريقة التي يمكن فيها
تحويل أصوات الناخبين المـُـقتـرِعين إلى
ممثلين مـُـنتـَخـَـبـَـين ، ويصبح مضمونها السياسي ، بالتالي ، واضحاً. كما يمكن
إعتبار مثل هذه الأنظمة بأنها عملية سن قرارات تشريعية في غاية الأهمية.
وعند النظر إلى عملية تصميم نظام انتخابي بطريقة أكثر تقييدا وتحديداً،
فإنها لا تشير إلى ممارسات الأنظمة البرلمانية فحسب، ولكنها
تشمل أيضا الإجراءات المتعلقة بكل من النظام الرئاسي ونظام المـَلـَكـِيـِّات الدستورية.
وفيما يتعلق بانتخاب الموظفين العموميين ، فإن اختيار النظام
الانتخابي يعتبر بالغ الأهمية. وإذا كان
النظام الانتخابي يتبع مبدأ الأغلبية ، فإن المرشحين الذين يحصلون على أكثرية الأصوات، فإنه
يجري الإعلان عن فوزهم في الانتخاب. وعلى النقيض من ذلك ، فإنه إذا تم انتخاب
الفائز في جولة ثانية بدلاً من الفائز الأول والوصيف بالجولة الأولى، أو إذا كان انتخاب
الفائز يتم إجراؤه بطريقة غير مباشرة (كما يحصل في الولايات المتحدة) ، فإن النتائج
قد تكون مختلفة كلياً.
والى جانب ذلك ، فإن النظم الانتخابية لا تقتصر على الطريقة التي يتم
بها تحويل الأصوات الإنتخابية إلى مقاعد نيابية في مجلس النواب فحسب ، بل إنها قد تؤثر أيضاً على العناصر الأخرى المكونة للنظام السياسي (مثل وضع نظام للأحزاب السياسية
، والفصل بين الأيديولوجيات السياسية ، وتمثيل مختلف المصالح الاجتماعية ، والملامح الرئيسية للحملات
الانتخابية ، وقدرة الأنظمة السياسية على تزويد الأفراد بمؤسسات سياسية فاعلة ، وشَـرْعـَـنـَـة
النظام السياسي. كما تبرز أهمية الأنظمة الانتخابية أيضاً بفعل ربط المواطنين مع زعمائهم (من خلال بعض الآليات
مثل التمثيل والمسؤولية والمساءلة السياسية). وفي الحقيقة، فإن النظم الانتخابية
تعمل على توليد نتائج وإحداث تأثيرات هائلة في الحكم الديموقراطي على المدى
البعيد. ولا بد من تقديم حوافز لمساعدة المتنافسين في
الانتخاب لدعوة الناخبين بطرق مختلفة، وفقا
للواقع الاجتماعي - السياسي (في
المجتمعات المنقسمة على نفسها بشدة بفعل عوامل اللغات والمعتقدات الدينية ، والاعتبارات
العرقية أو الإثنية). كما يمكن للنظام الانتخابي تعزيز
التعاون والثناء على المواقف التصالحية من المرشحين والأحزاب
السياسية ، في حين يعمل على معاقبة غير
المتعاونين والرافضين للمصالحة .
إن النظم الانتخابية يجب أن تـُـبنى على أساس القانون الدستوري
والتشريعات الأخرى. وكما قلنا، فإن تصميم النظم الانتخابية "يحدد الطرق التي
تـُحـَـوِّل الأصوات إلى مناصب تمثيلية عامة.
وبعبارة أخرى ، فإن مثل هذا التصميم يحدد كيفية ومدى تأثير التصويت
الإنتخابي على عملية التمثيل السياسي. وهذا
هو السبب في أن ترتيب النظام الانتخابي يبدأ على المستوى الدستوري ، ولكنه يستمر
على المستوى التشريعي.
وهناك صفتان تمتاز بهما المكونات الأساسية للنظام الانتخابي (فمن
ناحية ، فإنها تؤثر على الطريقة التي يتم
بها تحويل الأصوات إلى تمثيل سياسي ، كما يمكن تمييزها عن غيرها وفقا للقرارات
السياسية التي تحدد كل واحد منها). ومع
وضع ذلك في الأذهان ، فإنه يمكن القول أن المكونات
الأساسية للنظام الانتخابي التي يتعين إدارجها في التشريعات الانتخابية هي على
النحو التالي :
• التقسيم الإقليمي للأغراض الانتخابية ، والذي يشير إلى الإقليم الجغرافي
المستخدم لتحويل الأصوات إلى مقاعد نيابية
في مجلس الكونغرس أي النواب.
•
النظام الانتخابي (الذي يعتمد
الفوز باستخدام نظام الأغلبية النسبية
سواء أكانت بسيطة أم مطلقة أم تأهيلية، أو بإعتماد نظام التمثيل النسبي).
• الإجراء الرياضي
أو الحسابي الذي يجب تطبيقه لتحويل الأصوات إلى مقاعد نيابية.
• "العتبات" أو المداخل الانتخابية أو أدنى الحدود اللازمة
للتأهل، والتي تمثل الحد الأدنى من نسبة الأصوات التي يجب الحصول
عليها من قبل المرشحين من أجل إدراجهم في توزيعات المقاعد في مجلس النواب.
• الطريقة التي يتم بها إجراء
عملية الانتخاب (مباشرة أم غير مباشرة)، والتي تشير إلى قدرة كل من الناخب والأحزاب
السياسية على تحديد من سيتولى شغل المناصب العامة.
إن اختيار أي نظام انتخابي يجب أن يتم إدراجه ضمن إطار قانوني ينظم
الهياكل الاجتماعية والفوارق السياسية بطريقة ملائمة. كما أن تطبيق نظام انتخابي معين في أي دولة
سيكون له تأثير نسبي في طرق أداء المتنافسين السياسيين. كما أن تقييم النظام
الإنتخابي في أي بلد يمكن إجراؤه على أساس النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات
السابقة. وفي حالة القيام بمثل هذا
التقييم، فإن من شأنه إلقاء بعض الضوء على القضايا الهامة مثل الفوائد
المتحققة من الحزب السياسي الذي يتولى زمام أمور الحكم في البلاد بالمقارنة مع
الأحزاب السياسية الأخرى. كما يمكن إلقاء الضوء على مكونات النظام التي قد يـُـنظر
إليها باعتبارها مشوهة ومسيئة للأنظمة العالمية أو لنتائج الانتخابات.
كما أن اختيار أي نظام
انتخابي هو قرار نسبي للغاية من وجهة نظر مؤسسية. كما أن مثل هذا القرار في غاية
الأهمية لتحقيق الأداء بشكل مُرضٍ لأي نظام ديمقراطي. كما
تستطيع النظم الانتخابية توفير المساعدة لتحقيق
نتائج محددة ، بالإضافة لمقدرتها على تعزيز التعاون والمصالحة في المجتمعات
المنقسمة على ذاتها.
ولا يمكن أن يكون هناك نظام انتخابي يمكن تطبيقه على نحو شامل لجميع
الحالات. كما لا يمكن تطبيق معيار عالمي لجميع الحالات أيضاً. إن اختيار نظام
انتخابي يجب أن يتطلع إلى تحقيق أهداف واضحة المعالم ومحددة، كما يجب أن ينظر إليه باعتباره
قراراً ذا صلة وثيقة. كما تعتبر
الآثار الناجمة عن عملية النظم الانتخابية سياقية وقرائنية، وتستند
إلى الخصوصيات السياسية والإقليمية ، فضلا عن الحقائق الاجتماعية المختلفة ، والصراعات
المحددة التي تختلف من بلد إلى آخر. كما أن الآثار العامة لكل نظام انتخابي واحد تعتمد على الظروف السياقية التي تميز كل حالة عن
غيرها.
إن إعادة
النظر في النظام الانتخابي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار فيما إذا كان هناك انقسام
عميق في البلد أم لا من النواحي السياسية والجغرافية والدينية والعرقية. كما يتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار فيما إذا كان يجري هناك تمثيل للأقليات
السياسية بصورة عادلة في النظام السياسي. كما أن إعادة النظر في النظام الانتخابي التي
تهدف إلى تحسين النظام الانتخابي في بلد ما يتعين عليها أن تضع في إعتبارها مختلف التوصيات
المستمدة من تجارب البلدان الأخرى التي اضطلعت بها لمواجهة التفاوتات وانعدام المساواة بين أفراد الشعب الواحد وأساليب حلها.