إن عبارة "مدونات السلوك" قد تشير لكثير من الأشياء
المختلفة. ولذلك، فإن من الملائم استبعاد ثلاث حالات من هذا التعبير منذ
البداية. ولا تؤثر هذه الحالات الثلاث في
وكلاء الانتخابات فحسب، بل إنها تؤثر أيضا في التعهدات والإلتزامات المتعلقة
بالإنتخابات، ولا يمكن تناولها على إعتبار أنها معايير سلوكية مدرجة بصورة قانونية
ضمن العمليات الإنتخابية. وتشمل هذه
المعايير ما يلي:
· يمكن
القول بصورة عامة، أن أنظمة الإدارة الانتخابية لا يمكن النظرإليها بصفتها مدونات
أو قواعد سلوكية. وعليه، فإن من الممكن تمييز
"معايير السلوك" العامة، مثل تلك التي تنظم أنشطة مسؤولي
الإنتخابات الأسترالية، من القواعد الفردية الموجهة لأفراد محددين، مثل الكثير مما
جرى إنشاؤه وتحريره من قبل المنظمات الدولية (مثل
مراقبي الإنتخابات). ونحن نتحدث هنا عن مجموعة من القواعد التي تهدف إلى
وضع وتأسيس ممارسات محايدة لأشخاص أو منظمات مسؤولة عن إجراء إنتخابات. ويمكن
النظر إلى هذه الإجراءات ببساطة على أنها بمثابة قواعد أو مدونات إدارية، بصورة مشابهة
لتلك القواعد التي يضعها الموظفون العموميون أو أعضاء الإتحادات المهنية.
· كما لا يمكن
اعتبار القواعد العامة التي تضعها الأحزاب السياسية بأنها قواعد سلوكية أيضاً، حيث
أن مثل هذه القواعد لا تعتبرإلزامية لأحزاب أخرى، ولكنها خاصة بأعضاء الحزب الناشطين.
· كما أن القواعد
الضمنية المخصصة للأداء الانتخابي الموجودة في العديد من الأنظمة الديموقراطية
المختلفة لا يمكن النظر إليها على إعتبار أنها "معايير أو قواعد سلوك".
وتعمل هذه المدونات على وضع القواعد المتعلقة بقبول المرشحين بالنتائج النهائية أو
الإتفاق الذي سيتم بموجبه مناقشة قضايا معينة من قبل المرشحين للانتخابات. كما أن
القواعد الضمنية لأداء الأنشطة الانتخابية غير ظاهرة بصورة واضحة وصريحة، عدا عن أنها ليست عامة.
ولكن ما هي الملامح الرئيسية التي يمتاز بها "قانون السلوك
الإنتخابي"؟ ومن وجهة نظرنا، فإن هناك على الأقل ميزتين يمكن عرضهما على
النحو التالي:
•
إن مدونة قواعد السلوك هي نتاج اتفاق يتم التوصل إليه من قبل الأحزاب
السياسية. وقد يظل هذا الاتفاق ساري
المفعول لأكثر من عملية انتخاب واحدة.
•
وتهدف مدونة قواعد السلوك الى استكمال القواعد الانتخابية. وهذا هو السبب
في أنها تلعب دوراً هاماً في انتخابات المرحلة الانتقالية. وهدفها الرئيسي مزوج الغرض، حيث من جهة ، فإنها تهدف إلى التوصل
إلى التنمية السلسة للانتخابات، ومن جهة أخرى ، فإنها ترمي إلى منع الأعمال
المسيئة من جانب المجموعات القوية المتنفذة.
وهناك العديد من الاختلافات لإبعاد كل منهما عن الآخر. وتستند هذه الاختلافات على خصائصها المميزة ،
وعلى مدى قوة الالتزامات المستمدة منهما.
ويمكن للأحزاب السياسية وضع مسودة لمدونة قواعد السلوك ، التي قد تشمل منظمات دولية بين
الموقعين عليها. ويمكن تعزيز تطبيق المدونات من جانب السلطات الانتخابية.
ويمكن حينذاك أن تواجه مدونات قواعد السلوك التي تروجها السلطات الانتخابية تحديا
أساسيا يمكن وضعه على النحو التالي : هل يمكن
أن تكون مدونات السلوك إلزامية؟ من وجهة نظر جدلية ، فإن مدونات قواعد السلوك ينبغي
أن تكون طوعية. ومع ذلك، فإنه يمكن استخلاص بعض الاستنتاجات المثيرة للاهتمام من
بعض الدراسات كالتالي:
• عملت بعض البلدان على إدراج مدونات السلوك
في التشريعات الانتخابية التي يسنها البرلمان. وهنا ، فإنه يتعين أن يبدأ النقاش
من منظور مختلف : هل لا يزال من الممكن الحديث عن مدونة لقواعد السلوك؟
• وهناك بعض التعقيدات الأخرى
المستمدة من تلك الحالات التي تنص فيها مدونات السلوك المتفق عليها بحرية من قبل
المتنافسين على إيقاع عقوبات يتعين
تطبيقها على كل من لا يلتزم ويبر بها. وفي مثل هذه الحالات ، فإن مدونات السلوك تكتسب
المزيد من وضع المعايير المبدئية.
ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من قواعد السلوك قد تم التوافق عليها . وهي لا تحول دون أي عقوبة على الاطلاق اذا أخفق
شخص ما في الالتزام بها. ويمكن اعتبار
هذا الوضع بأنه إدماج للبعد المعياري
للعملية الانتخابية. وعلى أي حال ، فإنه لا بد من القول أن قواعد السلوك الفعالة
تعمل على تنظيم قضايا بالغة الأهمية، وتميل نحو ان تصبح إلزامية.
وبخصوص محتوى قواعد السلوك، فإنها
يمكن القول أنها قواعد تهدف إلى ما يلي:
· منع حدوث أي نوع من التخويف أو العنف ؛
·
وضع قواعد وضوابط سلوكية على الحملات الانتخابية ؛
·
منع حصول أي نوع من السلوك التعسفي من جانب الأحزاب السياسية القوية.
وتعمل
غالبية قواعد السلوك على تعزيز التعاون بين السلطات الانتخابية وتفرض عادة عقد اجتماعات
دورية. ومع ذلك ، فإنها لا تعمل على تمكين السلطات الانتخابية من تفسيرها ، ولا من
تنفيذها.