يتعين على أي بلد يمر
بعملية تحول ديمقراطي القيام بوضع استراتيجية من تلقاء ذاته وعلى مسؤوليته. ويمكن لهذه
الاستراتيجية اتباع أحد مسارين ممكنين. وفي المسار الأول ، فإنه يتم العمل
بصورة تامة على تقييم أهمية وضع قانون انتخابي جديد ، فضلا عن تأثير مثل ذلك الإختيار
في النظام القانوني. وتعمل الأحزاب
السياسية على مناقشة الاقتراح بغية التوصل
إلى فهم سليم حول الموضوع.
ومن وجهة نظر مقارنة ، فإنه يمكن القول أن أفضل الحالات الناجحة تتمثل في تخويل
لجنة متعددة الأطراف لوضع مسودة مشروع قانون جديد. ويعمل الإجماع الواسع على فتح باب
أفضل مسار مرغوب فيه للشروع في العملية
الانتخابية ومباشرة التحول الديمقراطي.
ومع ذلك ، فإننا ندرك أن هذا الخيار ينطوي
على بعض النكسات فيما بعد بشأن تنظيم أول عملية انتخابات في مستهل الفترة
الانتقالية. وتجدرالإشارة في ذلك الموضع إلى بعض تلك النكسات المحتملة:
• أولا ، إن هذا الخيار قد يسهم في تمديد صلاحيات السلطات المؤقتة القائمة. ومن المحتمل أن لا يكون هذا التمديد جيداً، وقد يحمل في طياته عواقب وخيمة للغاية. كما أنه قد
يؤدي لتمديد صلاحيات السلطات المؤقتة مما يؤثر
على شرعيتها ومدى فاعلية النظام الجديد في أداء المهام.
• ثانيا ، قد يعمل القانون الجديد على توليد الوهم. ويمكن رؤية مثل ذلك الوهم
باعتباره الحدث المتكرر إلى حد ما في الفترات الانتقالية ، وذلك لأن الأحزاب
السياسية ، التي قامت بدور فاعل وذي صلة بصياغة القانون ، لن تحصل عادة في النظام
الجديد على دور بارز مكافئ لدورها في وضع القانون . ولذلك ، فإن التشريع الانتخابي
المستمد من العملية قد يفتقر إلى بـُعد التمثيل الحقيقي.
والمسار الثاني المتاح يتمثل في تبني
استراتيجية تهدف إلى تقصير العملية التشريعية. وفي مثل تلك الحالة ، فإن الحكومة
عادة ما تقرر العمل على تعديل القوانين الموجودة. ويجري حينها تكليف خبراء للعمل على تلك المسألة
باستخدام الدعم الدولي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية قد تواجه بعض الإنتكاسات كالتالي:
• فمن ناحية ، فإنه ما دام أن من الممكن استبقاء
العديد من القضايا الهامة للنظام القديم ، فإن الإصلاحات التشريعية تصبح إما غير
كافية أو غير متناسقة.
• ومن ناحية أخرى ، فإن القوانين الانتخابية لا يتم إصلاحها بسهولة كبيرة، حيث أن
القوانين الانتخابية عـَـصـِـيـَّة على الإصلاح نوعاً ما وبطريقة عميقة.
ومع وضع كل هذه
الأمور في الأذهان ، فإن من الممكن استكشاف
استراتيجية ثالثة على النحو التالي :
• نحن نتحدث في هذا المقام عن استراتيجية
اصطناعية أو تركيبية حيث تعمل الحكومة على سن قوانين مؤقته تهدف إلى تنظيم إجراء الانتخابات. ويعمل مثل هذا التنظيم إرغام البرلمان المنتخب لصياغة قوانين انتخابية جديدة.
• وأخيرا ، فإنه يمكننا الحديث عن عملية تدريجية وَئـيـدة الخـُـطى ، كما قد يحصل في بعض الأماكن. وهذه العملية موجهة صوب
التحولات السياسية، ويتم القيام بها عن
طريق إجراء العديد من الانتخابات التي تعمل تدريجياً على إفراز ملامح تعددية تنعكس في القانون.
وتــُستمد الاستراتيجيات التدريجية من
الحوار السياسي والتوصل إلى حلول توافقية بين الحكومات والأقليات ، وقد تكون واضحة
المعالم نوعاً ما. وكلما ازدادت تلك الحوارات
وضوحاً ، كلما أصبحت أكثر شرعية.