يجب أن ينظر إلى
الحق في التصويت كحق المشاركة في الشؤون العامة بطريقة مباشرة. ولذلك
، فإن مثل هذا الحق يجب سنه بأرفع مستوى قانوني وبإعتبار أنه أهم حق (في الدستور ،
على سبيل المثال). كما يجب أن ينظر إلى الحق في التصويت على أنه حق دستوري هام جدا في أي نظام دستوري ديمقراطي.
كما أن غالبية الدساتير في شتى أنحاء العالم قد حددت الحد الأدنى للسن الذي سيكون فيه للمواطنين الحق في التصويت ، سواء في
الانتخابات العامة ، أو في العمليات الانتخابية غير المباشرة. كما يمكن لكل من الدستور والقوانين المسنونة
تنظيم المتطلبات الأخرى المترتبة على الناخبين حتى يحق لهم التصويت.
وفي هذه الأيام ، هناك بعض المتطلبات العامة التي يجب الوفاء بها من
أجل السماح للفرد لممارسة حقه في التصويت. ومن بين هذه الشروط، يمكننا
سرد بعضها على النحو التالي : العمر ، الجنسية أو المواطنة، والحق في الحصول على
الحقوق المدنية والسياسية. وفي بعض الأحيان ، فإن الحصول على تسجيل ديموغرافي في
الوقت المناسب يجب أن يكون شرطاً لازماً للحصول على حق التصويت. وهذا هو
الحال أيضا مع عنوان الناخب في يوم التصويت. ومع ذلك،
فإن من
الواضح أن أي شرط إضافي لا يمكن أن يكون تمييزياً.
1- المواطنة أو الجنسية
عادة ما تفترض الجنسية بصورة
مسبقة وجود مواطَنة ينظر إليها على أنها صلة قانونية بين الفرد
والدولة. وتمثل هذه الصلة
مطلباً لازماً من الناخبين وتنطوي على مبرر تاريخي.
ويتيح كون الشخص جزءا من المجتمع السياسي السماح له بالمشاركة في
الشؤون العامة.
وليست الجنسية والمواطنة دائما توأماً من المفاهيم : ومثل هذا التمييز
مهم بالنسبة لتلك الدول التي تحتوي على
سكان ومواطنين من جنسيات مختلفة، لأن لديهم خلفيات تاريخية مختلفة، وخلفيات
ثقافية مختلفة ، وخلفيات سياسية مختلفة. والى
جانب ذلك ، فإن من المهم أيضا أن نتذكر أن المواطنة تفترض بصورة مسبقة في مواضع
عديدة ضرورة الوصول إلى مرحلة سن البلوغ. وتستند إحدى
السمات المميزة على مدى السيادة التي تتمتع بها تلك الدولة. ولتطوير مثل هذه السمة، فإن من الضروري معرفة الذين يمكن
اعتبارهم بأنهم مواطنين.وعادة ما يتم وضع مثل هذا القرار في كل من الدستور ،
والقوانين. ويتعين على كل من الدستور والقوانين العمل بدقة على توضيح من هو مواطن ، وفقاً لقواعد تقوم على أساس مكان
الولادة ، والعمر ، والعناصر الأخرى. كما يتعين على كل منهما تقرير بقية
الشروط
الأخرى التي يجب تلبيتها من أجل الحصول على الجنسية أو المواطنة : حتى يعتبر الشخص
مقيما بصفة قانونية في البلاد ، والعلاقة بين الأجنبي والدولة الجديدة ، والزواج ،
والأبوة، وصلات قانونية أخرى لبعض المواطنين ، وهلم جرا.
ومع وضع هذه الأمور في الأذهان ، فإنه يمكن القول أن المواطنة هي
مفهوم قانوني وليس سياسياً :
حيث يستطيع كل من دستور وقوانين أي بلد ما تحديد متى يمكن اعتبار شخص ما بأنه مواطن. وفي
بعض البلدان ، فإن المواطنة ليست كافية لممارسة الحق في التصويت (وخصوصا عندما يتم الحصول على الجنسية في لحظة
معينة ، وعلى أسس مختلفة من ناحية الميلاد). وعادة ، في مثل هذه الحالات، فإن
العيش لفترة في البلاد حيث تجرى الانتخابات قد جرى تحديده كشرط مطلوب في ذلك الصدد.
كما أن العلاقة المباشرة التي تربط المواطنة بالحق في التصويت ، قد
فقدت شرعيتها، نتيجة لأسباب تاريخية ، وأسباب ثقافية ، من جهة
، أو نتيجة لأسباب أخرى مثل الهجرة ، أو الأوامر المستمدة من المعاهدات
الدولية .
وعادة ، عندما لا يتم وضع الأحكام القانونية بصورة قانونية ، فإنه يسمح
للأجانب بالتصويت في الانتخابات البلدية. ويمكن العثور من وراء هذا التفويض على
سبب قوي : وهو أن الأجانب المقيمين في البلاد بصورة قانونية يشاركون في الحياة
اليومية مثل أي فرد آخر. والى جانب ذلك ، فإن الانتخابات البلدية ليس لها أي نطاق
نفوذ سياسي مؤثر. وتؤيد معاهدة الاتحاد
الأوروبي لعام 1992 ، على سبيل المثال ، الحق في التصويت والحق في الترشح لوظيفة محلية
في دول الاتحاد جميعها. ويمكن العثور على سوابق
تتعلق بمثل هذا الحق في الدنمارك والسويد والنرويج . كما أن الحالة
البريطانية مثيرة للاهتمام للغاية، حيث
يحصل هناك مواطنو الجمهورية الايرلندية ودول
الكومنولث أيضا على حق التصويت في
الانتخابات البريطانية.
وبالمثل ، فإن من المهم أن نشير إلى نظام انتخاب أعضاء النواب في
البرلمان الأوروبي. وقد عمل هذا النظام
على بذل وارتياد جهود كثيرة مما يمكن اعتبارها نموذجية في أيامنا هذه. (أنظر الموقع بعنوان: انتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي). وهناك فإنه يسمح
للمواطنين الأوروبيين في التصويت مهما كانت إقامتهم. كما يحق لهم الترشيح
والانتخاب أيضا عندما تظهر أسماؤهم في
بطاقات الاقتراع التي يجري التصويت عليها في بلد أوروبية غير بلدهم.
وقد تنشأ العديد من الصراعات من أنظمة ولوائح قوانين الجنسية. وهذه هي الحالة
التي تواجهها اليوم بعض الجمهوريات
السوفياتية السابقة. أنظر الموقع بعنوان: (الأقليات المستبعدة من حق التصويت ،
والصعوبات حتى تكون مواطناً روسياً)). وقد أدت القيود المفروضة على المواطنة للأفراد في بعض
البلدان (سواء من وجهة نظر تاريخية أم ثقافية) إلى تقليص الحق في التصويت للعديد من
الأفراد.
2- الإقامة أو السكن
يمكن إعتبار مكان إقامة الفرد بأنها مسألة نسبية من
وجهتي نظر مختلفتين. أولا، يمكن
للمواطنين الأجانب الحصول على الحق في التصويت في الانتخابات المحلية لبلد أجنبي (وحتى يمكنهم الحصول على جنسية البلاد التي يقيمون
فيها). وثانيا، إن
العيش في بلد أجنبي قد يكون له تأثير ضار
على المقيمين الأجانب.
ويعتبر مكان الإقامة مهماً جدا للانتخابات المحلية أو الإقليمية ، كما
أنه قد يصبح هاماً للغاية لتسجيل الناخبين. وفي بعض الحالات
، خاصة في المسائل المتعلقة بالديموقراطيات
المتقدمة ، فإنه يحق للمواطنين الذين يعيشون خارج بلادهم أن يصوتوا في الانتخابات الأقاليمية أو الوطنية. وفي مثل تلك الحالة ، فإن القوانين الانتخابية تسمح لهم
بإرسال أصواتهم عن طريق البريد ، أو التصويت في القنصليات ، أو في أماكن أخرى (كحق
تصويت الجنود ، والدبلوماسيين المقيمين في الخارج). ومع
ذلك ، فإن بعض البلدان، لا تكون القضية
فيها مثل هذه الحالة. إن عملية التصويت
في الخارج مهمة جدا بالنسبة للبلدان المتضررة من هجرات واسعة النطاق وحاسمة في
آثارها.
وبعض التجارب تجعل من مكان التصويت الفعلي غير
ذي صلة. وفي كوستاريكا، على سبيل المثال ، فإنه يمكن الإدلاء بالأصوات في ماكينات
الصراف الآلي. ومن
الجدير بالذكر أيضاً أن الأماكن التي يعيش فيها الناخبون تعتبر هامة لتحديد المنطقة الانتخابية (وليس نقطة التصويت) حيث
يتم بيان تعداد الأصوات المدلى بها هناك. كما
يسمح رئيس قلم المحكمة الانتخابية برسم حدود واضحة لفرز المناطق الانتخابية عن
بعضها البعض ، وهو أمر مهم لتحديد أي نوع من الانتخابات التي سيكون
للناخبين فيها تأثيراً.
3- العمر
لقد اتبع شرط السن للتصويت التطور نحو العالمية في إنفاذ الحق في التصويت.
ومن وجهة نظر تاريخية ، فإن سن التصويت لم يتماشى مع سن المعاقبة على جريمة ما. وفي الواقع ، فإن الناخبين في عمر (حوالي 25 عاما) قد كانوا
أكبرمن سن المجرمين. كما جرى سن قوانين أعمار مختلفة لتصويت النساء. وفي أيامنا هذه ، عملت
الغالبية العظمى من الدول على السماح للأفراد
الصغار من سن ثماني عشرة سنة من المواطنين للتصويت.
وعادة ما يتم تحديد السن للتصويت في
الدستور ، لأن ذلك يمثل فرض قيد على حق أساسي.
وتختلف البلدان فيما بينها بشأن كيفية
تحديد عمر الشخص حتى يكون مسؤولاًعن الجريمة ، وهناك اتجاه
عالمي نحو تحديد سن الرشد للحقوق المدنية في ثمانية عشر عاما.
4- استخدام كامل الحقوق المدنية والسياسية
يجب أن يتمتع الأفراد بالحق الكامل للحقوق المدنية والسياسية في
التصويت. وهذا الحق المفترض بصورة كاملة، يظل قائماً ما لم يـُـقدَّم هناك إثبات
يبين إلغاءه. ولذلك ، فإن الأسباب والإجراءات التي
سيتم استخدامها إما في إلغاء أو تعليق
الحق في استخدام الحقوق المدنية والسياسية ينبغي أن تكون محددة بوضوح في الوقت اللازم.
5- الحد من الحق في التصويت
يمتلك الأفراد الحق
الدستوري في التصويت والحق الدستوري في أن يترشحوا للانتخاب والتصويت لهم. ومع ذلك ، فإنه
يمكن منع الأفراد من ممارسة هذه الحقوق بناء على شروط يجب أن تكون منصوصاً عليها في الأنظمة الديموقراطية
، ويمكن سرد بعضها على النحو التالي:
· أولا ، بما أننا نتعامل مع وجود قيود على حقوق أساسية ،فإنه لا
بد من الوفاء بالمبدأ الأساسي : حيث أن كل قيد مفروض على أية حقوق أساسية يجب أن يكون مقرراً بصورة مسبقة بموجب
القانون.
· وإلى جانب ذلك ،
فإن القوانين التي تقيد الحقوق الأساسية يجب تفسيرها بطريقة صارمة ومقيدة
للغاية. ولا يعتبر التفكير القياسي طريقة صالحة للتفسير عندما تصبح الحقوق الأساسية
على المحك.
· إن التمسك
بالحقوق الأساسية يجب أن يكون الخيار الأفضل على أي خيار آخر. وأما ما يتعلق بالقضايا الانتخابية ، فإن خيار التفسيرات
لصالح المشاركة الكاملة للمواطنين هو أفضل من غيره.
· يجب أن يتم
تطبيق القيود على الحق في التصويت بطريقة غير تمييزية. وبعبارة أخرى ، فإنه في مواجهة حالات مماثلة ، فإنه سيتم تطبيق قيود
مماثلة ، من دون أي اعتبار شخصي على الإطلاق.
· يجب أن تهدف
القيود على الحق في التصويت إلى تحقيق عملية انتخابية حرة وديمقراطية.
وتعتبر القيود المفروضة على الحق في التصويت والترشح على حد سواء ، بمثابة تضحيات فردية لها ما يبررها، طالما أنها تعمل
على إنتاج عملية أكثر نجاحا في ممارسة حق
التصويت أو الحق في الترشح والحصول على
أصوات من وجهة نظر جماعية.
و يجب أن تكون هناك هيئة مستقلة مخولة بمراقبة القرارات المتعلقة بالقيود المفروضة على
الحقوق الأساسية. وعادة ما تناط هذه الصلاحية بالسلطة الانتخابية أو بأحد الأفرع القضائية
للحكومة. وعلى أية حال ، فإن أية قيود مفروضة على الحقوق الأساسية يجب أن تخضع للمراجعة
القضائية.