يختلف تعريف عضوية الأحزاب بشكل كبير من بلد لآخر. ففي بعض البلدان يعتبر الناخب الذي يفصح عن أنه قام بالاقتراع لصالح حزب ما على أنه عضو في ذلك الحزب تلقائياً، بينما تتطلب العضوية في بلدان أخرى قراراً رسمياً بالانضمام للحزب ودعمه مادياً من خلال دفع المستحقات المفروضة على الأعضاء. كما ويمكن تفسير عدة أشكال أخرى من العضوية غير المباشرة، كالعضوية في النقابات التابعة للحزب، على أنها أحد أشكال العضوية الحزبية.
تتمتع الأحزاب التي تمتلك أعداداً كبيرة من الأعضاء وتنظيماً جيداً لهم بميزات في الحملات الانتخابية، خاصةً فيما يتعلق ببعض المهام كالدعاية، وأعمال جمع المعلومات التطوعية، وعمليات الدعاية الانتخابية من بيت لبيت.
هناك ميول شائع ينم عن تراجع مستويات العضوية الحزبية. فالأحزاب السياسية في الديمقراطيات الناشئة لا تقوم غالباً على مسألة العضوية بنفس الطريقة التي اعتادت أن تكون عليها الأحزاب السياسية في بلدان أوروبا الغربية، حيث يمكن أن نلحظ في مختلف أرجاء العالم تراجعاً في أعداد الأعضاء المنتمين للأحزاب، وهو ما تسببه اعتبارات مختلفة كارتفاع مستويات المهنية في إدارة الحملات السياسية، والاعتماد المتزايد على التمويل العام وسيطرة وسائل الإعلام.
من الصعب بمكان تقدير حجم العضوية في الأحزاب السياسية من وجهة نظر مقارنة. وتتمثل إحدى مصادر البيانات والمعلومات المقارنة من خلال الأعداد الرسمية التي تقر بها الأحزاب السياسية، وهي أعداد قد لا تكون موثوقة، خاصةً حيث تعمد الأحزاب السياسية إلى تضخيم حجمها أو حيث تتسم السجلات المركزية للأعضاء بعدم الدقة أو العشوائية. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يفرض على الأحزاب السياسية عادةً الاحتفاظ بسجلات عامة.
تتمثل إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها تحليل دور الأعضاء في الحزب السياسي في التمييز بين الأنواع المختلفة للتنظيمات الحزبية والأدوار التي تسندها لأعضائها في حال استنادها إلى وجودهم على أية حال.
تصنيف التنظيمات الحزبية
التصنيف الأكثر شيوعاً والذي يشار إليه في كثير من الأحيان هو ذلك التصنيف الذي وضعه موريس دوفيرغير (1954)، والذي حدد ثلاثة أنواع لتلك التنظيمات، والتي إظيف لها نوع رابع مؤخراً من قبل باحثين آخرين.
أحزاب الكفاءات، والتي تعتبر الأقدم والأكثر تقليديةً، وهي عبارة عن جمعيات غير واضحة المعالم من المشرعين (الممثلين المنتخبين)، والتي لا يلعب فيها الأعضاء سوى دوراً صغيراً وهامشياً، إلا أنها تمتلك تركيبة تنظيمية رسمية. وهذه التنظيمات تتألف بشكل أساسي من النخبة السياسية وقياداتها التي يتم تشكيلها عادةً داخل البرلمان.
في الأحزاب المعروفة باسم الأحزاب المستندة إلى العضوية، فقد تكون تلك العضوية واسعة الانتشار، إلا أنها لا تلعب أي دور في التأثير على قرارات القيادة الحزبية وعملية صنع السياسات. كما ولا يتمتع الأعضاء بأية سلطة حقيقية في الحزب، كسلطة إخضاع القيادات للمحاسبة عن أعمالهم أو تنحيتهم عن قيادة الحزب عند الحاجة. وتسيطر على هذه الأحزاب تركيبة هرمية تتعلق بإصدار الأوامر وممارسة الرقابة الصارمة من الأعلى إلى الأسفل. وينظم الأعضاء للحزب من خلال ضوابط عسكرية، ويحافظ الحزب على سلطته من خلال سيطرته على التركيبات البيروقراطية العسكرية والمدنية له. وعادةً ما تلجأ القيادة الحزبية إلى الهيمنة، والفساد والإكراه لدفع الأفراد على تأييد حزبهم وكوسيلة إضافية لبسط سيطرتهم على جمهور المواطنين بشكل عام.
في المقابل، تعتمد الأحزاب القائمة على العضوية بشكل أساسي على قيام تنظيم من عدد كبير من الأعضاء، وبالتالي فهي تمنح لأعضائها دوراً كبيراً وهاماً في الحزب. أما الدافع الرئيسي للانخراط في الحزب فيتمثل في الانتماء إلى ذات الميول الأيديولوجية والإيمان القوي بأهداف الحزب. وهذه الأحزاب التي تدعى "أحزاب اللحمة الاجتماعية" تعطي لأعضائها دوراً ومساهمة كبيرة في فعاليات الحزب، كالفعاليات الثقافية، وذلك من خلال انخراط الأعضاء بالتنظيمات ذات العلاقة بشكل خاص. وتنتسب لبعض تلك الأحزاب تنظيمات إضافية تعمل خارج النطاق البرلماني، كالنقابات، والتي توفر لها مزيداً من الأعضاء.
لقد أدت الأهمية المتزايدة للتمويل العام للأحزاب السياسية، والاعتماد المتزايد على الدولة كمصدر للخدمات الخاصة بالأحزاب السياسية الناتج عن ذلك، إلى ظهور حوار حول نوع رابع من التنظيمات الحزبية: وهو المعروف باسم حزب القائمة أو الحزب الانتخابي المهني. ولهذا النوع من الأحزاب قاعدة ضئيلة من الأعضاء وهي تميل إلى تلاشي العلاقة بينها وبين أعضائها وجمهور الناخبين. وهي لا تعتمد على أعضائها أو على العمل التطوعي لنشر رسالتها السياسية، حيث تقوم بهذه المهمة وسائل الإعلام. فالسياسيون قد تحولوا إلى مهنيين يركزون اهتمامهم على العمل الحكومي والبرلماني بدلاً من التركيز على المجتمع المدني.
نتائج العضوية الحزبية المتناقصة أو المضمحلة
تضعف عضوية الأحزاب السياسية بشكل خاص في الديمقراطيات الجديدة، في الوقت الذي تراجعت فيه عضوية الأحزاب بشكل كبير في العديد من الديمقراطيات الراسخة في العقدين الأخيرين. وهذا يثير القلق لعدة أسباب:
-
الحد من إمكاينات المواطنين في المشاركة السياسية
-
توسيع الفجوة بين السياسيين المحترفين والناخبين
-
قطع أواصر الصلة بين المواطنين والأحزاب السياسية والخدمات التي يمكن لها توفيرها، كالتوعية الانتخابية، والنشاطات الاجتماعية، والفعاليات الأخرى الرامية إلى رفع مستويات الوعي العام
-
الإضرار بمسؤولية القيادات أمام أتباعهم
-
الحد من شرعية القيادات والقرارات السياسية بشكل عام
-
تقليل مستوى انخراط العامة ودرايتها بالعمليات السياسية وطرق عمل الأحزاب السياسية ودورها في المجتمع
-
إشاعة سوء الفهم حول العمليات السياسية المعقدة
-
تقوية المركزية الحزبية وتركيز السلطة في يد القيادات بسبب غياب الرقابة أو تراجعها من قبل الأعضاء
من جهة أخرى، فمن غير الواضح بأن تراجع مستويات العضوية يعني كذلك قيام ميول مقابل يحد من الانخراط في العمل الحزبي. إذ من الممكن أن يحافظ الأعضاء الفعالين في الحزب على عضويتهم فيه بسبب التزامهم الأيديولوجي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانعكاسات التي يفرضها تراجع مستويات العضوية على التركيبة التنظيمية للحزب تبقى غير واضحة. إذ لا توجد علاقة واضحة بين تراجع العضوية وتعاظم مركزية السلطة الحزبية.