تعتبر السوابق القضائية ضرورية لتكامل
النظام القانوني الانتخابي.
وينطوي مثل هذا القول على تغير هام للغاية :
حيث أن حل النزاعات الانتخابية لم يعد مقصوراً على السلطات
السياسية، بل أصبح القيام به من خلال السلطات القضائية أمراً ممكناً أيضا
(ومن ناحية ، فإن هناك بعض الحالات التي يتم حل النزاعات الانتخابية فيها عن طريق
المحاكم ، ومن ناحية أخرى، فإن بعض حالات النزاعات الأخرى،
يمكن النظر إليها على أنها تتطلب في حلها نـُـظماً مختلطة بحيث
تشمل السلطات السياسية والقضائية على حد سواء). وكانت السلطات السياسية من
قبل تعمد إلى حل المنازعات الانتخابية من خلال معايير سياسية.
ولكن الآن أصبح حل النزاعات الانتخابية يتم عن
طريق محاكم انتخابية متخصصة حيث تعمل هذه المحاكم على فرز وتصنيف النزاعات
باستخدام معايير قانونية بحتة. كما أصبح حل النزاع الانتخابي يتم بصورة
قضائية، وغدت الأحكام بشأنها تصدر عن المحاكم ومن قضاة انتخابات (والتي يمكن اعتبارها بأنها سوابق قضائية) كما أصبح من الضروري
فهم مدلول ومضمون القانون الانتخابي بشكل تام.
وفي نـُـظم القانون العام ، فإنه يمكن
اعتبار الإجراءات القضائية بأنها أصل القانون (ولكن على العكس من ذلك
، في نظم القانون المدني ، فإنه ينظر الى القانون الذي جرى سنه وإصداره بأنه
أصل القانون). وحسب المفاهيم القانونية مثل: لزوم إعتماد
عبارات مثل: "ما سبق تقريره" أو "سبب الحكم" في السابق،
فإن الأسباب الداعمة للأحكام السابقة يتعين أخذها بعين الاعتبار من أجل حل لأي
قضايا جديدة ومشابهة لها. ولا يـُـعـَـرَّف القانون الانتخابي من خلال
القوانين والتشريعات المدونة ، بل من خلال الآراء القضائية نفسها.
وفي نظم القانون العام ، فإن المحاكم
الانتخابية مهمة للغاية.
وتعمل مثل هذه المحاكم على تقديم مساهمة جوهرية في بناء
ما يرفد النظام القانوني. إن الآراء القضائية (التي ينظر إليها باعتبارها
سوابق قضائية) تنتج القانون ؛ والآراء القضائية الانتخابية (التي ينظر إليها على
أنها سوابق) تعمل على إنتاج القانون الانتخابي.
ويعمل ما يسمى بالنظام الانكليزي أو
نظام التقاضي العادي على تخويل القضاة في الفرع القضائي للحكومة بصلاحية حل
النزاعات الانتخابية بطريقة نهائية. كما تمتلك قراراتهم
النهائية أيضا القدرة على وضع حد لنظام معقد بشأن الطعون الانتخابية (التي
قد تكون إدارية أو سياسية ، كما هو موضح سابقا).
ومن الواضح أنه بالنسبة للنظم غير نظم القانون العام
البريطاني الأصل (والتي عادة ما تعرف باسم نظم القانون المدني) ، فإن القرارات القضائية
بشأن المنازعات الانتخابية تعتبر هامة أيضا. وقد عمل قضاة المسائل الانتخابية في
نظم القانون المدني على تقديم إسهامات قـَـيـِّمة أيضاً مما ساعد في تعزيز وتطوير
القانون الانتخابي. وفي تلك البلدان ، أصبح من اللازم استخدام السوابق
القضائية التي تصدرها المحاكم الانتخابية في حل القضايا الجديدة المماثلة.
إن القرارات القضائية للنزاعات
الانتخابية هي في غاية الأهمية حيث أنها في بعض الحالات تقرر أيضا في مدى
دستورية الأوامر التنفيذية الصادرة عن السلطات الانتخابية. وعندما تفعل
القرارات الانتخابية مثل ذلك ، فإنه يمكن النظر إليها على
أنها بمثابة محاكم دستورية تقوم بتقديم تفسيرات دستورية.
وتـُناط مسؤولية تقرير السوابق
الإلزامية عادة بأعلى المحاكم. وتنشأ السوابق على أثر بعض هذه المتطلبات الشكلية
التي يجري التوصل إليها من خلال القرارات بالإجماع أو بالتوافق والتسوية. كما تنشأ
السوابق القضائية (عادة ما تعرف باسم الفقه) عن طريق تكرار استخدام سبب حكم واحد
في حل أكثر من قضية واحدة. ويتعين في مثل تلك الحالات أن تكون
متماثلة من أجل أن يتم حلها بتطبيق نفس النسبة. كما تعتبر قرارات المحاكم العليا
بشأن الفتاوى القضائية المعاكسة، والتي تؤيدها محاكم مختلفة ،
ذات فائدة أيضا لإقامة سوابق قضائية. وفي العادة ، فإن السوابق القضائية لا
توقـَـف أو تـُـلغى إلا بقرارات مـُسندة ومـُـبرَّرة من أعلى القضاة.
ولكن إلى أي مدى قد
تصل له السوابق القضائية والفتاوى القضائية؟ وما هي آثارها؟ ومن هي
السلطات الملزمة بها؟ هناك أنظمة قانونية مقيدة ضمن الآراء التي تكون فيها
الفتاوى القضائية والقرارات القضائية مقيدة لحسم القضايا الخلافية في كل قضية
واحدة والتي لا تـُـعتبر بأنها إلزامية إلا للمحاكم والقضاة. ومع ذلك،
فإن هناك أيضا نظماً قانونية قد يكون فيها للفتاوى والسوابق
القضائية تأثيرات عامة (تجاه الكافة) وبعيدة المدى لا تؤثر على صلاحيات كل
سلطة فحسب، بل إنها تعمل على إبطال التشريعات المـُستنة أيض