يوفر الإطار القانوني الأساس الذي تقوم عليه المؤسسات ، وفيما يتعلق بنزاهة الانتخابات فإنه عادة ما يشتمل ذلك الإطار على عدد من القوانين التي يتم استكمالها من خلال مجموعة من اللوائح والأنظمة .
وفي غالبية الحالات يشكل الدستور القانون الأساس ، أي القانون الأعلى للبلد . ويضاف
إلى
ذلك
قوانين
أخرى
كقوانين
الانتخابات ،
والقانون
الجنائي ، وقانون
الحقوق
المدنية ،
بالإضافة
إلى
اللوائح
والضوابط
ومدونات
السلوك
الصادرة
عن
مختلف
المؤسسات
المسؤولة
عن
الانتخابات.
وتشتمل النصوص القانونية على المبادئ العامة لتنظيم الإدارة الانتخابية والتوجيهات الخاصة بالقائمين على تلك الإدارة المتعلقة بكيفية إدارة الانتخابات. وتحدد تلك النصوص حقوق وواجبات الأحزاب السياسية، ووسائل الإعلام ، والناخبين والمشاركين الآخرين في العملية الانتخابية.
ويخول الإطار القانوني الإدارة الانتخابية إدارة الانتخابات استناداً إلى التركيبات التنظيمية المنصوص عليها في نصوصه. كما يعطي الأحزاب السياسية صلاحية الحصول على الأموال والمشاركة في الانتخابات بما يتماشى مع النصوص القانونية. ويحمي كذلك الحقوق السياسية للناخبين، بما في ذلك حقهم في انتخاب من يمثلهم في الحكومة.
أسس
النزاهة
في
الانتخابات
وللتحقق من أن نتائج الانتخابات تعكس رغبة الناخبين الحقيقية ، فانه يجب
على
الإطار
القانوني
حماية
مبادئ
الحرية ،
والنزاهة
والتنافسية
في
الانتخابات والتأكيد
عليها. وعادة
ما
تنص
الدساتير
على
الحريات
السياسية
الضرورية لتنفيذ
انتخابات
تنافسية. أما
اللوائح
والضوابط
فانها تؤكد على نزاهة العملية الانتخابية ، وتكافؤ الفرص ومسؤولية كافة المشاركين ، بينما تسهم مدونات السلوك في تفادي الممارسات والسلوكيات غير الأخلاقية.
ويمكن للإطار القانوني تعزيز نزاهة الانتخابات من خلال وضع آليات وقاية قابلة للتطبيق والإنفاذ ، ومن تلك الآليات الفصل بين السلطات والحد منها ، وسبل المراقبة والمتابعة والموازنة ، والسبل الكفيلة بإنفاذ القانون على أرض الواقع.
وقد يعطي الإطار القانوني سلطات محددة لمؤسسات محددة ايضا . إلا أنه يمكن له تحديد تلك السلطات من خلال توزيعها بين مؤسسات وجهات مختلفة ، مما يوفر توازناً في إدارة الانتخابات. فعلى سبيل المثال ، يمكن
أن
تنص
المواد
القانونية
على
الفصل
بين
إدارة
الانتخابات
من
جهة
وسلطة
إنفاذ
القوانين الانتخابية
من
جهة
أخرى. ويمكن
تفويض
السلطات
المتعلقة
بإدارة
الانتخابات إلى
مؤسسة
ما ،
بينما
يعهد
لمؤسسة
أخرى
ترسيم
الدوائر
الانتخابية
أو
إدارة
التمويل
العام
للأحزاب
السياسية. ومن
الممكن
تحقيق
المتابعة
والتوازن
من
خلال
تفويض مهمة
مراقبة
الإدارة
الانتخابية
إلى
وكالة
رقابة
(مكتب
مراقب
عام
أو
محكمة
انتخابية)
تعمل
على
تحديد
المشكلات
وتقديم
التوصيات
والحلول
الملائمة.
كما يجب أن تحدد الضوابط الإدارية وبوضوح السلطات الموكلة لكل إدارة أو قسم ولكل موظف انتخابي وحدود تلك السلطات ، مما يسهم في وعي المؤسسة الانتخابية لطبيعة سلطاتها ولوجود نظام يحول دون تجاوز الموظفين لحدود مسؤولياتهم.
إن تفعيل وإنفاذ القانون
أمر
أساسي
لتحقيق
النزاهة ،
لذا
يجب
أن
ينص
الإطار
القانوني
على
وسائل
تضمن
تطبيق
نصوصه
على
أرض
الواقع ،
وتؤكد
على
مسؤولية
ومحاسبة
الإدارة
الانتخابية
وباقي
الشركاء
في
العملية
الانتخابية ،
بالإضافة إلى
ردعهم
عن
أية
ممارسات
فاسدة. أما
مسؤولية
إنفاذ
القوانين
فعادة
ما
تقع
على
عاتق
النظام
القضائي،
والشرطة،
والمحاكم
والسجون.
وفي الديمقراطيات الناشئة ، ما زالت ضوابط الانتخابات الحرة والنزيهة في مرحلة التطوير . وفي هذه الحالات فإن من الضروري
العمل
على
تضمين
المبادئ
الأساسية
ضمن
نصوص
الإطار
القانوني. أما
في
البلدان
المتحولة
من
النظام
الشمولي
إلى
الديمقراطي ،
فيتمثل
التحدي
الأكبر
في
إمكانية
التوافق
على
ضوابط
انتخابية
يمكن
لكافة
الأطراف
والأحزاب
القبول
بها
واحترامها . [1] وبعد الانتهاء من وضع الإطار القانوني الأساسي الذي ينص على تلك الضوابط ، يمكن البدء بتطوير الأطر التنظيمية والإدارية للعلمية الانتخابية.
كما يمكن الاستفادة من أية عملية لإصلاح أي من أوجه الإطار القانوني للتأكيد مجدداً على مبدأ النزاهة في العملية الانتخابية . وهذا ما حصل في المكسيك على سبيل المثال، حيث قادت عملية الإصلاح القانوني إلى إحداث تغييرات
ديمقراطية حقيقية . إذ
تم
إيجاد
إطار
تنظيمي
جديد
وأشكال
جديدة
للمشاركة . وقامت
المؤسسات
الجديدة
بوضع
ضوابط
وإجراءات
تنفيذية
أكدت
على
مسألة
النزاهة
في
الانتخابات
كما
نصت
عليها
النصوص
القانونية
الجديدة
وعززتها. [2]
وقد تطور الإطار القانوني في معظم البلدان إلى تركيبة معقدة من القوانين ، واللوائح ، والقرارات القضائية ، والممارسات الإدارية . وقد تكون بعض قوانين الانتخاب جديدة ومعدلة ، أما بعضها الآخر فقد يكون قديماً ولكنه ما زال قائماً . ولأغراض
النزاهة
في
الانتخابات ،
فإن من الضروري
العمل
على
مراجعة
مجمل
الإطار
القانوني
للتحقق
من
فهمه
وتحديد
الحاجة
لأية
تغييرات
فيه قد تكون مطلوبة .
وعلى أية حال يجب العمل على تفادي التعارض بين نصوص القوانين واللوائح المختلفة. كما يتعين على واضعي السياسات ومديري الانتخابات أن يتحققوا من فهمهم الكامل لكيفية تناسق مختلف النصوص القانونية والإدارية مع بعضها البعض ، بما يمكننا من العمل بموجب إطار قانوني متناسق يعزز ويقي نزاهة الانتخابات . فعلى سبيل المثال ، هل يتطرق القانون الجنائي إلى الغش في الانتخابات ، والذي يعتبر جريمة ؟ وفي النظام الفيدرالي ، من الذي يملك
الصلاحية لتعقب
حالات
الفساد لدى
الحكومة
الوطنية
أو
المحلية ؟
هل
يمكن
أن
تبقى
أية
جريمة
انتخابية
دون
عقاب
بسبب
فجوات
في
الأطر
القانونية
أو
الإدارية ؟
وعليه
فإن على المعنيين أن ينظروا إلى مجمل الإطار القانوني برمته عند القيام بتصميم إطار قانوني جديد أو مراجعة إطار قائم ، بما في ذلك مختلف القوانين ، واللوائح والضوابط والإجراءات المتعلقة بنزاهة الانتخابات ، والعمل على تحديد الفجوات ، أو الأخطاء أو مواقع التعارض والاختلاف في القوانين واللوائح وتصحيحها.
ملاحظات
[1] "التواسط في الإنتخابات" لروبرت
باستور
المنشور
في
مجلة الديمقراطية ،
9(1)،
1998،
ص
160.
[2] أندرياس
شيدلير
"عدم
الثقة
يولد البيروقراطية:
النظام الرسمي
لإدارة
الانتخابات
في
المكسيك" ،
المكسيك ،
عن
منشورات دار النشر فلاكسو ، عام
1999.