إن عملية اجراء انتخابات قد تكون
مكلفة للغاية، وتتطلب تعيين الموظفين وتدريبهم وتجهيزهم. كما يتعين إستئجار وإعداد
المكاتب اللازمة. ويجب تسجيل الأحزاب والمرشحين والناخبين. كما يقتضي إعداد قوائم
الناخبين وبطاقات الاقتراع وطباعتها وتوزيعها على كل موقع اقتراع في البلاد. ويجب
فتح مراكز اقتراع وتزويدها بالموظفين. ويتعين جمع الأصوات وفرزها. وتتطلب كل هذه
المهام موظفين ، ونظم للاتصالات، ووسائل نقل، ومعدات ولوازم وأموال للتشغيل.
مشاكل النزاهة التي تحدثها قلة الأموال
إن توفر ميزانية كافية لإدارة القانون الانتخابي يشكل عاملاً مهماً يسهم في نزاهة
الانتخابات. وفي حالة الإفتقار إلى الأموال، فإن جميع جوانب الادارة الانتخابية
تتعرض للضرر والخطر. وتتوقف استقلالية هيئة إدارة الانتخابات على توافر أموال
كافية في الوقت المناسب. وقد تنشأ مشاكل نزاهة من جراء تأخر التمويل أو عدم
كفايتها:
• قد يتم اقتطاع ضمانات الأمن لتوفير المال: على سبيل المثال ، فإن
هيئة إدارة الانتخابات قد تتخلي عن استخدام الورق الذي يحمل علامة مائية لطباعة بطاقات
الإقتراع، أو طباعة الأرقام التسلسلية على بطاقات تسجيل الناخبين، أو على بطاقات
الاقتراع.
• قد يتم توزيع المواد الانتخابية عبر وسائل نقل أقل تكلفة ولكنها
أيضا أقل أمنا أو ثقة بها؛ ومن الأمثلة على ذلك استخدام مركبات الموظفين أو
التعاقد مع الشركات الخاصة الأقل سمعة. ويمكن استخدام مواد متدنية الجودة لكنها لن
تدوم خلال فترة الانتخابات. وقد لا يكون لدى آلات النسخ أو الطابعات القدرة على
التعامل مع حجم الطلب.
• إن أداء العاملين في الانتخابات بأجور قليلة أو
مجاناً بدون أجر، قد يكون أضعف. وقد يضطر العمال الذين يتقاضون أجورا زهيدة إلى
التحايل لتدبير أمورهم ، مما يتسبب في خفض إنتاجيتهم. وقد يسعون أيضا لتعويض النقص
في أجورهم إلى قبول الرشاوى.
• وقد
تكون وسائل الحماية الفعلية للحملات الانتخابية والتصويت والأنشطة الإنتخابية الحاسمة
ثابتة وموحدة. وغالباً ما يتم تغطية تكاليف أمن الانتخابات بموجب ميزانية مختلفة ،
مثل ميزانية الشرطة. وفي حالة نقص الأموال هناك، فإن قوات الشرطة لن تملك وسائل النقل
أو أنظمة الاتصالات اللازمة ، وقد لا يكون لديهم ما يكفي من رجال الأمن لضمان
انتخابات آمنة.
ومن شأن التخطيط السليم والأنظمة الجيدة المساعدة في التغلب على القيود والضغوط
الحاصلة في الميزانية. وهناك حلول فعالة لجميع مشاكل التكلفة. وفي الوقت نفسه ، فإنه
لا يمكن إجراء الانتخابات على النحو المطلوب بموجب القانون دون توفر التخطيط الجيد
والتمويل اللازم.
مشاكل النزاهة جراء مصادر الأموال
قد يصبح مصدر الأموال مشكلة للنزاهة. ويجري تمويل هيئة إدارة الانتخابات عادة من
ميزانية الحكومة السنوية. وينبغي تخصيص أموال كافية للهيئة لاجراء الانتخابات على
النحو المطلوب. وعند ضمان توفير الأموال الكافية في حينها ، فإن هيئة إدارة
الانتخابات سوف تتمتع بالاستقلالية المالية التي تحتاجها لاجراء الانتخابات. وفي
الهند ، على سبيل المثال ، فإن أمانة هيئة الانتخابات تتمتع بميزانية مستقلة تم الاتفاق
عليها بين الهيئة ووزارة المالية. ولكن للأسف ، فإن على بعض هيئات إدارة
الانتخابات ، وخصوصاً في البلدان الأقل نمواً وتطوراً ، أن تتنافس وتزاحم بعضها
البعض للحصول على الموارد الحكومية ، وتنتهي في نهاية المطاف بدون أرصدة كفاية لتمويل
العمليات الإنتخابية في بلدانها.
وفي بعض الأحيان، فإنه قد يتم تخصيص ما يكفي من الأموال في ميزانية الحكومة لهيئة
إدارة الانتخابات، ولكن تجري إدارة الأموال من خلال وزارة معينة أو وكالة حكومية . وبالنتيجة فإن هيئة إدارة الانتخابات تصبح معتمدة على تلك الجهة المشرفة على إدارة
الأموال المخصصة للهئية. وفي الانتخابات التشريعية لعام 1998 في كمبوديا ، تم
تخصيص أموال في ميزانية الحكومة ولكن وزارة المالية لم تفرج عن تلك الأرصدة إلا
بدفعات صغيرة، مما جعل من الصعب تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات. وقد إضطر أعضاء الهيئة
لاستخدام رواتبهم لتغطية تكاليف التشغيل ، مثل دفع فواتير الكهرباء وشراء الورق
لآلات الطباعة والنسخ.
وقد يعمل المجتمع الدولي على توفير التمويل اللازم لانتخابات البلدان التي تشهد
تحولاً إلى الديمقراطية أو البلدان النامية. ويـُشترط عادة في التمويل من الجهات
المانحة ضرورة عقد انتخابات حرة ونزيهة ، وترتبط المنح المقدمة بدورة التمويل في
كل بلد من البلدان المانحة. وهذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حصول نقص في التمويل
في أوقات حرجة أو حاسمة.
وفي بعض النظم ، فإنه يسمح لهيئة إدارة الانتخابات الحصول على أموال من مصادر أخرى
، مثل التبرعات من مواطنين بارزين أو جماعات. ومع ذلك ، فإن قبول التمويل من
القطاع الخاص قد يؤدي إلى خلق تصور أن المال مقدم لشراء النفوذ. ويمكن لمسؤولي الإنتخابات
درء مثل تلك التصورات الخاطئة من خلال الكشف عن أسماء الجهات المانحة والتأكيد على
أن الجهات المانحة لا تتلقى أي معاملة خاصة. وفي بعض البلدان، فإن القانون يـحظر
التمويل من القطاع الخاص، مثل تايلاند. [1]
ملاحظات
[1]
ثيو نويل ، مستشار في الانتخابات الاندونيسية
لعام 1999 ، التواصل مع سو نيلسون.