وسائل الإعلام الحديثة
تتألف وسائل الإعلام الحديثة من الإنترنت والهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي مثل المدونات والمدونات المصغرة (مثل تويتر وسينا ويبو)، ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك ومواقع تبادل الفيديو مثل اليوتيوب وغيرها. بعبارة أخرى، تمثل وسائل الإعلام الحديثة مصطلحًا واسعًا يصف العديد من وسائل الإعلام التي تستخدم لأغراض كثيرة مختلفة. بعض العوامل التي تجعل وسائل الإعلام الحديثة مختلفة عن الإعلام التقليدي (الإذاعة والتليفزيون والصحف والمجلات) هي:
• عادة ما تكون تفاعلية؛
• استخدامها للتقنيات الرقمية، وتقنيات الإنترنت والهواتف المحمولة؛
• عادة ما تُنشأ بواسطة الجمهور ويوجهها المستخدمون؛
• تعمل في الوقت الحقيقي؛
• عادة ما تكون عابرة للحدود؛
• قصر عمر المعلومات عادة؛
• أصعب في التنظيم - والرقابة؛
• عادة ما تكون البنية التحتية اللازمة للنشر أو الإذاعة أرخص في الوصول إليها بالنسبة للأفراد؛
• لاتلتزم عادة بالمعايير الصحفية والأخلاقية؛
ولكن، الخط الفاصل بين الإعلام التقليدي والإعلام الاجتماعي عادة ما يكون واهيًا، نظرًا لأن معظم الصحفيين "التقليديين" يستخدمون الإنترنت كمصدر رئيس للمعلومات للموضوعات، ونظرًا لقيام العديد من وسائل الإعلام التقليدية بإنشاء نسخٍ على شبكة الإنترنت أو بالتحول بالكامل إلى منافذ للوسائط المتعددة. كما يستخدم الإعلام التقليدي مقتطفات من "صحافة الأفراد" - مثل خدمة iReport التي تقدمها شبكة سي إن إن والتي تدعو أي مشاهد للمشاركة بموضوعات. يعتمد الإعلام التقليدي أحيانًا على صور ومقاطع فيديو من الهواتف المحمولة الشخصية لتغطية القصص الإخبارية التي يصعب الوصول إليها مثل العنف العسكري ضد المحتجين طلبًا للديمقراطية. تلزم المنظمات الإعلامية الكبيرة مثل البي بي سي، مراسليها بإمتلاك مهارات في العديد من وسائل الإعلام التقليدية بالإضافة إلى وسائل الإعلام التفاعلية عبر الإنترنت. جميع المنظمات الإخبارية تقريبًا لها إصدارات هامة على شبكة الإنترنت، والعديد منها تفاعلي.
هناك العديد من وجهات النظر فيما يتعلق بالأثر الكلي لوسائل الإعلام الحديثة، ولكن هناك حقيقة لا يستطيع الكثيرون إنكارها، وهي أنها زادت من العولمة، وزادت من التنظيم والتواصل بين مجتمعات الاهتمام (السياسية وغيرها) برغم بعد المسافات الجغرافية، وغيرت وجه الصحافة التقليدية، ومحت الخط الفاصل بين الاتصال المنشور والاتصال الشخصي. بالإضافة إلى ذلك، سمحت وسائل الإعلام الحديثة للأفراد والجماعات والشركات الصغيرة بتحدي احتكار الإعلام التقليدي - والذي أصبح مصدر قلقٍ متزايد لمناصري الديمقراطية في شتى أنحاء العالم - من خلال استخدام البنية التحتية للإنترنت والتي لا تعرف الحدود والرخيصة نسبيًا للتعبير عن وجهات نظر بديلة.
تتيح وسائل الإعلام الحديثة فرصًا جديدة لأصحاب المصلحة في الانتخابات. لكن لها، مثل أية تقنية، حدودًا وتحديات. يستعرض هذا القسم تأثير وسائل الإعلام الحديثة على كلٍ من الأدوار الرئيسية لوسائل الإعلام الجماهيرية في الانتخابات وارتباطها بتلك الأدوار.[i]
وسائل الإعلام الحديثة كرقيب
بدأت وسائل الإعلام الحديثة في لعب دور رئيسي في ترسيخ الشفافية في العمليات الديمقراطية، وتشمل الانتخابات. تستخدم الآن خدمة الرسائل القصيرة SMS، أي الرسائل النصية، في شتى أنحاء العالم بواسطة مجموعات مراقبة الانتخابات لجمع ونشر المعلومات حول التجاوزات الانتخابية، وعمليات عد الأصوات السريعة، ضمن جملة أغراض أخرى. في الجبل الأسود عام 2005، ساعدت عملية العد السريع للأصوات من خلال خدمة الرسائل القصيرة على نزع فتيل التوترات المتعلقة بنزاهة عملية عد أصوات الاستفتاء، وبذلك ساعدت على إقناع الناخبين بالثقة في نتيجة الاستفتاء الرسمية.[2]
يستخدم المواطنون وسائل الإعلام الحديثة لرصد التزوير الانتخابي. في انتخابات عام 2012 في المكسيك، استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي في كشف النقاب عن شراء الأصوات، متضمنًا نشر مقطع الفيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي يبين مخزنًا لهدايا من منتجات البقالة، زعم أنها كانت معدة لرشوة الناخبين. بالإضافة إلى ذلك، "أنشأت ثلاث مجموعات على الأقل...مواقع معقدة يسمح للمواطنين من خلالها برفع الشكاوى ومقاطع الفيديو أو غيرها من المواد لتوثيق التجاوزات الانتخابية. كما كانت هناك أيضًا مواقع للتواصل الاجتماعي للإبلاغ عن مزاعم التزوير بشكل لحظي."[3] كمثال آخر، في الانتخابات الرئاسية عام 2012 في روسيا، أنشأ الناشطون منصة جديدة للتواصل الاجتماعي تسمى "مجلس المواطنين" مصممة خصيصًا لربط جميع الجماعات الاجتماعية معًا لرصد الانتخابات.[4]
كما تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين سلوك المرشحين وتحسين التفاعل بين المرشح والناخب. في ماليزيا عام 2012، طلبت منظمة الشفافية الدولية من جميع مرشحي الانتخابات توقيع "تعهد انتخابي" طوعي. وأعلنت منظمة الشفافية الدولية أن "الغرض من التعهد هو الإقرار بأن مكافحة الفساد وممارسة الحكم الرشيد والالتزام بسيادة القانون تعد مسؤولية كل مرشح. كما يؤكد التعهد على الدور المحوري الذي يقوم به المواطنون في رصد سياسييهم من خلال توفير منصة يمكن للجمهور من خلالها ممارسة الرصد والتعليق على أداء المرشحين."[5] الأمر غير المألوف في هذا التعهد كان أنه ألزم المرشحين بفتح حسابات على مواقع الفيسبوك وتويتر للتفاعل مع الناخبين من خلالها.
يتحسن دور الرقيب للإعلام التقليدي بشدة من خلال استخدامه لوسائل الإعلام الحديثة سواء كمصدر للمعلومات أو كوسيلة لتغطية الانتخابات. من خلال رصد خطاب وسائل التواصل الاجتماعي، ومراقبة المنشور في صحافة الأفراد، وإنشاء وسائل إعلام جديدة خاصة بهم من خلال المدونات أو المدونات المصغرة على المواقع الإلكترونية للإعلام الرسمي، أصبحت تحقيقات الانتخابات التي تجريها وسائل الإعلام التقليدية أسرع، وأكثر تنوعًا وتفاعلاً.
كما تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا بتوسع لرصد خطاب الكراهية بالإضافة إلى "الشائعات" الدائرة التي قد تؤدي إلى العنف الانتخابي أو تزيد من حدته. كما استخدمت لرصد النزاعات الجارية المتعلقة بالانتخابات وعمل خرائط لها. وأنشئت أدوات خصيصًا لهذا الغرض. على سبيل المثال يجمع برنامج أوشاهيدي للتعهيد السحابي البيانات من الرسائل النصية القصيرة وتويتر والبريد الإلكتروني ويجمعها على خريطة باستخدام خرائط غوغل لبيان الانتشار الجغرافي ومدى العنف.[6] بالمثل في زمبابوي، ساهم برنامج سوكوانال في وضع خرائط رقمية تبين تقارير العنف والتهديد الانتخابي.[7]
وسائل الإعلام الحديثة كمُثقِّف للجمهور
نظرًا لخصائص وسائل الإعلام الحديثة التي تتسم باللامركزية واستخدام الوسائط المتعددة والتفاعلية، فقد فتحت المجال أمام إمكانية استخدامها كأداة للتثقيف جماهيري. على سبيل المثال، استخدمت هيئات إدارة الانتخابات والمنظمات الدولية لنشر الديمقراطية، ومجموعات المجتمع المدني وغيرها مواقع اليوتيوب وغيرها من المواقع التي تنشر مقاطع الفيديو، على نطاق واسع لتبادل مقاطع الفيديو الرامية إلى التوعية المدنية وتوعية الناخبين.[8]
تمتلك هيئات إدارة الانتخابات حسابات على الفيسبوك لإجتذاب الناخبين الجدد وتوفير المعلومات للناخبين الحاليين، بالإضافة إلى استقاء التعليقات. الانتخابات في نيوزيلندا، على سبيل المثال، لها حساب على الفيسبوك مع 10,000 تسجيل للإعجاب[9] كما أن هيئة إدارة الانتخابات في جامايكا نشطة إلى حدٍ كبير.[10] تنشر مفوضية الانتخابات في المملكة المتحدة تغريدات كل يومٍ تقريبًا على تويتر تتضمن إعلانات عن المواعيد الرئيسية وإرشادات ومقتطفات من التقارير التي تصدرها وما إلى ذلك.[11] كما أن هناك عدد محدود من المواقع الإلكترونية المستقلة التي تروج لتسجيل الناخبين مثل موقع Rock the Vote في الولايات المتحدة.[12]
وسائل الإعلام الحديثة كمنبر للحملات الانتخابية
يستمر نمو الاستخدام الخلاق لوسائل الإعلام الحديثة في الحملات الانتخابية، ويستخدم الناخبون والأحزاب الآن نطاق كامل من الأدوات المخصصة لجذب الناخبين. وبالطبع يمتلك العديد من الأحزاب السياسية والمرشحين مواقعهم الإلكترونية الخاصة بهم والتي يغلب عليها طابع التطور بدرجات متفاوتة. استخدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون موقع "ويب كاميرون"، وهي يوميات مصورة بالفيديو تبث من خلال الإنترنت، لجذب الناخبين في انتخابات المملكة المتحدة عام 2010 وما بعدها.[13] استخدمت جميع الأحزاب في المملكة المتحدة إعلانات في صورة مقاطع فيديو تنتشر "إنتشاراً واسعًا" من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، كجزء رئيسي من حملاتها الانتخابية في نفس الانتخابات.[14] وقد استخدم باراك أوباما وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مشهورة لجمع المال ونشر رسائله الانتخابية في حملته الانتخابية الناجحة لرئاسة الولايات المتحدة عام 2008، والتي وصفها البعض بأنها أول "انتخابات من خلال الفيسبوك". وطبقًا لأحد المقالات الإخبارية، ذكر 60% من الأشخاص الذين كانوا يستعدون للتصويت في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة عام 2012 أنهم ينتظرون من المرشحين تواجدًا مكثفًا على شبكة الإنترنت. [15] بالإضافة إلى ذلك، تؤدي حقيقة أن وسائل الإعلام الحديثة أرخص في بعض السياقات لإجراء الحملات الانتخابية بالمقارنة بالإعلام التقليدي إلى أن تنال الأحزاب الصغيرة "حجمًا أكبر من حجمها الحقيقي" على صعيد الظهور الانتخابي. ولكن لا نزال بحاجة إلى إثبات أن هذه الميزة تؤدي إلى أداء انتخابي أفضل. في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2007، أنفقت المرشحة سيغولان رويال، التي ترشحت أمام نيكولا ساركوزي، أموالاً أكثر من أي مرشح آخر على حملة انتخابية تفاعلية ومتنوعة باستخدام وسائل الإعلام الحديثة، مما ولّد كمًا كبيرًا من النشاط الجماهيري على شبكة الإنترنت والذي أعطاها ظهورًا أكبر مما لو كانت قد ركزت على الإعلام التقليدي.[16] [17]
تختلف أساليب الحملات الانتخابية على شبكة الإنترنت ليس في الوسائط فحسب ولكن في الرسائل والنبرة والإطار الزمني أيضًا. ويبدو أن كم استخدام المرشحين لوسائل الإعلام الحديثة ليس هو الذي يروق للناخبين، بقدر جودة هذا الاستخدام وتفاعله. ويشير هذا إلى أن وسائل الإعلام الحديثة أدت إلى توقع قدر أكبر من التفاعل المباشر (على الإنترنت) من قِبل المرشحين السياسيين شهدت الانتخابات في المملكة المتحدة عام 2010 مطالب من قِبل أمهات الطبقة المتوسطة لإجراء حوارات مع السياسيين عبر شبكة الإنترنت[18] في انتخابات عام 2008 في مقدونيا، كان استخدام الأحزاب الكبرى لوسائل الإعلام الحديثة "غير مسبوق" أيضًا، ولكن المعلقين عبروا عن خيبة أملهم من غياب الجانب "الاجتماعي" من استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي." فقد كانت منشوراتهم في المدونات لا تعدو كونها مقتطفات من خطاباتهم في الجولات الانتخابية، وكان المحتوى بصفة عامة "معاد تدويره" من إعلاناتهم التليفزيونية وتلك المخصصة لإستخدامات أخرى مثل النشر عن طريق الإعلام التقليدي والنشر على المحللين والصحفيين والجهات الفاعلة المشابهة، وليس من خلال المدونات على وجه التحديد. فالمنشورات طويلة، وتشمل فئات مستهدفة مختلفة من الجمهور في المنشور الواحد، والتجارب أو المدخلات الشخصية من السياسيين كانت غائبة"[19]
هناك ضغط متزايد من الجماهير ليصبح الإعلام الإلكتروني أكثر إيجازًا (وبخاصة فيما يتعلق بالمدونات المصغّرة) وفكاهي (وبخاصة في مقاطع الفيديو التي يتم تبادلها على نطاق واسع).[20] وبالإضافة إلى ذلك، وبعكس ما هو متوقع، يمكن أن تستغرق الحملات الانتخابية بإستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وقتًا طويلاً، حيث يكون المرشحون بحاجة إلى بناء صفحاتهم التعريفية على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي عملية قد تستغرق أسابيع أو شهور. عادة ما تتطلب الحملات الانتخابية من خلال وسائل الإعلام الحديثة نموذج "الحملة الطويلة"، الذي يحافظ فيه الساسة على وجودهم في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال أنماط تشبه الحملات الانتخابية بين الانتخابات وبعضها البعض. وطبقًا لبعض المحللين، يعني هذا أن الحملات من خلال وسائل الإعلام الحديثة قد تفيد المنتخبين الحاليين، طبقًا للبيئة التنظيمية ومدى نشاط المرشحين أو المرشحين المحتملين على شبكة الإنترنت.[21] وبالفعل، توفر وسائل الإعلام الحديثة إمكانية "الحملات الانتخابية الدائمة".[22]
يمكن أن يكون نشاط وسائل الإعلام الحديثة مؤشرًا دقيقًا لنتائج الحملات الانتخابية - أو العكس. فقد كان نصيب المرشح الخاسر في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية في مصر من الذِكر على تويتر ما يقرب من ثلاثة أضعاف نصيب المرشح الفائز، لذا ففي هذه الحالة لا يمكن بالطبع أن يترجم الذكر على تويتر إلى نصر انتخابي.[23] ولكن في انتخابات عام 2010 في المملكة المتحدة، تنبأ القائمون برصد وسائل التواصل الاجتماعي مثل تحليل تويتمينيستر بدرجة عالية من الدقة بالفائزين والخاسرين في المناظرات الانتخابية. يرصد مديرو الحملات الانتخابية الآن وسائل التواصل الاجتماعي (ويطلق علي هذا الإجراء تحليل الشعور أو المزاج العام) بشكل موسع لفهم أنماط آراء الناخبين. وقد ذكر أحد المعلقين على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2012 أن "الحملة الانتخابية عام 2012 قد لا تكون حُسِمت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذه الأدوات تعطي معلومات وافرة عن المزاج الوطني - تويتر يعتبر جماعة تركيز في البرية - حيث تعطي مئات الآلاف من التغريدات استجابات صريحة للمناظرات أو الخطب، كما تشاهد على شبكات التليفزيون التي تبث من خلال الكابلات"[24]. وقد نسب إلى الحملة الانتخابية التي قادها غودلاك جوناثان في نيجيريا (2011) نجاحًا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
كما يمكن أن تشكل وسائل التواصل الاجتماعي مخاطر على المرشحين. فهناك حالات نشر فيها المرشحون تعليقات على منتديات وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن في صالحهم. وقد تم فصل المرشح الاسكتلندي ستيوارت ماكلينان من حزب العمال، ربما لإعتقاده أن تويتر يصل إلى جمهور متعاطف في الغالب، وربما لإطلاقه التغريدات بسرعة ودون قيود، أو لإساءة تقدير مدى تسامح وسائل التواصل الاجتماعي مع النكات السيئة، بعد أن نشر عدة تغريدات وصفت كبار السن بأنهم "هاربون من الأكفان" ووصف امرأة بأنها "حذاء طويل" وأطلق نكات حول العبودية."[25]
الإعلام كمنتدى مفتوح للمناظرات وصوت الجماهير
أصبحت وسائل الإعلام الحديثة، في الكثير من البلدان، أحد أكثر المنصات حيوية والتي يعبر الناس من خلالها عن وجهات نظرهم، ويتبادلون المعلومات ويتفاعلون مع القادة ويناقشون القضايا الانتخابية الرئيسية. تتمتع وسائل الإعلام الحديثة بميزة لكونها "ديمقراطية"، تتيح لأي شخص أن ينشر رأيه في المدونات والمدونات المصغّرة، وأن يتبادل الروابط ويرسل رسائل البريد الإلكتروني ويمررها وينشئ المواقع الإلكترونية وما إلى ذلك. كما أنها تتمتع بميزة العمل في الوقت الحقيقي، مما يتيح للناس متابعة التطورات الديناميكية والتي تتغير باستمرار. وأخيرًا، فإن الرقابة على وسائل الإعلام الحديثة أو إسكاتها، أصعب كثيرًا، نظرًا لعدم قدرة الحكومات على وقت "تراخيص" المدونين بسهولة، أو اقتحام مكاتب مستخدمي تويتر أو توجيه الاتهامات لشخص لنشره روابط على الفيسبوك.
ويعد استخدام وسائل الإعلام الحديثة في انتفاضات الربيع العربي مثالاً على مساهمة هذه الأدوات الجديدة في التغير السياسي. وكما عبّر عن ذلك بعض المحللين السياسيين في منتصف عام 2011:
بالنظر إلى ما حدث حتى الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكننا القول بما هو أكثر من مجرد أن الإنترنت قد غيرت الطريقة التي تتواصل بها الجهات الفاعلة السياسية مع بعضها البعض. منذ بداية عام 2011، توالت التظاهرات الاجتماعية في العالم العربي من بلدٍ إلى بلد، مما يعزى إلى درجة كبيرة إلى أن الوسائل الرقمية قد أتاحت للمجتمعات التوحد حول المظالم المشتركة وتنمية استراتيجيات يمكن نقلها للحشد ضد النظم الديكتاتورية. في كل بلد، استخدم الناس الإعلام الرقمي لبناء استجابة سياسية لتجربة محلية من الحكم غير العادل. ولم يكن الفيسبوك مصدر إلهامهم، ولكن مصدر الإلهام كان المآسي الحقيقة الموثقة من خلال الفيسبوك. وقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي الهيكل الذي يمكن أن يبني عليه المجتمع المدني، وتعطي تقنيات المعلومات الجديدة للناشطين أشياء لم يمتلكوها من قبل: شبكات معلومات لا يمكن للدولة التحكم فيها بسهولة وأدوات للتنسيق مدمجة بالفعل في شبكات موثوقة من الأهل والأصدقاء.[26]
وقد استمرت أهمية وسائل الإعلام الحديثة في موجة الانتخابات التي أعقبت ثورات الربيع العربي. ومع الإقرار بأن الإنترنت كانت لا تزال رفاهية للأغنياء ولذا لم يكن التركيز عليها كبيرًا، إلا أن أحد المعلقين المصريين لاحظ أنه أثناء الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية، سيطرت الآراء والمناقشات الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد لاحظ أن "مستخدمي الفيسبوك نشروا صورًا تحمل رسائل سياسية تدافع عن مرشحيهم أو تنتقد خصومهم، مع إضافة تعليقاتهم الشخصية." وفي هذه الأثناء، كتب النشطاء المشهورون مدونات تدعم آراءهم، وحملت وسائل الإعلام الحديثة المعتادة تغطية مستمرة في الوقت الحقيقي على شبكة الإنترنت، وتم تبادل خطب المرشحين الرئاسيين عبر اليوتيوب، وكان تويتر يعج بالمناظرات المصغرة عن الانتخابات.[27]
وقد منحت وسائل الإعلام الحديثة صوتًا لقطاعات من المجتمع لم تكن أصواتهم لتسمع بغير ذلك. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، أطلق أحد منظمي استطلاعات الرأي على انتخابات عام 2010 اسم "انتخابات مامسـنيت" والتي كانت فيها الموقع الإلكتروني مامسنت (Mumsnet) الخاص بالأبوة والأمومة يغير النقاش السياسي. تجبر النقاشات الشهيرة عبر الإنترنت على موقع مامسنيت السياسيين على التعامل مع الوالدين على قدم المساواة، في القضايا التي يختارها مرتادو موقع مامسنت: وبجانب وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، أعطى الموقع للمرأة العادية الثقة لتحدي الساسة بطرقٍ جديدة….حيث تحدد شبكة الإنترنت شكل أرض المعركة بالنسبة للأصوات النسائية"[28] هذا مثال شيق للتأثير المكبر بين الإعلام الجديد والتقليدي، حيث اختيرت التفاعلات على موقع إلكتروني له جمهور صغير نسبيًا من قبل الإعلام الإخباري التقليدي ثم زاد ذلك من التفاعلات على شبكة الإنترنت.
وقد بدأ النقاش غير الخاضع للرقابة في وسائل الإعلام الحديثة في يؤثر على المخرجات الانتخابية. وتعد جريدة الماليزياكيني الإلكترونية في ماليزيا مثالاً لوسائل الإعلام الحديثة التي تمنح صوتًا بديلاً وكان لها أثر انتخابي هام. "في مارس/آذار 2008، حقق [الحزب الحاكم] أسوأ نتيجة له في الانتخابات على مدار نصف قرن، حيث خسر أغلبيته البرلمانية التي كانت تبلغ ثلثي المقاعد لأول مرة منذ الاستقلال. ومما أعان على ذلك، تزايد أهمية الصحافة الإلكترونية، والتي قللت من الميزة الهائلة التي كان يتمتع بها حزب الجبهة الوطنية (باريزان ناسيونال) في الوصول الى الإعلام، و"تسببت في صدمة للبلاد" من خلال توثيق انتهاكات الشرطة الفظة للمتظاهرين، وبخاصة المنحدرين من أصول هندية."[29]
كما أتاحت وسائل الإعلام الحديثة للإعلام التقليدي الهروب من الرقابة. فبحسب مقالة منشورة في Journal of Democracy على سبيل المثال، "حين أجبر هوغو شافيز رئيس فنزويلا تليفزيون راديو كاراكاس على وقف البث في مايو/أيار 2007، استمرت المحطة في البث من خلال موقع اليوتيوب."[30]
كما أن وسائل الإعلام الحديثة متاحة أيضًا للمعارضة غير الرسمية والساخرة. على سبيل المثال، أثناء حملة الانتخابات العامة في المملكة المتحدة عام 2010، كان أحد أنجح المواقع الإلكترونية المستقلة هو موقع يسخر من اللافتات الإعلانية الانتخابية لحزب الإغلبية. وبإستخدام صورة تعطي شعورًا بأنها "مصطنعة" إلى درجة كبيرة لزعيم الحزب، كان بوسع زوار موقع mydavidcameron.com أن ينشئوا وينشروا نسخهم الرقمية الخاصة بهم من ملصقات حقيقية، بعد إضافة تعليقاتهم الساخرة.
تنظيم وسائل الإعلام الحديثة
هل يمكن تطبيق الممارسات التنظيمية وأنماط التغطية التي وضعت على مدار سنوات للإعلام التقليدي على قدم المساواة على وسائل الإعلام الحديثة؟ حين يتعلق الأمر بتنظيم سلوك وسائل الإعلام الحديثة، فإن العديد من الافتراضات التي تبنى عليها لوائح الإعلام التقليدي لا تنطبق إطلاقًا على وسائل الإعلام الحديثة. على سبيل المثال، المساحة المتوافرة لنشر المواد على الإنترنت تعد لانهائية بحق، بالمقارنة بالافتراض الذي يستند إليه تنظيم البث من أن الطيف الترددي هو مورد محدود ولذا يجب تقاسمه. كما يعني التقارب بين الإعلام التقليدي ووسائل الإعلام الحديثة أن الحكومات تواجه تحديًا يتمثل في مكان وكيفية تحديد حدود التنظيم. هل يتم إخضاع المدونات التي تحمل آراء سياسية للتنظيم بوصفها حملات انتخابية يقوم بها طرف ثالث؟ هل يمكن إنفاذ فترات الصمت الانتخابي خارج حدود البلد أو حتى داخل حدوده؟ وهكذا.
بالتأكيد هناك إجماع دولي متنامٍ حول حقوق حرية التعبير والمعلومات في ظل وسائل الإعلام الحديثة. في عام 2011، أوصت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة:[31]
"بأن تتخذ الدول جميع الخطوات اللازمة لدعم استقلال وسائل الإعلام الحديثة....وضمان إتاحتها للأفراد (الفقرة 15)... وأشارت بخاصة إلى "أن تشغيل المواقع الإلكترونية أو المدونات أو نظام آخر لنشر المعلومات القائمة على الإنترنت [كما ورد بالنص] بما فيها الأنظمة التي تدعم مثل هذه الاتصالات، مثل مقدمي خدمات الإنترنت، أو محركات البحث" (الفقرة 43)، يجب أن تتوافق مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهـد."[32]
تغطي الفقرة 3 ظروفًا محدودة للغاية يمكن تقييد حرية التعبير في إطارها، تحديدًا لحماية حقوق الآخرين ولأسباب تتعلق بالأمن القومي.
وينظر إلى وسائل الإعلام الحديثة، مثل غيرها من التطورات في مجال تقنية الإعلام في الماضي، كتهديد للحكومات. وكما صرحت مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي في عام 2012:
لقد حوّل الإنترنت حركات حقوق الإنسان. لم تعد الدول قادرة على التحكم من خلال مزاعم احتكار المعلومات. وقد نتج عن ذلك تأثير عكسي وزاد من محاولات تقييد الوصول إلى المحتوى الموجود على الإنترنت أو الدخول على شبكة الإنترنت من الأصل، بغير حق... كما أن هناك أيضًا مخاوف من أن طرق تحديد المجرمين وتعقبهم قد تستخدم أيضًا لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان وتكميم الأفواه التي تعبر عن سخطها.[33]
وفي نهاية الأمر، فإن الإنترنت وغيرها من التقنيات الجديدة تُحمَل على وسائل (مثل خطوط الهاتف) تمتلكها الحكومات أو مالكي الشركات الكبرى، وعادة ما تتطلب نوعًا من أنواع الترخيص لتشغيلها. في تركيا، على سبيل المثال، وطبقًا لتقرير صادر عن مؤسسات المجتمع المفتوح (Open Society Foundations):
يظل أكبر تهديد لتنوع الأخبار وجودتها متمثلاً في القيود القانونية القمعية التي يعمل الصحفيون في ظلها. ولم يؤدي ظهور الإعلام الرقمي إلا إلى الزيادة من هذه القيود. تحظر المادة 301 من قانون العقوبات التركي، إهانة تركيا والهوية الوطنية، وقد استخدمت كغطاء لفرض الرقابة على الإنترنت.[34]
يتمثل التحدي التنظيمي الذي تفرضه وسائل الإعلام الحديثة حتى الآن فيما يلي: يمكن تنظيم وسائل الإعلام القديمة بطريقة لا تمثل رقابة وتحسن حرية التعبير، بدلاً من أن تقيدها. وقد ثبت استحالة تطبيق مثل هذه القواعد التنظيمية على وسائل الإعلام الحديثة. يمكن تنظيم وسائل الإعلام الحديثة، ولكن محتوى الإنترنت، على سبيل المثال، متنوع ومنتشر للغاية لدرجة جعلت التنظيم يستخدم طرقًا غليظة وصلت إلى الرقابة والتجسس على رسائل البريد الإلكتروني وغلق المواقع الإلكترونية والضغط على مقدمي خدمات الإنترنت أو اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.
يمثل الإنترنت تحديًا لوجهات النظر التقليدية المتعلقة بسلوك الإعلام في الانتخابات. فحظر تغطية الحملات الانتخابية قبل موعد الاقتراع، على سبيل المثال، يصعب السيطرة عليه نظرًا لكون المواقع الإلكترونية غير خاضعة للتنظيم. وفي الوقت ذاته، في الانتخابات الفرنسية عام 2012، تجاهل الإعلام الإلكتروني في سويسرا وبلجيكا المجاورتين الحظر المفروض على نشر النتائج، حيث نشرت النتائج قبل 90 دقيقة، وبذلك جعلت ذلك النص من القانون الفرنسي يستحيل تنفيذه تقريبًا[35]. تتمثل أحدى خصائص الإنترنت التي تجعل من الصعب تنظيمها في طبيعتها الدولية. تواجَه محاولات جهات التنظيم الوطنية إغلاق المواقع الإلكترونية بإنشاء مواقع أخرى موازية (نسخ) خارج حدود البلد. كما أن فرض التنظيم الذاتي بواسطة مستخدمي وسائل الإعلام الحديثة أكثر صعوبة إن لم يكن مستحيلاً، وقد تجاهلت وسائل الإعلام الحديثة في بعض الأحيان المواثيق المقبولة على نطاق واسع من قبل الإعلام "التقليدي" (مثل عدم نشر نتائج استطلاعات الخارجين من مراكز الإقتراع قبل انتهاء التصويت).
ومن المتعارف عليه في الوقت الحالي أنه من الصعب فعل أي شيء محدد لإخضاع وسائل الإعلام الحديثة للتنظيم فيما يتعلق بالانتخابات. يعرِّف القانون ما هو مقبول وما هو غير مقبول فيما يتعلق بالحملات الانتخابية وغيرها من الأنشطة المتعلقة بالإعلام. لذا فإنه يجب على جميع وسائل الإعلام، التقليدية والحديثة، بالإضافة إلى الجهات الفاعلة السياسية الالتزام بهذا القانون. في نيوزيلندا، كانت هناك محاولة لتنظيم المدونات المملوكة لطرف ثالث تحديدًا أثناء فترة ما قبل الحملات الإنتخابية:
في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة عام 2008، طلبت مفوضية الانتخابات في نيوزيلندا من أحد المواطنين القائمين بحملة انتخابية غلق موقعه الإلكتروني <dontvotelabour.org.nz> نظرًا لتعارضه مع قانون التمويل الانتخابي (الصادر عام 2007). لم يكن محرر الموقع الإلكتروني، وهو أحد الرافضين للإجهاض، يريد عرض اسمه وعنوانه على الموقع الإلكتروني، وفي النهاية أعاد تعريفه على أنه "مدونة" ليستفيد من عدم وضوح قانون التمويل الانتخابي. وفي الوقت ذاته، تم سحب الإعلانات التي تحتج على تخفيض التمويل التقني التطبيقي نظرًا لأن منتجها - وهو عمدة محلي - أُجبر على التسجيل كطرف ثالث، وخشي القائمون على الحملة الانتخابية أن تجبر الصحف المعارضة لأي تشريع من الحكومة على التسجيل كأطراف ثالثة في الفترة التي تسبق الانتخابات.[36]
حاولت نيوزيلندا أن تكبح جماح نشاط الأطراف الثالثة على شبكة الإنترنت مما أدى إلى احتجاج وسائل الإعلام الجماهيرية ومناصري حرية التعبير، وتم تغيير القانون في النهاية. "كما بينت التجربة النيوزيلندية، محاولة تغطية جميع جوانب المخاطر تبدو مرعبة وغير ديمقراطية، ولذلك فإن مصيرها في النهاية ليس إلى الفشل فحسب، ولكن إلى الاستهزاء"[37] ورغم استحالة إخضاع جميع المحاولات للتنظيم، إلا أن المرشحين المسجلين، والأحزاب السياسية، والأطراف الثالثة يمكن إخضاعهم لقواعد الحملة الانتخابية بالنسبة للحملات الانتخابية على شبكة الإنترنت، بقدر الإمكان.
مدى أو مساحة وسائل الإعلام الحديثة وحدودها في الانتخابات
وسائل الإعلام الجديدة ، مثل جميع التقنيات الحديثة، لها أوجه قصور وحدود فيما يتعلق بالانتخابات. كما هو الحال بالنسبة للإعلام التقليدي، فإن إتاحة وإمكانية الوصول لوسائل الإعلام الحديثة غير متساوية في شتى أنحاء العالم. ورغم تزايد استخدام الإنترنت في معظم البلدان، فإن نسبة الأشخاص القادرين على الوصول إليها في البلدان النامية أقل بكثير منها في البلدان المتقدمة، كما يبين الشكل أدناه. ويُجري الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة تقييم حالة نمو الإنترنت في العالم النامي كما يلي: "تضاعف في البلدان النامية عدد مستخدمي الإنترنت فيما بين 2007 و2011، ولكن لم يتجاوز المتصلين بالإنترنت في العالم النامي في نهاية عام 2011 ربع عدد السكان"[38]. ويعطي الجدول أدناه الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات ملخصًا مفيدًا لنمو استخدام الإنترنت في مختلف أنواع البلدان. [39]

وفي الوقت ذاته، يعد استخدام الهاتف المحمول أسرع التقنيات نموًا في العالم بأسره. فنحو 86% من سكان العالم يمكنهم الوصول إلى هاتف محمول قياسي (من الجيل الثاني)، والذي يمكن استخدامه لإجراء المكالمات وإرسال الرسائل النصية القصيرة، وهو ما يمثل إمكانية للاتصال يجري استغلالها في جميع قطاعات الحياة الاقتصادية والسياسية في معظم البلدان. الهواتف المحمولة من الجيل الثالث والجيل الرابع (سواء أجهزة توفير الإنترنت فائق السرعة المحمولة أو هواتف الجيل الثالث والجيل الرابع) تعد في الواقع اندماجًا لتقنيات الهواتف والإنترنت والقدرة على الوصول إليها عالميًا في نموٍ مستمر. إلا أن الفروق ضخمة فيما يتعلق بهذه التقنية الحديثة، حيث وجد أن 8% فقط من الأشخاص في البلدان النامية يمتلكون هاتفًا من الجيل الثالث أو الرابع في عام 2011[40]
وبذلك يستمر الإعلام التقليدي في كونه المصدر الأساسي للمعلومات الانتخابية في شتى أنحاء العالم.[41] هناك بالطبع مزيج من وسائل الإعلام التي لها إمكانيات هائلة في البلدان النامية، على سبيل المثال الدمج بين استخدام الإذاعة والرسائل النصية القصيرة، وهو ما لا يتطلب الوصول إلى الإنترنت على الإطلاق. وقد استخدمت العديد من أساليب الدمج هذه لتحسين التفاعلات المتعلقة بالانتخابات، ولتوزيع مواد توعية المواطنين والناخبين، ولأهداف أخرى.[42]
بالإضافة إلى محدودية إتاحتها، يتأثر استخدام وسائل الإعلام الحديثة بالثقافة، واللوائح التنظيمية، والخصائص الديموغرافية، وغيرها من العوامل.[43] في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عام 2012، وهي دولة تنتشر فيها شبكة الإنترنت بكثافة، أظهرت معظم الدراسات البحثية أن التليفزيون لا يزال هو أكثر وسائل الإعلام أهمية. وطبقًا لمركز بيو البحثي "حظيت وسائل التواصل الاجتماعي بكثير من الصخب، ولكن الناخب العادي والمواطن العادي لم يستخدمها إلا لدرجة محدودة نسبيًا،" "لم يتسنى إلا 2 لـ في المائة فقط للحصول على أخبار الانتخابات من تويتر، 3% من موقع اليوتيوب، و6% من الفيسبوك."[44] وفي المقابل، وجدت دراسات بحثية أخرى أن وسائل التواصل الاجتماعي يظل بإمكانها لعب دور هام في تحديد نتائج الانتخابات، في ظل استخدام ما يقرب من 40% من الناخبين للمعلومات المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة على تحديد خياراتهم في التصويت.[45]
في المملكة المتحدة، حيث تستخدم الآن الأحزاب الثلاث الكبرى وسائل متطورة للحملات الإنتخابية على شبكة الإنترنت، ظهرت حدود وسائل الإعلام الحديثة بجلاء في انتخابات عام 2010. وطبقًا لمقالة منشورة في الإيكونومست، فإن "مقاطع من موقع ويب كاميرون [اليوميات الإلكترونية لمرشح حزب المحافظين ديفيد كاميرون] من بين أكثر ما تم مشاهدته من فئة الأخبار والسياسة على موقع يوتيوب، وقد اجتذب ظهوره في إحدى الكليات جنوبي لندن (في الأسبوع المبتدئ 18 مارس/آذار 2010) 15,000 في أول يومين. ولكن نشرات الأخبار المسائية في التليفزيون [اجتذبت] الملايين- كما يؤمل أن يكون الحال بالنسبة للمناظرات الثلاث المذاعة تليفزيونيًا بين زعماء الأحزاب في فترة ما قبل الانتخابات.[46]
خلاصة القول، أنه على الرغم من إثارة وسائل الإعلام الحديثة للعديد من التحديات والمعضلات الجديدة، إلا أنها بوجه عام تمتلك إمكانيات كبيرة لجميع أصحاب المصلحة في الانتخابات، ويشمل ذلك هيئات إدارة الانتخابات. وتتعاظم هذه الإمكانيات مع زيادة القدرة على الوصول إلى وسائل الإعلام الحديثة، وزيادة الطرق المبتكرة لإستخدامها أيضًا.
________________________________________
[i] من المهم ملاحظة أن هيئات إدارة الانتخابات تستخدم الآن الإعلام الرقمي بعدة طرق لم تتم مناقشتها ضمن مجال الموضوع هذا نظرًا لعدم ارتباطها تحديدًا بوسائل الإعلام الجماهيرية. على سبيل المثال، تستخدم بعض هيئات إدارة الانتخابات الآن الإنترنت والرسائل النصية القصيرة لتسجيل الناخبين وللتصويت.
[2] آيان شولر, “NDI: SMS as a tool in election observation,” Innovations 3, رقم 2 (ربيع عام 2008), http://www.ndi.org/files/2329_sms_engpdf_06242008.pdf
[3] ”Worries about vote-buying despite Mexican reform,” The Guardian, الأحد 1 يوليو/تموز, 2012, http://www.guardian.co.uk/world/feedarticle/10314939
[4] تايسيا بيكبولاتوفا “Russian Election: With Watchdog Website, Students Channel The Power Of The People,” Worldcrunch, 24 فبراير/شباط, 2012.Http://Www.Worldcrunch.Com/New-Website-Hopes-Be-Russian-Elections-Monitoring-Facebook/4754,
[5] ميليسيا أونغ “Keeping elections clean: TI-Malaysia launches Election Integrity Pledge,” منظمة الشفافية الدولية, 19 يونيو/حزيران, 2012,http://blog.transparency.org/2012/06/19/keeping-elections-clean-ti-malaysia-launches-election-integrity-pledge/
[6] Ushahidi, تم الدخول إلى الموقع في 24 أغسطس/آب, 2012, http://ushahidi.com/
[7] “Mapping Terror in Zimbabwe: Political Violence & Elections 2008” Sokwanele, 18 يونيو/حزيران, 2008, http://www.sokwanele.com/map/electionviolence
[8] أنظر أمثلة اليوتيوب التالية: (الفلبين) “Voters Education Animation Project”, BouncingBall, Inc., نشر على الإنترنت في 24 فبراير/شباط, 2010,http://www.youtube.com/watch?v=8kHkYUFm5nA و(الولايات المتحدة الأمريكية) “How to Vote” Howcast, نشر على الإنترنت في 28 سبتمبر/أيلول, 2008, http://www.youtube.com/watch?v=AQbr2Y4YUAc
[9] “I Vote NZ” مفوضية الانتخابات في نيوزيلاندا صفحة الفيسبوك, تم الدخول إلى الموقع في 24 أغسطس, 2012, https://www.facebook.com/IvoteNZ
[10] “مفوضية الانتخابات في جامايكا” مفوضية الانتخابات في جامايكا صفحة الفيسبوك, تم الدخول إلى الموقع في 24 أغسطس, 2012, https://www.facebook.com/electionsja
[11] “Electoral Commission @ElectoralCommUK” مفوضية الانتخابات في المملكة المتحدة صفحة تويتر, تم الدخول إلى الموقع في 24 أغسطس/آب, 2012, http://twitter.com/ElectoralCommUK/
[12] Rock the Vote, تم الدخول إلى الموقع في 24 أغسطس/آب, 2012, http://www.rockthevote.com/
[13] Webcameron, تم الدخول إلى الموقع في 24 أغسطس, 2012, http://www.conservatives.com/video/webcameron.aspx
[14] غابي هينسليف, “Web 2.0: the new election superweapon”, The Observer, 10 أبريل/نيسان, 2012, http://www.guardian.co.uk/politics/2010/apr/11/new-media-election-campaign
[15] “Election 2012: How Social Media Will Convert Followers into Voters”, PCMag, 30 يناير/كانون الثاني, 2012, http://www.pcmag.com/slideshow/story/293078/election-2012-how-social-media-will-convert-followers-into-v
[16] د. آندي ويليامسون ود. لورا ميلر وفريدي فالّون, Behind the Digital Campaign, (لندن: Hansard Society, 2010), 36
[17] لاحظ المؤلفون أنه كان هناك في الواقع بعض التكهنات بأن الحملة الانتخابية للسيدة رويال من خلال الوسائط المتعددة أعطت الناخبين انطباعًا بأن أسلوب قيادتها متشتت، مما أدى في النهاية إلى فشلها نظرًا لأنها جعلتها تبدو ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ القرار.” (المرجع السابق, 36)
[18] “The Mumsnet Election”, Mumsnet, تم الدخول إلى الموقع في 21 أغسطس/آب, 2012 http://www.mumsnet.com/media/mumsnet-election
[19] “Macedonia: Use of new media in election campaign,” Global Voices, نشر على الإنترنت في 23 مايو/أيار, 2008, http://globalvoicesonline.org/2008/05/23/macedonia-use-of-new-media-in-election-campaign/
[20] غابي هينسليف, “Web 2.0: the new election superweapon”, The Observer, 10 أبريل/نيسان, 2012, http://www.guardian.co.uk/politics/2010/apr/11/new-media-election-campaign
[21] د. آندي ويليامسون ود. لورا ميلر وفريدي فالّون, Behind the Digital Campaign, (لندن: Hansard Society, 2010), 31
[22] المرجع السابق, 44
[23] “Social media monitoring for the presidential elections in Egypt 2012,” (a report by Interact Egypt), Slideshare, نشر على الإنترنت في يونيو/حزيران 2012, http://www.slideshare.net/interactegypt/egyptian-presidential-elections-over-social-media
[24] دافيد فلوكينفليك “For election news, voters still turn to old media,” NPR, 8 فبراير/شباط, 2012, http://www.npr.org/2012/02/08/146565911/tvs-king-web-fails-to-dominate-election-coverage
[25] هارون صديق وسيفيرين كاريل, “Election 2010: Labour sacks candidate Stuart MacLennan in Twitter row”, The Guardian, 9 أبريل/نيسان, 2010,http://www.guardian.co.uk/politics/2010/apr/09/stuart-maclennan-sacked-twitter-general-election,
[26] فيليب ن. هوارد ومزّمِّل م. حسين“The Role of Digital Media”, Journal of Democracy 22, رقم. 3 (3 يوليو/تموز , 2011)
[27] Lara Fawzy,“A revolution and a presidential election: Egypt’s social media mania”, Memeburn, 7 مارس/أذار, 2012, http://memeburn.com/2012/07/a-revolution-and-a-presidential-election-egypts-social-media-mania/
[28] غابي هينسليف, “Web 2.0: the new election superweapon”, The Observer, 10 أبريل/نيسان, 2012, http://www.guardian.co.uk/politics/2010/apr/11/new-media-election-campaign
[29] لاري دياموند “Liberation Technology”, Journal of Democracy 21 رقم 3 (يوليو/تموز 2010)
[30] المرجع السابق, 76
[31] صدرت هذه التوصيات ضمن "التعليقات العامة على المادة رقم 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة. التعليقات العامة هي تفسيرات لجنة حقوق الإنسان لمعنى المادة رقم 19 وتوجيهاتها للدول الأعضاء لتنفيذ العهد.
[32] “المادة رقم 19 ترحب بالتعليقات العامة على حرية التعبير,” (بيان) المادة رقم 19, 5 أغسطس/آب, 2011,http://www.article19.org/resources.php/resource/2631/en/un:-article-19-welcomes-general-comment-on-freedom-of-expression
[33] ““The World is Moving Online”: Promoting Freedom of Expression”
المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان, 9 مارس/آذار, 2012,http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/Theworldismovingonlinepromotingfreedomofexpression.aspx
[34] آسلي تونك وفيهبي غورغولو, Turkey Mapping Digital Media Report, (لندن: Open Society Foundations, 18 مارس/آذار , 2012) http://www.soros.org/sites/default/files/OSF-Media-Report-Turkey-04-23-2012-final-WEB.pdf
[35] سكوت ساياري “French Media Question Election Reporting Rules,” New York Times 20 أبريل/نيسان, 2012, http://www.nytimes.com/2012/04/21/world/europe/french-media-question-election-reporting-rules.html
[36] د. آندي ويليامسون ود. لورا ميلر وفريدي فالّون, Behind the Digital Campaign, (لندن: Hansard Society, 2010), 31
[37] المرجع السابق
[38] “Key statistical highlights: ITU data release June 2012”, الاتحاد الدولي للاتصالات, تم الدخول إلى الموقع21 أغسطس/آب, 2012, http://www.itu.int/ITU-D/ict/statistics/material/pdf/2011%20Statistical%20highlights_June_2012.pdf
[39] “Internet user statistics” الاتحاد الدولي للاتصالات, تم الدخول إلى الموقعفي 21 أغسطس/آب, 2012, http://www.itu.int/ITU-D/ict/statistics/
[40] “Key statistical highlights: ITU data release June 2012”, الاتحاد الدولي للاتصالات, تم الدخول إلى الموقع21 أغسطس/آب, 2012, http://www.itu.int/ITU-D/ict/statistics/material/pdf/2011%20Statistical%20highlights_June_2012.pdf
[41] “الهدف رقم 8: ضمان إتاحة البث التليفزيوني والخدمات الإذاعية إلى جميع سكان العالم"، من Monitoring the WSIS Targets; A Midterm Review, (سويسرا: الاتحاد الدولي للاتصالات, 2010) http://www.itu.int/ITU-D/ict/publications/wtdr_10/material/WTDR2010_Target8_e.pdf
[42] كاترين فيركلاس, A mobile voice: the use of mobile phones in citizen media, (MobileActive and Pact, نوفمبر/تشرين الثاني 2008),http://mobileactive.org/files/A%20Mobile%20Voice-The%20Role%20of%20Mobile%20Phones%20in%20Citizen%20Media.pdf
[43] د. آندي ويليامسون ود. لورا ميلر وفريدي فالّون, Behind the Digital Campaign, (لندن: Hansard Society, 2010)
[44] “For Election News, Voters Still Turn To Old Media,” National Public Radio, 8 فبراير/شباط 2012, http://www.npr.org/2012/02/08/146565911/tvs-king-web-fails-to-dominate-election-coverage
[45] تشاندرا ستيل, “Election 2012: How Social Media Will Convert Followers into Voters” PCMag, 30 يناير/كانون الثاني, 2012,http://www.pcmag.com/slideshow/story/293078/election-2012-how-social-media-will-convert-followers-into-v
[46] “Thus far and no farther: The potential—and limits—of the internet in political campaigning”, The Economist, 18 مارس/آذار, 2010,http://www.economist.com/node/15719160