تلعب وسائل الإعلام في الانتخابات دورا رئيسا، ليس فقط باعتبارها
وسيلة لمراقبة الإجراءات الحكومية، ولكن أيضا من أجل ضمان أن الناخبين لديهم كل
المعلومات اللازمة تحت تصرفهم لإتخاذ قرار ديمقراطي مستنير. ويقع على عاتق الحكومات
واجب هام وسلبي بعدم عرقلة وسائل الإعلام في القيام بهذه الوظائف. إضافة إلى ذلك،
وعلى درجة أقل أهمية، يقع على عاتق الحكومات التزام إيجابي، يتمثل في توفير تعددية
في وسائل الإعلام، من أجل نقل أوسع مجموعة متنوعة من مصادر المعلومات للجمهور.
والواقع أن الالتزام الوارد في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، يضمن حرية التعبير وحرية الإعلام، وينطبق فقط على الحكومات، ولا ينطبق بالتأكيد
على منظمات ووسائل الإعلام الفردية.
وكما ذكرت
اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام لسنة 1983 على المادة 19 من العهد
الدولي المذكور:
وقد أدرج المقرر الخاص للامم المتحدة للحرية عن التعبير كلاً من الضغوط التجارية والضوابط الحكومية بإعتبارها تهديدات للتعددية الاعلامية ومضمون المصلحة العامة. ومن بين التحديات الرئيسية للاعلام المستقل في العام 2010 هي ان المقرر الخاص قد حدد وجود تنامٍ في تركيز المِلكية، وإجراءات خفض التكاليف من قبل مالكي الاعلام الخاص وحصول القائمين بالبث على امكانية الوصول الى ذبذبات رقمية جديدة من خلال المبدلات الرقمية مما يفاقم بالتالي من تركيز والتدخل السياسي في الاعلام. [3]
ومن المهم
التأكيد على أن وسائل الإعلام ليست فقط وسيلة للتعبير بالمعنى الضيق. إنها تحتل
أهمية كبيرة أيضا – لأنها تعتبر في المقام الأول وسيلة لتمكين الجمهور من ممارسة
حقه في حرية الحصول على المعلومات. كما تلعب وسائل الإعلام دورا في الرقابة على
أنشطة الحكومة وغيرها من المؤسسات الهامة. ومن الواضح أنها لا تستطيع القيام بهذا
الدور إذا كانت تدين بالولاء الضيق للحكومة أو الحزب الحاكم في تلك الفترة. وكانت المبادئ
التوجيهية الأكثر تفصيلا، والتي تعكس أفضل الممارسات الدولية حول التعددية والوصول
إلى وسائل الإعلام، هي تلك التي أصدرتها السلطة الانتقالية للأمم المتحدة في
كمبوديا. وهي كما يلي:
"ينبغي أن تكون وسائل الإعلام
الحرة والمستقلة متنوعة في الملكية، ويجب أن تعمل على تعزيز الديمقراطية وحمايتها،
وأن تفتح الفرص والسبل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
[5]
وفي البيان النهائي
الصادر عن سلطة من الأمم المتحدة، خلص عابد حسين المقرر الخاص للأمم المتحدة في
تقريره السنوي لعام 1999 حول حرية الرأي والتعبير إلى ما يلي:
"هناك
العديد من المبادئ الأساسية التي لو تم تعزيزها واحترامها، تعمل على تعزيز الحق في
البحث عن المعلومات وتلقيها ونقلها، وهذه المبادئ هي : تجنب الاحتكار أو التركيز
المفرط لملكية وسائل الإعلام في أيدي عدد قليل من الأفراد، من أجل أن يكون هناك تعدد
في وجهات النظر والأصوات؛ كما تتحمل وسائل
الإعلام المملوكة من قبل الدولة مسؤولية تقديم تقرير عن جميع جوانب الحياة
الوطنية، وتوفير إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من وجهات النظر، كما يجب أن لا
تستخدم وسائل الإعلام المملوكة للدولة كوسيلة من أجل نقل الدعاية لحزب سياسي أو للدفاع
عن الحكومة، واستبعاد جميع الأطراف والمجموعات الأخرى... " [6]
وقام المقرر الخاص بعد ذلك بوضع قائمة بسلسلة من الالتزامات
التي يجب أن تقوم بها الدولة، لضمان أن تعمل وسائل الإعلام على أوسع نطاق ممكن لتوفير
أكبر قدر من المعلومات الكاملة للناخبين:
• يجب ألا يكون هناك تحيز أو تمييز في التغطية الإعلامية
• ينبغي أن لا يسمح بوجود رقابة على برامج الانتخابات.
• ينبغي أن تعفى وسائل الإعلام من المساءلة القانونية عن
التصريحات الاستفزازية، وينبغي توفير الحق في الرد.
• يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين التغطية الإخبارية لمهام
مكتب حكومي، والتغطية الإخبارية لمرشح حزب.
• ينبغي توزيع الوقت في برامج البث المباشر على أساس
عادل وبدون تمييز.
• يجب توفير البرامج التي تتيح الفرصة للمرشحين مناقشة
بعضهم البعض، وتوفير الفرصة للصحفيين للحوار معهم.
• ينبغي أن تشارك وسائل الإعلام في تثقيف الناخبين.
• ينبغي أن تستهدف البرامج الفئات المحرومة تقليديا،
والتي قد تشمل النساء والأقليات العرقية والدينية.
___________________________________________________________________________
[1] جرى تبنيه من قبل لجنة حقوق الإنسان في جلستها
رقم 461 في 27 يوليو 1983، وثيقة الأمم المتحدة رقم A/38/40 ، 109.
[2] “الملاحظة العامة رقم 34, المادة 19: حريات الرأي والتعبير”, (لجنة حقوق الانسان 102nd جلسة, جنيف, July 11-29, 2011), 10, (وثيقة الامم المتحدة CCPR/C/GC/34) http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrc/docs/gc34.pdf. ملاحظة: قدمت لجنة حقوق الانسان هاتين الملاحظتين العامتين فقط حول المادة 19 من ICCPR. والنية من الملاحظات العامة للجنة حقوق الانسان هي تقديم تفسيرات لمعنى المواد للاطراف التي تستخدم هذه التفسيرات.
[3] "تقرير المقرر الخاص حول تعزيز وحماية حقوق حرية التعبير والرأي. الملحق، الاعلان المشترك للذكرى العاشرة: عشر تحديات رئيسة لحرية التعبير في العقد القادم"، (الجمعية العامة للامم المتحدة، وثيقة الامم المتحدة في 25 آذار/مارس 2010) A/HRC/14/23/Add
[4] وسائل إيجابية لتسهيل إيجاد حلول سلمية وبناءة
للمشاكل التي تتعلق بالأقليات (تقرير المقرر الخاص أسبيورن إيدي)، الملحق الرابع،
وثيقة الأمم المتحدة رقم E/CN.4/Sub.2/1993/34/Add.4 ، الجزء الثاني ، الفقرات
11 و 12.
[5] سلطة الأمم المتحدة الانتقالية في كمبوديا، "المبادئ
التوجيهية لوسائل الإعلام في كمبوديا"، 1992.
[6] تقرير المقرر الخاص المعني بحماية الحق في حرية
التعبير والرأي وتعزيزهما، السيد عابد حسين، وثيقة الأمم المتحدة رقم E/CN.4/1999/64 29 كانون الثاني 1999.