ييسر الاتصال المفتوح والمستمر مع الإعلام والناخبين والجمهور بشكل عام تحسين الصورة العامة لهيئة إدارة الانتخابات. الصورة الإيجابية لها مزايا واضحة في جميع أوجه عمل هيئة إدارة الانتخابات. ولكن، في الانتخابات الديمقراطية، فإن هيئة إدارة الانتخابات ملزمة أيضًا بالتواصل للأسباب التالية:
• من حق الجمهور أن يحصل على معلومات عن الانتخابات: كيف يمكن أن يمارس حقه في التصويت، وكيف تتم إدارة العملية الانتخابية، ومتى تجرى المراحل الانتخابية المختلفة، وما هي النتائج وما إلى ذلك؛
• هيئة إدارة الانتخابات تخضع للمساءلة أمام جميع أصحاب المصلحة في العملية الانتخابية، ويشمل ذلك الناخبين والمرشحين أو الأحزاب السياسية. ومع المساءلة يأتي الالتزام بالشفافية في العمل.
ويعد التواصل المباشر بين هيئات إدارة الانتخابات وبين الإعلام الذي يغطي الانتخابات أحد الطرق الأساسية التي تقدم بها تلك المعلومات إلى جمهور أوسع. يوفر الإعلام قناة حيوية لتمرير المعلومات إلى الجمهور وفي ذات الوقت تعمل كرقيب على العملية. والدور الأخير هو الذي يؤدي عادةً إلى بيئة من انعدام الثقة - وأحيانًا الكراهية الصريحة - بين مسؤولي هيئة إدارة الانتخابات وبين العاملين في الإعلام. وفي الواقع، عادة ما يكون انعدام الثقة هو أكبر عقبة تحول دون التعاون الفعال بين مديري الانتخابات وبين الإعلام.
ويعد انعدام الاتصال البناء بين هيئة إدارة الانتخابات وبين الإعلام مشكلة خطيرة، مما يزيد من صعوبة تحقيق الدور السياسي والتنظيمي لهيئة إدارة الانتخابات. كما سوف يؤدي إلى خلق عقبات تحول دون تغطية الإعلام للعملية الانتخابية بدقة. ورغم ذلك، فإن الأثر الذي قد يحدثه ذلك على قدرة هيئة إدارة الانتخابات على التواصل مع الناخبين بشكل عام أعظم أثرًا بكثير من فقد الاتصال بين هيئة إدارة الانتخابات وبين الإعلام. العلاقات مع الإعلام، على قدر ما لها من أهمية، ليست سوى جزءًا من استراتيجية إعلامية أوسع. هذه الاستراتيجية الشاملة تشمل التوعية المدنية وإعلام الناخبين وتوعية الناخبين بين أمورٍ أخرى. وسوف يكون العمل الإعلامي لهيئة إدارة الانتخابات أكثر فعّالية إذا وضع داخل نهج مختار بعناية للعلاقات مع الإعلام.
وقبل أن نستطرد، من المهم أن يكون لدى القارئ فهم واضح للفروق والتقاطعات بين أربعة مجالات رئيسية لإتصالات هيئة إدارة الانتخابات: إعلام الناخبين وتوعية الناخبين والتوعية المدنية والعلاقات مع الإعلام. هذه التعريفات مستمدة من مجال الموضوعات بعنوان: توعية الناخبين والذي يمكن العثور عليه أيضًا ضمن الموسوعة. يرجى مراجعة موضوع المجال هذا للحصول على مزيد من المعلومات التفصيلية حول هذه الأنشطة الخاصة بهيئة إدارة الانتخابات.
إعلام الناخبين يشير إلى المعلومات الأساسية التي تمكن المواطنين المؤهلين من التصويت، وتشمل الوقت والتاريخ ومكان التصويت ونوع الانتخابات وتحقيق الشخصية اللازم لإثبات الأهلية ومتطلبات التسجيل وآليات التصويت. وهي تمثل حقائق أساسية حول الانتخابات ولاتتطلب تفسير المبادئ. سوف يتم وضع الرسائل لكل انتخابات. يمكن عادة أن تنفذ هذه الأنشطة بسرعة (رغم أن التخطيط الكافي لايزال مطلوبًا). وعادة ما تكون سلطات الانتخابات ملزمة بتوفير هذا النوع من المعلومات، رغم أن المتنافسين في الانتخابات، ومنظمات المجتمع المدني سوف يقومون أيضًا بتوفيرها.
توعية الناخبين عادة ما تقوم بمناقشة دوافع الناخبين واستعدادهم للمشاركة الكاملة في الانتخابات. وهي تتعلق بأنواع أكثر تعقيدًا نسبيًا من المعلومات حول التصويت والعملية الانتخابية وهي تهتم بمبادئ مثل الروابط بين حقوق الإنسان وحقوق التصويت، ودورالناخبين ومسؤولياتهم وحقوقهم، والعلاقة بين الانتخابات والديمقراطية والشروط اللازمة لإقامة انتخابات ديمقراطية، وسرية التصويت، وأهمية كل صوت وأثره على المساءلة العامة وكيفية ترجمة الأصوات إلى مقاعد. تتطلب مثل هذه المبادئ شرحًا، وليس مجرد سرد للحقائق. تتطلب توعية الناخبين وقتًا مسبقًا أطول للتنفيذ بالمقارنة بإعلام الناخبين، وفي الحالة المثلى يجب القيام بها بشكل مستمر. في الغالب تقدم سلطات الانتخابات ومنظمات المجتمع المدني هذا النوع من المعلومات.
في المجتمعات التي حدثت فيها تغيرات كبيرة في الأنظمة والعمليات والإجراءات الانتخابية، وفي حالة الناخبين الحاصلين على حق الانتخاب حديثًا، والناخبين الذين يصوتون للمرة الأولى، لابد من أن تتناول برامج إعلام الناخبين وبرامج توعية الناخبين بشكل شامل كلاً من الحقائق والمبادئ.
التوعية المدنية تتناول المبادئ الأشمل التي يرتكز عليها المجتمع الديمقراطي مثل أدوار ومسؤوليات كل من المواطنين والحكومة وأصحاب المصالح السياسية والمصالح الخاصة ووسائل الإعلام الجماهيرية وقطاع الأعمال والقطاع غير الربحي بالإضافة إلى أهمية الانتخابات الدورية والتنافسية. وهي لا تركز فقط على وعي المواطنين ولكن على مشاركتهم في كافة جوانب المجتمع الديمقراطي. التوعية المدنية هي عملية مستمرة، غير مرتبطة بدورة انتخابية. أمّا إعلام الناخبين وتوعية الناخبين، فقد يكونان جزءًا من جهود أوسع للتوعية المدنية. قد تجرى التوعية المدنية من خلال النظام المدرسي والجامعي ومن خلال منظمات المجتمع المدني وربما من خلال بعض الوكالات التابعة للدولة، والتي لا يجب أن تكون بالضرورة السلطة الانتخابية.
ترتبط العلاقات مع الإعلام بعملية الاتصال مع منافذ الإعلام والصحفيين والذين يقومون بدورهم بالتغطية الإعلامية للشؤون الانتخابية كجزء من عملهم المعتاد في إنتاج الأخبار والشؤون العامة. إدارة العلاقات الإعلامية (والتي تعرف أيضًا بالمكتب الصحفي) هي المحطة الأولى للإعلام حين يكون لديه أسئلة أو مخاوف أو شكاوى وتقوم الإدارة بكتابة البيانات الصحفية وتنظم المؤتمرات الصحفية وتقوم بعمل المقابلات مع الإعلام. وبعكس ما يتم بالنسبة لإعلام الناخبين وتوعية الناخبين والتوعية المدنية، لا تملك إدارة العلاقات الإعلامية التابعة لهيئة إدارة الانتخابات أي سيطرة على ما يذاع في الإعلام، بل تقوم بالإرشاد فقط من خلال الإمداد بالمعلومات الدقيقة والشاملة والموقوتة. ولكن، جميع مجالات الاتصالات هذه تتقاطع لكونها محاولات لتزويد الناخبين بالمعلومات التي يحتاجونها للتصويت بشكل مستنير. يجب تنسيق الرسائل بين كلٍ من هذه الأنشطة وأن تكون متوافقة مع بعضها البعض. عادة ما يطلق على العلاقات مع الإعلام اسم العلاقات العامة. وهناك فروق ملحوظة بين المصطلحين. تتعامل العلاقات مع الإعلام تحديدًا مع الإعلام، في حين تكون العلاقات العامة (أو ما يطلق عليه أحيانًا الشؤون العامة) مسؤولة عن جمهور أوسع، ويشمل المواطن العادي الذي قد يطلب معلومات من هيئة إدارة الانتخابات. وللتركيز على مجال الموضوعات هنا، سوف تقتصر المناقشة على العلاقات مع الإعلام تحديدًا. ولكن، من الضروري أن نعترف أيضًا أن هناك تقاطعًا سينشأ بين المجالين وأن بعض هيئات إدارة الانتخابات سوف تدمج المهمتين في إدارة واحدة.
هذا التقاطع يكون أكبر في عصر التقارب بين تقنيات المعلومات والاتصالات. على سبيل المثال، قد يكون فريق هيئة إدارة الانتخابات الذي يدير موقعها الإلكتروني مسؤولاً عن نشر البيانات الصحفية والقصص الإخبارية التي تصدرها هيئة إدارة الانتخابات، ونتائج الانتخابات التي يمكن تصل إليها وسائل الإعلام بالإضافة إلى الجمهور الأشمل، في نفس الوقت الذي يستضيف فيه خدمات تسجيل الناخبين عبر الإنترنت والمطويات التي تشرح النظام الانتخابي. بعبارة أخرى، هناك درجة معينة من التقارب بين الإعلام (الموقع الإلكتروني) وبين المحتوى (إعلام الناخبين وتوعيتهم، والعلاقات مع الإعلام)، وبين المستخدمين (كل من الإعلام والجمهورالعام) في هذا المثال.
وعلى الرغم من هذا التقارب، فإن وسائل الإعلام تعتبر من أصحاب المصلحة ومن فئات الجمهور الفريدة والهامة وعادة ما تكون متطلباتها مختلفة عن متطلبات الجمهور بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الإعلام أدوارًا عديدة. فهو ليس مجرد بوق لحملات التوعية التي تقوم بها هيئة إدارة الانتخابات، ولكنه أيضًا يعد مراقبًا هامًا ومستقلاً (عادة) للعملية الانتخابية.
تعمل هيئات إدارة الانتخابات في دورة متصلة. بمجرد أن يجتاز بلدٌ ما انتخاباته الديمقراطية الانتقالية الأولى، سوف يدخل في دورة لا تنتهي من تنظيم الانتخابات: التشريعية (ربما لمجلسين)، والرئاسية، والإقليمية والمحلية - بل وحتى الدولية بالنسبة لأوروبا. وقد يكون هناك استفتاءات أيضًا. وقد يكون هناك تصويت على قوانين معينة مقترحة. الديمقراطية في الأساس هي عمل شاق، والعمل لا ينقطع. يعد الاتصال مع الإعلام أمرًا حاسمًا لهذه العملية التي لا تنتهي، ورغم تواصله إلا أن كل خطوة من خطوات العملية تتطلب تخطيطًا دقيقًا.
من المفيد في تخطيط العلاقات مع الإعلام الاستناد بشكل كبير إلى نهج استباقي فاعل، ناتج عن تفكير عميق مسبق، بدلاً من الاعتماد على الأساليب المُجرّبة من قبل - البيانات الصحفية والمؤتمرات الصحفية وما إلى ذلك. تميل استراتيجيات العلاقات الإعلامية الناجحة إلى البدء بأهداف ورسائل عامة، وفهم واضح للتقسيم الجمهور.
هناك، بالطبع، أساليب مختلفة لتخطيط وتنفيذ العلاقات مع الإعلام. الأساليب الفعّالة يحتمل أن تشترك في الخطوات التالية (وبهذا الترتيب تقريبًا).
• إنشاء إدارة علاقات إعلامية تابعة لهيئة إدارة الانتخابات مزودة بطاقم عمل مؤهل؛
• تأسيس أهداف وغايات لعلاقات هيئة إدارة الانتخابات الإعلامية.
• تحليل نقاط القوة والضعف لهيئة إدارة الانتخابات وإدارة العلاقات الإعلامية.
• إجراء تشاورات مع الإعلام وأصحاب المصلحة ذوي الصلة.
• تحديد الدورة / المراحل الانتخابية؛
• تحليل الجمهور؛
• وضع خرائط للإعلام (ما هي وسائل الإعلام المتاحة، ومكانها، ومن هو جمهورها وما هي نقاط قوتها وضعفها)؛
• فهم أساليب وأدوات العلاقات الإعلامية والوصول إليها؛
• إنشاء رسائل مقسمّة طبقًا للمراحل، والجمهور وتقسيم الإعلام ووسائل الاتصالات المتاحة لك؛
• وضع استراتيجية إعلامية لنشر الرسائل (تتضمن آليات وأطر زمنية محددة)؛
• تطبيق الاستراتيجية مع مراعاة:
- الاستمرار في رصد التغطية الإعلامية، وتقييم تعليقات الجمهور، وإجراء التشاورات مع أصحاب المصلحة/الإعلام؛
- الاستمرار في تقوية العلاقات الإعلامية التي يؤثر فيها الرصد، والتعليقات والمشاورات المذكورة أعلاه.
تمضي معظم هذه الخطوات جنبًا إلى جنب مع ما هو مطلوب من الجهات الأخرى ذات الصلة بالاتصالات داخل هيئة إدارة الانتخابات. على سبيل المثال، إعلام الناخبين وتوعية الناخبين والتوعية المدنية جميعها تتطلب فهمًا راسخًا لتقسيم الجمهور وخصائص الإعلام المطلوب للوصول إليه. وبالإضافة إلى ذلك، يجب وضع الرسائل التي تؤثر على الجماهير بفعالية. ويؤكد هذا على ضرورة أن تقوم إدارة العلاقات الإعلامية أو مكتب العلاقات الإعلامية بجهود متسقة للاتصال والتعاون عن قرب مع جميع هذه الأنشطة الأخرى لهيئة إدارة الانتخابات.
وسوف نستعرض كل خطوة من هذه الخطوات في الصفحات التالية.