التعتيم الإخباري
تقوم بعض البلدان بممارسة التعتيم على كل الأخبار المتعلقة بالانتخابات قبل التصويت أو خلاله. ويتم مثل هذا الترتيب بصورة تطوعية عادة. وهذا هو الأفضل دائما تقريبا، لأن البديل سيؤدي إلى تدخل هيئة تنظيمية لمنع التغطية في حالة انتهاك القانون- وستكون النتيجة غير مرضية. ومع ذلك، في مثل هذه الحالات – كما هو الحال في فرنسا بصورة خاصة - حيث توجد فيها "فترة التفكير" التي نص عليها القانون، وستكون على الهيئة الرقابية نتيجة ذلك المسؤولية في تنفيذ ذلك. ويوجد في إسرائيل على سبيل المثال، حظر واسع على معظم أخبار الحملة، ويطلب من هيئة الإذاعة المستقلة مراقبة احترام ذلك. وإن تنفيذ هذا الحظر يوضح المخاطر الكامنة في مثل هذه القيود: وتميل هيئة الإذاعة المستقلة إلى تفسير القانون وتطبيقه بطريقة صارمة جدا، لتجنب تحمل المسؤولية عن الإخلال به. [1]
تكون فترة التعتيم عادةً 24 ساعة أو أقل، (كما في أرمينيا، البوسنة والهرسك، كرواتيا، فرنسا، هنغاريا، الفلبين، روسيا، سنغافورة، اسبانيا، سلوفينيا، مقدونيا)، ولكنها اطول في بعض الاحيان. ففي اندونيسيا تكون الفترة المطلوبة هي ثلاثة ايام. ويقسم القانون الإستوني حملته الانتخابية إلى أربع فترات، مع التعتيم على الحملة الانتخابية في ثلاث منها. فترة الترشيح أو تقديم الطلبات، وفترة التصويت، وفترة الفرز وفترة إعلان النتائج، وكلها فترات يتم فيها منع القيام بحملات انتخابية. ويشترط القانون في بربادوس أن لايكون هناك بث مباشر عشية الانتخابات أو في يوم الانتخابات نفسه.
وكانت لجنة خبراء الإعلام في البوسنة والهرسك نموذجا لهيئة تنظيم قامت بالتعتيم بصورة قسرية قبل 24 ساعة من فتح مراكز الاقتراع في انتخابات عام 1998 الرئاسية، واستمر ذلك حتى إغلاق مراكز الاقتراع. وقد فعلت ذلك عن طريق إصدار بيانات واضحة في وقت مبكر عن فترة التعتيم، والاعتماد بعد ذلك على النتائج التي توصلت إليها وحدة الرصد في وسائل الإعلام الخاصة بها. وخلصت إلى أن معظم الانتهاكات للتعتيم كانت نتيجة عدم اليقين في تطبيق القواعد. وقد قامت إحدى القنوات التلفزيونية، على سبيل المثال، بث فيلم عن المرشحين في مراكز الاقتراع بذكر أسماء أحزابهم – وهذا شيء لم يكن يسمح لها القيام به. وفي حالة أخرى كان ينظر إليها من قبل لجنة خبراء الإعلام على أنها أكثر خطورة، عندما قامت إحدى المحطات ببث مقابلات مع اثنين من القادة السياسيين، فقامت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بإحالة القضية إلى لجنة الاستئناف الفرعية للانتخابات، وهيئة الشكاوى التي ألغت أسماء تسعة مرشحين للحزب من قائمة الانتخابات. وقالت لجنة خبراء الإعلام نفسها أن معظم البلدان في معظم الحالات تعتبر هذا النهج قاسيا جدا وغير ضروري، ويتداخل مع حرية وسائل الإعلام [2].
ولبابوا غينيا الجديدة ترتيبات غير اعتيادية لدى ادارة التغطية الاعلامية. فبسبب المصاعب اللوجستية في اجراء انتخابات في بلد يضم جزر صغيرة وكثافة سكانية متفرقة، فقد جرى تنظيم الاقتراع ليجري على مدى اسبوعين، وبشكل متوالي على انحاء البلد. حيث تستمر خلال الفترة الانتخابية اجراءات الحملة الاعلامية والاقتراع وعد الاصوات واعداد التقارير حول النتائج - وبمعنى آخر، لايوجد حد معين لإنتهاء الحملة الاعلامية ، ولا متى تنتهي فترة التعتيم الاعلامي. وفي حين ان هناك اسباب منطقية لهذه العملية، فان جهات المجتمع المدني مهتمة بالتاثير الغير مبرر للحملة الاعلامية الجارية واعداد التقارير في اثناء قيام الناخبين بالاقتراع.
في عصر عولمة الاعلام هذا، من المستحيل على الاغلب ضمان قيام الاعلام الدولي المنشور خارج الحدود الوطنية بإتباع ضوابط التعتيم. فحينما يكون للناخبين امكانية للوصول الى الانترنت او التلفزيون الدولي، يصبح التعتيم الاعلامي لامعنى له. وفي اقصى حد له يمكن للهيئة المنظمة ان تطلب من وسائل الاعلام في الخارح ان تحترم الضوابط المحلية. ويكون الامر اكثر صعوبة مع فترات التعتيم على وسائل التواصل الاجتماعي في انفاذها وصعوبة اكبر في فرض العقوبات على الخروقات.
____________________________________________________________________________
[1] اكيبا أ.كوهين وجادي ولسفيلد. "التغلب على الشدائد والتنوع: فوائد الدعاية السياسية التلفزيونية في إسرائيل. في: ليندا لي كايد وكريستينا هولتز باشا (محرران)، الإعلان السياسي في الديمقراطيات الغربية، منشورات سيج، لندن، ثاوزند أوكس، 1995.
[2] لجنة خبراء وسائط الإعلام، التقرير النهائي: وسائل الإعلام في انتخابات عام 1998، 1998، ص33-34.