دور الهيئة المنظِّمة - مراقبة سير العملية الانتخابية
إن الوظيفة المركزية لهيئة التنظيم أو الإشراف، بعد إن تبدأ الحملة الانتخابية، هو التأكد من أن اللوائح أو الاتفاقيات التي وضعت في فترة سابقة قد تم الامتثال لها: بأن يكون وقت الوصول المباشر قد تم توزيعه وفقا للقواعد، وأن تكون عملية تثقيف الناخبين نزيهة وتلبي المعايير المطلوبة، وأن تلتزم الأحزاب ووسائل الإعلام بالممارسة المتفق عليها بشأن خطاب التحريض على الكراهية.
والأمر الذي في غاية الأهمية، هو أن تكون هيئة التنظيم أيضا على معرفة بأي تدخل في حرية وسائل الإعلام في تغطية الحملة الانتخابية بحرية، سواء من الدولة أو من أي حزب سياسي. وتحتاج إلى نقل المعلومات عن أي تدخل من هذا القبيل إلى السلطات الحكومية المختصة، إضافة إلى إصدار إدانة علنية واضحة من طرفها. هذه هي واحدة من أكثر الوسائل العملية التي تقوم الهيئة التنظيمية من خلالها بدور الوسيط والمحافظ على حرية وسائل الإعلام في العملية الانتخابية.
كما يأتي خلال هذه العملية دور معالجة الشكاوى. ومن الأهمية بمكان أن تكون الآلية القائمة قادرة على تلقي الشكاوي والاستماع إليها والتحقيق فيها، وحلها بسرعة خلال فترة الانتخابات – وإن الحلول طويلة الأجل والتي تتم بعد الانتخابات لا ترضي أحدا.
ومع ذلك، من أجل معالجة الشكاوى – إضافة إلى كل الوظائف الأخرى – تحتاج الهيئة التنظيمية إلى أن تكون لديها القدرة على رصد التغطية الإعلامية للانتخابات. وهذا من شأنه ليس فقط الاستجابة السريعة للشكاوى المرتبطة بمراقبتها الخاصة للتغطية الإعلامية، ولكن يمكنها أيضا المبادرة بالعمل من طرفها إذا قامت الأحزاب أو وسائل الإعلام بمخالفة القوانين أو اللوائح.
في الكثير من الحالات، لا تتمكن الهيئات التنظيمية بكل بساطة من القيام بمهمة الرصد هذه، الأمر الذي يضعها في وضع غير مناسب بشكل كبير عندما يتعلق الأمر بتقييم الشكاوى– كما يجعلها أيضا غير قادرة على الشروع بالعمل مثلا، إذا لم يتم بث حصص الوصول المباشر كما يجب. وإن وجود وحدة من أجل الرصد تحتاج بدون شك إلى تكاليف مرتفعة وخاصة أجور العاملين، حيث أن الرصد يحتاج إلى عمل مكثف. وبلغت ميزانية مشروع هام لرصد وسائل الإعلام غير الحكومية لفترة تستغرق ثلاثة أشهر في بلد أفريقي في أواخر عام 2000 حوالي 250،000 دولار أمريكي.
والبديل الشائع في الديمقراطيات الراسخة هو الطلب من وسائل الإعلام تقديم نسخة من جميع المواد ذات الصلة إلى الهيئة التنظيمية. وعلى افتراض أن الامتثال لمثل هذا الاتفاق قد تم، فهذا يلبي الحاجة إلى وجود المواد في متناول اليد لتقييم الشكاوى، ولكنه لا يسمح للهيئة باتخاذ إجراءات خاصة بها، ما لم يكن لديها من الموظفين لتقييم جميع المواد المقدمة.
وإن البديل الثالث الذي أصبح شائعا على نحو متزايد، هو أن تعمل الهيئة التنظيمية جنبا إلى جنب مع أجهزة الرصد لوسائل الإعلام غير الحكومية. ويمكن أن يكون هذا التعاون فضفاضا وغير رسمي أو أن يكون موضع اتفاقية مفصلة. ولقد تم في جنوب أفريقيا في عام 1999، على سبيل المثال، التعاقد رسميا بين مشروع الرصد لوسائل الإعلام غير الحكومية للعمل مع هيئة الإذاعة المستقلة. وفي أغلب الأحيان، يقوم المراقبون من المنظمات غير الحكومية بتقديم نتائج رصدهم إلى الهيئة التنظيمية، والتي تقرر بدورها إذا ما كان الأمر يحتاج إلى المزيد من المتابعة.