إن التقييم الجيد هو الذي يجمع بين الرؤى النوعية والتحليل الكمي لإيجاد حجة قوية تستند إليها التوصيات التي يُصدرها. كما أنه ينظر في القيمة النفعية لتوصياته ويتم إجراؤه بطريقة تزيد من احتمال اعتماد توصياته وتنفيذها.
وهناك طرق مختلفة لتحقيق هذه الأهداف. ويحتاج تصميم أي تقييم إلى اتخاذ بعض القرارات بشأن النهج المتبَّع:
· الأطراف الت ينبغي إشراكها
· التصميم الذي سيتم اختياره
ثم بعد ذلك يجب اتخاذ بعض الخيارات الصغيرة فيما يتعلق بأدوات وطرق جمع البيانات (انظر خيارات جمع البيانات).
مقيِّمون خارجيون مستقلون أم مقيِّمون داخليون مطَّلعون؟
كيف ستكون العلاقة بين المقيِّمين الخارجيين (إن وجدوا) والعاملين في البرنامج؟ تناقَش هذه الأسئلة في من ينبغي أن يجري التقييم.
التصاميم النموذجية لعملية التقييم
يمكن اعتبار أن الكثير من عمليات التقييم عبارة عن آراء متخصصة. ويُمنح شخص واحد (أو ربما فريق صغير) تفويض مطلق للتحدث مع أصحاب المصلحة من خلال مقابلات نصف موجَّهة يمكن إجراؤها مع شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص. كما يتاح للمقيِّمين إمكانية الوصول إلى وثائق البرنامج.
وعلى أساس هذه الوثائق، بل وحتى باستخدام سلسلة المقابلات لاختبار الآراء التي كونوها، يبدأ المقيِّمون في إعداد تقرير. ويمكن تقديم التقرير كما هو أو، إذا كان هناك وقت كاف، اختباره مع مجموعة ممثِلة لأصحاب المصلحة قبل تقديمه.
ويتحدد نجاح أو فشل مثل هذا التقييم بناءً على سمعة المقيِّم. ويمكن إجراؤه بسرعة وبتكلفة محدودة. ونتيجة لسمعة المقيِّم، يمكن إجراؤه على أساس وثيقة شروط مرجعية شديدة التعميم. ويتم اختيار المقيِّمين على أساس معرفتهم بهذا المجال وبالمعلومات الأساسية عن البرنامج، وعلى أساس قدرتهم على الدخول بسهولة إلى عالم أصحاب المصلحة.
عملية تدقيق
هناك تصميم آخر يتيح لفريق التقييم إمكانية الوصول إلى كل المواد الوثائقية الخاصة بالبرنامج وينفذ التقييم بالكامل على الورق. ولا يجري هذا النوع من التقييم أي مقابلات إلا مع الأشخاص الذين كلَّفوا فريق التقييم بإعداد التقرير، وتتوفر لفريق التقييم جميع المعلومات اللازمة لإجراء التقييم.
ويمكن توسيع نطاق هذا التقييم من خلال إجراء دراسات استقصائية عامة بناءً على المؤشرات الأولية لمجالات الاهتمام بحيث يتم جمع المزيد من البيانات. لكن المصادر الأساسية تبقى وثائقية.
وفي حين أن هذا النوع من البحث (الذي ربما يناسب مواد توعية الناخبين) قد يكون مفيداً، إلا أنه لا يمكن أن يحل محل التقييم الذي يجرى للبرنامج أثناء تنفيذه.
مناقشة منظَّمة
إن التقييم الأكثر تعقيداً والأكثر اعتماداً على المشاركة هو الذي يمكن وصفه بأنه مناقشة مستمرة.
ففي هذا النوع من التقييم تبدأ المناقشة بوضع وثيقة الشروط المرجعية، والتي قد تتضمن إنشاء لجنة أو عدة لجان دائمة لأصحاب المصلحة تعمل على تقييم التقدم المحرز في عملية التقييم، ومناقشة البيانات والنتائج، وتحديد الحاجة إلى مزيد من البحوث.
وعادةً ما يضطلع المقيِّمون بدور ميسري المجموعات والمساعدين الفنيين، وقد يتولون أيضاً جمع المعلومات، مع أنه يمكن أن يتولى أصحاب المصلحة أنفسهم مهمة جمع البيانات.
وفي مثل هذا التقييم، يتم التفاوض بشأن التقرير النهائي وقد يتكون من مجموعة من الاجتماعات لا يتم خلالها تقييم التوصيات أو المقترحات فحسب وإنما وضعها موضع التنفيذ من قِبل الهيئات المسؤولة أو الأفراد المسؤولين.
إلى أي مدى ينبغي أن يقترب المقيِّمون؟
يوجد بين هذه التصاميم النموذجية الثلاثة العديد من الفوارق البسيطة، ويتولى فريق التقييم إجراء كل تقييم بالطريقة التي يُتوقع أن تسفر عن نتائج موثوق بها. ومن طبيعة التقييم التشاركي أن يتشابك تشابكاً وثيقاً مع التنفيذ العام للبرنامج وأن يصبح بشكل متزايد قائماً على الرصد الذاتي أكثر من كونه تقييماً تجميعياً.
وفي مثل هذه العمليات التشاركية، قد يصبح دور المقيِّمين محل خلاف. فهُم أشخاص من خارج البرنامج يتمتعون بنفس القدر من النفوذ الذي يتمتع به المشاركون فيه. وقد ينشأ التباس بين التقييم وتنفيذ البرنامج: فيصبح التقييم أو التركيز على التجارب أمراً أساسياً.
ويمكن أن يكون هذا الأمر مناسباً في برنامج توعية مستمر وموجه للكبار، لكنه في برنامج توعية وطني يمكن أن يكون مرهقاً ومقوضاً للتصميم العام للبرنامج.
أهداف التقييم
في العادة يبدأ أي تقييم بإعداد قائمة من الأسئلة يتم البحث عن إجابات لها. ويمكن أن تصبح هذه القائمة أكثر اتساعاً خلال إجراء التقييم، أو قد يُكتشف أن التقييم يكفيه قائمة أصغر حجماً وأكثر إيجازاً.
وينبغي إعداد هذه الأسئلة بالتشاور مع المنظمة الراعية للتقييم. وعلى الرغم من أن مختلف أصحاب المصلحة قد يصيغون أسئلتهم بطريقة مختلفة أو يطرحون أسئلة مختلفة، إلا أن قائمة الأسئلة النهائية هي التي تضع معايير التقييم وأهدافه.
ومن خلال وضع قائمة بالأسئلة، يقدم التقييم الخطوة الأولى في اتجاه الاستفادة من النتائج، فيتم تحديد أهميته سلفاً وضمان الملكية بشكل جزئي. وقد يكتشف المقيِّمون أن أصحاب المصلحة، نتيجة للجهل أو بهدف التضليل المتعمد، لم يطرحوا سؤالاً حاسماً يسطيعون بعد ذلك إضافته إلى القائمة [1].
لكن قيام المقيِّمين بهذا الأمر يشكل خطراً عليهم، فلا بد أن يوضحوا السبب وراء إدراجهم مثل هذه الأسئلة، وقد يُتهمون بتجاوز حدود اختصاصهم. وسيكون الأمر متروكاً للمقيِّمين لتحديد مدى أهمية السؤال بالنسبة لنتائج التقييم.
ملاحظات:
[1] من الأمثلة الكلاسيكية لهذا النوع من الأسئلة هي تلك التي تتعلق باستمرارية البرنامج، أو دور المدير أو الهيكل الإداري للبرنامج، أو نتائج مشروع معين مفضَّل لدى العاملين.