هناك ملاحظتان أصبح يرهبهما المقيِّمون. الأولى هي: "من أنت؟" والثانية هي: "ليس الأمر أنني أختلف معك، ولكن هل تحدثت حقاً مع الأشخاص المناسبين/طرحت السؤال المناسب؟"
إن الملاحظة الأولى تتعلق بشرعية المقيِّمين ومن ثم شرعية النتائج التي توصلوا إليها. أما الملاحظة الثانية فهي تتتعلق بموثوقية تلك النتائج، ولا تصاغ عموماً على أنها هجوم على نتائج أو محصلات التقييم وإنما على منهجيته.
ويصعب على المقيِّمين عدم الوقوع في نفس خطأ الشخص الذي أبدى الملاحظات واتخاذ موقف دفاعي بدرجة متساوية، إلا أن هناك عدة أشياء يستطيع فريق التقييم وأخصائي التوعية القيام بها لبناء الشرعية والتأكد من موثوقية النتائج.
بناء الشرعية
يمكن اختيار المقيِّمين بعد مناقشة كاملة بين جميع أصحاب المصلحة الذين يقومون، بعدما اتفقوا على صيغة وثيقة الشروط المرجعية، وبعدما وضعوا مجموعة من المعايير لاختيار المقيِّم، باختيار الشخص من قائمة الأشخاص المفضَّلين.
ويمكن أن يتولى تعيين المقيِّمين بكل بساطة الجهة الممولة للبرنامج أو الهيئة الإدارية للبرنامج، أو حتى مدير البرنامج.
وحتى في الحالة الأولى، سيصاب البعض بالدهشة، مهما كان السبب، لمجرد إجراء التقييم، ولأنه يتم تقييمهم، ولأن المقيِّم هو الشخص الذي هو عليه.
الاجتماعات الأولى
من الضروري أن يحدد المقيِّمون في وقت مبكر مَن هم أصحاب المصلحة الأساسيين، وباستخدام وثيقة الشروط المرجعية أن يعقدوا معهم مقابلات أو اجتماعات لمناقشة التقييم ومعرفة توقعاتهم حول نتائجه. وقد تكون هذ المقابلات جزءً من تصميم التقييم. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يكون أصحاب المصلحة الذين يُحتمل أن يعارضوا التقييم هم أول من يوضع في قائمة الأشخاص الذين تجرى معهم مقابلات.
وبعد التوصل إلى اتفاق أساسي على أن التقييم سيتم إجراؤه، وأن عدم التعاون سوف يضر بنتائجه، وأن حرص الجميع على التعاون والمشاركة يزيد من احتمال أن تكون النتائج أكثر موثوقية، ينبغي أن يحافظ المقيِّمون على علاقتهم بأصحاب المصلحة في جميع مراحل التقييم.
رفع التقارير الدورية
يمكن الحفاظ على التواصل عن طريق توفير فرص كافية للتواصل من خلال عقد اجتماعات أو رفع تقارير مرحلية.
ويمكن الحفاظ على التواصل أيضاً عن طريق التناقش حول أي تعديلات في وثيقة الشروط المرجعية أو أي توصيات يُحتمل أن تكون مفاجأة أو يُحتمل أن تكون لها أهمية سياسية مع أصحاب المصلحة أو على الأقل مع مجموعة من ضامني التقييم.
ضامنو التقييم
يتمثل هؤلاء الضامنون في مجموعة من أصحاب المصلحة الذين يتعهدون بالالتزام بالتقييم ويملكون ما يكفي من السلطة التنظيمية أو من السمعة الطيبة لأن يكون التزامهم ضامناً لاستمرار التزام الآخرين. وينبغي تقديم تقارير دورية لهذا النوع من الأشخاص، وكذلك الحصول على تعهد منهم بقبول نتائج التقييم حتى وإن كانت تبدي ملاحظات على أدوارهم.
وينبغي أن يضمن المقيِّمون أن نتائج التقييم تعبر عن حقائق البرنامج دون خوف أو محاباة: ولكنهم يجب أن يفعلوا ذلك بطريقة تسمح بتوصيل الحقائق إلى مسامع الآخرين.
ضمان موثوقية النتائج
إن المقيِّمين يقدمون مجموعة من التوصيات لمجموعة من الأشخاص المسؤولين عن تطوير البرنامج. ويمكن أن تؤثر توصياتهم على العاملين، والقاعدة المالية، وتصميم العمليات، والتطلعات الشخصية للأفراد الموجودين في البرنامج أو في الهياكل الإدارية. بل ويمكن أن يؤثر التقييم رفيع المستوى على نتائج الانتخابات أو على احتمالات إعادة ترشيح عضو من أعضاء الهيئة الانتخابية.
لذلك فمن الضروري أن يستطيع هؤلاء الذين يستخدمون النتائج أن يؤمنوا بها وأن يثقوا فيها. ولكي يتحقق ذلك، ينبغي أن يراعى في تقارير التقييم ما يلي:
· ضمان شفافية العملية. ينبغي أن يفهم متلقو التوصيات تفاصيل العملية التي أفرزت التوصيات، بما في ذلك منهجية جمع المعلومات، والطريقة التي تم بها تحليل المعلومات، والطريقة التي توصل بها المقيِّم إلى التوصيات، بما فيها أي اختبارات ومسودات قد تم إعدادها. وحتى لو كان هناك تواصل جيد بين جميع الأطراف قبل تقديم التقرير، فلا شك أن المقيِّمين قد بذلوا في التفكير في التوصيات جهداً أكبر من الذين يستمعون إلى تفاصيل التقرير، إلا إذا كان الجميع قد شارك في التقييم بالكامل. أما التقييم الذي يجرى خلف الأبواب المغلقة فهو أكثر عرضة لأن يساء فهمه ما لم يمر الآخرون بنفس عمليات التفكير التي مر بها المقيِّم.
· اختبار مدى توافق التوصيات مع الشروط المرجعية. تحتوي وثيقة الشروط المرجعية على الهدف العام للتقييم، وتشرح كيف سيتم استخدام التوصيات. لذلك فإن مدى نجاح التقرير في تحقيق هذه التوقعات الواضحة يحدد مدى قبول المتلقين لنتائج التقرير. وفي حالة انحراف التوصيات عن الشروط المرجعية، سيكون من الضروري توضيح أسباب هذا الانحراف.
· بناء التأييد قبل تقديم التقرير النهائي. يجب على المقيِّمين قبل تسليم التقرير النهائي إجراء سلسلة من الأنشطة لضمان موثوقية التوصيات والتقرير. ومن بين الاحتمالات المتاحة للمقيِّمين، اعتماداً على مدى استقلال فريق التقييم عن البرنامج، ما يلي:
· إجراء تدقيق خارجي لمسودة التقرير على يد خبير معترف به في المجال
· عقد اجتماعات تشاورية لمناقشة مسودة التقرير بالكامل أو جوانب منها مع الأطراف المعنية
· إجراء مناقشات مع المنفذين المحتملين للتوصيات حول جدواها وصلاحيتها
- جمع معلومات إضافية لاختبار التوصيات بمزيد من التفصيل
وعند الانتهاء من إعداد التقرير النهائي، سيكون قد انتشر التأييد على نطاق واسع، إن لم يكن على نطاق شامل.
- تقديم التوصيات تدريجياً. من المرجح أن يخرج التقييم بمجموعة متنوعة من التوصيات: منها الضروري ومنها الواضح ومنها الحميد ومنها المثير للجدل. ويزداد احتمال أن تلقى التقارير استحساناً إذا ما قُدمت التوصيات بشكل تدريجي بحيث يستطيع الناس التركيز على الخلافي أو الصعب منها وقبول المباشر منها. فمن شأن قبول التوصيات المباشرة أن يؤكد صلاحية التقرير ويضمن انتقال النقاش من مسألتي الموثوقية والمنهجية إلى مسألتي الجدوى والتنفيذ.