تكون الاستطلاعات مفيدة عندما نريد التعرف على آراء أعداد كبيرة من الأشخاص. ويتمثل دورها في التحدث إلى عدد أصغر نوعا ما من الأشخاص (العينة) وتعميم النتائج على جماعة ما أكبر من الأشخاص (السكان). ويكون أخذ العينة عامة معقدا كما يتطلب عادة الكثير من الإحصائيات وأجهزة الحاسوب. لكن من المهم فهم المنطق الأساسي من أجل إيصال ما هو مطلوب بأسلوب ذكي إلى إحدى شركات العمل الميداني والتحقق بصورة كافية مما يقومون به بالفعل.
من هم السكان الذين يتم جمع المعلومات وتعميمها من أجلهم؟ هل هم جميع الناخبين؟ أم الناخبون المحتملون وحدهم؟ أم الرجال وحدهم أو النساء وحدهم؟ أم الشباب وحدهم أو المسنون وحدهم؟ أم الناخبون السود وحدهم أو البيض وحدهم؟
يمكن تشبيه أخذ عينة من جماعة ما أكبر من السكان بإعداد الحِساء. فعند مزج وعاء كبير من الحساء، سيخبرك أي طاه جيد أن كل ما تحتاج إليه هو ملء ملعقتان أو ثلاثة ملاعق لتكوين فكرة على درجة معقولة من الموثوقية عن طعم الوعاء بأكمله. ويَفترِض هذا بالطبع أنه قد تم مزج الحساء جيدا، وأن كل الملح ليس متكتلا في ركن واحد كنتيجة لذلك، وأن جميع قطع البطاطس ليست كامنة في قاع الإناء، أو أن جميع قطع الثوم لم يتم تحريكها إلى جانب الوعاء. وستعني أي من هذه الاحتمالات أن مقادير الملاعق التي تم تذوقها غالبا ما كانت غير مُمثلة للوعاء بأكمله.
مرة أخرى، وبافتراض المزج الجيد لمحتويات الوعاء، سيُعْطي عدد مماثل تقريبا من مقادير الملاعق التي يتم أخذها بشكل عشوائي من الوعاء فكرة جيدة عن الطعم بغضّ النظر عما إذا كان الحساء مأخوذا من قِدْر أسود عادي موضوع على موقد منزلي أم من أحد القدور من الحجم الكبير في أحد المطاعم. وسيفي نفس العدد من الملاعق بالغرض إذا كانت محتويات الوعاء ممزوجة بشكل جيد. وقد يرتفع العدد المطلوب من الملاعق بشكل طفيف، لكن ليس بنفس نسبة الزيادة في حجم الوعاء.
لكن لا يتسم بـ"الامتزاج الجيد" سوى عدد ضئيل من الفئات السكانية: فغالبا ما تكون هناك جماعات (أو طبقات من الأشخاص) تختلف اتجاهاتهم إلى حد كبير عن اتجاهات الأشخاص الآخرين (تماما مثلما أن هناك خضروات وتوابل مختلفة لها مذاقات مختلفة) غير موزعين عشوائيا في جميع فئات السكان بل يميلون إلى التجمُّع في بعض المناطق، أو المدن، أو الأحياء.
وينبغي الحد إلى أقصى مدى ممكن من أية احتمالية لخطأ إحدى العينات التي يتم اختيارها بعشوائية تامة، أو لعدم تمثيلها بالقدر الكافي، لأي من هذه الجماعات أو الطبقات في العينة. ويُحتمَل أيضا أن يحتاج الشخص فعليا، أثناء محاولته أخذ عينة ممثلة لمجمل السكان (أو وعاء الحساء)، إلى "تقسيم العينة إلى طبقات" من أجل أخذ عينات فرعية صغيرة من كل جماعة فرعية مطلوبة (وبهذا يضمن الحصول على عينات فرعية كافية من البطاطس، والأرز، والطماطم).
ويعني هذا إيلاء الانتباه إلى تمثيل الأشخاص المنتمين إلى جميع الجماعات اللغوية والعنصرية، أو جميع المناطق، أو الأغنياء والفقراء، أو الحضر والريف. وينبغي عادة بناء هذه الطبقات بحيث يتناسب حجمها مع الحجم الفعلي للطبقة بالنسبة لمجموع السكان. وهكذا فإذا كان المُكوِّن الريفي لسكان دولة ما هو 52%، فينبغي أن يكون المُكوِّن الريفي في العينة مماثلا.
لكن ما أن يتم اتخاذ قرار لتقسيم السكان إلى طبقات على امتداد أكثر من بُعْدين، فإن اتخاذ قرار بشأن التركيب الفعلي للعينة قد يصير معقدا بعض الشيء. إذ قد تفرض عينة وطنية في جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، عددا محددا من الأشخاص الريفيين من الأعراق المختلطة المنتمين إلى إقليم ويسترن كيب بالإضافة إلى عدد محدد من الأشخاص الريفيين البيض والأفارقة المنتمين إلى ذلك الإقليم. وقد يعني هذا أيضا الحصول على أعداد من الأشخاص الذين يسكنون العاصمة من كل جماعة من الجماعتين من ذلك الأقليم. ونظرا لأن هذا قد يصبح صعبا بعض الشيء، يمكن أن يساعد اختصاصي رياضيات أو ديموغرافيا مُدرَّب في حل هذه المسألة.
لكن قد يكون من المطلوب في بعض الحالات الحصول على عينة طبقية عشوائية غير متناسبة. ويحدث هذا عادة عندما تتضمن جماعة فرعية مطلوبة ما نسبة صغيرة للغاية من السكان المطلوبين. وعلى سبيل المثال، ستتكون عينة متناسبة في جنوب أفريقيا من 9% فقط من المجيبين ذوي العرق المختلط بالإضافة إلى نحو 2% من المجيبين ذوي الأصول الهندية. لكن إذا كانت العينة الوطنية تتألف من 2000 شخص فقط، لأسباب تتعلق بالتكلفة، فسيؤدي هذا إلى أقل من مائتين من المجيبين ذوي العرق المختلط فعليا بالإضافة إلى نحو أربعين مجيبا من ذوي الأصول الهندية.
لكن قد يكون من غير الممكن بناء أي تقديرات إحصائية يمكن الاعتماد عليها استنادا إلى عينة فرعية تتألف من أربعين شخصا. حتى مع مائتي شخص، قد يكون هامش الخطأ الإحصائي كبيرا لدرجة لن تكون معها التصورات حول الناخبين ذوي العرق المختلط مفيدة في توجيه برنامج لتوعية الناخبين يستهدف هذه المجتمعات. حتى أن هذا قد يصبح أكثر أهمية إذا ما أراد الشخص فحص الاختلافات بين الرجال والنساء، أو سكان الريف والحضر، أو مساندي الأحزاب، ضمن العينات الفرعية من ذوي الأصول الهندية ومن ذوي العرق المختلط. إذ ستبدأ أعداد المجيبين ضمن هذه الجماعات الفرعية في أن تصبح من الصغر بمكان بحيث تكون عديمة النفع.
وهكذا، يمكن التفكير في "عينة زائدة" من مثل هذه الجماعات الصغيرة. وفي هذه الحالة، فعلى الرغم من أن مجموعة صغيرة ما قد تستحق إجراء 40 مقابلة فقط على أساس دقيق التناسب، قد يتم اتخاذ قرار لإجراء مائة مقابلة من أجل الحصول على قاعدة معلوماتية يمكن الاعتماد عليها بدرجة أكبر. وما أن يتم اختيار كل البيانات، يتم تصحيح هذه العينة غير المتناسبة من خلال خفض "وزن" المقابلات المائة باستخدام النسبة الملائمة حتى تمثل التناسب الصحيح للعينة بأكملها.
كما أن الوزن مفيد أيضا فيما يتعلق بالخصائص الديموغرافية الهامة التي تتوافر عنها المعلومات، لكنها لن تكون معروفة حتى يفتح المجيبون الباب. فعلى سبيل المثال، قد نعلم عدد الرجال والنساء في الفئة السكانية المطلوبة بالإضافة إلى عدد الأشخاص في الطبقات التعليمية المختلفة. لكنه قد لا يكون من الممكن القيام مسبقا بتقسيم العينة إلى طبقات تبعا لهذه الملامح، لأن المُحاوِر لن يعلم ما إذا كان المجيب ذكرا أم أنثى أو مستوى تعليمه حتى يجيب شخص ما على الباب أو الهاتف.
وما أن تؤخذ العينة، قد يتم مقارنتها بالسكان الفعليين على طول الخطوط الديموغرافية التي تتوفر المعلومات عنها. كما قد يتم خفض وزن الأشخاص في العينة أو زيادة وزنهم وفقا للاتجاه الملائم. تخيَّل على سبيل المثال، الاتصال بعدد من النساء تمثل نسبتهن في العينة ضعف نسبتهن الفعلية في العدد الكلي للسكان. ففي هذه الحالة سيتم في النهاية خفض وزن كل امرأة في العينة بمقدار النصف للوصول بعدد النساء في العينة إلى نسبته الصحيحة.
يُعَد بناء العينات مُحدِّدا رئيسيا للتكلفة بالنسبة لاستطلاع ما. وستميل العينات التي تتطلب نسبة مرتفعة من المجيبين الريفيين إلى ارتفاع التكلفة نسبيا نظرا للتكاليف الخاصة بإجراء مقابلات في مناطق ريفية بعيدة.
وعادة ما يتطلب الأمر قدرا كبيرا من البنية التحتية والعاملين للتمكن من استطلاع آراء عينات مُمثِّلة على المستوى الوطني. وهكذا فإن غالبية المنظمات غير الحكومية، حتى ولو تمكنت من تصميم المشروع وتحليل النتائج، ستقوم مع ذلك بالتعاقد مع مؤسسة محترفة لإجراء المقابلات الفعلية.