قد يوجد التشريع الانتخابي في صورة مجموعة من القوانين المنفصلة أو كمدونة انتخابية واحدة. وغالباً ما سيتناول التشريع في هذا الجانب النظام الانتخابي، وحقوق التصويت، وإنشاء السلطة الانتخابية وعملها، وتسجيل الناخبين، والاستعدادات للانتخابات، وتمويل الحملات الانتخابية. وفي حين أن اختصاصيي توعية الناخبين قد لا يشاركون في وضع مسودة هذا التشريع، إلا أنه سيكون له تداعيات هامة على مساعى توعية الناخبين. النظم الانتخابية تفرض النظم الانتخابية المختلفة متطلبات مختلفة على الناخبين وعلى السلطات الانتخابية. وعادة ما يعكس اختيار أحد النظم الظروف الاجتماعية التي يجد الناخبون أنفسهم في إطارها. وإذا لم يكن من الممكن تعديل التشريع بسهولة، فهناك أوقات يسبق فيها التغير الاجتماعي القانون الانتخابي. ويمكن أن يتسبب هذا في عدم تراصف بين الناخبين والنظام. وقد انخرط عدد من الدول مؤخراً في نقاشات حول الإصلاحات المحتملة لأنظمتها الانتخابية. وسوف يكون لطبيعة وتوقيت التغييرات المدخلة على النظام الانتخابي تأثيراً رئيساً على توعية الناخبين. وفي الحالات التي كان فيها نظاماً طبقا لبعض الوقت، قد يُفترَض أن هذا النظام هو النظام الوحيد والأمثل، مما سينتج عنه بعض المقاومة للتغيير. لكن، وبشكل عام، سوف يحتاج اختصاصيو التوعية إلى الضغط للحصول على النظم التي تحد من التعقيد فيما يتعلق بالتصويت وفي تحديد النتائج. نظراً لأن سهولة فهم العلاقة بين الإدلاء بصوتهم ونتيجة الانتخابات تعتبر أهم الدوافع وراء مشاركة الناخبين في الانتخابات. التشريع الانتخابي وتوعية الناخبين غالباً ما يكون التفويض التشريعي للقيام بتوعية الناخبين مطلباً قبلياً لتعبئة الميزانية وطاقم العاملين اللازمين لدعم أحد البرامج. ووفقا لدرجة اللامركزية في الإدارة الانتخابية، قد ينبع تفويض تشريعي من قوانين إما وطنية أو محلية. وفي الوقت ذاته، قد تكون هناك دول يستثني فيها التشريع على وجه التحديد التعريف الواسع لتوعية الناخبين من قبل السلطات الانتخابية: تعد أسبانيا أحد الأمثلة على ذلك. وفي مثل هذه الحالات، يتوجب على السلطات الانتخابية توفير إعلام للناخبين ضمن أطر إرشادية مقيدة للغاية. وعلى الجانب الآخر، أدى الفهم المتزايد لقيمة التوعية إلى فقرات توعية ناخبين الأكثر تفصيلاً في التشريع الانتخابي. وفي عدد من الحالات، تم ربط هذه الفقرات بإعلام الجماهير وتشريع الحملات. لكن يحتاج التشريع غالباً إلى أن يتم تفسيره بعناية، وتؤثر كل من استقلالية السلطات الانتخابية، وضمان مدة ولايتها، وسيطرتها على موازنتها في قدرتها على إنشاء برامج مبتكرة لإعلام الجماهير وتوعية الناخبين. وقد تتدرج الفقرات التشريعية من البسيط إلى الأكثر تعقيداً. وفي بعض الحالات، قد لا تكون الوظائف الموكلة إلى السلطة الانتخابية واضحة في تفويض توعية الناخبين. وعلى سبيل المثال، قد يُفضِي الالتقاء البادي بين الانتخابات والديمقراطية إما إلى تلقي السلطات الانتخابية لتفويض واضح للقيام بتوعية الناخبين أو إلى تفسيرها ببساطة من منظور أدوارها ووظائفها. في أثيوبيا، تطلبت الانتخابات الخاصة بأحد المجالس التأسيسية إنشاء هيئة انتخابية. وبالإضافة إلى "سلطاتها وواجباتها" الأخرى، طُلِبَ منها "توفير التوعية المدنية المتصلة بالانتخابات للجمهورعلى نطاق واسع". [1]
هناك حكم موجز مشابه في القانون الانتخابي للكومنولث الأسترالي الصادر في عام 1918. تتمثل وظائف اللجنة الانتخابية في "تعزيز الوعي العام بالأمور البرلمانية والانتخابية عبر إجراء برامج إعلام وتوعية بالإضافة إلى وسائل أخرى". [2]
لكن الإيجاز لم يقيد الإبداع. ففي أستراليا، قادت الطبيعة الإجبارية للتصويت اختصاصيي توعية الناخبين إلى تفسير واسع لتفويضهم. وفي تحملها لمسؤولياتها فيما يتعلق بضمان تمكن جميع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وإدراك أهميتها، تضع الدولة المبادرة بالتصويت على عاتق الناخب. وجاءت النتيجة في شكل برنامج شامل لتوعية الناخبين. وفي كندا، تم توسيع التفويض الانتخابي بطريقة مثيرة لضمان تقديم التوعية على أساس شامل. "يمكن لكبير المسؤولين الانتخابيين أن يقوم بتنفيذ برامج إعلام وتوعية للجمهور لكي تتوفر له دراية أكبر بالعملية الانتخابية، خاصة الأشخاص والجماعات الذين غالباً ما سيواجهون صعوبة في ممارسة حقوقهم الانتخابية". [3]
ويعد هذا أحد الأمثلة الجيدة التي توضح كيف أن التغيرات في السياق الاجتماعي أعقبتها التوجيهات التشريعية. لسوء الحظ ، ليس هذا هو الحال دائماً. ففي اثنين من المواقف الانتقالية، تم إعطاء السلطات المؤقتة توجيهات على نفس الدرجة من الإيجاز. ففي الاستفتاء الذي تم حول إنشاء دولة إريتريا، ينص الإعلان على أن أحد واجبات السلطة الانتخابية يتمثل في "الإعلان عن الاستفتاء وإعلام الناخبين" [4]
وفي البوسنة والهرسك، ينص الحكم جزئياً على: "لإعلام مواطني البوسنة والهرسك بالعملية الانتخابية وبحقوق المواطنين كناخبين، قررت اللجنة المؤقتة للانتخابات أن جميع المحطات الإذعية والتليفزيونية في جميع أنحاء البوسنة والهرسك في كلتا الوحدتين ستقوم ببث مواد إعلامية لتوعية الناخبين منتجة من قبل اللجنة المؤقتة للانتخابات" [5]
ويوفر هذا مثالا على العلاقة الوثيقة بين توعية الناخبين والدور العام لوسائل الإعلام في الانتخابات. وعند وضعها كما هي في الواقع إلى جوار المقالات المتعلقة باستخدام الأحزاب لوسائل الإعلام، فإنها تؤكد أيضاً على العلاقة الوثيقة بين توعية الناخبين والدعاية السياسية. يشتمل القانون الموزمبيقي على فصل تحت عنوان "الدعاية السياسية والتوعية المدنية". ضمن هذا الفصل الذي يتألف من إحدى عشرة مادة، لا تتصل سوى مادة واحدة فقط ، ألا وهي المادة 102 (التوعية المدنية)، بالاهتمامات الفعلية الخاصة بتوعية الناخبين. لكن بربط هذه الأجزاء، يبدو أن الناخبين سيصبحون ليس فقط أكثر دراية ولكن أيضاً أكثر التزاماً بالمشاركة الانتخابية إذا ما تعرضوا لحملة يتم الدعاية لها بشكل جيد وللتوعية الضرورية للناخبين. يوفر القانون الموزمبيقي المزيد من التبصر برسائل وطرق توعية وإعلام الناخبين: 1. سوف تقوم اللجنة الانتخابية الوطنية عن طريق وسائل الإعلام بالترويج لتوعية المواطنين بأهداف الانتخابات، وبالعملية الانتخابية، وبالكيفية التي يقوم بها كل ناخب بالإدلاء بصوته. 1. سيتم نشر البلاغات الرسمية، والبيانات شبه الرسمية، والمراسيم الأخرى الخاصة باللجنة الانتخابية الوطنية عن طريق وسائل الإعلام العامة مجاناً وسيكون لها الأولوية. [6]
وباستثناء التشريع القياسي الخاص بالانتخابات، قد يتطلب تشريع منفصل حول الحقوق التصويتية، كما في الولايات المتحدة وروسيا، قيام السلطات الانتخابية على جميع المستويات بتوفير الإعلام والتوعية لجمهور الناخبين ككل أو لجماعات مستهدفة محددة وإتاحة وصول أعم إلى عملية التصويت، على سبيل المثال للناخبين من ذوي الإعاقات أو للناخبين الذين يدلون بأصواتهم للمرة الأولى. في بعض الحالات، غالباً في السياقات الانتقالية، يُغفِل التشريع الانتخابي القضايا الخاصة بإعلام الناخبين. وفي هذه الحالات، تحتاج السلطات الانتخابية إلى تحديد ما إذا كان لديها الصلاحية أم لا للقيام بتوعية الناخبين كجزء من الاستعدادات الأوسع التي تقوم بها للانتخابات. ويمكن أن يتأثر هذا القرار بالسياق الاجتماعي- السياسي الذي يتم فيه إجراء الانتخابات، والتقاليد القانونية (على سبيل المثال، ما مدى حيز التفسير للأحكام القانونية)، والحساسيات المتعلقة بالتفويض. هل ينتظر الجمهور من السلطة الانتخابية تقديم معلومات أساسية عن الانتخابات؟ هل يتوفر المال اللازم للقيام بذلك؟ هل سيعتبر المشاركون السياسيون ذلك خارجاً عن نطاق التفويض الخاص بالسلطة الانتخابية وهل سيؤثر هذا المفهوم سلباً على شرعية المؤسسة أو الانتخابات؟ وقد دفعت مثل هذه الأمور المثيرة للقلق، في غياب تفويض قانوني، باللجنة العامة للانتخابات في الجبل الأسود، على سبيل المثال، إلى عدم الانخراط في أنشطة توعية الناخبين. كما أنه في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، من المألوف أن تجد مواقف تتمتع فيها السلطة الانتخابية بتفويض قانوني لإعلام الناخبين، لكن دون أن يتم تزويدها بالميزانية اللازمة للوفاء بمثل هذه الالتزامات. ويُعرَف هذا بالتفويض غير المُموَّل. وفي البيئات قليلة الموارد، سوف يؤدي مجرد إجراء الانتخابات إلى استنفاذ جميع الموارد المتاحة. وفي كثير من الأحيان، تتراجع أولوية توعية الناخبين نسبياً أو يتم اعتبارها من قبيل الرفاهية. وتمثل دولة جورجيا أحد الأمثلة التي عانت فيها ميزانيات الانتخابات باستمرار من نقص في التمويل، ولم ينفذ تحويل الأموال الحكومية إلا في وقت متأخر نسبياً خلال العملية الانتخابية. وفي مثل هذه الظروف، غالباً ما يشارك المجتمع الدولي في العملية، بأن يتحمل تكاليف جهود توعية الناخبين. التشريع الانتخابي وتعزيز الديمقراطية نظراً لأهمية الانتخابات في الحفاظ على الديمقراطية ومؤسساتها، استخدمت العديد من السلطات الانتخابية الصلاحيات المخولة لها من أجل إعلام الجمهور وتوعية الناخبين لتوسيع عملها ليشمل المدارس ومؤسسات تعليمية أخرى. وفي بعض الحالات يمكن تفسير ذلك بدرجة أقل على أنه توعية مدنية في مجمله وبدرجة أكبر على أنه توعية من أجل الانتخابات أو بالانتخابات. وتعد كل من روسيا وأوكرانيا نموذجين واتحدت فيهما كل من السلطة الانتخابية واختصاصيي التوعية لاستحداث مقررات دراسية عن الانتخابات تعتمد على الفصل الدراسي. لكن هناك أوقات يبدو فيها أن المدونة الانتخابية تتعدى هذا النوع من التوعية الانتخابية وتجبر السلطات الانتخابية على التدخل عند مستوى أعمق. ففي المكسيك، تفرض المدونة على المعهد الانتخابي الاتحادي "المساعدة في الترويج للثقافة السياسية ونشرها" و"الإسهام في تنمية حياة ديمقراطية". [7]
وقد نتج عن هذا برنامج توعوي شامل ليس فقط مستمرا ولكنه أيضا ممتدا خارج نطاق انتخابات بعينها. وفي جنوب أفريقيا، يسرد القانون القاضي بإنشاء اللجنة الانتخابية مجموعة من الوظائف "لتعزيز الشروط المُفضِية إلى انتخابات حرة ونزيهة" ولتعزيز "المعرفة بالعمليات الانتخابية الديمقراطية والسليمة". [8]
وتتمثل أهداف اللجنة في "تقوية الديمقراطية الدستورية". [9]
وقد يكون لذلك نتائج على التوعية لم تتنبأ بها اللجنة الانتخابية بعد. إلا أن التفاوت الذي تسمح به مثل هذه الأحكام يضع مسؤولية كبيرة على عاتق السلطات الانتخابية. وعلى الجانب الآخر، قد لا يكون هذا هو الحال في المجتمعات التي توجد فيها العديد من المؤسسات المتنافسة، الخاصة منها أو العامة، أو في الحالات التي تتحمل فيها السلطة عبء إداري كبير. كما أن هذا لن يكون قابلا للتنفيذ في المجتمعات التي لا توجد فيها سلطة انتخابية دائمة. وبالإضافة إلى ذلك قد يجعل حجم الانتخابات والقيود الناتجة عن تكلفتها من الصعب على السلطات الانتخابية الانخراط فيما يتجاوز التوعية البسيطة للناخبين. وفي الواقع، قد تكون إدارة برنامج عام للتوعية على حساب برنامج فعال لإعلام الناخبين لكل انتخابات أمراً غير مثمر. الضوابط الانتخابية قد يُمكِّن التشريع الانتخابي أو قد لا يُمكِّن السلطات الانتخابية - أو وحدات أخرى للدولة- من القيام بتطوبر ضوابط تحكم العملية الانتخابية. وتساعد الضوابط على شرح وتوضيح أحكام قانون الانتخابات وترشد أو توجِّه المديرين الانتخابيين والمشاركين في العملية الانتخابية. ويمكن أن تغطي الضوابط قضايا مثل الحملة الانتخابية أو المواعيد النهائية المتصلة بالانتخابات، والترشيح أو إجراءات تقديم التقارير حول تمويل الحملات، وتخصيص وقت البث المجاني، وترتيبات مكان الاقتراع، والتعامل مع الناخبين يوم الانتخابات، والمعايير الخاصة بتحديد ما إذا كان الصوت صالح أم لا، وإجراءات عدّ الأصوات. وفي بعض الأحيان، قد تشبه هذه الضوابط الغابات التي قد يضل فيها الناخبون واختصاصيو التوعية الطريق، أو في بعض الحالات، يعلقون في شجيرات التشريع التي تنمو على أرضها. التوقيت غالباً ما تتبع الضوابط التشريعات. ولكن هذه الضوابط قد تحتوي على تفاصيل يحتاج إليها اختصاصيو التوعية لتنقيح أجزاء كبيرة من برامجهم. وإذا ما كان اختصاصيو التوعية يخططون لجعل الناخبين أكثر ألفة بما يمكنهم توقعه يوم الانتخابات، على سبيل المثال، فسيحتاجون إلى معرفة تفصيلية بالإجراءات المتبعة في مكان الاقتراع. ويمكن معالجة هذه التفاصيل عبر ضابط بدلا من قانون. وفي حالة ما إذا تم تبني ضوابط في وقت متأخر نسبياً خلال الحملة الانتخابية، أو كانت عُرضَة لمراجعة مستمرة، يصبح الوقت المتاح أمام اختصاصيي التوعية لصياغة برامج كاملة محدوداً. وفي العديد من السياقات الانتقالية، التي قد يكون فيها قانون الانتخابات ذاته في حالة تغير متواصل قرابة إحدى الحملات الانتخابية أو حتى في خضمها، قد يكون احتمال تبني الضوابط في الوقت المناسب لتوفير التوضيح اللازم ضعيف. توفر دولة جورجيا خلال حملتها الانتخابية عام 2000 مثالا وثيق الصلة بالموضوع. ففي الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية، كان البرلمان لا يزال يناقش تغييرات كبيرة في عدد من القوانين التي تحكم الانتخابات. ونتيجة لذلك، كان من غير الواضح في النهاية ما هي النسخة من القوانين التي سيتم العمل بها. وفي ظل هذه الظروف، كان من شبه المستحيل إصدار ضوابط بغرض التوضيح. على أي أساس سوف ترتكز هذه الضوابط؟ وقد اشتملت التفاصيل التي ينبغي اتخاذ قرار بشأنها على:
ما هي المستندات الدالة على هوية الناخب التي ستُقبَل يوم الانتخابات؟ وما هي الطريقة الملائمة لاستكمال ورقة الاقتراع؟ هذا هو نوع التفاصيل التي يجب معالجتها من قبل اختصاصيي التوعية في الوقت المناسب. حتى في حالة ما إذا كان هناك قانون انتخابي راسخ، يمكن أن تتحد عوامل مثل قصر مدة الحملة الانتخابية، ومحدودية الموارد التي يمكن تكريسها للانتخابات، وغياب سلطة انتخابية دائمة لتتسبب في موقف يتجاوز فيه موعد الانتخابات إصدار الضوابط الضرورية. وفي ظل مثل هذه الظروف، يواجه اختصاصيو التوعية خطر حقيقي. وفي حالة ما إذا تم تبني ضوابط أو تغييرها بعد أن يتم إطلاق برنامج لتوعية الناخبين، قد يفضي ذلك إلى الارتباك يوم الانتخابات – على العكس تماماً مما يرمي البرنامج إليه. التفصيل غالباً ما تكون الضوابط مصممة من أجل الذين يديرون الانتخابات ويخوضون غمارها أكثر من كونها مصممة من أجل الناخبين. إلا أن تفاصيل معينة قد تؤثر إلى حد بعيد في مشاركة الناخبين في العملية. ونتيجة للأحكام القانونية غير الكافية أو التدريب المحدود لعمال الاقتراع، قد تحتوي الضوابط على الكثير من التفاصيل. ففي بعض الأحيان، يمكن أن تعوق الضوابط المُفصَّلة اختصاصيي التوعية الذين قد يواجهون صعوبة في مخاطبة هذه الضوابط في برامجهم. وقد يكون من الصعب وضع قدر كبير من التفاصيل في رسائل موجزة مباشرة مصممة من أجل التلفاز، أو المذياع، أو الملصقات. وستنشأ الحاجة لاتخاذ قرارات حول ماهية أمثل الوسائط والصيغ لاستيعاب معلومات أكثر تفصيلاً. كما ستنشأ المخاوف حول فقدان الوضوح أو الموضوع عند التعرض لقدر أكبر من اللازم من المعلومات التقنية. لكن بالنسبة لبعض الناخبين ممن ليس لديهم ألفة بعملية التصويت أو تأكد منها، فقد تنشأ لديهم رغبة في الحصول على قدر أكبر وليس أقل من المعلومات. وسوف يساعد تحديد هذه المجموعات من الناخبين واستهدافها في توجيه معلومات أكثر تفصيلاً لمن يحتاجون إليها. السلطة في حين أن تبني ضوابط تفصيلية أو تبنيها في آخر لحظة قد يجعل وظيفة اختصاصيي التوعية أكثر صعوبة، يمكن أن يتسبب غياب الضوابط هو الآخر في مشكلات. وفي بعض السياقات الانتقالية، قد لا يتم منح السلطة الانتخابية أو الهيئات المسؤولة الأخرى التابعة للدولة السلطة القانونية لتبني الضوابط. كما يمكن أن يكون هذا الموقف مزعجاً أيضاً. وفي حالة ما إذا كانت هناك فجوات في التشريع أو أحكام قانونية تسبب الارتباك أو حتى متناقضة، فقد تعجز السلطة الانتخابية عن إضفاء الوضوح أو التجانس على العملية الانتخابية. وأخيراً، قد تكون لدى المديرين واختصاصيي التوعية التساؤلات ذاتها التي لدى الناخبين حول الكيفية التي يُفترَض أن تسير بها العملية. وإذا تعذَّر الإجابة على هذه التساؤلات في الوقت المناسب، سيكون برنامج توعية الناخبين ناقصاً وغالباً ما سيستمر ارتباك الناخبين. دور اختصاصي التوعية سيحتاج اختصاصيو التوعية إلى إمعان النظر في جميع الضوابط الموجودة والتأكد من تلقيهم للضوابط في كل من صورتها الأولية والنهائية (دون النظر إلى أحداهما على أنها الأخرى). ففي الصورة الأولية، قد يحتاج اختصاصيو التوعية إلى التعليق على الكيفية التي قد تؤثر بها الضوابط على مهمتهم التوعوية. ومع النسخة النهائية، سيتوجب على اختصاصيي التوعية استخدام برامج التوعية لنقل تفاصيل الضوابط بصورة صحيحة، وإذا اقتضت الضرورة، تعديل مواد التوعية والعروض التقديمية لضمان الدقة المستمرة. وإذا كان للتغييرات ما يبررها، فقد يفكروا حتى في إعادة توعية هؤلاء ممن خضعوا بالفعل لبرنامجهم الأولي. والأمر الذي قد يكون الأكثر أهمية، أنه قد يُلحّ اختصاصيو التوعية على نشر النسخة الكاملة والنهائية من الضوابط في أبكر وقت ممكن وعلى التزام السلطات بها على الرغم من أية إغراءات تدعو إلى عكس ذلك. الفراغات التشريعية في بعض المواقف، يمكن إطلاق توعية الناخبين في فراغ تشريعي. ويمكن أن تؤثر الفراغات التشريعية على توعية الناخبين بطريقتين. أولاً وقبل كل شيء، قد يُغفِل قانون الانتخابات دور السلطات الانتخابية والوحدات الأخرى في القيام بأنشطة توعية الناخبين. وقد يكون هذا ناتجاً عن السهو، أو عن جهد مقصود للحد من حق الانتخاب والإبقاء على جمهور الناخبين في حالة من الجهل. وإذا ما كان النظام الانتخابي خاضعاً للإصلاح، فستكون هناك أيضاً احتمالية ألا يعترف التشريع بالحاجات الناشئة لتوعية الناخبين. غالباً ما سيؤدي غياب أحكام قانون الانتخابات التي توفر توعية كافية للناخبين إلى تفاقم حالة عدم التيقن العام حيال العملية الانتخابية. وغالباً ما يواجه اختصاصيو التوعية العاملون ضمن السلطات الانتخابية حالة من الجمود إذا لم يكن هناك تفويض قانوني للقيام بتوعية الناخبين. وقد تكون هناك تشعبات مالية أو سياسية إذا ما آثروا المضي قدما في توعية الناخبين في غياب تفويض قانوني. فقد تكون المنظمات الأخرى غير راغبة في تخصيص موارد لبرامج توعية الناخبين التي قد يتقادم محتواها نتيجة للتناقض غير المتوقع بين تصورات اختصاصيي التوعية ونوايا المُشرِّعين. ثانياً، قد تكون هناك فجوات في التشريع فيما يتعلق بالجوانب الأساسية للعملية الانتخابية التي ينبغي توصيلها للناخبين. هل يتناول القانون على نحو كاف وواضح، على سبيل المثال، القضايا مثل: إجراءات تسجيل الناخبين، مستدات تحديد الهوية اللازمة في يوم الانتخابات، عملية التقدم بالشكاوى والمواعيد النهائية لذلك، فرص التصويت المبكر عبر صندوق الاقتراع المتنقل أو بواسطة اقتراع الغائبين، والطريقة الملائمة لاستكمال ورقة الاقتراع، والإجراءات الخاصة بموقع الاقتراع يوم الانتخابات؟ إذا لم يكن هذا هو الحال، سوف يكون من الصعب جداً على اختصاصيي التوعية مخاطبة تساؤلات الناخبين حول العملية. على الرغم من أن الفراغات التشريعية غير مرغوبة، إلا أنها تحدث بالفعل. وقد يكون من المستحيل انتظار أن يتم ملئها. إذ يحتاج التخطيط للتوعية إلى وقت وتنظيم. وكلما قل الحيز الزمني المتاح لذلك، كلما قد تكون التكاليف مرتفعة، ناهيك عن المخاطر المتعلقة بإهدار الموارد وزيادة الارتباك العام. التغلب على الفراغات التشريعية في حالة عدم وجود تشريع، أو على الأقل أحكام قانونية تتعلق بتوعية الناخبين، يمكن اتخاذ إجراءات لضمان عدم تفكك البرامج إلى ملاحظات تافهة، أو تعميمات غير نافعة، أو تصريحات غير دقيقة ومضللة. أولاً، ينبغي أن يكون لدى اختصاصيي التوعية وضوحا في فهمهم لمهمتهم، وأن يعلنوها بشكل متكرر، وأن يحافظوا على ولائهم لها. قد يكون من المفيد التفكير ملياً في السياق الذي تم فيه تبني التشريع أو تعديله. ما هو نوع القيود الزمنية والضغوط السياسية التي كان التشريع يعمل في ظلها؟ ما هو المنطق وراء الأحكام المختلفة والخيارات التي لم يتم تبنيها في النهاية؟ هل ستكون هناك فرص لمزيد من الإصلاحات في المستقبل؟ ما هي العقبات التي قد تحول دون الإصلاح؟ يمكن أن يساعد إجراء مثل هذا التقييم اختصاصيي التوعية على التوصل لفهم أفضل لما قد يكون ممكناً عند نقطة زمنية معينة وعلى التخطيط بشكل أفضل للمستقبل. على الرغم من أنه قد لا يكون في استطاعة اختصاصيي التوعية توضيح كل قضية من القضايا في انتخابات معينة، إلا أنه سيكون لا يزال من الممكن توصيل المبادئ والمعلومات الهامة. وعلى سبيل المثال، قد لا يكون من الممكن قول ما إذا كان سيتوجب على الناخبين إبراز مستندات الهوية، أو بطاقات التصويت، أو تعليم أصابعهم بحبر غير قابل للإزالة. ولكن من الممكن إبلاغهم لماذا ينبغي ألا يكون هناك ازدواج للأصوات والطرق المختلفة للحيلولة دون ذلك. عليك أن تمكن المشاركين وتشجعهم على السعي للحصول على المعلومات بأنفسهم في وقت مبكر من البرنامج. وتعد كل من قوائم الاتصال، والمصادر الأساسية، والشبكات موارد مفيدة لهذا. كما يمكن أيضاً تعليم غير المطلع أن يقرأ ويفهم التشريع الأساسي حتي يتتبعه عندما يصير متاحاً أو على مدار عملية التعديل. وهناك أيضاً دور تأييدي وتوعوي يمكن أن يلعبه اختصاصيو التوعية، سواء في السلطات الانتخابية أو في منظمات المجتمع المدني، فيما يتعلق بواضعي السياسة العامة والمُشرِّعين. كما يكون من المفيد أحياناً شرح أو تعزيز الكيفية التي يمكن أن تؤثر بها الفجوات التشريعية وجمهور الناخبين الذي يعاني من الارتباك ونقص الوعي على كفاءة، وتجانس، وشرعية العملية الانتخابية. قم بتوضيح كيف كان من الممكن تجنب المشكلات السابقة عن طريق تشريع أفضل مقترن بتوعية كافية للناخبين. أهمية الشفافية ستتوقف قدرة اختصاصيي التوعية، من بين آخرين، على متابعة تبنِّي تشريع جديد، أو تعقب تعديل التشريع القائم، أو الإسهام في عملية الإصلاح الانتخابي – إلى حد كبير- على قدرتهم على الوصول إلى المعلومات وإلى صانعي القرار. ففي حالة ما إذا كانت النقاشات وجلسات الاستماع البرلمانية حول الإصلاح الانتخابي غير متاحة للجمهور، وإذا لم يكن هناك إخطار عام وفترة نقاش، وإذا لم تكن المسودات أو حتى الصور النهائية للقانون متوفرة على نطاق واسع، سيكون من الصعب إجراء توعية للناخبين بصورة واعية وفي الوقت المناسب. وفي بعض السياقات الانتقالية أو سياقات ما بعد الصراع، التي يتم فيها إدخال تغييرات على القوانين الانتخابية في اللحظة الأخيرة، والتي لا تتوافر فيها سوى شبكات وموارد محدودة للطباعة والتوزيع، والتي لا يوجد فيها أساس قانوني أو تقليد سياسي للإفصاح، من الشائع أن تجد كلاً من المديرين واختصاصيي التوعية يعملون بدون أن يكونوا قد حصلوا على النسخة الأحدث من القانون. وبجب أن يكون تعزيز الشفافية جزءاً لا يتجزأ من عملية الإصلاح الانتخابي مع تحرك الدول نحو أنظمة أكثر ديمقراطية للحوكمة. ملاحظات:
[1] الحكومة الانتقالية في أثيوبيا، Negarit Gazeta of the Transitional Government of Ethiopia، الترجمة الرسمية، رقم 56، 23 أغسطس 1993 – إعلان رقم 64/1993، القانون الانتخابي لأثيوبيا، 1.5 (d).
[2] حكومة أستراليا، Commonwealth Electoral Act 1918، طبعة ثانية رقم 7 (1) (c).
[3] حكومة كندا، Canada Elections Act، تشريع الاستفتاءات، نسخة مفهرسة، الجزء الثالث، Sec. 8 (2).
[4] حكومة إريتريا المؤقتة، إعلان رقم 22/1992، فصل 1، 5.(1) (d).
[5] بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى البوسنة والهرسك، اللجنة الانتخابية المؤقتة، Rules and Regulations، مادة 116.
[6] حكومة موزمبيق، Electoral Law of Mozambique، الترجمة الإنجليزية، الجزء الرابع، الفصل الثاني، مادة 102، (1) و (2).
[7] المعهد الانتخابي الاتحادي، Federal Code of Electoral Institutions and Procedures، الكتاب الثالث، مادة 69، 1 (g) و 1 (a)، على التوالي.
[8] جمهورية جنوب أفريقيا، No. 51 of 1996: Electoral Commission Act, 1996، مكتب الرئيس، رقم 1602. 4 أكتوبر 1996، فصل 2، 5. (1) (c) و (d). انظر: http://www.polity.org.za/govdocs/legislation/1996/act96-051.html
[9] نفس المرجع، فصل 2، 4. انظر: http://www.polity.org.za/govdocs/legislation/1996/act96-051.html