يتطلب برنامج معقد لتوعية الناخب تخطيطا لا يستهان به. وما أن يتم تطوير الخطة، فإن مجموعة العناصر المختلفة اللازمة للنجاح ينبغي أن يتم ترتيبها وإعادة ترتيبها بشكل منتظم. والسبب وراء مناقشة هذين الأمرين معا هو العلاقة القوية بين المشاركة في التخطيط والرغبة في المساهمة التامة في برنامج وتوجيه النفس والموارد المتاحة صوب ذالك البرنامج.
من الممكن إعداد خطة ومن ثم تنفيذها من خلال مجموعة من الأوامر والعقود، حين يكون أولئك الذين يعدونها قادرين على التخطيط لأدق التفصيل وسبق لهم التفكير في كل الاحتمالات؛ وحين يكونون في مناصب السلطة والتأثير والمعرفة والمال؛ وعند إمكانية ذلك التحكم في أنشطة التدريب والتطبيق على كل من النطاق الضيق والواسع. ربما تستطيع الجيوش أن تقوم بذلك. ولكن معظم اختصاصيي التوعية لا يستطيعون.
وعوضا عن ذلك فإن عليهم دعوة الآخرين إلى المشاركة والتعاون، سواء في إتاحة المعلومات أو في إجراء التعديلات على البرنامج في ضوء الظروف المحلية المتغيرة. ونظرا لأهمية الوقت، فإن تطوير عناصر البرنامج عادة ما تتم بسرعة. وحين يتم برنامج توعية الناخب من خلال نشره على جبهة واسعة، ولا يكون الاتصالات متوفرة بشكل دائم يمكن الاعتماد عليه، يصبح على اختصاصيي التوعية الاعتماد على مهارة طاقمهم وجودة موادهم للتأكد من استمرار البرنامج.
التخطيط
يمكن أن نعتبر أن للتخطيط عنصرين: تطوير الخطة الإستراتيجية أو إطار العمل المنطقي، ووضع الجداول والخطوط العريضة والتفاصيل الأخرى. وفي برنامج تعليم وطني، حيث أهمية الالتزام العام والمشاركة من قبل مجموعة من أصحاب المصلحة والشركاء المحتملين، ينبغي أن يسبق التخطيط التشغيلي والتخطيط قصير الأمد خطة إستراتيجية. وسواء وصف اختصاصيو التوعية هذا النشاط بمصطلحات إستراتيجية، كالرؤية أو المهمة والأهداف الإستراتيجية وتقييم الموارد والفرص والتهديدات ونقاط القوة والضعف؛ أو بمصطلحات إطار العمل المنطقي للأغراض، والأهداف والنتائج والمهام والمؤشرات والافتراضات (انظر الإعداد)، فإن من الملائم التأكد من مشاركة أوسع اختيار ممكن من الأشخاص يقومون بالمشاركة في مجال السياسات. ويمكن عندئذ أن يتم تفويض التخطيط التفصيلي للمتخصصين، عوضا عن السماح لعدد صغير من الأشخاص بوضع السياسة ومن ثم توقع قيام شركاء التوعية "بملء الفراغات".
إن الترتيب والملكية يتطلبان فهم الصورة العامة والالتزام بها. ويتم ذلك على أفضل وجه عبر الدعوة إلى ورشات عمل في التخطيط مع مجموعة من الأشخاص، من ضمنهم الممثلين لكافة المنظمات التي يتوقع أن تساهم في برنامج توعية الناخب. وينبغي أن تسبق ورشة عمل التخطيط استشارات مع المنظمات الشريكة لخلق الالتزام. ومن ثم، يكون الأساس قد وضع بحلول موعد اجتماع المجموعة وتكون مستعدة للانطلاق. وينبغي أن تكون ورشة العمل نفسها ميسرة من قبل من لديهم مهارات تصميم التوعية. كما ينبغي إتاحة وقت كاف للتأكد من وصول الحاضرين إلى اتفاق حول السياسة العامة.
وبتعبير آخر، ينبغي الاتفاق على:
- السياق الذي سيتم من خلاله قديم برنامج توعية الناخب
- الغرض العام من برنامج توعية الناخب (والذي ينبغي أن يكتب في صيغة متفق عليها)
- الأهداف الرئيسية (والتي ينبغي كذلك أن تكون مكتوبة)
- أدوار الأشخاص المختلفين الحاضرين
- الالتزام بالمهام المستقبلية
- تحديد الموعد النهائي للانتهاء من التخطيط
- النموذج العام الذي ينتوي البرنامج العمل ضمنه
وعند هذا الحد، يمكن للفريق المجتمع أن يعد وثيقة تخطيط تقدم موجزا لتلك القضايا المتعلقة بالسياسة ومن ثم تمكن عدة أشخاص من التفكير في برنامج التفاصيل التشغيلية. ومن الطبيعي أن وضع مجموعة من الأهداف الرئيسية سيتيح تفويض مجموعة من الأفراد والمنظمات المختلفة للتخطيط التفصيلي. ومن ثم يمكن لهؤلاء الأفراد والمنظمات توجيه انتباههم لتفاصيل مثل الميزانيات التشغيلية، وجداول التدريب والتنفيذ والبث، ومواصفات الطباعة والتغليف، وخطط الإنتاج والتسليم والتوزيع - على سبيل المثال لا الحصر. كما سيكون من الضروري تعيين فرد أو منظمة لمواصلة تنسيق نشاط التخطيط. الأمر الذي سيخلق بالتالي الحاجة إلى إرساء مفهوم الشركاء للتنسيق.
وقبل الانتقال إلى موضوع التنسيق، من الجدير بالذكر أنه ينبغي عدم اللبس بين مثل هذه الورش وبين المؤتمرات حيث قد يتم تقديم المعلومات للمشاركين وحيث قد ترمي مشاركتهم في برنامج توعية الناخب إلى الدعاية. إن مثل تلك المناسبات يمكن اعتبارها تعليمية وقد تفيد أيضا في تحديد الشركاء المحتملين في البرنامج. ولكن إذا كانت الخطة معروضة في الجلسة الختامية كمنتج لمثل هذا المؤتمر، في حين أن تطويرها قد تم من قبل لجنة صغيرة معينة أو من قبل المنظمات التي دعت للمؤتمر، فإنها لن تقلل حينئذ من الحاجة المستقبلية إلى تخطيط أو استشارة أكثر دلالة. وأخيرا، فإن مثل تلك الأحداث ينبغي أن يتبعها العديد من الاجتماعات والاتصالات الإضافية، لضمان الالتزام والتغلب على سوء الفهم والمقاومة، مما يجعلها أكثر تكلفة مما أمكن تصوره حين اتخذ القرار المبدئي بجمع هؤلاء الأشخاص معا.
التنسيق
يميل الأفراد والمنظمات العاملون ضمن نموذج الصالح العام - حيث الحرص الشديد والمبرر على الاستقلالية وحيث قد يكون هناك نفس القدر من الالتزام بالمشاركة والمساواة - إلى الشك في الإدارة والرقابة. ونظرا لضرورة وجود النظم الإدارية في المنظمات ، فقد نشأ اتجاه للعثور على بعض المسميات خفيفة الوقع لوصفها. وإحدى تلك المسميات هي "التنسيق". هناك العديد ممن يشغلون وظيفة التنسيق في حين أن نواياهم الحقيقية ترمي إلى القيادة والتحكم. إلا أن لهذا المسمى عنصر خدماتي، وهو هام لإرساء أساليب تتيح التنظيم بين أنشطة الشركاء، حتى في حالة التوزيع المتكافئ للسلطة.
ولهذا السبب، كثيرا ما يبعث المسمى على الشك، الأمر الذي يستدعي ابتكار المصطلحات والمسميات الجديدة باستمرار. وبعض هذه المصطلحات المستخدمة قد تكون "مسؤولو الدعوة إلى الاجتماع" و"أمانات السر" و"لجان التوجيه" و"غرف التشغيل" و"قوى المهام" و"وحدات الخدمات". إن قدرة الإنسان على الابتكار لهائلة. ولكن قدرة الإنسان على اقتناص السلطة أو الاستحواذ عليها لا تقل عنها. وهذه هي المشكلة التي تحتاج إلى تناولها عند التفكير في جهود التنسيق عوضا عن الجدل بشأن المصطلح.
وللتأكد من قيام المنسقين بذلك عوضا عن السيطرة على برنامج ما، ينبغي أن يكون هناك اجتماعات منتظمة للشركاء، وإصرار على تحرير السجلات ومحاضر الاجتماعات الجيدة، وفهم واضح للمساءلة، و سياسة لتحديد القائم بدور المتحدث باسم البرنامج، والتدريب لكل الطاقم التنسيقي. فالارتباك عادة ما يحدث نتيجة لطاقم العمل غير المستعد والعاجز عن إتمام المهام المحددة له من قبل البرنامج.
الترتيب
ما أن يتم التخطيط بأسلوب متعاون، وما أن يتم إرساء التنسيق لتلك الخطة، حتى يتبقى على الفريق الذي يقود البرنامج أن يفكر في طرق ترتيب مجموعة الموارد بحيث تدعم أهداف البرنامج.
ويتطلب مثل هذا الترتيب عموما الترديد المستمر لرؤية البرنامج والانفتاح على مشاركة مجموعة من الأشخاص والمنظمات، سواء كان ماضيهم الأيديولوجي أو التاريخي صحيحا سياسيا أم لا. فبرامج التعليم الوطني تحاول التأكد من قبول مجموعة واسعة من الأفراد والمجموعات لهدف مشترك والعمل على تحقيقه، وينبغي أن يتم التعبير عن هذا الهدف والدفاع عنه.
قد يقوم فريق البرنامج إذا كان البرنامج طويل الأمد بتقييم إنجازاته وموقع البرنامج بالنسبة لأهدافه بشكل منتظم. ونتيجة لذلك، فقد يحتاج إلى تغيير فيما يقوم بتوصيله لمن يرغب في الشراكة مع البرنامج أو الإسهام فيه. ولكنه سيرغب بغض النظر عن موقعه من البرنامج أن يتأكد من أن هناك فرصا مستمرة للتحدث إلى المنظمات وعرض رؤيته في الصحافة، ومن تأسيس رسالة إخبارية أو موقع إلكتروني يشجع الناس باستمرار على المساهمة في وضع الأهداف، وأن يوفر بانتظام للموظفين فرص التطور وللتدريب التي يمكنهم من خلالها تقييم البرنامج وتجديد الالتزام به.
فمثل هذه الأنشطة اجتماعية تؤدي إلى بناء الإجماع والملكية إذا أقيمت بصورة منتديات يستمع فيها الأشخاص إلى بعضهم البعض ويؤكدون على فهمهم للبرنامج وإيمانهم به وبأهدافه. ولكن هناك خطر يتمثل في تشجيع مثل هذه الأنشطة التي تهدف إلى الترتيب على الإيمان الأعمى. ففي بعض الحالات أصبحت البرامج "بقرات مقدسة" لدرجة باتت معها العلاقات الاجتماعية بين الشركاء أكثر أهمية من مخرجات البرنامج. ولهذا السبب، فإن التقييم المستقل والنزاهة من جانب اختصاصيي التوعية أو فريق القيادة أمران غاية في الأهمية.