في حين أن التفويض الخاص بالتوعية المدنية قد يأتي من تشريع أو بيان للمهمة، إلا أنه غالباً ما سيكون نابعاً أيضاً من، أو متأثراً بالممارسة الدولية المقارنة وبالأدوات والمبادئ التي تضعها الدول في المعاهدات والمنتديات الدولية. توجد مناقشة كاملة لهذه المبادئ وعلاقتها بالانتخابات في إحدى منشورات مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. [1]
ففي المسح الذي أجراه على تسعة عشر أداة إقليمية وعامة، يوضح المنشور أن "الدول والشعوب في جميع أنحاء المعمورة تقر بأن الانتخابات الحرة والنزيهة نقطة حاسمة على مُتَّصِل الدمقرطة ووسيلة ضرورية لإعطاء صوت لإرادة الشعب". [2]
من أجل تحقيق هذا، يلفت المنشور الانتباه إلى ما يعتبره عناصر مشتركة للقانون والإجراء الانتخابي والتي تضمن إجراء الانتخابات بحرية ونزاهة في ظل حكم القانون. وفيما يتعلق بإعلام الجمهور وتوعية الناخبين تقول الوثيقة: 124. ينبغي توفير التمويل والإدارة من أجل تحقيق حملات الإعلام وتوعية للناخبين التي تتسم بالموضوعية وعدم مناصرة أي من الأطراف. وتعد مثل هذه التوعية ضرورية بشكل خاص للقطاعات السكانية ممن لا توجد لديهم سوى خبرة ضئيلة للغاية أو منعدمة بالانتخابات الديمقراطية. وينبغي إعلام الجمهور جيداً بما يتعلق بمكان، وزمان، وكيفية التصويت بالإضافة إلى السبب وراء أهمية التصويت. ويجب أن يكونوا واثقين من نزاهة العملية ومن حقهم في المشاركة بها. 125. ينبغي إتاحة الكتابات على نطاق واسع ونشرها باللغات الوطنية المختلفة للمساعدة على ضمان مشاركة هادفة من قبل جميع الناخبين المؤهلين. وينبغي توظيف طرق الوسائط المتعددة لتوفير توعية مدنية فعالة لأشخاص يتمتعون بمستويات مختلفة من المعرفة بالقراءة والكتابة. وينبغي أن تمتد حملات توعية الناخبين لتغطي جميع أنحاء أراضي الدولة، بما في ذلك المناطق النائية والريفية. [3]
لقد شاركت سكرتارية الكومنولث في عدد من برامج دعم الانتخابات في جميع أنحاء الكومنولث. وقامت فيما بين عامي 1993 و1997 بتنظيم مجموعة من الاجتماعات لكبار المسؤولين الانتخابيين في عموم الكومنولث تناقشوا خلالها حول أفضل الممارسات. وعلى أساس هذه النقاشات والمسودات، قاموا بإنتاج وثيقة حول الممارسة الانتخابية تحت عنوان الممارسة الانتخابية الرشيدة في الكومنولث [4].
وبغض النظر عن أهمية الوثيقة، فقد كانت النقاشات أنفسها أساساً مهماً لتبادل الخبرات والمعلومات. لا تنطبق المبادئ المحددة في الوثيقة على الانتخابات المحلية والوطنية فقط ، ولكن يُقصَد منها أيضاً مساعدة الشعوب على تقوية أنظمتها الانتخابية. وهكذا فقد تم تقديمها كأدوات وليس كوصفة عامة. تأمَّل هذه الفقرات التي تتناول توعية الجمهور: 42. تُعَد برامج توعية الجمهور غير المناصرة الملائمة والفعالة أحد الملامح الجوهرية في كل من الدول التي يتم فيها تنمية "ثقافة" التصويت وفي الديمقراطيات الراسخة، وذلك على الرغم من أنها لا تكون دائماً مسؤولية الهيئة الانتخابية. وهكذا، فإنه ينبغي توفير التمويل الكافي وتنظيمها بحرفية [و] أن تستهدف جماعات محددة (مثل النساء، وجماعات الأقليات، والمحرومين، وتلاميذ المدارس). وعندما يكون ذلك قابلاً للتنفيذ، يمكن دمج الممارسات الانتخابية الوطنية في الإجراءات الانتخابية المدرسية كما يمكن إنشاء مراكز توعية انتخابية في مواقع ملائمة. 43. يستحق تشجيع المشاركة من قبل النساء، على وجه الخصوص، في جميع أوجه العملية الديمقراطية اهتماماً خاصاً. 44. ينبغي على التسهيلات الإذاعية الخاصة بالخدمة العامة تقليص تكلفة برامج توعية الجمهور إلى الحد الأدنى بحيث يتم إتاحتها بسعر ضئيل للغاية أو بالمجان. [5]
ذهبت وثيقة الكومنولث إلى أبعد مما وصل إليه بيان الأمم المتحدة في تحديد مدى أهمية توعية الناخبين في "الديمقراطيات الراسخة". وخلال الفترة بين عامي 1994 و 1997، أظهرت الحساسية المتزايدة إزاء الأداء الديمقراطي والمشاركة – وخاصة إقبال الناخبين وتحمسهم - بين الديمقراطيات الناشئة والراسخة أنه لا يمكن افتراض أن الديمقراطية أمراً مسلم به تحت أي ظرف من الظروف. نتيجة لذلك، هناك إجماع دولي عام حول أهمية توعية الناخبين وضرورة إعداد برامج مهنية منخفضة التكلفة لدعم الانتخابات. ويُترجَم هذا أيضاً إلى دعم للأجندة الأوسع للدمقرطة. تُعلِّق المجموعات المُراقِبة الدولية على مدى ملائمة برامج توعية الناخبين. وتوسِّع هذه التصريحات من فهمنا لما هو مطلوب لضمان ليس فقط إجراء انتخابات حرة ونزيهة ولكن أيضاً وضع الأساس الضروري لعملية حوكمة واتخاذ قرار ديمقراطية في سياقات معقدة. ملاحظات:
[1] مركز حقوق الإنسان، Human Rights and Elections - A Handbook on the Legal, Technical and Human Rights Aspects of Elections،
سلسلة التدريب المهني رقم 2 (نيويورك وجنيف: الأمم المتحدة، 1994)، 1. [2]
نفس المرجع. [3]
نفس المرجع ص17. [4]
سكرتارية الكومنولث، Good Commonwealth Electoral Practice، وثيقة عملية، (لندن: سكرتارية الكومنولث، 1997)، [5]
نفس المرجع، فقرة 42-44.