إن أفضل وقت لمناقشة طبيعة التقرير النهائي للبرنامج وشكله وجمهوره ومضمونه العام والأشخاص الذين سيتولون مسؤولية إعداده هو خلال مراحل التخطيط الأولية لأي برنامج. ويتحمل أخصائيو التوعية المسؤولية أمام منظمتهم والهيئة الانتخابية والجهات المانحة والراعية وعامة الناس عن تقديم تقرير عن البرنامج بمجرد انتهائه.
وهناك أمثلة على التشريعات الانتخابية التي تضع حدوداً زمنية لإعداد التقارير بعد انتهاء الانتخابات، وتنطبق هذه الأطر الزمنية أيضاً على برامج التوعية التي ترعاها الهيئة الانتخابية أو التي تنظَم لصالحها.
بمجرد انتهاء البرنامج، يكون قد فات الأوان
إن أسوأ وقت للتفكير في إعداد التقرير هو بعد انتهاء برنامج التوعية، لأنه بحلول هذا الوقت يكون الحافز لوضع التقرير قد تضاءل، والمعلومات المطلوبة غير متوفرة بسهولة، والعاملون المطلوب الحصول على تعليقاتهم قد رحلوا وأصبح من الصعب الوصول إليهم. بالإضافة إلى ذلك، ففي حين أن الذين أجروا البرامج المباشرة أو شاركوا في الدعاية يمكن أن يكونوا قد وضعوا نظاماً لمعرفة ردود الفعل التالية للاجتماعات أو نظاماً للتقييم، أو تقييماً مستمراً للجمهور، ألا أن العلاقة بين هذه الأمور والتقرير النهائي هي علاقة غير واضحة. إذ يتطلب الأمر استيعاب كم هائل من المعلومات، قد يكون بعضها فقط هو المتعلق بموضوع التقرير النهائي، وهي عملية تحتاج إلى مزيد من الوقت والطاقة.
الإعداد للتقرير
بعد أن تتحدد في مرحلة مبكرة ضرورة إعداد تقرير، يتم تكليف بعض الأفراد بإعداده ويبدأون في تحديد المجالات اللازمة لجمع المعلومات ووضع التقرير. ويتناقش هؤلاء الأفراد بدقة مع الأطراف التي طلبت إعداد التقرير حول توقعاتهم بشأن التقرير والطريقة التي سيتم بها استخدامه أو إتاحته للجمهور.
ولا بد أن يكون الغرض من التقرير واضحاً من البداية. هل سيكون سرداً لتاريخ البرنامج، مثل دفتر يومي أو لمحة عامة للعناوين الرئيسية أو رأي مدروس من طرف خارجي؟ وفي بعض الحالات، قد يكون هناك ميل إلى ترك مهمة وضع التقرير للمقيِّمين الخارجيين: لكن السيناريو الأفضل هو أن يحصل هؤلاء المقيِّمون على هذا التقرير الداخلي كجزء من الوثائق التي يستخدمونها في التقييم.
ولتحقيق أغراض تعلُّم الأنظمة، ينبغي أن تكون التقارير سردية ووصفية بشكل كافٍ لتمكين أخصائيي التوعية في المستقبل من فهم السياق الذي أقيم فيه البرنامج، ولتوفير ما يلزم من معلومات قائمة على التجربة والتي يمكن تحليلها لاستخلاص الدروس العامة.
نوع التقرير
لقد كان هناك عدد من التقارير المميزة التي جعلت من استعراض البرنامج نفسه تجربة ثرية في التوعية والتواصل. إذ تعرض هذه التقارير مجموعة متنوعة من الأصوات لتقديم وجهات نظر مختلفة عن البرنامج، وكذلك اقتباسات وأفكار من المشاركين وأخصائيي التوعية المحليين والمخططين والمسؤولين الإداريين. ويتيح التقرير الملخص للقارئ التفكير ملياً في البرنامج ويعد بمثابة سجل عام على درجة من التميز.
وليس من الضروري أن تكون التقارير مكتوبة بكاملها. فقد استُخدمت أشكال بديلة من حفظ السجلات والسرد؛ ومن مزاياها تصوير الجوانب العاطفية والإنسانية للبرنامج وإيصال ذلك للجمهور بطرق ربما تكون أسهل منالاً وأكثر إقناعاً.
إذ إن الوثائق الفوتوغرافية والمنتجات المرئية والسمعية ونشر أعداد خاصة من مجلات تشكل جميعها سجلاً يمكن استخدامه جنباً إلى جنب مع السرد التقني الذي ربما كان مطلوباً بموجب نظام أساسي أو اتفاق مع أحد الممولين.
وتغطي التقارير على الأقل الجوانب التالية من البرنامج:
إن التقارير التي يتم إعدادها بعد انقضاء الحدث والتي تتأخر بسبب نقص العاملين أو قلة المعلومات أو عدم إمكانية الوصول إلى الأطراف ذات الصلة قد تكون مفيدة في الاحتفاظ بسجل للحدث إلا أنه من المستبعد أن يكون لها نفس التأثير التكويني الذي تُحدثه التقارير التي يتم إعدادها بشكل فوري. ويمكن الاحتجاج بأن هذا النوع من التقارير يستفيد من إمكانية استعراض الأحداث الماضية التي لا يتيحها إلا مرور الوقت. لكن هذا النوع من التقارير يتحول في تلك المرحلة إلى عملية أكاديمية بكل ما تحمله هذه العملية من مساوئ.
وتعتمد هذه التقارير اعتماداً كبيراً على السجلات الخاصة بتلك الفترة – سواء كانت محاضر جلسات أو دفاتر يومية أو تقارير مؤقتة ويومية أو أسبوعية أو شهرية أو فصلية. ولكن إذا لم تكن هذه التقارير قد أُعِدت، يصبح حتى التقرير الأساسي المتأخر قليل الفائدة، وكلما تأخر إعداده كان من الأصعب عليه أن يقدم سرداً دقيقاً.
شفافية التقارير وسهولة وصول الجمهور إليها
أياً كانت الطريقة التي يُنظر بها إلى التقرير – حتى لو كان يُنظر إليه على أنه تجميع لتقارير مختلفة – فمن الضروري أن تكون تقارير برامج التوعية متاحة لجميع أصحاب المصلحة. وينبغي إجراء مناقشة حول طريقة إصدار التقرير في نفس الوقت الذي يجري فيه التخطيط للتقرير حتى ينشأ التزام لا يمكن نقضه بسبب خوف مفاجئ من محتوى التقرير.
وإذا كان هناك اعتقاد بأن التقارير تحتوي على مسائل سرية لا يمكن اطلاع عامة الجمهور عليها، فإن هناك مجموعة من الخيارات المتاحة أمام أخصائيي التوعية. فيمكن إعداد تقرير علني جنباً إلى جنب مع وثيقة إحاطة سرية تقدَم لأصحاب المصلحة الأساسيين. ويمكن تقسيم التقرير إلى تقرير فني مغلق وآخر سردي ومتاح للجمهور. كما يمكن أن يتضمن التقرير مرفقاً يتناول المسائل السرية ولكن تتم إزالته قبل نشر التقرير علناً. أو بدلاً من ذلك يمكن تحديد موعد لإتاحة التقرير للجمهور حتى يمكن دراسته أولاً بشكل سري. وأخيراً، فإن أصحاب المصلحة الأساسيين الذين يستهدفهم التقرير قد يختارون نشر التقرير بدون إقرار منهم أو بإلحاق إخلاء للمسؤولية.
إن جميع النقاط السابقة هي عبارة عن حلول وسط تمكِّن الجمهور على الأقل من الوصول إلى التقارير التي تصب في النهاية في صالح الجمهور وتتعلق به إلى حد كبير. ومن المأمول ألا تكون هناك حاجة إلى هذه الحلول الوسط. لكنها في النهاية أفضل من المنع التام لنشر التقرير والذي يحدث في بعض الأحيان عندما تحتوي التقارير على معلومات حساسة. إن كلمة "حساسة" في حد ذاتها تحمل المعنى الذي يجعل هذا الأمر حدثاً مؤسفاً. فهذه التقارير غالباً ما تقدم أهم الدروس لعامة الجمهور ولأخصائي التوعية بوجه عام.