شومبانا كارومي
تقديم
أثار العنف الذي أعقب انتخابات عام 2007-2008 في كينيا رد فعل لدى المجتمع الإقليمي والدولي نتج عنه جهود وساطة ناجحة قادها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان. حيث تم عقد اتفاق بين الفرقاء والأحزاب والسياسية وتم توقيعه في 28 فبراير/شباط عام؛ 2008 والذي أصبح يُعرف بقانون الوفاق والمصالحة الوطنية الكينية. اشتمل الاتفاق على حل أزمة ما قبل الانتخابات وإلزام جميع الأحزاب بالوقف الفوري للعنف وإعادة نشر حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومناقشة القضايا طويلة الأجل بما في ذلك الإصلاحات الدستورية والمؤسسية. وعن طريق بدء الإصلاحات الدستورية والانتخابية المفترضة، أسفر الاتفاق عن تشكيل لجنة مراجعة مستقلة. وقد قدمت اللجنة الحيثيات والتوصيات الخاصة بها، طبقًا لبنود المراجعة الخاصة بها، في يناير/كانون الثاني عام 2009 في تقرير كريجلر.
قامت حيثيات التقرير على تحليل الإطار القانوني للانتخابات الكينية؛ بنيته وتشكيله وإدارة النظام الانتخابي للهيئة الكينية وتنظيمها وإدارة العمليات الانتخابية عام 2007. وقد خلُصَ القرار إلى أن "سجل الناخبين، والذي يتم تحديثه من حينٍ لآخر منذ عام 1997، معيب بشكل واضح في نواح شتى، وهو ما أثر في حد ذاته بالفعل على نزاهة نتائج الانتخابات"، وأن "نسب إقبال عالية غير معقولة في معاقل الحزبين الرئيسيين قد تم الإبلاغ عنها ما يدل بشكل قاطع على التزوير الواسع في عملية التصويت؛ واحتمال تكديس الأصوات، والانتحال المنظم للناخبين الغائبين، وشراء و/أو رشوة الأصوات" [1]. وقد أورد التقرير توصيات مفصَّلة وشاملة حول الممارسات التصحيحية غير المتسقة مع الممارسات الجيدة في منظمة انتخابية. وألقى التقرير الضوء على عدد من الإجراءات لمعالجة بعض تلك العيوب، وأوصى الهيئة الانتخابية الكينية بتنفيذ هذه التدابير لإصلاح الانتخابات المستقبلية.
وقد صوَّت البرلمان الكيني عام 2008 على استبدال الهيئة الكينية للانتخابات بكيان جديد لإدارة الانتخابات، وذلك بناءً على تقرير لجنة الفحص المستقلة ونزولًا على رغبة الرأي العام. وبذلك تم تشكيل اللجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات في مايو/أيار عام 2009 بتعديل المواد 41 و41أ في الدستور السابق؛ حيث تتكون اللجنة من رئيس وثمانية أعضاء يتم ترشيحهم بعملية تنافسية في لجنة اختيار برلمانية يعتمدها المجلس الوطني ويعينها الرئيس بالتشاور مع رئيس الوزراء. وبناءً على التعديل الدستوري، تنتهي مهام اللجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات بعد 3 أشهر من إقرار الدستور الجديد، والذي سيوفر هيئة انتخابية دائمة خلفًا للجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات تأخذ دورها الخاص في الإصلاحات. وعمليًا، استغرقت اللجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات 12 شهرًا قبل صرف تفويضها.
كانت مهام اللجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات كالتالي؛ ولكن تم نقل مهمتها لرسم الحدود إلى اللجنة المستقلة المؤقتة لفحص الحدود[2].
- إصلاح العملية الانتخابية وإدارتها لتنظيم انتخابات حرة نزيهة
- إنشاء سكرتارية على قدر من الكفاءة والفاعلية
- تنظيم انتخابات حرة ونزيهة
- إعادة تسجيل الناخبين وإنشاء قيد جديد لهم
- إدارة الانتخابات والاستفتاءات والإشراف عليها بكفاءة
- تطوير النظام الحديث لجمع البيانات الانتخابية وتداولها ونقلها وتسجيلها
- تسهيل مراقبة الانتخابات والاستفتاءات ورصدها وتقييمها
- تثقيف الناخبين ونشر ثقافة الديمقراطية
- حل النزاعات الانتخابية البسيطة أثناء الانتخابات كما نص عليه القانون
- مباشرة أي اختصاصات أخرى نص عليها القانون
وتم عمل انتداب اللجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات بوضوح لتنفيذ إصلاحات انتخابية محددة طبقًا لتوصيات تقرير لجنة الفحص المستقلة، مثل إنشاء قيد جديد للناخبين نظرًا لما يحويه القيد الحالي من عيوب خطيرة. وقد استطاعت اللجنة المستقلة المؤقتة للانتخابات بشكل عام إجراء إصلاحات انتخابية عديدة، كان أبرزها نجاحها في إدارة وتنظيم الاستفتاء على الدستور في 4 أغسطس/آب عام 2010؛ والذي أشاد به وبشفافيته جميع أصحاب المصلحة.
وأعلن الاستفتاء عن دستور جديد في 2010، وقد حظي هذا الدستور بموافقة 68% من الأصوات. وقد نصت المادة 88 من الدستور الجديد على إنشاء لجنة مستقلة للانتخابات والحدود، وتم إقرار اللجنة بنصوص الدستور التي تنفذها اللجان الدستورية والمستقلة. [3].
وكأي لجنة دستورية أخرى، من المنتظر أن تكون اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود مستقلة وخاضعة للدستور، ومن ثمَّ لا تخضع لأي توجيه أو تحكم من أي جهة[4]. وتم وضع هذا الاستقلال المؤسسي موضع التنفيذ بالمادة 25(2) من قانون اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود والتي تنص على أن كل عضو أو موظف في اللجنة يؤدي مهامه ويمارس اختصاصاته التي نص عليها هذا القانون بشكل مستقل دون توجيه أو تدخل من أيٍ من موظفي الدولة أو الموظفين العموميين أو أعضاء الحكومة أو الأحزاب السياسية أو المرشحين أو أي شخصٍ أو منظمةٍ أخرى.
الإطار التشريعي الحاكم في الهيئة الانتخابية الكينية
كان تمرير الدستور الجديد في أغسطس/آب عام 2010 محطة مهمة في التطور السياسي في كينيا. فقد وضع إطارًا لتنفيذ عدد من الإصلاحات القانونية والمؤسسية المهمة، والتي كان أغلبها غير موجود وتم إقرارها بالدستور الجديد أو أنها كانت لازمة ببساطة لضمان تطابق القوانين والبنود الأخرى في الفصول ذات الصلة مع الدستور الجديد.
وكان الفصل المتعلق بالانتخابات الأكثر تأثرًا بإقرار الدستور الجديد للبلاد. وكانت نصوص الدستور الخاصة بالانتخابات (الباب السابع، المواد 81 حتى 92) تعتبر تطورًا كبيرًا، فقد كانت مستمدة من أفضل التجارب في تنظيم انتخابات ديمقراطية في دول أخرى. وحددت المادة 88 من الدستور مهام اللجنة الانتخابية المستقلة للحدود، وشرّعت معايير العضوية وصيغة تعيين الأعضاء. وينص الدستور أيضًا على حق جميع الكينيين في المشاركة في الانتخابات والاستفتاءات (مادة 83)، ويحوي نصوصًا لتعزيز مشاركة المجموعة المستبعدة بحكم التقاليد (مثل النساء وذوي الإعاقات) في العملية الانتخابية (مادة 81).
ويحوي الدستور أيضًا نصوصًا عن تشريعات الانتخابات؛ فينص على التزام البرلمان بسنّ القوانين التي تسمح للجنة الانتخابية المستقلة للحدود برسم الحدود في الوحدات الانتخابية لانتخابات أعضاء مجلس الأمة ومجالس الأقاليم وتسمية المرشحين وتسجيل الناخبين وإدارة الانتخابات والاستفتاءات والتسجيل المطور للمواطنين الكينيين بالخارج.
وينص الدستور الجديد أيضًا على جملة من المبادئ الإرشادية لسن القوانين والقرارات التنفيذية في المنظومة الانتخابية. فقد نصت المادة 81 على المبادئ الإرشادية في المنظومة الانتخابية، حيث قررت أن للموطنين الحرية في ممارسة حقوقهم الانتخابية؛ وألا يزيد أعضاء الهيئات الانتخابية عن الثلثين من الذكور أو الإناث؛ وعدالة التمثيل والمساواة في التصويت؛ وعقد انتخابات حرة ونزيهة عن طريق الاقتراع السري بعيدًا عن العنف والتخويف وإدارتها بهيئة مستقلة بحيادية ونزاهة. تمهد هذه المبادئ الطريق لإحلال نظام الأغلبية النسبية بنظام التمثيل النسبي.
وإضافةً إلى الدستور، تم أيضًا سن عدد من القوانين لإدارة الانتخابات في كينيا. وتحكم هذه القوانين جوانب عديدة من الانتخابات والعملية الانتخابية بشكل مباشر. وقد شدد أصحاب المصلحة على أن النصوص المتضاربة في القوانين التشريعية الجديدة يجب أن يتم التوفيق بينها قبل يوم الانتخابات. وقبل أن يتم العمل بالدستور الجديد، تشعب العديد من القوانين الحاكمة للانتخابات في كينيا بين قوانين مختلفة، مما كان يمثل تحديًا كبيرًا لأولئك المعنيين بتنفيذ تلك القوانين. وتمت مراجعة قوانين عدة ودمجها في عام 2011، بما فيها ثلاثة أقسام تشريعية رئيسية: قانون اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود وقانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات.
ينص قانون الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود على آلية وإطار شاملين للتعيين والعمل الفعال وإدارة الهيئة. ويحتوي الجزء الثاني من القانون على نصوص خاصة بإدارة الهيئة بما فيها تكوينها الداخلي ومهامها وتعيين أعضائها وبنود الخدمة الخاصة بهم وبفريق العمل. أما الجزء الثالث فينص على تشكيل تمويل الهيئة وإدارته والإجراءات المالية الأخرى الخاصة بالهيئة. ويشتمل الجزء الرابع على نصوص متنوعة خاصة بالمبادئ المنظمة لعمل الهيئة واستقلاليتها وإدارتها للمعلومات. ويحتوي قانون الهيئة أيضًا على سلسلة من المواد: المادة الأولى تنص على إجراءات تعيين أعضاء الهيئة، المادة الثانية تنص على إدارة أعمال وشؤون الهيئة، المادة الثالثة تشتمل على اليمين الخاص بتولي الأعضاء والسكرتير مناصبهم، أما المادة الرابعة فتحوي اللائحة الإدارية الخاصة بأعضاء الهيئة وفريق عملها[5].
وتمثل مدونة السلوك، التي تنطبق على الانتخابات والاستفتاءات، تطورًا جديدًا في البيئة الانتخابية الكينية. وهي مدونة شاملة إلى حدٍ كبير يتم العمل بها لتعزيز مهنية موظفي الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود، إضافةً إلى وضع التزامات للأحزاب السياسية ومسؤولي لجنة الاستفتاء والمرشحين للتمسك بقيم ومبادئ الدستور. حيث تتطلب من كل الأعضاء والموظفين التمتع بسلوك مهني وكفء وحيادي ومستقل، وتحظر على الموظفين تقلد وظائف عامة أخرى. ويُتوقع من الأعضاء أداء مهامهم بطريقة تحفظ ثقة العامة وتحترم حقوق وحريات الجميع.
الاختصاصات والمهام
نصت المادة 88(4) من الدستور وقانون الانتخابات لعام 2011 على مهام الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود:
- إدارة الاستفتاءات والإشراف عليها
- إدارة الانتخابات والإشراف عليها لأي هيئة انتخابية يقرها الدستور
- إدارة أي انتخابات أخرى يقررها البرلمان بقانون والإشراف عليها
- التسجيل المستمر للمواطنين كناخبين
- المراجعة المنتظمة للقيد الانتخابي
- تحديد حدود الدوائر الانتخابية
- تنظيم العملية الانتخابية والتي تقدم الأحزاب من خلالها مرشحيها للانتخابات
- حل النزاعات الانتخابية بما فيها ما يخص حملات الترشيح أو ينشأ عنها، ما عدا الالتماسات والنزاعات التي تحدث عقب إعلان نتائج الانتخابات
- تسجيل المرشحين للانتخابات
- تثقيف الناخبين
- تسهيل مراقبة الانتخابات ورصدها وتقييمها
- تنظيم الأموال التي ينفقها المرشح أو الحزب أو من ينوب عنهم في أي انتخابات
- تطوير قانون إدارة الانتخابات لتوفير جو من التنافسية للمرشحين والأحزاب
- رصد الالتزام بالقانون في دعاية الأحزاب للمرشحين
- التحقيق في الخروقات الانتخابية ومقاضاة فاعليها سواء كانوا مرشحين أو أحزاب سياسية أو وكلاؤهم
وللهيئة المستقلة للانتخابات والحدود باقي الاختصاصات كما نص عليها الدستور أو أي قانون مكتوب آخر. وقد منح هذا الهيئة فرصة إنجاز مهام ليست ضمن اختصاصها القانوني الرسمي، بما في ذلك تقديم النصح أو إدارة انتخابات المؤسسات، مثل قانون المجتمع الكيني. وتعطي الصلاحيات الواسعة للهيئة سمعة بأنها المؤسسة الرئيسية ذات السلطة الكافية لإبداء النصح في قضايا خاصة بالانتخابات.
تشكيل أعضاء الهيئة وتعيينهم
ينص القسم 5(1) من قانون الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود على أن تتكون الهيئة من رئيس وثمانية أعضاء آخرين. حيث تضم رئيسًا وثمانية أعضاء آخرين، وهو ما يجعلها أصغر بكثير من الهيئة الانتخابية الكينية السابقة المكونة من 22 عضوًا. وقد نص الملحق الأول في قانون الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود على صيغة تعيين رئيس وأعضاء الهيئة. ويجب على الرئيس خلال 14 يومًا من خلو منصب في اللجنة أن يعيّن لجنة اختيار تتكون من رئيس وثمانية أعضاء يتم اختيارهم من مهنيين بارزين في القطاع الخاص أو الخدمة الحكومية يتمتعون بخبرة ذات صلة[6]. ويجب على لجنة الاختيار خلال 7 أيام من انعقادها الدعوة لتقديم الطلبات والإعلان عن أسماء كافة المتقدمين. ثم ينبغي على اللجنة النظر في القائمة المختصرة من المتقدمين وإجراء المقابلات. وبعد المقابلات، ينبغي على اللجنة اختيار ثلاث أشخاص مؤهلين للتعيين كرئيس و13 شخصًا مؤهلين للتعين كأعضاء في اللجنة، وتقديم هذه الأسماء إلى الرئيس، والذي ينبغي على مجلس الأمة الموافقة على اختياراته. وبهدف تعيين الهيئة، ينبغي على الرئيس عقد مشاورات مع رئيس الوزراء طبقًا للدستور.
وبعد دراسة الأسماء والموافقة عليها، يقدمها مجلس الأمة للرئيس لاعتماد التعيين. وإذا رفض مجلس الأمة أي ترشيح، يجب على رئيس المجلس إعلام الرئيس في أقرب وقت ممكن. ويقدم الرئيس ترشيحات جديدة لمجلس الأمة من قائمة المرشحين التي سلمتها لجنة الاختيار، وذلك في خلال 14 يومًا من رفض المجلس. وإذا رفض مجلس الأمة جميع الترشيحات التالية أو أيها والتي قدمتها اللجنة البرلمانية للموافقة عليها، تقدم لجنة الانتخاب للرئيس أسماء جديدة من الأشخاص الذين تم إدراجهم في القائمة المختصرة وعمل مقابلات معهم، ويتم إعادة نفس الإجراءات سالفة الذكر.
كما ينص قانون الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود بخصوص التعيين والعمل الفعال في الهيئة على المؤهلات المطلوبة في الرئيس وأعضاء الهيئة. حيث يشترط في الرئيس أن يكون مؤهلًا لتولي منصب قاضي المحكمة العليا في ظل الدستور، بينما يجب أن يكون أعضاء الهيئة مواطنين مدنيين حاصلين على درجة من إحدى الجامعات المعترف بها، وأن يكون لديهم خبرة ذات صلة في الشؤون الانتخابية أو الإدارة المالية أو الحكم أو الإدارة الحكومية أو القانون، وأن يفوا بمتطلبات القيادة والنزاهة الموضحة في الباب 6 من الدستور. ويكون كل من تقلد أحد المناصب في الهيئة في خلال الخمس سنوات الأخيرة أو ترشح في انتخابات عضوية البرلمان و/أو هيئة عليا لأحد الأحزاب، أو يتولى أي منصب في الدولة؛ غير مؤهل لعضوية هيئة الحدود الانتخابية المستقلة.
تكون مدة خدمة الرئيس ونائبه وأعضاء الهيئة ست سنوات غير قابلة للتجديد، وتجب إحالتهم إلى التقاعد في سن السبعين. وطبقًا لما نص عليه القسم 7 من قانون هيئة الحدود الانتخابية المستقلة، ينبغي على الرئيس ونائبه ممارسة عملهم على أساس الدوام الكامل (أجر يوم كامل)، فيما يؤدي باقي الأعضاء السبعة عملهم بدوام جزئي. ويتمتع أعضاء الهيئة بدوام المنصب كما نص عليه الباب 15 من الدستور في المواد 248(1) و251، ويمكن عزلهم من مناصبهم في حال انتهاك الدستور أو أي قانون آخر أو سوء السلوك الفاضح أو القصور العقلي أو البدني في أداء مهام المنصب أو عدم الأهلية للمنصب أو الإفلاس. وما أن يبرز موضوع العزل، يُسمح للرئيس بتعيين لجنة تحقيق للتحقيق في عريضة العزل بعد أن ينظر مجلس الأمة في الأمر. وينبغي أن تصدر لجنة التحقيق توصيات ملزمة للرئيس، والذي يتصرف بدوره وفقًا لتلك التوصيات خلال 30 يومًا.
تعين الهيئة أمين سر اللجنة وأمانة سرها المكونة من موظفين مهنيين وتقنيين وإدرايين وفريقًا للدعم من خلال إجراء علني وشفاف وتنافسي. ويمكن انتداب موظفين عموميين للهيئة بناءً على طلبها. وتتم معاملة الموظفين العموميين المنتدبين للهيئة كموظفين في الهيئة ويتمتعون بنفس المميزات ويجب عليهم الالتزام بالدستور والقانون وأي قانون مكتوب آخر خاص بالانتخابات. وكما هو حال رئيس وأعضاء الهيئة، تكون مدة عمل سكرتير الهيئة 6 أعوام غير أنها قابلة للتجديد.
التكوين المؤسسي للهيئة المستقلة للانتخابات والحدود
تتشكل الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود طبقًا لنصوص قانونها، والتي تشترط أن يحترم الرئيس والأعضاء تقسيم المهام بين الهيئة كعضو واضع للسياسة وأمانة سرها كعضو إداري ومنفذ للسياسة. ويتم تنفيذ صنع السياسة في الهيئة من خلال لجنة واحدة من بين عدة لجان.
ويترأس أمانة السر مدير تنفيذي عام يتولى مسؤولية تنفيذ قرارات الهيئة، ويكلف كل موظفي الهيئة بالمهام ويشرف عليهم، كما يتولى مسؤولية تسهيل وتنسيق وضمان تنفيذ وصاية اللجنة. ويرأس السكرتير أمانة السر التي تدير شؤون الهيئة اليومية. تتألف أمانة السر من نائب عن المدير العام وتسعة مديرين و17 إداريًا. والإدارات الحالية هي القيد الانتخابي والعمليات الانتخابية وتقنية الاتصالات والمعلومات والموارد البشرية والمسائل الإدارية، وتثقيف الناخبين وشراكاتهم، والمالية والمشتريات، والشؤون العامة والقانونية، والبحث والتطوير، والمخاطر وتنفيذ القوانين، ومسجل الأحزاب السياسية. وتعمل كل إدارة بدعم من فريق من المديرين والمسؤولين وصغار الموظفين. وتضم الهيئة أيضًا 17 مكتبًا إقليميًا يديرها منسقو الانتخابات الإقليمية و210 مسؤول دائرة انتخابية يديرها منسقو انتخابات الدوائر الانتخابية، المسؤولون أيضًا عن تنسيق عمل الهيئة في الأقاليم.
تمويل الهيئة
تموّل الحكومة الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود عبر البرلمان بميزانية مستقلة لم يعد لها علاقة لها بوزارة المالية. ويتحمل البرلمان مسؤولية تحديد اعتمادات مالية مناسبة لتمكين الهيئة من أداء مهامها. ومع ذلك، تتكون الاعتمادات المالية للهيئة من أموال أخرى مثل المنح أو الهدايا أو التبرعات أو أي عطايا أخرى يتم تقديمها للهيئة، وأموال قد تتراكم لديها أو تُستحق لها أثناء أداء مهامها.
وتبدأ عملية تحصيل الاعتمادات المالية عند إعداد الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود مقترحات الموازنة لكل سنة مالية وتقديمها لخزينة الدولة. ثم يتم تقديم الموازنة المتفق عليها للبرلمان لدراستها والموافقة عليها. وبمجرد الموافقة عليها يتم دفعها لصندوق مخصص توضع فيه جميع اعتمادات الهيئة المالية. ويدير سكرتير الهيئة هذا الصندوق المدمج طبقًا لجميع القوانين والإجراءات الخاصة بالإدارة المالية العامة. ويتم دعم جميع العمليات والنفقات الأخرى الخاصة بالهيئة أثناء أداء مهامها من هذا الصندوق. وفي السابق، كانت الرواتب والمخصصات هي نفقات الصندوق المدمج؛ أما الآن ومنذ الإصلاحات، فقد أصبحت كل نفقات الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود بما فيها الإنفاق المتكرر والإنفاق على الإصلاح والممارسات الانتخابية مسؤولية الصندوق المدمج.
وفيما عملت مسؤولية الصندوق المدمج عن كل نفقات انتخابات الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود على تعزيز استقلال الهيئة المالي، إلا أن الهيئة ظلت تعاني صعوبات في تأمين تمويل كافٍ في الوقت المناسب من السلطات المناسبة لإتمام إجراءاتها للانتخابات. وقد أطال ذلك من فترة اعتماد الهيئة على تمويل المانحين ومساعدتهم، والذي يتوفر عمومًا من خلال برنامج مساعدة الانتخابات الكينية الذي يديره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما أن هناك مانحون متخصصون يقدمون المساعدة الفنية للهيئة المستقلة للانتخابات والحدود في مجالات شتى. وقد تعهد المانحون بالدعم المالي للهيئة المستقلة للانتخابات والحدود في بداية توليها مهمتها بصرفه للمجموعة المصغرة للانتخابات من مجموعة مانحي الحكم الديمقراطي. وسيحتاج هذا الدعم لإعادة مناقشته وتلك الأموال للصرف، حيث كانت الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود عاجزة عن الحصول على تمويل حكومي لإنفاقها الميزانية بالكامل.
مساءلة الهيئة
يجب على الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود أن تنتبه لجميع الملاحظات حول أدائها إضافةً إلى التنظيم المالي وإجراءات المحاسبة في إدارة اعتماداتها المالية، كما نص عليه الفصلان 20 و23 من قانون الهيئة. ويجب على الهيئة أيضًا أن تقدم تقريرها السنوي للرئيس وأن تسلمه للبرلمان خلال 3 أشهر بعد نهاية كل عام. ويحوي التقرير السنوي البيانات المالية للهيئة والأعمال التي نفذتها وأي معلومات أخرى تراها الهيئة ذات صلة. ويجب على الهيئة أن تنشر التقرير السنوي في الجريدة الرسمية وفي صحيفة قومية واحدة على الأقل.
ويحتوي قانون الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود على نصوص إضافية خاصة بتنظيم التقرير المالي لتتبعها الهيئة. ويجب أن تحتفظ الهيئة بدفاتر وسجلات أصلية بحسابات دخلها وأوجه إنفاقها وأصولها. ويتم تسليم هذه السجلات للمدقق العام خلال ثلاثة أشهر بعد نهاية كل سنة مالية، مصحوبةً ببيانات دخلها/إنفاقها، وأصولها/ديونها.
مهنية موظفي الانتخابات
أكدت اللائحة الإدارية للهيئة المستقلة للانتخابات والحدود بشدة على أداء المهام بمهنية. فهي تحوي نصوصًا عديدة خاصة بالنزاهة والأمانة والشفافية والمهنية التي يجب أن يتحلى بها أعضاء وموظفو الهيئة. فينبغي على كل عضو وموظف أن يؤدي واجباته بنزاهة وأن يعامل زملاءه باحترام وأن يحترم حقوق جميع من يتواصلون معه وأن يؤدي واجباته بمهنية وكفاءة وشفافية وفاعلية وفي تناغم مع حكم القانون.
فعلى سبيل المثال، ينص القانون على أن عضو أو موظف اللجنة لا يجني منفعة خاصة من أي معلومات سرية يحصل عليها من خلال منصبه كعضو في اللجنة. ويدير العضو أو الموظف شؤونه الخاصة بطريقة تحفظ ثقة الجماهير في نزاهة منصبه واللجنة ككل. إذًا فاللائحة الإدارية تعمل على تعزيز مهنية الموظفين في أداء مهامهم وتضم نصوصًا أخرى لتعزيز النزاهة المهنية.
وقد نص قانون الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود أيضًا على التوظيف السليم لديمقراطية الهيئة الداخلية بقواعد وقوانين تؤدي إذا ما تم الالتزام بها إلى أفضل شكل للإدارة والمهنية والمصداقية. وتنظم المادة الثانية من القانون شؤون عمل الهيئة عن طريق عقد الاجتماعات المنتظمة وتسجيل محاضر مضبوطة لكل اجتماع، وعند حدوث تضارب للمصلحة يتبع الأعضاء قواعد وإجراءات سليمة. فتضمن تلك النصوص أن تدير الهيئة شؤونها بطريقة ديمقراطية وشفافة.
وقد طورت الهيئة قدرات ومهنية فريق العمل لديها عمليًا عبر إقامة برامج تدريبية داخلية منوعة لتطوير الذات في مختلف جوانب الانتخابات وعند نقل المسؤولية لهيئة جديدة.
مسؤولية العدالة الانتخابية
أوجب الدستور على البرلمان سن تشريعات بآليات حل النزاعات الانتخابية في وقتها. حيث تنص المادة 88(4)(هـ) على مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود عن حل النزاعات الانتخابية بما فيها ما يخص حملات الترشيح أو يحدث فيها، غير أنها لا تتعامل مع الالتماسات الانتخابية والنزاعات التي تتلو إعلان نتائج الانتخابات. وانسجامًا مع نصوص الدستور، يحتوي قانون انتخابات 2011 على نصوص عديدة (وخصوصًا الفصل الخامس) وهو المعني بحل النزاعات الانتخابية، ويحدد أيضًا الإطار الزمني الذي يتم في خلاله تقديم الالتماسات الانتخابية للجنة للإجابة عنها.
ويتم الفصل في النزاعات في خلال 7 أيام من تاريخ تقديمها للجنة، طبقًا لقانون الانتخابات؛ بينما يتم الفصل في النزاعات المتعلقة بالترشح أو الانتخاب المستقبلي قبل تاريخ الترشح أو الانتخاب. وقد وضع قانون الانتخابات إطارًا زمنيًا من 28 يومًا بعد أن تعلن الهيئة المستقلة للانتخابات الحدود نتائج الانتخابات يتم في خلاله تقديم الالتماسات الانتخابية[7].وقد فوض قانون الانتخابات الهيئة في استحداث الأمور التنظيمية اللازمة كوضع آلية الرد على الشكاوى والفصل في النزاعات الانتخابية، لكن مع ذلك لم تفعل الهيئة أيًا من ذلك حتى الآن.
ومع تكليفها بالانتداب القانوني للتحقيق في قضايا سوء الممارسة الانتخابية وتقديم الدعاوى بشأنها، فقد بدأت الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود في تجنيد فريق عمل خاص بالتحقيق والمتابعة لتحسين أدائها. ورغم وجود القانون، لم تتعامل الهيئة مع أي تجاوزات انتخابية حتى تاريخه مع وجودها ومشاهدتها في الانتخابات الفرعية الأخيرة (كشراء الأصوات والرشوة).
العلاقات مع الإعلام وأصحاب المصلحة
أثناء انتخابات 2007 المثيرة للجدل، تعرض الإعلام للنقد اللاذع. وعاب عليه تقرير لجنة الفحص المستقلة بالخصوص تغطيته غير المهنية ودوره في بث برامج حزبية ومهيجة للرأي العام. وأخذ التقرير على الحكومة إطارها القانوني والمؤسسي الضعيف في تنظيم الإعلام. وتم سن تشريعات وإصلاحات جديدة للتشريع القديم لتعزيز هذه الإطارات. فعلى سبيل المثال، تكفل المادة 34 من الدستور استقلالية الإعلام وتدعم حرية وسائل الإعلام المملوكة للدولة لتعمل بحيادية وتفصل باستقلالية بين المحتوى التحريري لبرامجها وغيرها من وسائل الاتصال. وعلى جميع وسائل الإعلام في الدولة أن تتيح فرصًا متساوية لعرض الآراء المختلفة والآراء المخالفة لها. ويفوض الدستور البرلمان في سن تشريعات بإنشاء هيئة مستقلة تتولى مسؤولية وضع ضوابط للإعلام وتنظيم ومراقبة تنفيذ تلك الضوابط.
وقد سن البرلمان قانون إصلاح وسائل الاتصال الكينية (2009) لمجابهة بعض تحديات تنظيم الإعلام. وقد تم سن هذا القانون لتشكيل المجلس الاستشاري للمحتوى الإعلامي (تلفزة وإذاعة)، والذي تم إنشاؤه في يونيو/حزيران 2010. ومن الإجراءات القانونية الأخرى ذات الصلة قانون الإعلام لعام 2010، والذي نص على إنشاء مجلس الإعلام الكيني وخوّله مسؤولية تنظيم سلوك الإعلام. إلا أنه لا يزال على البرلمان تمرير عدد من مشاريع القوانين للمساهمة في تطوير السلوك المهني للإعلام، ومن بينها مشروع قانون الإعلام لعام 2012 ومشروع قانون الحرية والمعلومات لعام 2012.
ونشر مجلس الإعلام توجيهات للمساعدة في وجود إدارة وإعلام مهنيين قبل انتخابات عام 2013. وتضع الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود أيضًا توجيهات لرصد الإعلام الانتخابي وإقامة مركز إعلامي يمثل مقرًا مركزيًا للبيانات الرسمية لجميع الأخبار الخاصة بالانتخابات. وبالرغم من هذه المنجزات لا توجد قوانين تكفل الاتصال العادل للإعلام في الانتخابات حتى تاريخه. وقد فوض قانون انتخابات عام 2011 الهيئة بإجراء التنظيمات اللازمة للاتصال بالإعلام، لكنها ما زالت بحاجة للتنفيذ.
وإضافةً إلى لجنة الاتصال بالأحزاب السياسية، والتي تم إنشاؤها بالإطار القانوني كهيئة تشريعية لتمكين الحوار والمشاورات النظاميين بين الأحزاب السياسية والهيئة المستقلة للانتخابات والحدود على المستويين المحلي والإقليمي، فقد اضطلعت الهيئة بجهود أخرى للمساهمة في المشاورات المنظمة مع أصحاب المصلحة وخاصة مع الأحزاب السياسية. وقد أصدرت الهيئة حديثًا إرشادات للمساهمة في توجيه أنشطة الأحزاب السياسية وتزويد أصحاب المصلحة بالمعلومات بانتظام عبر المشاورات المنظمة مثل منتدى المجتمع المدني للهيئة المستقلة للانتخابات والحدود ومبادرات التواصل العامة وذلك مثل منتدى حوار الشركاء والذي يسهل مشاركة مراقبي عمل الهيئة ويمنح المانحين الفرصة للتفاعل أكثر مع الهيئة. ورغم تلك الجهود، توجد تداعيات مقلقة متنامية حيث أن مشاورات الهيئة مع أصحاب المصلحة غير كافية؛ ولذلك يجب أخذ المزيد من الاجتماعات المتكررة وبشكل أوسع في الحسبان.
القدرة على اقتناء وإدارة تقنيات انتخابات جديدة
نص قانون انتخابات عام 2011 على دمج التقنية الملائمة في العمليات الانتخابية. ووفقًا لمهمتها وسعيًا لمجابهة تحديات انتخابات عام 2007، فقد قدمت الهيئة جملةً من التقنيات الحديثة للتغلب على مشكلات معينة في الانتخابات. وكان أولها القيد الإلكتروني للناخبين وسجل الاقتراع الإلكتروني. وقد ساعد استخدام السمات البيومترية مثل بصمات الأصابع والصور الفوتوغرافية من سهولة الوصول لوثائق التسجيل المتعددة. كما عززت الكفاءة والدقة، حيث تسمح بالفحص الفوري لبيانات الناخبين. وقد تم استخدام القيد الإلكتروني للناخبين بنجاح في استفتاء عام 2010 المحلي وفي جميع الانتخابات البرلمانية والفرعية منذ ذلك الحين. وقد استخدمت الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود التسجيل الإلكتروني للناخبين ونظام النقل الإلكتروني للأصوات عام 2012 لتفادي إرجاء إعلان النتائج النهائية، والذي أسهم بشكل كبير في أزمة ما بعد الانتخابات. إن طموح الهيئة المستقلة للانتخابات والحدود هو أن تتم أتمتة العمليات الانتخابية بالكامل بما فيها القيد الإلكتروني والتصويت الإلكتروني والنقل الإلكتروني للنتائج.
الملاحظات
[1]تقرير كريجلر وواكي عن انتخابات عام 2007 في كينيا، أبريل/نيسان 2009.
[2]تعديل دستوري، مادة 41أ.
[3]الباب 15 من الدستور الكيني.
[4]المواد 88(5) و249(2) من الدستور.
[5]قانون هيئة الحدود الانتخابية المستقلة لعام 2011.
[6]قانون هيئة الحدود الانتخابية المستقلة لعام 2011، الملحق الرابع - إجراءات تعيين رئيس وأعضاء اللجنة.
[7]7 قانون الانتخابات لعام 2011، الفصل السادس.
المراجع
Ballot, The, Official Newsletter of Interim Independent Electoral Commission, 1/1 (February 2011)
Commonwealth Observer Group, Kenya General Elections, 27 December 2007
Dundas, Carl W., Close Elections and Political Succession in the African Union (Bloomington, IN: Author House, 2012)
Dundas, Carl W., The Lag of 21st Century Democratic Elections: In the African Union Member States (Bloomington, IN: Author House, 2011)
Litscher, Jonathan, Mediation Support Project, ‘Kenya, The National Accord Reconciliation Act 2008’
Kenya National Dialogue and Reconciliation, Reforms and Preparedness for Elections Review Report, May 2012
National Democratic Institute, ‘Statement of the Pre-election Delegation to Kenya’, May 2012
Ongoza, Z. Elisha and Otieno, Willis E., Handbook on Kenya’s Electoral Laws and Systems (Johannesburg: Electoral Institute for Sustainable Democracy In Africa, 2012)
Progress project review of the Coordination and Liaison Office of the African Union Panel of Eminent African Personalities, 2009–2010
Yard, Mike, IFES chief of party in Kenya, public seminar on Kenya’s new voting technology ahead of the March 2013 general elections, June 2012