دورات الابتكار في تقنية المعلومات والاتصالات وعلاقتها بالدورة الانتخابية
تتطور نظم تقنية المعلومات والاتصالات بسرعة كبيرة مقارنة بمدة الدورة الانتخابية. وتستمر معظم معدات تقنية المعلومات والاتصالات، سواء على مستوى الأجهزة والمكونات الصلبة أو البرمجيات، في الخدمة لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات. وبعد مرور تلك الفترة تحتاج المعدات إما إلى الاستبدال أو إلى التجديد والتحديث بشكل جوهري. ويمكن أن يمثل هذا تحديًا بالغًا لتطبيقات تقنية المعلومات والاتصالات الخاصة بالانتخابات. فنظرًا إلى أن الكثير من الدورات الانتخابية تستمر لمدة 4 سنوات تقريبًا فإن أي نظام لتقنية المعلومات والاتصالات استخدم بشكل ناجح في انتخابات معينة يكون من المتوقع أن يحتاج إلى تحديثات جوهرية أو حتى إلى إحلالٍ كاملٍ ليستخدم في الانتخابات التالية.
وحين يقترب الوقت الفاصل ما بين الانتخابات والاستخدام من نهاية العمر النافع لمعدات تقنية المعلومات والاتصالات، يجب أن توضع في الاعتبار جوانب الاستدامة والكفاءة فيما يخص عمليات شراء المعدات وامتلاكها وتخزينها وصيانتها. ولتجنب التكلفة العالية لتخزين المعدات غير المستخدمة فإن هيئات إدارة الانتخابات يمكنها استئجار معدات مختارة أو مشاركتها مع دول أخرى أو التخطيط لإعادة استخدام بعض منها أو بيعه أو التبرع به بعد انتهاء الانتخابات لاستخدامه في أغراض غير انتخابية.
ويعرض الشكل 12 (صفحة 260) مقارنة مرئية توضح تطور نظم التشغيل وتقنية نقل البيانات والحوسبة النقالة ومعايير بصمات الأصابع ما بين كل انتخابات والتي تليها بافتراض دورة انتخابية مدتها أربع سنوات بدءًا من عام 1992.

"المنحنى الحوضي" والدورات الانتخابية
هناك تحدٍ آخر يتعلق بطول فترة الدورات الانتخابية والعمر النافع القصير نسبيا لنظم تقنية المعلومات والاتصالات، ويتضح هذا التحدي عند النظر إلى المنحنى الحوضي وهو مفهوم مستخدم على نطاق واسع في المجال الهندسي لوصف حدوث الأعطال في النظم الفنية.
ويبدأ المنحنى بمرحلة "التشغيل التجريبي" في الأطوار المبكرة لاستخدام نظام معين. وتتميز هذه المرحلة بمعدل مرتفع من الأعطال التي تصيب النظام الذي يكون ما زال في مرحلة عدم النضج. ومع اكتشاف المشكلات والتعامل معها يتناقص معدل الأعطال ويدخل النظام في مرحلة العمر النافع حيث ينخفض جدًا معدل حدوث الأعطال. وفي النهاية عندما يصل العمر النافع للنظام إلى النهاية تقود حالة الإهلاك التي وصل إليها النظام إلى زيادة معدل الأعطال من جديد ويتطلب الأمر في النهاية تحديث النظام أو استبدال نظام جديد مكانه.

وفي حين أن معظم النظم غير الانتخابية تُستخدم في الأساس أثناء المرحلة الثانية من هذا المنحنى فإن الطبيعة المتقطعة للانتخابات تعني ضمنيًا أن تقنية الانتخابات غالبا لا تستخدم إلا بعد تطويرها بفترة قصيرة ولذلك ربما تكون لا زالت في مرحلة التشغيل التجريبي حيث تكون عرضة لحدوث الأعطال. لذلك فإن فترة العمر النافع لتقنية الانتخابات تصادف في الغالب الفترة الفاصلة ما بين الانتخابات والتي لا يكون النظام فيها مستخدما. وعندما تُجرى الانتخابات التالية بعد عدة سنوات ربما يكون النظام قد اقترب بالفعل من مرحلة الإهلاك أو بلغها بالفعل حيث يزداد معدل الأعطال.
يوضِّح المنحنى الحوضي أن فترات الإعداد الطويلة مطلوبة لاستحداث تقنية الانتخابات للتأكد من إتمام مرحلة التشغيل التجريبي قبل يوم الانتخابات ويوضِّح ضرورة استخدام الوقت الفاصل ما بين الانتخابات لتحديد جميع التحديثات المطلوبة لفترة الانتخابات التالية وتنفيذها.
التكلفة الإجمالية لامتلاك نظم تقنية المعلومات والاتصالاتs
من بين المزاعم الرئيسية التي يُحتج بها لدعم تقنية الانتخابات فعالية التكلفة لتلك التقنية. ومع ذلك تفيد الخبرة أن الاستثمار الرأسمالي المبدئي المطلوب لشراء نظام لتقنية المعلومات والاتصالات يمكن أن يمثِّل نسبة ضئيلة من من التكلفة الإجمالية للامتلاك قد تصل إلى 25% على مدار فترة العمر النافع المتوقعة لذلك النظام. وتمثل التكلفة الإجمالية للامتلاك مجموع كافة التكاليف المباشرة وغير المباشرة ذات الصلة بشراء المعدات وتشغيلها والتخلص مها في نهاية الأمر. وقد يسهل تقدير التكلفة الإجمالية للامتلاك بأقل من قيمتها، بالنظر فقط إلى سعر الشراء المبدئي لمعدات تقنية المعلومات والاتصالات.
وتشمل التكلفة الإجمالية لامتلاك نظم تقنية المعلومات والاتصالات الخاصة بالانتخابات التكاليف التالية:
- الحوار العام بشأن استحداث النظام الجديد
- شراء أو تطوير تراخيص الأجهزة والبرمجيات الخاصة بالنظام
- المصادقة على النظام وتدقيقه
- تأمين النظام ماديًا وفنيًا
- إعداد البنية التحتية المطلوبة لتشغيل النظام
- نشر النظام وتهيئته واختباره لانتخابات معينة
- تدريب أطقم العمل والمشغلين على استخدام النظام
- تشغيل المعدات أثناء الانتخابات
- استعادة المعدات بعد الانتخابات
- تخزين وحماية النظم فيما بين الانتخابات
- التعافي من الكوارث: إعداد الخطط البديلة
- عمليات الإحلال أو التحديث، ربما لكل انتخابات
- التخلص من المعدات القديمة
ومن الصعب تقدير قيمة الكثير من التكاليف السابق ذكرها مما يجعل من الصعب تحديد التكاليف الدقيقة لاستخدام حلول تقنية المعلومات والاتصالات، أو مقارنة تكاليف الحلول المختلفة لتقنية المعلومات والاتصالات، أو حتى تقدير أي توفير في التكلفة ينتج عن أتمتة أجزاء من العملية الانتخابية. وفي حين أن التقدير الواقعي للتكلفة الإجمالية للامتلاك وتأمين الموارد المطلوبة أمرٌ ضروري للتحكم في استخدامات تقنية الانتخابات وإدارتها بفعالية، إلا أنه يجب دائمًا توخي الحرص عند فحص المزاعم المتعلقة بمدى إمكانية التوفير عن طريق استحداث تقنيات جديدة أو الاختيار بين أنواع مختلفة من التقنية.
تقنية المعلومات والاتصالات: التأمين والتكاليف
يشبه تأمين تقنية المعلومات والاتصالات الطب الوقائي، بمعنى أن المرء لا يعرف ما إذا كان نظام التأمين يعمل أو مدى كفاءة عمله إلى أن يتعطل. إضافة إلى ذلك، لا يوجد تأمين مثالي. لذلك فإن تأمين النظم الإلكترونية يشبه سباق التسلح بين من يحاولون حمايتها ومن هم على استعداد للاستثمار في اختراقها. وغالبا ما يطلب أصحاب المصلحة في الانتخابات أعلى معايير التأمين الممكنة لتقنية الانتخابات نظرًا لأن النظام الديمقراطي للدولة على المحك إذا تعرضت تقنية الانتخابات لعطلٍ خطير أو إذا تم التلاعب بها. ولكن أعلى مستويات التأمين باهظة التكلفة. لذلك ينبغي على كل هيئة من هيئات إدارة الانتخابات أن تقرر بالتشاور مع جميع أصحاب المصلحة في الانتخابات مدى الخطر الذي تتعرض له نظم تقنية المعلومات والاتصالات الخاصة بها، ومدى احتمالية حدوث أعطال أو أنواع مختلفة من الهجمات، والعواقب المترتبة على تلك الأحداث، وقدر الاستثمارات الأمنية المطلوبة والممكنة والمبررة.
كذلك تثير النظم المعتمدة على الإنترنت مخاوف إضافية من الناحية الأمنية لأنها تكون متصلة بشبكة عامة وبالتالي تصبح معرضة لبيئة ذات مخاطر غير معروفة إلى جانب قدر مماثل من قدرات التهديد غير المعروفة أيضًا. ولا تقتصر تلك البيئة على الجهات الفاعلة الوطنية فحسب بل تشمل أيضًا، بسبب بيئة الاتصال المفتوحة عبر الإنترنت، الحكومات الأجنبية وقراصنة الإنترنت.