لكي تتم أية فعالية انتخابية بسلاسة، من الضروري أن يتلقى موظفو هيئة إدارة الانتخابات الدائمين والمؤقتين التدريب التشغيلي المناسب حتى يمكنهم فهم المهام المطلوبة منهم على نحوٍ كامل، وخاصة عند التعامل مع الناخبين أو غيرهم من أصحاب المصلحة، أو التعامل مع بطاقات الاقتراع أو غيرها من المواد الخاضعة للمساءلة، أو التعامل مع القضايا الحسّاسة. وكحدٍ أدنى، يجب أن يؤكد مثل هذا التدريب على أهمية المتطلبات الرئيسية - مثل احترام القانون والحياد والشفافية - وأن يعطي المشاركين فهمًا تامًا للمهام التي سوف يؤدونها. وبالنسبة للموظفين المؤقتين، سيكون هذا هو محور التركيز الرئيسي، وستكون الكتيبات والقوائم المرجعية أدوات أساسية في هذا الصدد. وبالنسبة للموظفين الدائمين، يجب أن يتضمن التدريب أيضًا التركيز على الأنظمة والعمليات الضمنية التي سوف يكونون مسؤولين عنها، مع الاهتمام على نحو خاص بالتخطيط لحالات الطوارئ والآليات الاحتياطية وحل المشكلات.
أساليب التدريب
يعتبر التدريب المكثف للموظفين المؤقتين قبل كل فعالية انتخابية أحد العناصر الهامة لتقديم الخدمة الانتخابية وتحسين أداء الموظفين. ويعتبر تقديم خدمة عالية الجودة، وقائمة على مبادئ النزاهة والممارسات الفضلى في العمل الانتخابي، هو الرسالة الأساسية لجميع نشاطات تدريب الموظفين المؤقتين. لذلك فمن المهم أن تعمل هيئة إدارة الانتخابات على إعداد قاعدة بيانات تضم الموظفين المؤقتين الذين تم تدريبهم وأدّوا مهامهم بصورة مرضية في الانتخابات السابقة لتتمكن من الاتصال بهم للعمل في الفعاليات الانتخابية القادمة.
وقد أظهرت التجربة أن تركيز التدريب بالنسبة للموظفين المؤقتين على الجوانب التشغيلية المحددة من مسؤولياتهم يعتبر أكثر فعالية. ودائمًا ما يكون التدريب على مهام مثل تسجيل الناخبين، وإجراءات الاقتراع وفرز الأصوات أكثر فعالية عندما يستكمل بتدريبات محاكاة، كتمثيل الأدوار أو التدريبات الافتراضية. كما أن تقييم مثل هذه الجلسات التدريبية من قبل المتدربين يعد أمرًا أساسيًا في تحسين أداء التدريب.
التدريب التسلسلي
تقوم طريقة التدريب التسلسلي على تدريب مجموعة رئيسية من المدربين سواء في الجوانب الفنية للانتخابات أو أساليب التدريب - أي "تدريب المدربين" الذين يقومون بعد ذلك بتدريب الآخرين في المستوى الأدنى. ويقوم المستوى الثاني بتدريب المستوى الثالث وهكذا، حتى يتم تدريب كافة الموظفين المعنيين. وتؤدي فعالية التكلفة النسبية لنظام التدريب التسلسلي وإمكانية تدريب أعداد كبيرة من الأشخاص خلال فترة زمنية قصيرة إلى استخدام هذا الأسلوب على نطاق واسع سواء في هيئات إدارة الانتخابات الجديدة أو الراسخة. وهو مفيد على الأخص في المهام التي تقوم بها أعداد كبيرة من الموظفين، أو في الحالات التي يفترض فيها تدريب الموظفين في مواقع جغرافية متعددة وشاسعة بشكل متزامن أو شبه متزامن، كتدريب موظفي تسجيل الناخبين والاقتراع. وقد يكون المدربون في كل مستوى من أعضاء هيئة إدارة الانتخابات أو موظفيها، أو قد يشملون مدربين محترفين خارجيين أو أكاديميين أو أعضاء مرموقين في منظمات المجتمع المدني. ويمكن أن تحقق الاستعانة بمزيج من موظفي هيئة إدارة الانتخابات والمدربين الخارجيين بعض المزايا من ناحية الاستدامة وزيادة قبول أصحاب المصلحة.
ويكون التدريب التسلسلي فعّالًا، إذا تم التدريب على المستويات المختلفة بالتتالي خلال فترات زمنية قصيرة نسبيًا، وإذا كان توقيت التدريب في آخر مستوى من التسلسل (موظفي الاقتراع مثلًا)، قبل موعد الفعالية الانتخابية بأيام معدودة. وتتطلب هذه الطريقة فهم أعداد كبيرة من المدربين لمحتويات الجلسات التدريبية ومنهجية التدريب فهمًا تامًا. إذ أن أي خلل أو سوء فهم في أعلى السلسلة سينتقل إلى مستويات التدريب الدنيا وقد يضر بمجمل العملية. وتساعد تدابير مراقبة الجودة - كتحديد عدد مستويات التدريب المتسلسلة والقيام بجولات متابعة وتقصٍ للجلسات التدريبية - على ضمان تنفيذ كافة الجلسات التدريبية بدقة واتساق.
التدريب عن طريق الفرق المتنقلة
يمكن إجراء التدريب لجميع موظفي الانتخابات على مختلف مستوياتهم بواسطة عدد قليل من فرق التدريب المتنقلة. ومن مزايا هذه الطريقة أنها توصل المعلومة بدقة من قبل فريق مؤهل من المدربين. إلا أن هذه الطريقة تتطلب وقتًا أطول، حيث يتحمل فريقٌ صغير العدد مسؤولية تدريب كافة الموظفين في شتى أنحاء البلاد. وبينما تمثل هذه الطريقة حلًا فعّالًا بالنسبة للفعاليات الانتخابية التي تجرى في مناطق جغرافية محدودة، إلا أنها غير ممكنة بوجه عام في الأماكن الأخرى. وعند الحاجة إلى تدريب أعداد كبيرة من الموظفين، وبدء فرق التدريب المتنقلة في إجراء التدريب قبل يوم الاقتراع بفترة طويلة، فهناك خوفٌ من أن تنسى المجموعات التي تم تدريبها مبكرًا ما تعلمته.
التدريب المتزامن
ينطوي التدريب المتزامن على تدريب كافة الموظفين المؤقتين في يوم واحد أو مجموعة أيام متتالية. ويمكن استخدام هذا الأسلوب في حال عدم توفر الوقت للتحضير للفعاليات الانتخابية، أو في الحالات التي يمكن أن تستفيد فيها هيئة إدارة الانتخابات من تنظيم نشاط تدريبي كبير كوسيلة لتحسين صورتها أو لتحفيز الاهتمام بالفعاليات الانتخابية وتوعية الجمهور بشأنها، كما تم في كمبوديا عام 1993. إلا أن الأمر يتطلب استخدام أعداد كبيرة من المدربين الأكفاء الذين عادةً ما يتحتم استقدامهم من الخارج وتدريبهم حول المحتوى الفني. كما أنه مكلف ويتطلب تنفيذه تخطيطًا مكثفًا. ومن الطرق الأخرى التي يمكن اتباعها لتنفيذ التدريب المتزامن استخدام تقنية الفيديو لإطلاع الموظفين المؤقتين ذوي الخبرة السابقة على التغييرات التي طرأت على الإجراءات الانتخابية منذ آخر انتخابات شاركوا فيها.