من المهم أن تنشئ هيئة إدارة الانتخابات تعاونًا وثيقًا مع أصحاب المصالح لديها لضمان دعمهم لسياساتها وبرامجها ولتعزيز ثقتهم في أداء هيئة إدارة الانتخابات. ورغم محاولة بعض هيئات إدارة الانتخابات أن تنأى بنفسها عن المشاركين في العملية الانتخابية أحيانًا، إيمانًا منها بأن "استقلالها" يتطلب أن تسلك هذا المسلك؛ وهو أمر لم تثبت جدواه قطعيًا. وإذا لم تعمل هيئة إدارة الانتخابات جديًا على بناء علاقات متينة مع أصحاب المصلحة لديها ودعم تلك العلاقات فمن المحتمل حدوث سوء تفاهم وأن تثور الشكوك حول أنشطتها، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى اهتزاز ثقة الجمهور فيها وفي العملية الانتخابية.
فالإطارات القانونية في بعض البلدان مثل إندونيسيا تلزم هيئة إدارة الانتخابات بالتواصل مع أصحاب المصلحة. وحتى بدون هذه الاشتراطات القانونية، فقد أصدرت لجنة الانتخابات الأسترالية تعهدات رسمية توضح كيفية تعاملها مع أصحاب المصلحة (شكل 11).

وتحتاج لجنة إدارة الانتخابات لمن يقوم بالمهام الاستشارية، مثلها مثل أي عمل تجاري، ما يساعدها على معرفة “حال السوق” – أي ما ينتظره منها أصحاب المصلحة (عملاؤها). ولكن التشاور وحده لا يكفي. فهيئة إدارة الانتخابات بحاجة إلى تنمية الثقافة التشغيلية التي تجعلها متجاوبةً مع توقعات أصحاب المصلحة وحاجاتهم. وسوف يوفر هذا الدعم لسياسات هيئة إدارة الانتخابات وممارساتها ويولِّد النوايا الحسنة تجاهها، ويعزِّز مصداقيتها. فعلى سبيل المثال، قد تنظِّم الهيئة انتخابات في قمة النزاهة بلا أي مآخذ عليها، من الناحية الفنية، ولكن إذا لم يتم إشراك أصحاب المصلحة وإبقائهم "على اتصال" بالعملية، فقد يؤدي الشك إلى رفض نتائج الانتخابات.
ويشكل مزيج السلطة والتأثير والاهتمام مجتمعين لأحد أصحاب المصلحة ما يمكن أن يطلق عليه قيمة صاحب المصلحة بالنسبة لسياسات هيئة إدارة الانتخابات وأنشطتها. وتعد قيمة أصحاب المصلحة القاعدة التي يمكن تبني عليها هيئة إدارة الانتخابات الاستراتيجية المناسبة لإقامة علاقات متينة مع كل منهم. فعلى سبيل المثال، تعتبر الأحزاب السياسية عمومًا من أكبر أصحاب المصلحة اهتمامًا ونفوذًا في الانتخابات (رغم أن الأحزاب السياسية في بلٍد ما قد تتباين جدًا حجمًا وظهورًا وتأثيرًا). فلو رفض أحد الأحزاب ذات الشأن نتيجة الانتخابات بسبب ارتيابه من الطريقة التي اتبعتها هيئة إدارة الانتخابات في إدارتها، فيمكن أن تتعرض الهيئة للهجوم. فلذلك يجب على هيئات إدارة الانتخابات أن تأخذ علاقاتها مع الأحزاب السياسية على محمل الجد. وقد تقلل الهيئة من تركيزها على علاقاتها بأصحاب المصلحة الأقل اهتمامًا ونفوذًا ممن لهم منفعة سطحية فقط من أنشطتها.
كما سوف تتحدد استراتيجية هيئة إدارة الانتخابات في التعامل مع كل صاحب مصلحة من خلال موقفه من الهيئة. فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد أصحاب المصلحة يدعم سياسات هيئة إدارة الانتخابات وأنشطتها، فيمكن للهيئة أن ترى أنه من المفيد إشراكه قدر الإمكان في أكبر قدر ممكن من الأنشطة. لكن إذا كان إشراك أصحاب المصلحة من شأنه أن يضر باستقلال هيئة إدارة الانتخابات فقد يصبح هذا غير مناسب. وإذا كان صاحب المصلحة هامشيًا وتأثيره بسيط على سياسات هيئة إدارة الانتخابات، فيمكنها أن تراقبه وتُعلِمه بأنشطتها ولكن لا تبذل جهدًا كبيرًا في إشراكه. وإذا وجدت هيئة إدارة الانتخابات صاحب مصلحة غير داعم لها تمامًا فعليها أن تفتش عن نواياه وردود أفعاله المحتملة تجاه أنشطتها، وأن تضع خطةً لاحتوائه مع وضع خطة دفاعية مناسبة في حال فشلها في ذلك.
ويمكن لهيئة إدارة الانتخابات أن تتخذ تدابير عدة للحفاظ على علاقاتها الجيدة بأصحاب المصلحة، ألا وهي:
- الحفاظ على اتصال متبادل ودائم مع أصحاب المصلحة،
- شعورها بحاجات أصحاب المصلحة ومخاوفهم،
- أخذ أراء أصحاب المصلحة بمحمل الجد عند اتخاذ القرارات،
- معاملة أصحاب المصلحة جميعًا بإنصاف فلا يستفيد أحد أو يتضرر ظلمًا من أنشطة هيئة إدارة الانتخابات،
- التعامل بشفافية مع اللقاءات التي تخضع للفحص والمتابعة،
- التحلي بأعلى المراتب الأخلاقية واحترام حقوق الإنسان والحيادية والحرص في علاقاتها مع أصحاب المصلحة،
- حل النزاعات التي قد تحدث بين حاجات أعضاء هيئة إدارة الانتخابات وحاجات أصحاب المصلحة بإنصاف.
وعن طريق بذل الجهد المستمر لتعزيز التواصل والحوار بطريقة مفتوحة مع أصحاب المصلحة، يمكن لهيئة إدارة الانتخابات أن تشكل وعيهم بأنشطتها وتكسب ولاءهم بهذه الطريقة غير المكلفة نسبيًا. ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق مشاركة منشوراتها مع جميع أصحاب المصلحة مثل التقارير السنوية وتقارير الانتخابات والتقارير المالية والرسائل الإخبارية، وتنظيم اللقاءات الإعلامية التي تتم دعوتهم لها بانتظام.
ويمكن لهيئة إدارة الانتخابات أن تتبنى سياسة رسمية قائمة على الشفافية، والتي يمكن أن تعكس حقوق أصحاب المصلحة وتؤكد لموظفي الهيئة أهمية هذا الهدف (وهي إحدى القيم التي لا يتم الاعتراف بها بالضرورة في جميع مؤسسات الخدمات العامة)، إضافةً إلى توضيح كيفية تحقيقها. ويمكن أن يكون العنصر الرئيس في هذه السياسة هو عملية إعداد البيانات الرسمية وإصدارها والتي تحتوي على أسباب تدعم القرارات المهمة. حيث يمكن أن تؤدي الحاجة إلى إعداد مثل هذه التقارير إلى تحسين جودة اتخاذ القرار في هيئة إدارة الانتخابات بالمساعدة على شحذ التفكير بشأن القضايا المعقدة والحساسة، كما يمكن أن يؤدي نشرها إلى تيسير فهم أصحاب المصلحة للأسباب وراء القرارات الصعبة وقبولها غالبًا.