آندي كامبيل
في أواخر عام 2001، تمت إزاحة نظام طالبان عن السيطرة على جزء كبير من أفغانستان على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الوقت، تغيّرت أمور كثيرة. فدولة أفغانستان الإسلامية الانتقالية التي تم إنشاؤها بموجب اتفاق بون لعام 2001، أصبحت الآن جمهورية أفغانستان الإسلامية، وأفسحت "عملية الحرية الدائمة"، التي كانت الولايات المتحدة تقودها، المجال "للقوة الدولية للمساعدة الأمنية" (إيساف) التي يقودها حلف الاطلسي والتي اقتصرت في البداية على كابول. وكانت الفصائل المسلحة التي تشكل عاملًا خطيرًا في زعزعة الاستقرار قد تمّ نزع سلاح الجزء الأكبر منها وتسريحها، وتخلى العديد من أمراء الحرب عن اللجوء إلى العنف. وكان من المؤمل أن يتم البناء على المكاسب الانتخابية والسياسية، والاستفادة من الدروس المستقاة ومعالجة نقاط الضعف التي تم تحديدها. كما كان يؤمل أيضا في هزيمة حركة طالبان أن يضطرّ أمراء الحرب المتبقون إلى القبول بالوضع الراهن والتخلي عن الماضي. لكن واقع الحال في أفغانستان، مع ذلك، لا يزال بعيدًا عن المثالية.
ففي أفغانستان عام 2012، كانت طالبان (بفصائل متنوّعة) وغيرها من الجماعات المتمردة تسعى لاستعادة السيطرة من خلال أعمال عنف رعناء موجهة ضد الأفغان في جزئها الأكبر. وكانت القوات القتالية لإيساف قد أخذت بالانسحاب خلال عام 2014. وصار أمراء الحرب المحليون رغم نزع سلاحهم موجودين الآن تحت غطاء حكّام محافظات ووزراء معيّنين من قبل الرئيس ومسؤولين منتخبين في الجمعية الوطنية. وتمّ إغلاق الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات واستلمت اللجنة الانتخابية المستقلة زمام الأمور، لكنها كانت تعاني من التدخل الشديد للمكتب التنفيذي ومن الحرج المحتمل من إدارة أسوأ حدث انتخابي تحتفظ به الذاكرة الحية في عام 2009. وانطوى الحدث على التزوير على نطاق عام وعلى التواطؤ الفعّال لكبار موظفي هيئة إدارة الانتخابات، وعلى علاقة متوترة بشكل لا يصدق مع المجتمع الدولي الذي موّلها، ومع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي قدّم المستشارين لتقديم الدعم لها. ويبقى أن نرى ما ستثمره السنوات العشر المقبلة من حيث قدرة هيئة إدارة الانتخابات على إدارة أحداث انتخابية ذات مصداقية.
الخلفية التاريخية والتاريخ الحديث
منذ منتصف عام 2004، شارك الأفغان في سلسلة من الانتخابات: الانتخابات الرئاسية (2004)، وانتخابات ولسي جيرغا (مجلس النواب في الجمعية الوطنية) وانتخابات مجلس الأقاليم (لـ34 إقليمًا) في عام 2005، وانتخابات الرئاسة ومجلس الأقاليم (2009) وانتخابات ولسي جيرغا في عام 2010. وبالإضافة إلى ذلك، تمّ تحديد ثلثي مجلس الشيوخ في الجمعية الوطنية (ميشرانو جيرغا) من قبل كل مجلس إقليمي من مجالس الأقاليم الأربعة والثلاثين، وتعيين الثلث من قبل الرئيس، نتيجة لأحداث مجلس الأقاليم. في عام 2004 عقد تصويت للانتخابات الرئاسية من خارج البلاد للاجئين الأفغان في باكستان وأفغانستان، أدارته المنظمة الدولية للهجرة، ولم يتكرّر ذلك في أي أحداث لاحقة.
وحدّد الإطار الزمني للانتخابات في مختلف أقسام الدستور الأفغاني، حيث أعطى هيئة إدارة الانتخابات تقويمًا للانتخابات غير واقعي وغير قابل للتطبيق، لانتخابات مقررة سنويًا تقريبًا. ولقد قاد ذلك إلى إعاقة النضج الكامل لهيئة إدارة الانتخابات الأفغانية وبالأخص مع اقتران هذا التقويم بعوامل أخرى منها المناخ والتمرّد المستمر.
كما أعاقت التأثيرات الخارجية تطوير هيئة إدارة الانتخابات الأفغانية خلال معظم فترة وجودها، ولا سيما من قبل السلطة التنفيذية ومن قبل عناصر من ضمن منظومة الأمم المتحدة، ومن قبل الشخصيات القوية في المراكز الإقليمية في جميع أنحاء البلاد. ولإضافة المزيد من السوء، لم يكن تطور هيئة إدارة الانتخابات الأفغانية تطورًا سلسًا ولا حسن التخطيط. فقد كان تحقيق أهداف الرئيس المنتخب والجمعية الوطنية المنتخبة مع تخفيض تأثير الجماعات المسلحة غير الشرعية وأمراء الحرب هو الدافع الرئيسي للمجتمع الدولي والنخبة الأفغانية، بدلًا من العمل على الأجل الطويل لهيئة إدارة الانتخابات. نتيجة لذلك، دبّت الفوضى في أسس هيئة إدارة الانتخابات.
وتحوّلت عملية تطور هيئة إدارة الانتخابات الأفغانية إلى عملية معقدة دون داع. ولقد مرّت هذه العملية بخمس مراحل مختلفة من عام 2003 إلى عام 2006. فالكيان الأول (2002) كان مجرّد بناء صغير للأمم المتحدة ضمن مكاتب بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان. وفي منتصف عام 2003، تم تشكيل كيان أفغاني ودولي هجين ومؤقت (الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات) للإشراف على مهام البعثة الحالية بموجب مرسوم صادر عن الرئيس المؤقت. وفي أوائل عام 2004، أوكِلت مهام البعثة إلى أمانة عامة بقيادة أفغانية مسؤولة أمام الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات. هذا الكيان أدار الحدث الرئاسي عام 2004. ومن أجل تفادي النقص الناجم عن عدم وجود نص في القانون الانتخابي لعام 2004 لاستئناف القرارات، قام مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وشعبة المساعدة الانتخابية للأمم المتحدة على عجل في عام 2004 بتشكيل فريق محايد من خبراء الانتخابات مع محقّقين مستمدين من برنامج التصويت من خارج البلاد، تحت إشراف إدارة المنظمة الدولية للهجرة في إيران وباكستان. وقد تم إنشاء هذا الفريق ردًا على ادّعاءات بالتدخّل وكذلك بسبب القضايا المحيطة باستخدام الحبر الذي لا يمحى.
في أوائل عام 2005 تم استبدال معظم المفوضين الأصليين للهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات، وتحوّلت الوكالة المنفذة إلى مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع. وقاد حضور دولي كثيف إدارة أحداث عام 2005. وفي أوج هذا الحضور، تم تعيين أكثر من 500 خبير دولي لدعم هذه العملية، رغم أن الكثيرين عملوا لبضعة أشهر فقط. وفي مايو/أيار 2005، تم استبدال القانون الانتخابي لعام 2004 بموجب مرسوم رئاسي جديد دعا إلى إنشاء لجنة الشكاوى الانتخابية مكوّنة من خمسة مفوّضين (ثلاثة دوليين، يعيّنهم الممثل الخاص للأمين العام، وأفغانيان: أحدهما تُعيّنه المحكمة العليا والثاني من اللجنة الأفغانية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان). وقدمت اللجنة المعنية بوسائل الإعلام تقريرها إلى الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات وفقًا للمادة 51 من القانون المعدل (الآن المادة 60 من قانون 2010).
وفي أواخر عام 2005، بعد الاجتماع الذي عقدته الجمعية الوطنية لأول مرة، تمّ حل الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات وأنشئت اللجنة الانتخابية المستقلة الأفغانية رسميًا. وفي عام 2006، أنشأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي برنامجًا بعنوان "تعزيز القدرات القانونية والانتخابية من أجل الغد" (ELECT) لتوفير مستشارين للّجنة الانتخابية المستقلة. لكن حصل تأخير في بدء برنامج ELECT، وأدى التأخير في تمويل اللجنة الانتخابية المستقلة الجديدة إلى مغادرة عدد من الموظفين الكفوئين. وقد نجم هذا التأخير في جزء منه عن وجود عجز مقداره 11 مليون دولار ناتج عن زيادة تكلفة انتخابات عام 2005، إذ دان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمال فعليًا إلى مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع لإدارة الحدث عام 2005.
ووضعت اللجنة الانتخابية المستقلة خطة استراتيجية للأعوام 2006-2009، لكنها لم تكن طموحة جدًا ولم يتم اعتمادها بشكل كامل أبدًا. واعتبرت المهمة الرئيسية في إصلاح تسجيل الناخبين مرة أخرى مكلفة للغاية، اقتصاديًا وسياسيًا. ولم يتم عقد المناقشات حول قضايا الإصلاح الانتخابي وما يتصل بها، كالإحصاء الوطني الذي كان من شأنه السماح بإجراء ترسيم للحدود الانتخابية، وهي مهمة حاسمة بالنسبة لانتخابات المجالس المحلية، التي لم يتم عقدها حتى الآن. وواصلت اللّجنة الانتخابية المستقلة التخطيط للانتخابات الرئاسية عام 2009، ولكن لم يكن لديها المال أو القدرة على إدارة الحدث وفقا للجدول الزمني. وأجري تمرين آخر لتسجيل الناخبين اعتبارًا من عام 2008. واستمر الدعم من برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عندما تم تعيين الموظّفين في نهاية المطاف. واستمر توظيف المستشارين الدوليين ليكون نقطة ضعف في المقام الأول من خلال نظام التوظيف المرهق في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على الرغم من أن معظمهم كانوا على قائمة الخبراء في شعبة المساعدة الانتخابية. وتأخّر الحدث ثم جاء الفشل الذريع للانتخابات التي تمّ فيها في نهاية المطاف إبطال نتيجة صندوق واحد من كل أربعة صناديق اقتراع وطرد خمسة موظفين انتخابيين رئيسيين. في عام 2010، جاءت التغييرات مع قانون جديد للانتخابات، إضافة إلى رئيس جديد ومدير تنفيذي جديد.
الإطار التشريعي
يعتبر الدستور والقانون الانتخابي هو الأساس القانوني لإنشاء اللجنة الانتخابية المستقلة. وتنص المادة 33 على أن "للمواطنين الحق في الانتخاب والترشيح"، والمادة 156 تنص على أن "اللجنة الانتخابية المستقلة تنشأ لإدارة كافة أنواع الانتخابات والإشراف عليها أيضًا". فقد كان هناك ثلاثة قوانين انتخابية، صدرت جميعها بموجب مراسيم رئاسية للأعوام 2004 و2005 (التي أدخلت أحكام لجنة الشكاوى الانتخابية) و2010. وهناك أيضًا عدد من المراسيم والقوانين المساعدة الأخرى، مثل قانون الأحزاب السياسية لعام 2009، التي تؤثر على اللجنة الانتخابية المستقلة.
وحدّد المرسوم الرئاسي رقم 23 من شهر يناير/كانون الثاني عام 2005 إنشاء هيكل اللجنة الانتخابية المستقلة وعملها، وقصر دور الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات لحين قيام الجمعية الوطنية (المادة 10). وحدّد مرسوم رئاسي سابق عام 2003 إنشاء اللجنة الانتخابية المستقلة المؤقتة. وتضمّن القانون الانتخابي الأصلي لعام 2004 المادة 61 (الانتخابات خلال الفترة الانتقالية)، التي تشير بهذا النحو إلى "نهاية الفترة الانتقالية". وتمنح المادة 66 من قانون الانتخابات عام 2010 اللجنة الانتخابية المستقلة صلاحية إصدار لوائح ملزمة، فقد أصدرت حتى الآن لوائح بشأن مجموعة واسعة من المواضيع. وتنص المادة 50 على أن اللجنة الانتخابية المستقلة ستحدد حقوق وواجبات وكلاء ومراقبي وسائل الإعلام.
وكما ذكر أعلاه، فقد تم إنشاء لجنة الإعلام التي تقدم تقاريرها إلى اللجنة الانتخابية المستقلة بموجب قانون الانتخابات (المادة 51 من القانون المعدل، والآن المادة 60 من قانون 2010). كما تلقت لجنة الشكاوى الانتخابية ولايتها من المادة 61 من قانون الانتخابات. لكن الترتيبات الهيكلية والقانونية للجنة الشكاوى الانتخابية بقيت عاجزة وخضعت لتدخلات قصوى، فقد شهدنا ذلك في عامي 2009 و2010. ولجنة الشكاوى الانتخابية هي هيئة مؤقتة تعرض قضايا الذاكرة المؤسّسية الهامة.
لا تقع مسؤولية تسجيل الأحزاب السياسية على اللجنة الانتخابية المستقلة. بل تتم معالجة ذلك من قبل وزارة العدل. كما أنها ليست مسؤولة عن ترسيم حدود الدوائر الانتخابية.
الإصلاح الانتخابي
إن إصلاح النظام الانتخابي هو مناقشة أساسية في أفغانستان، إذ يجري الحديث عن الإصلاح كثيرًا ونادرا ما يُنفذ. ففي الأساس، لم تحرز أفغانستان التقدّم انطلاقًا من القاعدة الانتخابية، بل تمّ تأسيسها بمراسيم رئاسية متعاقبة وليس بقانون جرت مناقشته. فقد صدر قانون الانتخابات لعام 2010 بموجب المادة 79 من قبل الرئيس. وهذه المادة تتيح إصدار المراسيم التشريعية كلما كانت هناك "حاجة ماسّة" لذلك. كما أن هذه العملية تتجاوز البند 109، الذي يحظر إجراء تغييرات في القانون "خلال العام الأخير من الفترة التشريعية". فقد أخّر ولسي جيرغا التصويت على القانون رغم أن المجلس قد صوت ضده في "بحر من البطاقات الحمر"، لكن ميشرانو جيرغا رفض مناقشة ذلك لأسباب إدارية.
كما فرض القانون الجديد في عام 2010 حق الرئيس في تعيين جميع أعضاء لجنة الشكاوى الانتخابية وأدخل ما وصفه البعض بأنه "مجرد تغييرات إدارية". على سبيل المثال، أدّى قانون عام 2010 إلى إلغاء المادة 9 (الالتزام بالحياد والسرّية) فيما يخصّ المسؤولين الانتخابين، وهو بند ضائع برأي العديد من المعلقين في كابول، سواء الأفغان أو الدوليين. وهناك تغيير آخر تمّ بموجبه استبدال "أغلبية الأصوات الصحيحة" بمفهوم فضفاض هو "أغلبية الأصوات، أي فوق 50 بالمئة". هذه "التغييرات الإدارية البحتة" هي تغييرات حاذقة لكنها عميقة، ولها أثر كبير على المبادئ الأساسية لهيئة إدارة الانتخابات فضلا عن أثرها على سيادة القانون.
وقد شارك موظفو الأمانة في الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات في صياغة قانون الانتخابات المعدل عام 2005، وقدم موظفو اللجنة الانتخابية المستقلة الدعم لهذه العملية، بما في ذلك مرسوم عام 2010. وبالإضافة إلى ذلك، أنجزت اللجنة الانتخابية المستقلة في عام 2012 تنقيحها الكامل لقانون الانتخابات، وأرسلته إلى وزارة العدل للمراجعة. هذه هي المرة الأولى التي تشرع اللجنة الانتخابية المستقلة بنجاح في هذه المهمة، على الرغم من أن إشراك أصحاب المصلحة كان في حده الأدنى. وتسعى كيانات مختلفة محلية في معظمها لتوجيه النقاش حول الإصلاح الانتخابي في الاتجاه الخاص بها. كما تعمل إحدى المجموعات "البرلمانية" المسجلة من داخل الجمعية الوطنية على إصلاح النظام الانتخابي. كذلك تسعى الكيانات التي تموّلها الولايات المتحدة لخلق مساحة للأفغان للمشاركة في هذه العملية. ويتابع تحالف واسع متعدد الأحزاب عملية إصلاح النظام الانتخابي، التي تلقى اهتمام بعثة دبلوماسية واحدة على الأقل. كل هذه المجموعات لديها مصلحة في إصلاح النظام الانتخابي في أفغانستان، ولكن نادرًا ما يتم إشراك الناخبين في هذه العملية.
القضايا المؤسّسية والتشغيلية
للّجنة الانتخابية المستقلة أمانة عامة لتنفيذ العمليات الانتخابية، مثلها مثل الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات في عامي 2004 و2005. وكما في انتخابات عام 2004، كانت الأمانة بإدارة أحد الأفغان. وفي عام 2005، عيّن الممثل الخاص للأمين العام رئيسًا تنفيذيًا دوليًا ونظيرًا أفغانيًا حيث شغل هذا الأخير في عام 2006 منصب أول رئيس تنفيذي أفغاني، وأشرف بعد ذلك على إدارة انتخابات 2009. وتمّ تعيين جميع الرؤساء التنفيذيين الأفغان في عامي 2004-2005 كرؤساء تنفيذيين في عام 2006 ضمن اللجنة الانتخابية المستقلة، مما ضمن استمرارية المعرفة والخبرة. ومن المفارقات أن برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لم يعاود توظيف الموظفين الدوليين الذين عملوا في عامي 2004-2005 كمستشارين، ففرّط بذلك بثروة من الخبرة كان بإمكانهم توفيرها. وفي أوائل عام 2010، تم استبدال الرئيس التنفيذي بموظف سابق في الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات واللجنة الانتخابية المستقلة، الذي ورث بذلك لجنة انتخابية مستقلة مختلة وظيفيًا. كذلك تمّ استبدال الرئيس أيضا، ولكن بقي معظم المفوّضين. وأشرف الرئيس التنفيذي على انتخابات عام 2010 ثم استقال في منتصف عام 2012 للعودة إلى العمل التنموي.
هناك ثلاث قضايا مؤسسية وتشغيلية أولية تؤثّر على هيئة إدارة الانتخابات: الترهيب (فيما يتعلق باستقلاليتها) والاحتيال وانخفاض الحضور الجماهيري. لقد ابتلت هيئة إدارة الانتخابات منذ إنشائها بقضايا مؤسّسية، كالترهيب والتزوير. فمفهوم الاستقلالية ليس راسخًا أو محترما بشكل عام، وهذه المسألة تعرقل سير عمل اللجنة الانتخابية المستقلة باستمرار. وعلى الرغم من أن الموظفين الدوليين لعامي 2004-2005 ولبرنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بصورة عامة كانوا مدراء انتخابات ذوي خبرة ممتازة للغاية، فإن عددًا غير قليل لم يتمكن من نقل هذه الخبرة بشكل كاف أو توفير التوجيه بشأن الاستقلالية والوقوف بوجه التدخل.
هناك، للأسف، العديد من الأمثلة للتدخل في جميع المناسبات. ففي عام 2005، مورس ضغط شديد على موظفي الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات لايجاد وسيلة لإبعاد بعض مرشحي ولسي جيرغا والمجلس الإقليمي في محافظة معينة، وقد مورس الضغط من مكتب الرئيس ومن الممثل الخاص للأمين العام على السواء. وفي عام 2009، كان هناك "اتصال" مباشر متكرر من مكتب رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة بخصوص النتيجة المتوقعة للانتخابات الرئاسية، وتدخل عدد من الرؤساء التنفيذيين في نتائج أقاليمهم بعد الضغط المباشر وغير المسبوق من كيانات محلية قوية. وفي انتخابات عام 2010، أعلنت وزارة الدفاع قائمتها الخاصة لمراكز الاقتراع التي ستحميها، في تناقض مباشر مع قائمة اللجنة الانتخابية المستقلة (الأقصر). لقد كان ذلك يعني ضمنًا بأن هذه المراكز الإضافية ستشهد عمليات تزوير على الأغلب. أما الردود المحتملة لهذا النوع من التدخل فقد كانت إما "الانحناء والانكسار، أو الهزيمة" حسب ما ذكره خبراء الانتخابات المحنكين قبل ذلك.
وقام برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتعيين مستشار تقني رئيس لدعم الرئيس التنفيذي وإدارة برنامج ELECT، فصار هناك خمسة مستشارين تقنيين رئيسيين حتى الآن. وفي أكثر من مناسبة، عمل المستشار التقني الرئيس بوضوح كعضو في الأمم المتحدة أولا وقبل كل شيء، وقدم تقريرًا إلى الممثل الخاص للأمين العام. وهذا ما يفسر جزئيا سبب تدهور العلاقة بشكل ملحوظ بين الرئيس التنفيذي والمستشار التقني الرئيس في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2009.
أما القضية الثالثة التي تؤثر على هيئة إدارة الانتخابات، فهي تراجع إقبال الناخبين (رغم زيادة عدد الناخبين المسجّلين)، وهذا ما يشكل مصدر قلق متزايد. فإقبال الناخبين، الذي يُعبرّ عنه عدد أوراق الاقتراع الصحيحة التي تمّ تقديمها في يوم الانتخابات، قد انخفض من 8.0 مليون في عام 2004 إلى 6.4 مليون في عام 2005، ثم 4.2 مليون في عام 2009 وبعد ذلك إلى 4.0 مليون في عام 2010. وفي نفس الفترة، ارتفع عدد الناخبين المسجلين من 12.4 مليون في عام 2004 إلى أكثر من 17.5 مليون في عام 2010، بسبب الاعتماد على نظام خاطئ أساسًا لتسجيل الناخبين. وكان السبب الرئيسي لذلك هو القرار بتسجيل المزيد من الناخبين بين عامي 2008 و2010 بدلا من القيام بتسجيل جديد بشكل كامل تمامًا. كان ذلك سيؤدّي حتمًا إلى نتيجة أفضل بكثير فيما لو كانت هناك نظم تعمل على تسجيل البيانات.
والسبب الأكثر تكرارًا على الأغلب لهذا التراجع هو تدهور الوضع الأمني، ولا يقدّم ذلك سوى تفسيرًا جزئيًا. لكن هناك سبب آخر مهم هو أن الناخبين لا ينظرون إلى العملية الانتخابية كوسيلة لتحسين حياتهم. بل ينظرون لهذه العملية ولهيئة إدارة الانتخابات وللديمقراطية أيضًا بمزيد من الشك وعدم الثقة.
حيازة التقنيات الجديدة وإدارتها
وعلى الرغم من أن أفغانستان دولة هشة، فهي قادرة على استخدام وسائل الإعلام والتقنيات الجديدة. فالهواتف النقالة منتشرة على نطاق واسع واستخدام الإنترنت آخذ في الازدياد. ومثل كثير من دول أفريقيا، فإنها لا تحتاج إلى استخدام تقنية الهاتف الأرضي قبل الانتقال إلى المستوى التالي. لسوء الحظ، لم تعتمد اللجنة الانتخابية المستقلة ذلك بسبب قيود التكلفة، سواء الأولية أو المتكررة. كذلك، تزيد قيود المناخ أيضا من إعاقة قدرة اللجنة الانتخابية المستقلة على استخدام التقنيات الجديدة.
والفجوة الصارخة في استخدام التقنية الجديدة هي قاعدة بيانات تسجيل الناخبين، أو عدم وجودها. فطريقة تسجيل الناخبين على النحو المذكور أعلاه تشوبها العيوب. وهي في الواقع قطعة من الورق مكتوبة بخط اليد وقد ذُكر فيها اسم الإقليم للشخص أو دائرته (ولكن ليس عنوانه)، وقد تحمل أو لا تحمل صورة (للمرأة الحق في رفض التقاط صورة لها).
وفي وقت مبكر من عام 2006، كان مزمَعًا قيام اللجنة الانتخابية المستقلة، بالاشتراك مع وزارة الداخلية، بإنشاء سجل مدني مشترك للناخبين لتوفير نظام للهوية الوطنية ضمن قاعدة بيانات وطنية شاملة. وشملت المرحلة التجريبية للمشروع استخدام واختبار اثنتين من التقنيات الحيوية من خلال التعرف على الوجه وعلى بصمة القزحية كأدوات بحث للتحقق والتعرف على تسجيلات متعددة في قاعدة البيانات. فقد كان المفوض السامي لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة قد استخدم تقنية القزحية لإعادة اللاجئين، لكن اللجنة الانتخابية المستقلة ليست في وضع يمكنها من استخدام هذه التقنية. كما أثبت التعرف على الوجه أنه مكلف للغاية في البرنامج التجريبي فتمّ التخلّي عنه. وأشارت وزارة الداخلية منذ عام 2007 إلى أنها تريد إجراء التسجيل المدني بشكل مستقل عن تسجيل الناخبين، على الرغم من أن هذه الطريقة أيضًا لم تثبت فعالية حتى الآن. وتمّ النظر في خطة معدّلة لتسجيل الناخبين مرة أخرى، وتحت ضغط من برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تمّ إصدار بطاقات جديدة لتسجيل الناخبين، دون حماية فعالة من التسجيل المتعدد أو التسجيل بالوكالة.
الصلاحيات والمهام
تتمتّع اللجنة الانتخابية المستقلة ببعض السمات الأساسية لهيئة إدارة الانتخابات المحايدة والمستقلة، ولكن ليس كلها. فهي مسؤولة عن تسجيل الناخبين وإجراء الانتخابات، فضلا عن التعامل مع التعيينات وعملية الاقتراع والعد وإعلان النتائج. لكن اللجنة الانتخابية المستقلة ليست مسؤولة عن تسجيل الأحزاب السياسية. فهذه المهمة تقوم بها وزارة العدل. كما لا تمتلك هيئة إدارة الانتخابات القدرة على الاضطلاع بترسيم الحدود الانتخابية، مما يشكل مسألة راهنة تتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية.
كذلك فإن اللجنة الانتخابية المستقلة فاعل رئيسي أيضًا في التحقق من مدى ارتباط المرشحين بالجماعات المسلحة. وخُوّلت لجنة الشكاوى الانتخابية في القانون الانتخابي صلاحية الحكم النهائي بشأن المرشحين. فهذا الجزء من النظام كان موضوعًا لنقاشات عديدة ولتدخل السلطة التنفيذية. فقد أدّت لجنة الشكاوى الانتخابية في عام 2005 مهامها بشكل حسن نسبيًا، وفقا لما يمليه قانون الانتخابات، على الرغم من تأسيسها في وقت متأخر جدًا. وكان هيكل لجنة الشكاوى الانتخابية في عام 2009 هو نفسه في عام 2005 مكوّنًا من ثلاثة خبراء دوليين واثنين من الأفغان، لكنها هيئة مؤقتة ولا وجود لذاكرة مؤسسية فيها. فقد كان ينظر إليها، خلال انتخابات عام 2009، على أنها آخر معقل للاستقلالية بسبب الإجراءات المشكوك فيها للرئيس التنفيذي للّجنة الانتخابية المستقلة، على الرغم من أنها فقدت قدرًا كبيرًا من مصداقيتها عندما سعت إلى إلغاء أوراق الاقتراع التي تمّ العبث بها باستخدام منهجية أخذ العينات. فقد استخدمت هذه الطريقة بناءً على نصيحة من البعض ونتيجة لرفض اللجنة الانتخابية المستقلة إعادة فرز عشرة بالمئة من بطاقات الاقتراع. لكن على العكس من ذلك، فقد أثبتت اللجنة الانتخابية المستقلة عام 2010 أنها أكثر استقلالية، في حين كان ينظر إلى لجنة الشكاوى الانتخابية بوصفها تابعة للسلطة التنفيذية، وخاصة في قرارها المشكوك فيه ألّا تكون هي صاحبة الحكم الأخير في الشكاوى، بخلاف ما نصّ عليه القانون الانتخابي. وستستمر لجنة الشكاوى الانتخابية بكونها نقطة الضعف في الإدارة الانتخابية في أفغانستان إلى أن تصبح اللجنة الانتخابية المستقلة قادرة على التعامل مع الشكاوى.
التمويل
اللجنة الانتخابية المستقلة مؤسسة دائمة، ويتم تمويل أنشطتها اليومية والأحداث الانتخابية، من الناحية التقنية، من الميزانية الوطنية. ويعمل كبار الموظفين تحت رعاية لجنة الخدمة المدنية الأفغانية. وتعدّ اللجنة الانتخابية المستقلة ميزانيتها السنوية الخاصة بها وكذلك الميزانية الانتخابية، ويتمّ تقديمهما من خلال وزارة المالية للموافقة عليهما من قبل الجمعية الوطنية. ثم يوافق المانحون على المساهمة بما في وسعهم لهذه العملية، ولا سيما تسجيل الناخبين. وهنا تكمن المشكلة.
فالاتساق في تمويل هيئة إدارة الانتخابات قد أعاق تطورها، كما أنه يؤثر تأثيرًا مباشرًا على استدامتها على المدى الطويل. فبرنامج ELECT II التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (البرنامج الجديد الإنمائي الذي بدأ في عام 2012)، بمثل ما هو عليه الآن، هو السلة المفضلة للجهات المانحة من أجل المساهمة في دعم الأمم المتحدة للّجنة الانتخابية المستقلة أو في تكاليفها اليومية الجارية على السواء. فالدولة الأفغانية تفتقر إلى القدرة المالية للحفاظ على اللجنة الانتخابية المستقلة وتنفيذ برامج هامة مثل تسجيل الناخبين والانتخابات، لذلك تعتمد بشكل كبير على دعم المانحين الدوليين، وهذا الدعم كان يتّصف بعدم التناسق في التنفيذ والتسليم.
إن التكاليف المرتبطة بالدورات الانتخابية الأربعة، التي جرت حتى الآن، كانت متوقعة، لكن وتيرتها أدّت إلى المطالبة بضبط الجدول الزمني الانتخابي، وهو ما يتطلب تعديلًا دستوريًا. والحد الأدنى من التكاليف المقدرة للسنوات الانتخابية الأربعة يفوق 758 مليون دولار، منها 105 ملايين دولار لعام 2004 (كانت الميزانية الأصلية 130 مليون دولار)، و168 مليون دولار لعام 2005 (كانت الميزانية الأصلية 159 مليون دولار)، وأكثر من 485 مليون دولار لعامي 2009 و2010. ولا تشمل هذه المبالغ مساهمة إيساف الكبيرة من توزيع المواد الحساسة واسترجاعها وحماية القوة. لكن هذه التكاليف ستتحملها الحكومة الأفغانية بعد رحيل هذه القوة.
المساءلة
كما هو الحال مع العديد من الأمور في أفغانستان، فإن الأساسيات لا تزال في طور العمل المتواصل. إذ يقوم رئيس الجمهورية بتعيين الرئيس ونائب الرئيس وأعضاء اللجنة الانتخابية الآخرين، وكذلك الرئيس التنفيذي لها. في الماضي كانت هذه التعيينات تخضع لأهواء السلطة التنفيذية. وعلى الرغم من طلب الجمعية الوطنية دورًا في إصدار التصويت على الثقة وختم اعتماد هذه الأدوار، فإن ذلك لم يحدث حتى الآن. وتجد إدارة الانتخابات نفسها في مأزق قانوني داخل الآلية الحكومية. ولا يزال المرسوم الرئاسي رقم 23 لعام 2005، والذي يحدد هيكلية اللجنة الانتخابية المستقلة وإجراءات العمل فيها، راهنًا. وقد قام المرسوم الرئاسي رقم 21، من عام 2005 أيضًا، بتعيين أعضاء اللجنة الانتخابية المستقلة الأولى بالاسم، ولكنه لم ينشئ أي آلية تعيين دائمة. وقد دأب الرئيس منذ هذه السابقة على تسمية المفوّضين أو الرئيس التنفيذي من جانب واحد. فقد تمّ تعيين أحد المدراء التنفيذيين السابقين بعد ثلاثة أيام من الطلب منه تقديم سيرته الذاتية إلى القصر الرئاسي للنظر فيها.
يتحدث المرسوم 21 الذي يشير إلى المادة 156 في الدستور عن إنشاء اللجنة الانتخابية المستقلة، ولكنه لا يحدّد لمن تخضع في مساءلتها. وتنص المادة 2 من المرسوم على أن اللجنة الانتخابية المستقلة تتمتّع بالاستقلالية في مهامها، ولكنها مرة أخرى لا تحدّد لمن تخضع في مساءلتها. ويتعيّن على كافة الدوائر الحكومية، سواء كانت هيئات مستقلة أم لا، أن تقدّم حسابًا عن عملها باعتبارها مسألة تخصّ الحكم. وشرط الإبلاغ الوحيد المطلوب من اللجنة الانتخابية المستقلة هو من خلال تقديم التقارير في أسبوع المساءلة السنوية في شهر مارس/آذار، والذي تقدّم فيه كل أجهزة الدولة تقريرًا عن إنجازاتها من خلال وسائل الإعلام.
تمتد قضايا المساءلة أيضا إلى استمرار ممارسة السلطة التنفيذية في مكافأة موظفي الانتخابات لما يمكن أن يُعتبر على أنه "نتائج إيجابية". كما أن المادة 6 من المرسوم 21 تحظر بشكل واضح على أعضاء اللجنة الانتخابية المستقلة "التعيين في المناصب الرسمية العليا لمدة عام واحد". وقد انتُهك هذا الحظر في عدد من المناسبات: فقد تم تعيين رئيس تنفيذي سابق (2006-2010) وزيرًا في عام 2010 من قبل الرئيس قبل انتهاء فترة 12 شهرًا من الحظر المقرر. كما تمّ تعيين رئيس إحدى اللجان الانتخابية المستقلة (2007-2010) لمنصب رئيس المكتب الأعلى للرقابة ومكافحة الفساد في عام 2010 بعد وقت قصير من استقالته، وعين المدير الأصلي لأمانة الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات (2004) كأمين لمجلس الوزراء في أوائل عام 2005.
المهنية
في كافة الأشكال المختلفة لهيئة إدارة الانتخابات في أفغانستان، تمّ تطبيق بناء القدرات بشكل غير متسق. ففي 2003-2004، استخدم مفهوم النظراء وصولًا إلى الأقران على نطاق واسع. وفي عام 2005، بينما كان لكل دور دولي نظيره الأفغاني، كان يُنظر لبناء القدرات باعتباره الهدف الرئيسي، ولم يتمّ التنفيذ بشكل موحّد. للأسف، فإن ذلك ليس فريدًا من نوعه في أفغانستان. ولقد استخدمت الهيئة المشتركة واللجنة الانتخابية المستقلة على نطاق واسع منهجية بناء الموارد في الديمقراطية والحكم والانتخابات (BRIDGE) وكان لهذا الأمر نتائج إيجابية، على الرغم من أن بناء الموارد في الديمقراطية والحكم والانتخابات كان في كثير من الأحيان شأنًا داخليًا. وقد تحقق القليل من تبادل الخبرات من مصادر خارجية. ومع مرور الزمن، كانت هناك بعض الخطوات المتواضعة لإضفاء الطابع المهني على موظفي الانتخابات. فقد تمّ الآن تأسيس رابطة أفغانية للمسؤولين الانتخابيين، من قبل نائب الرئيس التنفيذي للّجنة الانتخابية المستقلة. وهي مفتوحة أيضا لغير موظفي اللجنة الانتخابية المستقلة، كما أنها عضو مؤسس مشارك في رابطة مسؤولي الانتخابات الأوروبية. وغالبًا ما يتمّ تنظيم جولات دراسية متكررة لمسؤولي الانتخابات لدراسة كيف تقوم البلدان الأخرى بتشغيل هيئة ادارة الانتخابات والمناسبات الخاصة بها.
ومع ذلك، يمكن للتدريب والعضوية في الشبكات ألاّ يكون لها سوى تأثير محدود إذا كان التدخل يتمّ على جميع المستويات. والواقع المؤسف في أفغانستان هو أن موظفي الانتخابات ذوي الخبرة العالية قد استسلموا لتدخل وسيط السلطة التنفيذية والإقليمية. فقد شهدت أعقاب انتخابات 2009 فصل خمسة موظفين انتخابيين رئيسيين ممّن يتمتعون بالعديد من سنوات الخبرة بالإضافة إلى إزاحة رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة ورئيسها التنفيذي. بالإضافة إلى ذلك، تمّ إدراج عدة مئات من المنسقين الميدانيين في الدوائر الانتخابية وأكثر من 6,000 من موظفي يوم الاقتراع على اللائحة السوداء ومنعوا من العمل للّجنة الانتخابية المستقلة من جديد. وفي حين بلغ التزوير حدًّا أقصى في عام 2009، فقد بلغ حدًا كبيرًا إلى حد ما في عام 2005، ولكن نظرًا للضغوط السياسية لاجراء انتخابات ناجحة لم يتمّ التحقيق في أعمال التزوير على نحو كاف. وكانت انتخابات عام 2010 أفضل، ولكن ذلك كان عائدًا في المقام الأول إلى أن اللجنة الانتخابية المستقلة أسرعت بإبطال أكثر من 1.3 مليون ورقة اقتراع وقرّرت لجنة الشكاوى الانتخابية عدم التعامل مع العديد من المسائل بالطريقة القوية المتوقعة.
العلاقات مع الكيانات الأخرى
كان لهيئة إدارة الانتخابات علاقات متباينة مع الكيانات المحلية والدولية الأخرى. وحافظ السلك الدبلوماسي على علاقات بكبار المسؤولين التنفيذيين في اللجنة الانتخابية المستقلة، وقد اتّضح ذلك من التحدّيات التي واجهت انتخابات عام 2009 واستبدال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في عام 2010. وذلك هو أحد أعراض الفضاء السياسي الذي تعمل فيه هيئة ادارة الانتخابات، فالانتخابات في محصّلتها هي نشاط سياسي بشكل أساسي، وليس هناك من بلد يتفوّق على أفغانستان في ذلك.
فالعلاقة الأولية للّجنة الانتخابية المستقلة هي مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال برنامج ELECT الخاص بها، كما تحصل على دعم كبير أحيانًا من كيانات أخرى مثل المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية عن طريق دورها في دعم العملية الانتخابية في أفغانستان (والذي انتهى الآن). وكانت العلاقة بين برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الانتخابية المستقلة علاقة مريرة أحيانًا بشكل لا يصدق، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الشخصيات المعنية، ولكن أيضًا بسبب التصورات المتضاربة في تنفيذ البرنامج. لكن الوضع الأسوأ في العلاقة تزامن مع انتخابات 2009 وجريمة قتل موظفي برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كابول، ولكنها تحسنت كثيرًا مع الرئيس التنفيذي الجديد للّجنة الانتخابية المستقلة وكبير المستشارين التقنيين الجديد لبرنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي اعتباراُ من عام 2010. وفي عام 2011، ارتأى الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية أنهم لم يعودوا بحاجة إلى مزيد من المستشارين.
واصلت المنظمات الأخرى الممولة دوليًا دعم اللجنة الانتخابية المستقلة، مثل مؤسسة آسيا (من خلال دورها في تنفيذ منهاج BRIDGE)، ومعاهد الأحزاب، وفي مقدمتها المعهد الديمقراطي الوطني في تدريب العملاء للجنة الانتخابية المستقلة، والأحزاب السياسية، والمرشحين ووكلائهم. ومع ذلك، فإن هذا الدعم الثانوي موجه أيضًا من قبل الجهات المانحة، والأثر الناتج عندما توقفت هذه البرامج كان كبيرًا. محليًا، كان للّجنة الانتخابية المستقلة ومنظمة رصد الانتخابات الرئيسية للمنتدى المعني بانتخابات حرّة ونزيهة في أفغانستان علاقة صعبة. وقدّم هذا الأخير في بعض الأحيان تقارير بشأن بعض القضايا دون تشاور مسبق مع اللجنة الانتخابية المستقلة. وبالمثل، ردّت اللجنة الانتخابية المستقلة على هذه التقارير بطريقة غير مواتية تمامًا لمبادئ حرية التعبير والشفافية.
الاستدامة
كان هناك جدال دائر حول جدوى اللجنة الانتخابية المستقلة، فقد تردّدت مختلف الجهات الفاعلة الدولية في بعض الأحيان بخصوص ترتيبات التمويل. وكان لذلك أثر سلبي، كما رأينا في أوائل عام 2006. بغض النظر عن كل شيء، فاللجنة الانتخابية المستقلة هي مؤسسة دائمة، وقد وضعت خططًا تشغيلية استراتيجية وميزانيات وخططًا للطوارئ، وهذه كلها تنمّ عن نضج إداري داخلي. وفي عام 2012، نشرت اللجنة الانتخابية المستقلة أحدث خططها الاستراتيجية.
كانت هناك محاولات مختلفة لإصلاح النموذج التشغيلي لهيئة إادارة الانتخابات. وتطلب الأمر من اللجنة الانتخابية المستقلة أن يكون لها وجود في كافة المحافظات الأربعة والثلاثين بالإضافة إلى كابول، وثمانية مكاتب إقليمية. وفي مرحلة الهيئة المشتركة لإدارة الانتخابات، عملت اللجنة الانتخابية المستقلة من مكاتب الأمم المتحدة، وفي عام 2006 تم إنشاء مقرّ لها بُني خصيصًا لهذا الغرض في كابول. ومكاتب المحافظات الأربعة والثلاثين ليست جميعها واقعة في مرافق قائمة بحدّ ذاتها بعد، وبعضها لا يزال يعتمد على الاستفادة من المرافق الحكومية. ويبلغ إجمالي عدد الموظفين الأفغان في اللجنة الانتخابية المستقلة، عندما لا تكون في عام انتخابي حوالي 405، على الرغم من أن هذا الرقم يزيد بشكل كبير في عام الانتخابات. وقد انخفض عدد الموظفين المؤقتين من أكثر من 120,000 في الأحداث السابقة إلى 86,000 موظف في مراكز الاقتراع في الحدث الانتخابي لعام 2010. وتبلغ الميزانية الحالية (2012-2014) ما يقرب من 60 مليون دولار، مع استثناء تسجيل الناخبين، وهي تشمل موظّفي كلا من برنامج ELECT التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الانتخابية المستقلة.
الفرص والمعوقات
يحتاج التحدي المتمثل في دعم هيئة مجدية ومستقلة لإدارة الانتخابات إلى النظر إليها ضمن سياق الأمور التي لم تعمل بشكل حسن في الماضي وتقييمها من خلالها. والإصلاح الانتخابي يشكّل جزءا من الجواب، وخصوصًا الوصول إلى قانون يقرّه المشرّعون وتتمّ صياغته، من الناحية المثالية، بالتشاور مع هيئة إدارة الانتخابات وأصحاب المصلحة الرئيسيين. أما نظام التصويت فهو نقطة قابلة للنقاش. وسيضمن التزام المانحين في توفير التمويل الأساسي بين السنوات الانتخابية، الاستمرارية لهيئة إدارة الانتخابات. وتتّصف القرارات الهامة والصعبة المتعلّقة بخيارات إنشاء قاعدة بيانات مجدية لتسجيل الناخبين، من خلال عملية تسجيل الناخبين، أو ممارسة التسجيل المدني من قبل وزارة الداخلية بدعم من هيئة ادارة الانتخابات، بأنها أمر بالغ الأهمية. ولسوء الحظ، فقد تم استكشاف هذه الخيارات أكثر من مرة، مع ذلك فإن تراجع إقبال الناخبين يشكّل مصدر قلق كبير ينبغي معالجته. وينبغي أن يتمّ تعييين كبار الأعضاء من خلال عملية نزيهة وشفافة ليتمّ اعتمادهم من قبل الجمعية الوطنية. وهي فرصة لتجديد ثقة الشعب في المؤسسات الديمقراطية. وينبغي أن يكون جميع أعضاء هيئة إدارة الانتخابات غير مسيّسين تمامًا، إذ أن هيئة حزبية لإدارة الانتخابات لن تنجح في أفغانستان. ومن المرجح أن تبقى قضايا مثل المساواة بين الجنسين ومشاركة الأقليات بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، في المؤخّرة إلى أن يتم حلّ هذه المسائل الأساسية.