يمكن تشكيل هيئة إدارة الانتخابات من خلال القانون الذي تضعه السلطة التشريعية. فعلى سبيل المثال، قامت كل من أستراليا، بوركينا فاسو، وكندا بتشكيل هيئات إدارة انتخاباتها من خلال القانون الأساسي بشكل كامل. ومن غير المألوف أن يتمّ تعريف هيئات إدارة الانتخابات من النموذج الحكومي على وجه التحديد في القانون، ففي كثير من الأحيان يتم تخصيص المهام لوكالات حكومية في قانون الانتخابات. ومع ذلك، ففي المملكة المتحدة التي لا يوجد فيها دستور مكتوب (انظر دراسة الحالة)، يتمّ تعريف اللجنة الانتخابية في القانون الأساسي، أما هيئة إدارة الانتخابات فتتولّى الاستفتاءات.
وعمومًا، يُعتبر من الممارسات الجيدة عند صياغة هذه القوانين الانتخابية اتباع ما يلي:
- وضع الإطار القانوني والتشريعي للعمليات الانتخابية بكل شفافية، وتوزيع المسؤوليات بكل وضوح فيما يخص ملء الفجوات أو تحديد التفاصيل الأخرى من خلال الوسائل التشريعية الأخرى كاللوائح والإجراءات أو الترتيبات الإدارية الصادرة عن هيئة إدارة الانتخابات
- تحديد الوضع القانوني لهيئة إدارة الانتخابات على المستوى الوطني وأية هيئات إدارة انتخابات أخرى مساندة لها على المستويات الأخرى، بما في ذلك مسؤوليات كل منها، وصلاحياتها ومهامها
- أن تعمل السلطة التشريعية على توفير إطار مفصّل وواضح للتحقق من فاعلية ونزاهة كل ما يتعلق بالإدارة الانتخابية، كمسألة تعيين أعضاء وموظفي هيئة إدارة الانتخابات ومدة عضويتهم أو عملهم فيها، أو قضايا الإدارة العملية لتسجيل الناخبين، وتسجيل الأحزاب السياسية والمرشحين، والحملة الانتخابية، وتوعية الناخبين، أو شفافية هيئة إدارة الانتخابات، أو ما يتعلق بترتيبات الاقتراع، وعد وفرز الأصوات وإعلان النتائج، أو الأمور المتعلقة بالجوانب المالية وإدارة الموارد، والجرائم الانتخابية وتسوية المنازعات الانتخابية
كما ويمكن أن تتطرق قوانين الانتخابات إلى أمور أخرى منها مبادئ عملية ترسيم الدوائر الانتخابية وإجراءاتها، ومدوّنات قواعد السلوك الخاصة بأعضاء وموظفي هيئة إدارة الانتخابات، والأحزاب السياسية، ووسائل الإعلام العامة والمراقبين.
ويمكن اعتماد أجزاء من الإطار القانوني من خلال الوسائل التشريعية الأخرى، كاللوائح التنفيذية الصادرة عن هيئة إدارة الانتخابات استنادًا إلى الصلاحيات الموكلة إليها بموجب مرسوم تنفيذي، أو من خلال التشريعات التي تضعها السلطات التشريعية على مستوى المحافظات أو المقاطعات في البلدان الاتحادية، أو من خلال اللوائح التي تضعها السلطات البلدية.
كذلك، تتم معالجة الانتخابات على مستوى المحافظات أو المستوى المحلي من خلال قوانين تشريعية خاصة بذلك. ففي البلدان الاتحادية قد تحتاج الانتخابات الوطنية والمحلية لمعالجتها من خلال أطر قانونية مختلفة ومنفصلة عن بعضها البعض، وذلك بالاستناد إلى التوزيع الدستوري للصلاحيات بين المستوى الوطني ومستوى المحافظات. إلا أن عدم التوافق أو الازدواجية بين التشريعات الانتخابية الوطنية وعلى مستوى المحافظات، فيما يتعلق بتسجيل الناخبين أو إجراءات الاقتراع على سبيل المثال، قد يربك الناخبين. لذلك فإن التنسيق الدائم بين السلطات التشريعية على المستويين الوطني ومستوى المحافظات ومع الإدارات الانتخابية من شأنه أن يسهم في الحد من هذا الإرباك والازدواجية.
بالإضافة إلى ما تقدم، وحيثما يحتاج الأمر إلى تنظيم انتخابات لهيئة فوق وطنية، فقد يتطلّب ذلك وضع تشريعات وطنية لتحديد هيكلية الإدارة الانتخابية الناظّمة لها في ظل اتفاق فوق وطني. ولو أخذنا البرلمان الأوروبي كمثال على ذلك، نجد بأن التشريعات الأوروبية لا تنطوي سوى على أحكام عامة للغاية في طبيعتها، بينما يترك تحديد طبيعة وهيكلية الإدارة الانتخابية لانتخابات البرلمان الأوروبي لمعالجته من خلال القوانين الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وكما هي الحال بالنسبة للتوازن المطلوب بين الأحكام الانتخابية التي يختص بها الدستور وتلك التي تترك للتشريع، يجب التعامل بحذر وتمعن مع التوازن المطلوب بين تلك الأحكام الانتخابية التي يجب أن ينص عليها القانون وتلك التي يمكن تركها للوائح التنفيذية والوسائل التشريعية الأخرى. إذ يجب أن تحتوي قوانين الانتخابات على ما يكفي من التفاصيل لضمان النزاهة والفاعلية، دون أن يؤدي مستوى التفصيل فيها إلى الاضطرار للعمل على إدخال واعتماد تعديلات قانونية كلما احتاجت هيئة إدارة الانتخابات لمعالجة تغييرات بسيطة في عملياتها. فالتفصيل الزائد في قوانين الانتخابات من شأنه أن يؤدي، على سبيل المثال، إلى عدم قدرة هيئة إدارة الانتخابات على تغيير هيكلية فروعها الإدارية، أو إدخال بعض التعديلات في تصميم النماذج الإدارية، أو إدخال النظم الإلكترونية في أعمالها، دون أن يضطرها ذلك للعمل على تعديل القانون. وخاصةً في تلك الحالات التي يتم فيها تنظيم الانتخابات بعد انقضاء مدة أو دورة السلطة التشريعية السابقة، حيث يجب أن يعطي التشريع الانتخابي هيئة إدارة الانتخابات المرونة الكافية لتمكينها من التعامل مع المتغيرات في ظروف العملية الانتخابية.
كذلك الأمر، يمكن اعتبار وجود قانون واحد يعالج كافة الفعاليات الانتخابية على أنه أكثر صعوبة وتعقيدًا، إلا أنه يجعل عملية العودة إلى مواده ومراجعتها ومطابقتها أمرًا أكثر سهولةً. أما وجود قوانين مختلفة لمعالجة مختلف الجوانب الانتخابية، كهيئة إدارة الانتخابات، والأحزاب السياسية، وسجلات الناخبين، والانتخابات التشريعية، والرئاسية، والمحلية (كما في إندونيسيا)، كل على حدة، فقد يوفر سهولة ووضوحًا في كيفية معالجة فعاليات انتخابية محددة، إلا أن ذلك قد يتطلب مزيدًا من الوقت ويزيد من صعوبة التحقق من عدم التعارض فيما بين القوانين المختلفة. وهناك طريقة أخرى لمقاربة هذه المسألة (كما في هنغاريا)، وذلك من خلال النص على المعايير الأساسية (كحق الاقتراع، ومؤهلات الترشيح، وعدد جولات الانتخاب والنظام الانتخابي) في قوانين مختلفة (كالقانون الخاص بالانتخابات التشريعية، وذلك الخاص بالانتخابات المحلية والاستفتاءات)، بينما تتم معالجة العملية الانتخابية من خلال قانون موحد يشتمل على جزء عام (ملزم لكافة أنواع الانتخابات)، ومعايير خاصة تختص بكل نوع من الانتخابات على حدة.
يناقش دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات "المعايير الدولية للانتخابات: المبادئ التوجيهية للأطر القانونية"مجموعة من الجوانب التي يجب أخذها بعين الاعتبار في معرض تصميم أو تعديل الإطار القانوني الخاص بالإدارة الانتخابية. ويلخص الإطار 1 الاعتبارات الرئيسية في هذا الخصوص.
