بالنسبة لهيئات إدارة الانتخابات الدائمة، هناك نوعان مختلفان من الموازنات: الأول للتكاليف المستمرة والثاني للفعاليات مثل تحديث تسجيل الناخبين وحملات توعية الناخبين وإجراء الانتخابات. ويمكن اتباع أساليب مختلفة في وضع هذين النوعين من الموازنات. وعادةً ما يتأثر نهج إعداد الموازنة في هيئة إدارة الانتخابات بالنهج الذي يتبعه القطاع العام في بلادها، خاصةً عندما تخضع بشكل عام للضوابط المالية لذلك القطاع.
وفي الحالة المثلى، ترتبط جميع عمليات الموازنة بأهداف ومشروعات محددة في الخطة الاستراتيجية لهيئة إدارة الانتخابات وخطة الأنشطة المتعلقة بها في السنوات المقبلة. ويشجّع هذا الارتباط على نهج قائم على "البرامج" أو "الأداء" في التعامل مع الموازنة، مما يؤدي إلى تقدير تكلفة كل نشاط من أنشطة هيئة إدارة الانتخابات على حدة، وربط الموازنات بمستهدفات محددة من المخرجات والأهداف، كما هو الحال بالنسبة لهيئة إدارة الانتخابات الأسترالية. وبالتالي، فبدلًا من تقسيم الموازنة إلى فئات عامة، كالموارد البشرية، وطباعة النماذج، والنقل، والأمن، وتكاليف المكاتب الإقليمية - وهو ما قد يجعل من الصعب تحديد تكلفة أي من الخدمات أو المنتجات التي تقدمها هيئة إدارة الانتخابات - يتم وضع موازنة بالتكاليف ذات الصلة وربطها ببرنامج أو مشروع محدد، كطباعة أوراق الاقتراع وتوزيعها، أو تدريب الموظفين، أو برامج التوعية الخاصة بالأحزاب السياسية.
ويؤدي وضع الميزانية على أساس خطة استراتيجية إلى تحسين مساءلة هيئة إدارة الانتخابات إلى حدٍ كبير عن استخدامها للمال العام وغيره من مصادر التمويل، كما يساعد على التركيز على تقديم خدمات تحقق فعالية التكلفة. وهو يتطلب وجود خطط عمل منفصلة لكل قسم من أقسام هيئة إدارة الانتخابات تتلاءم مع أهدافها الاستراتيجية، وتحدد النتائج المطلوبة، وتشتمل على أهداف للأداء بناءً على نتائج مستهدفة يمكن قياسها، وتحدد مؤشرات يمكن التحقق منها للتأكد من تحقيق تلك الأهداف. وتعمل كل خطة من خطط العمل على تحقيق هدف معيّن يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية العامة في هيئة إدارة الانتخابات، ويكون لها هيكل خاص لموازنتها. ومن خلال ربط الموازنة بالخطة الاستراتيجية بهذا الشكل، يصبح من السهل تحديد مدى فعالية صرف التمويل ليصل إلى كل هدف من أهدافها، بالإضافة إلى تحديد الأماكن التي يمكن فيها تقليص الاعتمادات أو زيادتها ومدى التقليص أو الزيادة.
سوف تكون هناك مستويات عديدة من التفاصيل داخل الموازنات المستمرة وموازنات الفعاليات. وعادة ما تحتوي الموازنة المقدمة للتصديق عليها على مستويات عالية من الدمج، حيث يتم إعطاء رقم واحد لمجال وظيفي بأكمله، مثل تسجيل الأحزاب السياسية أو توعية الناخبين. وللأغراض الداخلية، سوف يتم إعطاء مزيد من التفاصيل التي توضِّح على سبيل المثال تكاليف الأفراد والتكاليف المكتبية والمواد داخل الموازنة المخصصة لهذا المجال الوظيفي.
قد يتم انتهاج أساليب مختلفة لإنشاء هذه المستويات المختلفة من الموازنة. فعلى سبيل المثال، قد تصدر تعليمات إلى هيئة إدارة الانتخابات من وزارة المالية أو البرلمان بأن إجمالي الموازنة بالنسبة للتكاليف الجارية سوف يظل بنفس قيمة العام السابق، أو لن يزيد إلا بما يتفق مع معدل التضخم (وهو ما يعرف بنموذج الموازنة التراكمي أو القائم على خط الأساس). وفي مثل هذه الحالات، يجب على هيئة إدارة الانتخابات تقييم التكاليف التفصيلية المتعلقة بأهداف الخطة الاستراتيجية واختيار خيارات لا تتجاوز الموازنة. وفي أوقات التقشف، قد تصدر تعليمات إلى جميع الجهات المموّلة من قِبل الدولة بتخفيض موازنتها بنسبة مئوية معينة، ومرة أخرى، يجب على هيئة إدارة الانتخابات الاختيار بين العناصر المختلفة الموجودة في الخطة الاستراتيجية. وفي العديد من النظم الديمقراطية الراسخة، يتم حساب موازنة الفعاليات الانتخابية مثل تحديث تسجيل الناخبين استعدادًا للانتخابات بصورة تراكمية من خلال زيادة الموازنة السابقة لتعويض التضخم، وفي بعض الحالات، لتعويض النمو السكاني. ومرة أخرى، يتحتم على هيئة إدارة الانتخابات تقرير كيفية إدارة الحدث في حدود هذه الموازنة الإجمالية مع تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية والتغلب على زيادة التكاليف.
وهناك أسلوب بديل لتحديد الموازنة وهو نموذج "الموازنة الصفرية"، والذي يتم فيه تقدير كل تكلفة من تكاليف الانتخابات أو المشروعات المرتبطة بالانتخابات للحصول على إجمالي الموازنة اللازمة. وقد يكون هناك قسم مختص بالتخطيط والتمويل في الأمانة العامة لهيئة إدارة الانتخابات مسؤول عن هذه الحسابات أو قد تكون مهمة كل قسم أن يقدِّر تكلفة أدائه لمهامه المكلف بها خلال العام القادم. ثم يتم التحقق من تكاليف كل مجال من المجالات من ناحية الدقة والمبررات بموجب الخطة الاستراتيجية.
ورغم أن مكوِّنات التكلفة من أعمال العام السابق أو الانتخابات السابقة غالبًا ما تستخدم للمساعدة في هذه العملية، إلا أنه يجب تقييم كل مكوِّن من الموازنة وإيجاد مسوغاته في السياق الحالي. وعادة ما يُستخدم هذا النهج عند حدوث تغيرات كبيرة منذ الانتخابات السابقة، أو إذا كانت هناك تغيرات كبيرة مقترحة، مثل استخدام آلات التصويت أو حدوث تغير في النظام الانتخابي. ونادرًا ما تُعطى هيئات إدارة الانتخابات اعتمادات مالية مفتوحة، ولذلك فلابد أن تقوم ببعض الاختيارات في حدود الموازنة المحددة حينما يبدأ الصرف وتجد أن التكاليف الفعلية أعلى من التقديرية، أو عندما ترتفع التكاليف بطريقة غير متوقعة. وحين يكون التمويل المستمد من الجهات المانحة على أساس المشروعات، فإن الموازنات عادة ما تنشأ على هذا الأساس أيضًا.